احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: "أميركا بالغة السرية".. عالم خفي بعد هجمات سبتمبر

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973

    Lightbulb "أميركا بالغة السرية".. عالم خفي بعد هجمات سبتمبر

    تحقيق ميداني على مدى عامين يكشف عن 1300 منظمة حكومية وألفي شركة خاصة تشارك في مكافحة الإرهاب
    "أميركا بالغة السرية".. عالم خفي بعد هجمات سبتمبر



    العالم البالغ السرية الذي أنشأته الحكومة ردا على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 تحول إلى عالم بالغ الضخامة واسع الاتساع وبالغ السرية إلى حد أن أحدا لا يعلم تكلفته الحقيقية، ولا عدد الأفراد العاملين به بسرية تامة، أو عدد البرامج العاملة داخله أو تداخل عمله مع وكالات أمنية أخرى. وقد كشفت التحقيقات، التي قامت بها صحيفة «الواشنطن بوست»، التي استمرت على مدار عامين على الكثير من النتائج، عن عالم مواز تماما، هو «أميركا السرية للغاية» الخفية عن نظر العامة التي لا تخضع لمساءلة شاملة. وبعد 9 سنوات من الإنفاق غير المسبوق والنمو، كانت النتيجة أن النظام الذي أنشئ لحماية الولايات المتحدة بات بالغ الضخامة إلى الحد الذي يستحيل معه الجزم بمدى فعاليته.



    ومن النتائج التي توصل إليها التحقيق:



    * وجود ما يقرب من 1,271 منظمة حكومية و1,931 شركة خاصة تعمل على البرامج المتعلقة بمكافحة الإرهاب والأمن الداخلي والاستخبارات فيما يقرب من 1000 موقع داخل الولايات المتحدة.



    * يحمل ما يقدر بـ854,000 شخص ما يقرب من سكان واشنطن تصاريح أمنية بالغة السرية.



    * يوجد في واشنطن والمناطق المحيطة بها 33 مبنى للاستخبارات عالية السرية بعضها تحت الإنشاء والبعض الآخر أنشئ منذ 2001. وتشكل في مجموع مساحتها ثلث مساحة البنتاغون تقريبا أو 22 مبنى كابيتول - نحو 17 مليار قدم مربع من الأرض.



    * الكثير من الوكالات الأمنية الاستخبارية تقوم بنفس العمل، الأمر الذي يؤدي إلى الإطناب وتبديد الجهد والمال، فعلى سبيل المثال هناك 51 مؤسسة فيدرالية ومركز قيادة عسكريا تعمل في 15 مدينة أميركية وتتعقب تدفق الأموال من وإلى الجماعات الإرهابية.



    * المحللون الذي يعملون على تحليل الوثائق والمكالمات التي تحصل عليها وكالات التجسس الداخلية والخارجية تتشارك حكمها عبر نشر 50,000 تقرير استخباراتي كل عام. وهو مجلد بالغ الضخامة لدرجة أن الكثير منها يتم تجاهله.



    * لا توجد قضايا أكاديمية، كان الافتقار إلى التركيز، لا الافتقار إلى الموارد، السبب الرئيسي في حادثة إطلاق الرصاص في فورت هود الذي خلف 13 قتيلا، وعدم القدرة على منع محاولة تفجير طائرة أعياد الميلاد، من قبل آلاف المحللين الذين تتمثل مهمتهم في التعرف على الإرهابيين، حيث تمكن مسافر من الحيلولة دون وقوع الانفجار عندما شاهد الدخان ينبعث من جاره في المقعد.



    من اكثر المواضيع التي تثير قلق بعض الأفراد الذين يتولون أمن الولايات المتحدة إلى حد بعيد. فيقول روبرت غيتس وزير الدفاع في مقابلة مع «واشنطن بوست» الأسبوع الماضي: «كان هناك نمو مضطرد منذ الحادي عشر من سبتمبر إلى الحد الذي يشكل صعوبة - ليس فقط لمدير الاستخبارات الوطنية، بل لأي فرد، كمدير وكالة الاستخبارات المركزية، ووزير الدفاع - في الإلمام بها جميعا».




    في وزارة الدفاع حيث يجتمع أكثر من ثلثي البرامج الاستخبارية، لا يوجد سوى عدد من المسؤولين الكبار - ممن يطلق عليهم كبار المستخدمين - الذين لديهم القدرة على معرفة كل نشاطات الوزارة. لكن كما أشار اثنان من كبار المستخدمين في مقابلات معهم إلى أنه لا يوجد سبيل للإلمام الكامل بكل الأنشطة الحساسة التي تقوم بها الدولة.



    وقال أحدهم: «لن يكفي عمري لكي أعلم بكل شيء تقوم به الوكالات السرية»، أما الآخر، فروى أنه في أول جلسة إحاطة له تمت حراسته إلى غرفة صغيرة مظلمة وجلس إلى طاولة صغيرة وأخبر أنه غير قادر على تدوين ملاحظات. وبدأ البرنامج إثر البرنامج يعرض عليه حتى صرخ بهم «توقفوا» بدافع من الإحباط في تذكر هذا الكم الكبير من الوكالات.



    وقال: «أنا لا أتذكر أيا منها على الإطلاق».



    وللتأكيد على جدية هذه القضايا، كانت النتائج التي توصل إليها الجنرال المتقاعد جون فينز، الذي كان قائدا لـ145,000 جندي في العراق والخبير بالمشكلات المعقدة، والذي طلب منه العام الماضي مراجعة وسائل تعقب برامج وزارة الدفاع الأكثر حساسية، مثيرة للدهشة بالفعل.



    وقال في مقابلة معه: «لست على علم بأي وكالة لها سلطة أو مسؤولية أو عملية محددة للتنسيق بين كل هذه الوكالات والأنشطة التجارية. تعقيد هذا النظام يفوق الوصف».



    وأشار إلى أن «النتيجة، تتمثل في استحالة تحديد ما إذا كانت البلاد أكثر أمنا بسبب كل هذا الإنفاق وكل هذه الأنشطة. لأنها تفتقر إلى عملية متزامنة، فإنها تنتج رسالة متنافرة وتخفض من الفاعلية وتؤدي إلى المزيد من إهدار الوقت والمال. وبالتالي لا يمكننا تقييم فعالية هذه المنظمات».



    يستند تحقيق «البوست» إلى الوثائق الحكومية والتعاقدات وتوصيف الوظائف ووثائق ملكية العقارات ومواقع الإنترنت للشبكات الاجتماعية والتسجيلات الإضافية ومئات من المقابلات التي أجريت مع مسؤولين بارزين في الجيش والاستخبارات والمسؤولين السابقين. وقد طلب غالبية الأشخاص الذين أجريت معهم اللقاءات عدم الكشف عن أسمائهم لأنهم إما ممنوعون من الحديث علانية عن أنشطتهم أو كما قالوا إنهم يخشون ردود فعل انتقامية في العمل.



    بنيت قاعدة بيانات «البوست» الخاصة بالمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة بالكامل على السجلات العامة. وقد ركز التحقيق على الأعمال بالغة السرية لأن القدر المحجوب على مستوى السرية من الضخامة بحيث يصعب معه تعقبه بدقة.



    ويصف مقال أمس دور الحكومة في عملية التوسعة هذه. أما مقال الثلاثاء فعن اعتماد الحكومة على المقاولين الأمنيين، كما يقدم مقال الأربعاء لمحة من مجتمع أميركا بالغ السرية. وقد أنشأت «البوست» قاعدة بيانات موسعة على الإنترنت حول أميركا بالغة السرية ومتوفر على موقع washingtonpost.com/topsecretamerica وقال روبرت غيتس وزير الدفاع في مقابلته مع «البوست» الأسبوع الماضي إنه لا يعتقد أن النظام بالغ الضخامة بما يصعب معه إدارته لكن الحصول على بيانات دقيقة عملية صعبة في بعض الأحيان.



    وفي إشارته إلى إبراز التوسع في وحدات الاستخبارات في وزارة الدفاع، أشار إلى أنه ينوي مراجعة هذه البرامج لخفض التبذير في النفقات. فبعد 9 سنوات من 11/9 ربما يكون من الضروري النظر إلى هذه البرامج والقول «حسنا، لقد بنينا قدرة واسعة للغاية، لكن هل نملك مؤسسات زائدة عن الحاجة؟».



    ليون بانيتا الذي أجرت «البوست» لقاء معه الأسبوع الماضي قال، إنه بدأ في وضع الخطوط العريضة لخطة تعمل على امتداد 5 سنوات لوكالته، لأن مستويات الإنفاق منذ 11/9 ليست معززة «خاصة أنه في ظل العجز الذي تعاني منه البلاد، ستضطر الوكالة إلى تخفيض نفقاتها وهو ما يعد له في مشروعه الجديد، ويقول: أنا أرغب في الاستعداد لذلك. وأعتقد، حقيقة، أن على الجميع في الاستخبارات القيام بذلك».



    وفي مقابلة قبيل استقالته من منصبه كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية في مايو (أيار) أوضح الأدميرال البحري المتقاعد دنيس بلير، أنه لا يعتقد «وجود تداخل أو زيادة عن الحاجة في عالم الاستخبارات، فالكثير مما يبدو زائدا عن الحاجة يقدم في الحقيقة معلومات تناسب الكثير من العملاء المختلفين».



    وعبر بلير أيضا عن ثقته في أن مساعديه أخبروه بما يحتاج إلى معرفته. وقال «لدي رؤية لكل البرامج الاستخبارية الهامة في مجتمع الاستخبارات وهناك عمليات مطبقة لضمان العمل الجماعي للقدرات الاستخبارية المختلفة متى لزم الأمر».



    بعد أسابيع من ذلك اللقاء التقيناه في فندق ويلارد وكان جالسا في زاوية من قاعة الرقص في انتظار إلقاء كلمة، فأثنى على ما توصلت إليه «الواشنطن بوست». وقال: «بعد 11/9 عندما قررنا مهاجمة التطرف العنيف، قمنا بذلك كما نفعله كثيرا في البلاد. وكان الاتجاه أنها إذا كانت جديرة بالقيام بها فربما يكون من الأجدر المبالغة في إنشائها».



    وخارج وحدة مسورة لمجموعة من المباني في ماكلين، تصطف سلسلة من السيارات كل صباح طوال أيام الأسبوع حيث يجري العمل في أميركا السرية للغاية. ينتظر السائقون بصبر للاتجاه ناحية اليسار ثم يصعدون تلا وحول منحى إلى مكان غير موجود على خريطة وغير معلن عنه في لافتة أي شارع.



    يحاول «ليبرتي كروسينغ» الاختفاء عن الأنظار، لكن عندما يأتي الشتاء وتتساقط الأوراق تصبح الأشجار الخالية من الأوراق غير قادرة على إخفاء ذلك الجبل الإسمنتي والنوافذ التي تبلغ 5 أضعاف حجم متجر وول مارت، وعندما يقترب أي فرد دون الحصول على التصريح الأمني المناسب يخرج أفراد يرتدون الملابس السوداء من العدم شاهرين أسلحتهم متحفزين لإطلاق الرصاص.



    وراء هؤلاء الرجال المسلحين والبوابات الصلبة الهيدروليكية، هناك على الأقل 1,700 موظف فيدرالي و1,200 متعاقد خاص يعملون في «ليبرتي كروسينغ»، لقب مقري لمكتب مدير الاستخبارات الوطنية ومركز مكافحة الإرهاب، والاثنان يتقاسمان قوة شرطة ووحدة من كلاب الحراسة وآلافا من المساحات المخصصة لركن السيارات.



    يقع «ليبرتي كروسينغ» في وسط مجموعة من الوكالات الحكومية الأميركية والشركات المتعاقدة التي انتعشت في أعقاب 2001، لكن ربما لا تكون الأكثر ضخامة وتكلفة أو حتى سرية في المؤسسة التي أنشئت في أعقاب 11/9.



    في أحد مباني أرلينغتون الإدارية، لا تتضمن إرشادات اللوحة المثبتة في الردهة وحدة أكسويس السرية التابعة للقوات الجوية، لكن هناك لافتة ترحيب كبيرة في الممر تحيي الزوار الذين يخرجون من المصعد في الدور الثالث. وفي إلكريدج بولاية ماريلاند، هناك برنامج سري يختبئ في مبنى خراساني طويل مزود بنوافذ زائفة لكي تبدو كواجهة مبنى عادي. وفي أرنولد بولاية ميسوري يقع المبنى عبر الشارع من تارغيت وهوم ديبوت وفي سان بطرسبورغ بولاية فلوريدا يقع مبنى الاستخبارات في كوخ متواضع في مساحة مخصصة للأعمال.



    وفي كل يوم يتوجه في الولايات المتحدة 854,000 موظف مدني وفرد عسكري ومتعاقد خاص بتصاريح أمنية بالغة السرية إلى مواقع عملهم التي تحميها أقفال أوتوماتيكية وكاميرات مراقبة وحوائط محصنة لا تستطيع معدات التجسس اختراقها.



    هذا ليس تحديدا المجمع الصناعي العسكري الذي أقامه الرئيس دوايت أيزنهاور الذي برز مع الحرب الباردة والذي تركز على بناء القوة النووية لردع الاتحاد السوفياتي. لكن هذه مؤسسة أمن قومي ذات مهمة أكثر تعقيدا وهو هزيمة المتطرفين العابرين للحدود.



    الكثير من المعلومات بشأن المهمة سرية. ولعل هذا هو السبب في صعوبة قياس نجاح والتعرف على المشكلات التي تواجهها أميركا السرية للغاية، الذي يتضمن ما إذا كانت الأموال تنفق بحكمة. ميزانية الاستخبارات الأميركية بالغة الضخامة وقد بلغ حجم الأموال التي أعلن عنها 75 مليار دولار، 2/21 أضعاف الذي كانت عليه قبل 11 سبتمبر 2001. لكن الرقم لا يشمل الكثير من الأنشطة العسكرية أو برامج مكافحة الإرهاب الداخلي.



    تم إنشاء أو إعادة تشكيل ما لا يقل عن 20 في المائة من المؤسسات الحكومية القائمة لدرء التهديدات الإرهابية في أعقاب هجمات سبتمبر وارتفعت أعداد البعض منها بصورة أكبر مما كان موجودا قبل الهجمات إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة حيث منحت إدارة بوش والكونغرس الوكالات كميات ضخمة من المال تفوق قدرتها على إنفاقها.



    فوسعت وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع من نطاق موظفيها من 7500 موظف عام 2002 إلى 16,500 اليوم، وتضاعفت ميزانية وكالة الأمن القومي التي تقوم بعملية التنصت الإلكتروني، وارتفع عدد فرق عمل مكافحة الإرهاب الـ35 التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي إلى 106، كان ذلك نموا هائلا بدأ تقريبا بمجرد انتهاء هجمات 11 سبتمبر.



    وبعد تسعة أيام من الهجمات خصص الكونغرس 40 مليار دولار بخلاف الميزانية الفيدرالية لتعزيز الدفاعات الداخلية ولشن هجمة عالمية ضد «القاعدة». تبعها فيما بعد إضافة 36.5 مليار دولار عام 2002 و44 مليار دولار في 2003، وكانت تلك البداية.



    ومع الاستهلاك الشره للمال تزايدت الوكالات العسكرية والاستخباراتية. فقد تم إنشاء 24 مؤسسة بنهاية 2001 من بينها وزارة الأمن الداخلي وقوة عمل تعقب أصول الإرهاب الخارجي. وفي 2002 تم إنشاء 37 مؤسسة أخرى لتعقب أسلحة الدمار الشامل وجمع المعلومات عن التهديدات وتنسيق التركيز الجديد حول مكافحة الإرهاب. وقد تبع ذلك إنشاء 36 منظمة أخرى في العام التالي و26 في العام الذي بعده، ثم 31 مؤسسة أخرى، ثم 32 إضافية و20 أو أكثر في أعوام 2007 و2008 و2009.



    وإجمالا هناك ما لا يقل عن 263 مؤسسة تم إنشاؤها أو إعادة تنظيمها ردا على هجمات 11/9 وجميعها تطلب المزيد من الأفراد، وهؤلاء الأفراد يتطلبون المزيد من الدعم الإداري واللوجيستي: عاملو هاتف وسكرتارية وأمناء مكتبات ومهندسون معماريون ونجارون وعمال بناء وفنيو أجهزة التكييف، وبسبب أماكن عملهم لا بد من وجود حرس للبوابات يحملون تصاريح أمنية بالغة السرية.



    ومع اتساع عدد الموظفين والوحدات والمؤسسات بدأت مهام المسؤولية في الاتساع. ولعلاج ذلك، بناء على توصية من لجنة 11/9 قرر جورج دبليو بوش والكونغرس إنشاء وكالة عام 2004 تضطلع بتلك المسؤوليات تسمى مكتب مدير الاستخبارات الوطنية لوضع هذا الجهد الضخم تحت سيطرته.



    وعلى الرغم من أن هذه كانت فكرة فإن واشنطن كانت لها أساليبها الخاصة.



    كانت المشكلة الأولى هي أن القانون الذي مرره الكونغرس لم يمنح المدير سلطة قانونية أو مالية على شؤون الاستخبارات، وهو ما يعني أنه لا يمتلك تأثيرا على الوكالات الفردية التي يفترض به الإشراف عليها. والمشكلة الثانية: حتى قبل أن يتولى المدير الأول، السفير جون دي نيغروبونتي، هذه الوظيفة، كانت المعارك حول نطاق السلطة والنفوذ قد بدأت. نقلت وزارة الدفاع مليارات الدولارات من ميزانية إلى أخرى، بحيث لا يستطيع مكتب مدير الاستخبارات الوطنية التطرق إليها، وذلك وفقا لما ذكره اثنان من المسؤولين البارزين اللذان راقبا هذه العملية. وذكر ضباط سابقون في الاستخبارات مطلعون على القضية أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أعادت تصنيف بعض من المعلومات الأكثر حساسية لديها لتصبح في مستوى أعلى بحيث لا يتم السماح لطاقم العاملين بالمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، وهو جزء من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، الاطلاع عليها. وبعد ذلك تأتي مشكلة لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، وتتعلق بالتوسع السريع لمكتب مدير الاستخبارات الوطنية.



    وعندما تم افتتاحه في ربيع عام 2005، كان مكتب نيغروبونتي مؤلفا من 11 فردا يعملون في قبو آمن يحتوي على غرف صغيرة الحجم في أحد المباني بالبيت الأبيض. وبعد ذلك بعام، انتقلت هذه الوكالة الناشئة لتشغل طابقين في مبنى آخر. وفي شهر أبريل (نيسان) من عام 2008، انتقلت إلى مقر دائم وضخم، وهو «ليبرتي كروسينغ». واليوم، يقول الكثير من المسؤولين الذين يعملون في الوكالات الاستخباراتية إن مسؤوليات مكتب مدير الاستخبارات الوطنية لا تزال غير واضحة لهم. ومما لا شك فيه هو أن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية أحرز بعض التقدم، خاصة في تبادل المعلومات الاستخباراتية وتكنولوجيا المعلومات وإصلاح الموازنة. ويعقد مدير الاستخبارات الوطنية ومديروه اجتماعات بين الوكالات كل يوم من أجل تعزيز التعاون. وواصل المدير الأخير، بلير، بإصرار قضايا جوهرية مثل إصلاح نظام المشتريات، وشبكات الكومبيوترات المتوافقة ومعايير التجسس والتعاون بين الزملاء في العمل.



    بيد أنه تم تجاوز التحسينات من حيث الحجم في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، حيث إن التدفق المتزايد للبيانات الاستخباراتية طغى على قدرة النظام على تحليلها واستخدامها. وفي كل يوم، تعترض أنظمة تجميع المعلومات في وكالة الأمن القومي 1.7 مليار رسالة إلكترونية ومحادثة هاتفية وغيرها من أشكال الاتصال وتقوم بتخزينها. وتقوم وكالة الأمن القومي بتصنيف جزء من هذه الاتصالات في 70 قاعدة بيانات منفصلة. وتتسبب نفس المشكلة في إزعاج الوكالات الاستخباراتية الأخرى، التي لا يوجد بها عدد كاف من المحللين والمترجمين للقيام بكل هذا العمل.



    ويعد التأثير العملي لهذا الثقل واضحا، على نطاق أصغر بكثير، في مكتب مايكل ليتر، مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب. ويقضي ليتر معظم يومه في التقليب بين 4 شاشات كومبيوتر مصطفة فوق مكتبه. وعند قدمه تجد 6 أقراص صلبة. ويعد تدفق البيانات هائلا، حيث إن العشرات من قواعد البيانات تقوم بتغذية شبكات كومبيوتر منفصلة لا تستطيع أن تتفاعل بعضها مع بعض.



    وهناك تفسير طويل للسبب في أن قواعد البيانات تلك لا تزال غير متصلة، وهو أن الأمر صعب للغاية، ولا يريد بعض رؤساء الوكالة في الحقيقة التخلي عن الأنظمة التي لديهم. بيد أن هناك بعض التقدم، حيث يقول ليتر: «جميع رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بي على جهاز كومبيوتر واحد الآن. إن ذلك مهم للغاية».



    وللحصول على وجهة نظر أخرى تُظهر إلى أي مدى أصبحت «أميركا السرية للغاية» مترامية الأطراف، ما عليك سوى الذهاب غربا على الطريق المؤدي إلى مطار دوليس الدولي.



    وفي المكان الذي يفسح فيه أحد متاجر «مايكلز» وأحد متاجر «بوكس إيه ميليون» الطريق لعمالقة الاستخبارات العسكرية «نورثربو غرومان» و«لوكهيد مارتن»، ابحث عن الطريق الجانبي واتجه يسارا. ينتمي هذان المبنيان المكونان من 5 طوابق إلى وكالة الاستخبارات القومية للتصوير والمسح الجغرافي، التي تحلل الصور وبيانات الخرائط لجغرافيا الأرض، حسبما تشير لافتة صغيرة معلقة هناك.



    وعبر الشارع، في مبان بنية اللون، تجد شركة «كاراه سوفت»، وهي أحد المتعهدين لدى وكالة الاستخبارات ومتخصصة في رسم الخرائط وتحليل الخطابات وجمع البيانات. وبالقرب من المكان تجد مركز تحليل المنشآت تحت الأرض. يشرف هذا المركز على مراكز القيادة تحت الأرض المرتبطة بأسلحة الدمار الشامل والجماعات الإرهابية، ويقدم الاستشارات للجيش حول كيفية تدميرها.



    وتوجد مجموعات العمل السري في جميع أنحاء البلاد، بيد أن منطقة واشنطن تعد عاصمة «أميركا السرية للغاية».



    ويتركز نحو النظم الذي تشكل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في قوس يمتد من ليزبيرغ جنوبا إلى كوانتيكو، ويعود شمالا من خلال واشنطن وينحني تجاه الشمال الشرقي إلى لينثيكوم، مباشرة شمال مطار مارشال بالتيمور - واشنطن الدولي. وتقع الكثير من المباني في مجمعات حكومية أو قواعد عسكرية محظور دخولها.



    وتشغل مبان أخرى مراكز أعمال أو تتداخل مع أحياء ومدارس ومراكز تسوق، ولا يلاحظها معظم الأفراد الذين يعيشون أو يعملون بالقرب من المكان.



    ولا تعد الكثير من المباني الحديثة مكاتب مفيدة فحسب، لكنها أيضا مبان ضخمة «شبيهة بالأهرامات»، بحسب كلمات أحد كبار الضباط في الاستخبارات العسكرية.



    وفي مكان لا يبتعد كثيرا عن طريق دوليس، توسعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في مبنيين سيساعدان على زيادة مساحة مكاتب الوكالة بمقدار الثلث. وبالاتجاه جنوبا، أصبحت سبرينغفيلد مركزا للمقر الجديد لوكالة الاستخبارات القومية للتصوير والمسح الجغرافي، الذي سيتكلف 1.8 مليار دولار وسيصبح رابع أكبر مبنى فيدرالي في المنطقة، وسيضم نحو 8500 موظف. وتدفع أموال خطط التحفيز الاقتصادية مئات الملايين من الدولارات لهذا النوع من الإنشاءات الفيدرالية في جميع أنحاء المنطقة.



    ولا يعد عدد المباني هو العنصر الوحيد الذي يشير إلى حجم وتكلفة هذا التوسع، حيث إن هناك أيضا عنصرا آخر مهما وهو الأشياء الموجودة بالداخل: صفوف من شاشات المراقبة، وشارات المرافقة، وأجهزة الكشف بالأشعة السينية وخِزانات لأجهزة الهواتف الجوالة وأجهزة الاستقبال الإلكترونية. وهناك أيضا أنظمة لغلق الأبواب تعمل بلوحة مفاتيح، تفتح غرفا خاصة محاطة بالكامل بجدران معدنية، لا يمكن اختراقها بأجهزة التنصت ومحمية بأجهزة إنذار وقوة أمنية قادرة على الاستجابة في غضون 15 دقيقة. ويحتوي كل مبنى من هذه المباني على واحدة من هذه الغرف على الأقل، تعرف باسم منشأة المعلومات المصنفة والحساسة. وبعض هذه الغرف تكون صغيرة بحجم الحمامات، والبعض الآخر 4 أضعاف حجم ملعب لكرة القدم.



    وأصبح حجم منشأة المعلومات المصنفة والحساسة مقياسا للمكانة في «أميركا السرية للغاية»، أو على الأقل في منطقة واشنطن. وقال بروس باكوين، الذي انتقل إلى فلوريدا من منطقة واشنطن قبل سنوات كثيرة لبدء شركة لإنشاء غرف منشأة المعلومات المصنفة والحساسة، «في واشنطن العاصمة، يتحدث الجميع عن منشأة المعلومات المصنفة والحساسة. لا تستطيع أن تكون لاعبا كبيرا ما لم تكن وكالة من 3 أحرف ويكون لديك منشأة كبيرة للمعلومات المصنفة والحساسة».



    ولا تعد منشآت المعلومات المصنفة والحساسة البند الوحيد الضروري الذي يهتم به الأفراد، حيث إن مراكز القيادة، وشبكات المراقبة التلفزيونية الداخلية، وكاميرات المراقبة المتعددة، والسيارات المدرعة رباعية الدفع وحراس الأمن الشخصيين أصبحت أيضا جوهرة الأمن القومي.



    وقال قائد عسكري بارز، يعمل الآن في واشنطن بعد العمل لسنوات في الخارج، «لا يمكنك العثور على جنرال بارز من دون اختيار أمني. تسبب الخوف في أن يكون لدى الجميع قذائف، ثم تأتي بعد ذلك مقولة: إذا كان لديك واحدة، يتعين علي أن يكون لدي واحدة أيضا. لقد أصبحت رمزا للمكانة».



    ومن بين أهم الأفراد داخل منشآت المعلومات المصنفة والحساسة تجد هناك الموظفين الذين يتلقون رواتب منخفضة ويحملون وجبة الغداء إلى العمل من أجل توفير الأموال. إنهم المحللون، في العقد الثالث والرابع من عمرهم ويتلقون من 41 ألف دولار إلى 65 ألف دولار في العام. وتتركز وظيفتهم في قلب كل شيء تحاول «أميركا السرية للغاية» القيام به.



    وفي أفضل الحالات، يدمج التحليل الفهم الثقافي مع أجزاء من المحادثات، والحوار المشفر، والنصائح المجهولة، وحتى قطع النفايات، لتحويلها إلى مفاتيح تقود إلى أفراد أو جماعات تحاول إلحاق الضرر بالولايات المتحدة.



    وتم تحسين عمل هؤلاء الأفراد بصورة كبيرة عن طريق استخدام الكومبيوترات التي ترتب المعلومات وتصنفها. لكن في النهاية، يتطلب التحليل الحكم البشري، ويعد نصف المحللين عديمي الخبرة نسبيا، حيث تم تعيينهم خلال السنوات القليلة الماضية، حسبما ذكر مسؤول بارز في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية. وغالبا ما يأتي المحللون من الكليات مباشرة ويتم تدريبهم في مقرات الشركات.



    ولدى تعيينهم، يعرف المحللون معلومات قليلة للغاية بشأن دول الأولوية (العراق وإيران وأفغانستان وباكستان) ولا يتحدثون لغاتها بطلاقة. ومع ذلك، ينتج هؤلاء المحللون تقارير استخباراتية حول هذه الدول الرئيسية بأعداد كبيرة للغاية، حسبما يقول مسؤولون سابقون وحاليون في الاستخبارات يحاولون غربلتهم كل يوم. ولا يعرف مكتب مدير الاستخبارات الوطنية على وجه التحديد عدد التقارير التي يتم إصدارها كل عام، لكن في سياق محاولة اكتشاف ذلك، اكتشف المسؤول عن التحليلات 60 موقعا تحليليا سريا لا تزال تعمل وكان من المفترض أن تكون قد أغلقت لانعدام الفائدة.



    ويقول مسؤولون إن مشكلة الكثير من التقارير الاستخباراتية هي أنها بكل بساطة تعيد تقسيم نفس الحقائق المتداولة بالفعل. وقال ريتشارد إمرمان، الذي عمل مساعد نائب مدير الاستخبارات الوطنية لشؤون السلامة التحليلية والمعايير حتى مطلع عام 2009، «إنه مرض كرة القدم. يحدث شيء ما، ويريدون الإسراع في تغطيته. أرى أن هناك تداخلا هائلا».



    وحتى المحللون في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، الذي من المفترض أن يكون حاضرا عند دمج المعلومات الأكثر حساسية والأصعب من حيث الحصول عليها، يحصلون على تقييمات منخفضة من جانب المسؤولين بالاستخبارات، والسبب في ذلك هو أنهم لا يقدمون تقارير أصلية، أو على الأقل لا يقدمون تقارير أفضل من التقارير التي كتبتها بالفعل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أو مكتب التحقيقات الفيدرالي أو وكالة الأمن القومي أو وكالة الاستخبارات بوزارة الدفاع.



    وعندما كان الميجور جنرال جون كوستر يشغل منصب مدير الاستخبارات في القيادة المركزية الأميركية، أصبح غاضبا نظرا لأن المعلومات القادمة من المركز الوطني لمكافحة الإرهاب كانت غير مفيدة. وفي عام 2007، زار كوستر مدير المركز في ذلك الوقت، وهو نائب الأدميرال المتقاعد جون سكوت ريد، لإخباره بذلك. وقال بصوت مرتفع في المقابلة التي أجريت معه: «لقد أخبرته بأن هذه المنظمة لم تقدم على الإطلاق معلومات ساعدتني على التحقيق في 3 حروب».



    وبعد ذلك بعامين، لا يزال كوستر، الذي أصبح الآن رئيس مدرسة الاستخبارات في الجيش في قاعدة فورت هواتشوكا بولاية أريزونا، يشعر بالغضب عند تذكر ذلك اليوم، الذي يذكره بالإحباط الذي كان يشعر به بسبب البيروقراطية في واشنطن. وقال: «من يقوم بمهمة خفض الأعداد الزائدة وضمان أن الجميع لا ينجذبون إلى الفاكهة الأكثر انخفاضا؟ من الذي ينسق ما يتم إنتاجه بحيث لا ينتج الجميع نفس الشيء؟».



    ولا يعد كوستر الفرد الوحيد الذي يشعر بالغضب. ففي أحد المكاتب الآمنة في واشنطن، كان مسؤول استخباراتي بارز يتعامل مع الإحباط الذي يشعر به. وأثناء جلوسه إلى جهاز الكومبيوتر الخاص به، بدأ تصفح بعض المعلومات السرية التي من المتوقع أن يقرأها كل يوم: موجز الاستخبارات العالمية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وتقرير الاستخبارات الفورية وملخص الاستخبارات اليومية، وتوقعات الاستخبارات الأسبوعية، وتوقعات التحذيرات الأسبوعية، وتقييمات التهديدات الإرهابية للمجتمع الاستخباراتي، وبعثة الإرهاب التابعة للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب...



    واشتكى، قائلا إن ذلك كثير للغاية. كان صندوق الوارد على مكتبه مليئا بالتقارير والرسائل أيضا. قام بمد ذارعيه، والتقط تقريرا استخباراتيا لامعا وكثيفا، ولوح به وأخذ يصرخ:



    «بحق الرب، لماذا يستغرق الأمر وقتا طويلا لإنتاج ذلك؟ لماذا يجب أن يكون ذلك ضخما؟ لماذا لا يكون ذلك على الإنترنت؟».



    ويقود العدد الزائد من التقارير التي تصدر كل ساعة وبصورة يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية، في الحقيقة إلى نتائج عكسية، حسبما يقول الأفراد الذي يتلقون هذه التقارير. ولا يجرأ بعض صناع السياسة والمسؤولين البارزين على الخوض في النسخ الاحتياطية التي تعوق سرعة أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم، حيث إنهم يعتمدون بدلا من ذلك على أفراد يقومون بالتلخيص، وهؤلاء الأفراد يعتمدون في العادة على التحليلات في الوكالة التي يعملون بها، مما يعيد خلق المشكلة الأساسية التي يتم تعريفها على أنها أحد الأسباب الرئيسية وراء الإخفاق في إحباط الهجمات، وهي انعدام تبادل المعلومات.



    ويعرف مكتب التحليلات في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية أن ذلك يمثل مشكلة. ومع هذا، كان الحل هو أحد المنشورات الأخرى، صحيفة يومية على الإنترنت تسمى «إنتليجينس توداي». وكل يوم، يقوم طاقم من 22 فردا بغربلة أكثر من 20 تقريرا للوكالات و63 موقعا على الإنترنت، وينتخبون أفضل المعلومات، ويقومون بتصنيفها وفقا للمصدر الأصلي لها، والموضوع والمنطقة. ولا يعد التحليل هو المجال الوحيد الذي يظهر فيه التداخل الخطير على أنه يدمر جهاز الأمن القومي ويجعل حدود المسؤولية غير واضحة. وفي وزارة الدفاع بمفردها، تجري 18 قيادة ووكالة عمليات معلوماتية، تتطلع إلى إدارة تصورات الجماهير الأجنبية للسياسة الخارجية والأنشطة العسكرية الأميركية في الخارج.



    وتدعي جميع الوكالات الاستخباراتية الرئيسية وعلى الأقل اثنتان من القيادات العسكرية الرئيسية لعب دور رئيسي في الحرب الإلكترونية، وهي الأحدث والأقل تحديدا.



    وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ليون بانيتا عن الوكالات المتعددة المشتركة الآن في الحرب الإلكترونية: «بكل صراحة، لم يتم إحضارهم معا في نهج موحد».



    وقال بنجامين إيه باول، الذي عمل كمستشار عام لثلاثة من مديري الاستخبارات الوطنية حتى ترك الحكومة العام الماضي، «من الصعوبة للغاية التنسيق على الإنترنت».



    وفي فصل الخريف الماضي، أطلق الميجور بالجيش الأميركي نضال مالك حسن، النار داخل فوت هوود بولاية تكساس، مما أسفر عن مقتل 13 وجرح 30 آخرين. وخلال الأيام التي تلت حادث إطلاق النيران، ظهرت معلومات عن سلوك الميجور حسن الغريب داخل المركز الطبي العسكري والتر ريد، حيث تدرب كطبيب نفساني وحذر القادة من أنه يجب السماح للمسلمين بترك الجيش أو المخاطرة «بأحداث سلبية». وكان حسن قد تبادل رسائل عبر البريد الإلكتروني مع رجل ديني راديكالي مشهور داخل اليمن تراقبه الاستخبارات الأميركية.



    ولكن لم تصل أي من هذه المعلومات إلى الهيئة الوحيدة المكلفة بتناول التحقيقات الاستخباراتية المضادة داخل الجيش. وعلى بعد 25 ميلا أعلى الطريق من والتر ريد، لم تكن مجموعة الاستخبارات العسكرية رقم 902 التابعة للجيش تفعل شيئا يذكر للبحث بين الصفوف عن تهديدات محتملة. وبدلا من ذلك، كان قائد المجموعة 902 قد قرر صرف اهتمام الوحدة إلى تقييم تنظيمات إرهابية عاملة داخل الولايات المتحدة، على الرغم من أن وزارة الأمن الداخلي وفريق مهام الإرهاب المشترك 106 التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي كانا يقومان بذلك بدرجة كبيرة.



    وكانت المجموعة 902، التي تعمل على برنامج أسماه القائد «التهديد الإسلامي الراديكالي للجيش»، تجمع سرا معلومات عن تنظيمات طلابية تابعة لحزب الله وحرس الجمهورية الإسلامية وتنظيم القاعدة داخل الولايات المتحدة. ولم يذكر التقييم «أي شيء لم نكن نعرفه بالفعل»، حسب ما قال ضابط الاستخبارات المضادة البارز داخل الجيش في البنتاغون.



    وقد جعلت السرية مع ضعف التنسيق هيئات، مثل المجموعة 902 في هذه الحالة، تعمل على قضايا تناولتها جهات أخرى بالفعل بدلا من التعامل مع مهمة بها تحد أكبر أو السعي إلى تحديد الأشخاص المحتمل تعاطفهم مع الجهاديين داخل الجيش ذاته.



    وبعيدا عن التكرار، تقف السرية داخل عالم الاستخبارات عائمة أمام الأداء الفعال بصور أخرى، بحسب ما يقوله ضباط استخبارات وضباط في وزارة الدفاع. وبالنسبة إلى وزارة الدفاع، يعود أصل هذه المشكلة إلى مجموعة من البرامج فائقة السرية والوصول إليها محدود للغاية ويراقبها ضباط أمن تلقوا تدريبات خاصة. ويطلق على هذه «برامج وصول خاصة»، وتأتي قائمة الأسماء المشفرة الخاصة بها داخل البنتاغون في 300 صفحة. ويوجد داخل المجتمع الاستخباراتي المئات من البرامج الإضافية الخاصة، ويتبع هذه المئات آلاف من البرامج الفرعية المحصورة لعدد من الأشخاص المخولين بمعرفة أي شيء عنها. ويعني ذلك كله أن عددا قليلا جدا من الناس لديهم فهم كامل لما يجري.



    ويقول جيمس كلابر، وكيل وزارة الدفاع للشؤون الاستخباراتية ومرشح إدارة أوباما لشغل منصب مدير الاستخبارات الوطنية: «لا يطلع سوى الرب على كافة برامج الوصول الخاصة».



    ويمكن أن تقوّض هذه السرية من سلسلة القيادة المعتادة عندما يستخدم مسؤولون بارزون هذه السرية لحجب معلومات عن منافسين أو عندما توّجه أوامر إلى المرؤوسين لإبعاد أسرار عن قادتهم.



    ويقول ضابط عسكري مشارك في أحد هذه البرامج إنه طُلب منه التوقيع على وثيقة تحظر عليه الكشف عن معلومات لقائده، الذي يعمل معه عن قرب يوميا، لأن القائد غير مخوّل بالاطلاع عليها. ويتذكر مسؤول آخر بارز في وزارة الدفاع اليوم الذي حاول فيه الاستفسار عن برنامج يأتي ضمن ميزانيته، ولكن رفض زميل ذلك. ويتذكر أنه قال خلال مشادة حامية: «ماذا تعني بأنه لا يمكنك إخباري؟ أنا مَن يدفع مقابل هذا البرنامج».



    ويقول ضابط استخبارات بارز آخر لديه اطلاع واسع على الكثير من البرامج، إن السرية تستخدم في بعض الأحيان من أجل حماية مشاريع غير فعالة. ويقول: «أعتقد أنه يجب على وزير الدفاع النظر لكل شيء على حدة لمعرفة هل لا يزال له قيمة. ويجب على مدير الاستخبارات الوطنية القيام بنفس الشيء».



    ولم يقم مكتب مدير الاستخبارات الوطنية بذلك حتى الآن، وأفضل ما يمكن القيام به في الوقت الحالي الحفاظ على قاعدة بيانات لأسماء البرامج الأكثر حساسية داخل المجتمع الاستخباراتي. ولكن لم تتضمن قاعدة البيانات الكثير من المشاريع الهامة ذات الصلة التابعة للبنتاغون.



    وبسبب السرية الكبيرة، ربما يكون من الصعب كشف ملابسات ما يحدث يوميا في «أميركا السرية للغاية». ولكن تظهر أمثلة من حين لآخر. وأظهر نموذج وقع قريبا طبيعة المنظومة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ومميزاتها وعيوبها.



    في فصل الخريف الماضي، وبعد 8 أعوام من التوسع وتعيين موظفين، حدث حراك كبير داخل هذه المنظومة عندما ظهر كلام عن شيء ما خطأ داخل اليمن. وفي رد فعله على ذلك، وقّع الرئيس أوباما أمرا، يذهب بموجبه العشرات من الكوماندوز إلى اليمن لاستهداف وقتل قيادات في تنظيم تابع لـ«القاعدة». وداخل اليمن، قام رجال الكوماندوز ببناء مركز عمليات مشتركة، وتبادلوا الآلاف من المكالمات المعترضة وتقارير من عملاء وأدلة مصورة ومقاطع فيديو استطلاعية مع عشرات الهيئات السرية في الولايات المتحدة. وكانت هذه المنظومة المنشودة، ولكن عندما وصلت المعلومات إلى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب داخل واشنطن بهدف التحليل، كانت هذه المعلومات مدفونة وسط 5000 قطعة من البيانات العامة المرتبطة بالإرهاب تتم مراجعتها كل يوم. وكان يجب على المحللين التنقل من قاعدة بيانات إلى أخرى، ومن قرص صلب لآخر، ومن شاشة إلى أخرى، من أجل تحديد مكان شيء يستحق دراسة أوسع.



    ومع تكثيف العمليات العسكرية داخل اليمن، زاد الكلام عن ضربة إرهابية محتملة، وزادت الهيئات الاستخباراتية من وتيرة جهودها. وزاد تدفق المعلومات إلى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب.



    وفي مكان ما وسط هذا الطوفان، كانت ثمة بيانات أكثر أهمية. أسماء جزئية لشخص ما داخل اليمن، وإشارة إلى راديكالي نيجيري ذهب إلى اليمن، وتقرير عن والد من نيجيريا يشعر بالقلق بشأن ابن له أصبح مهتما بأفكار راديكالية واختفى داخل اليمن.



    وكانت هذه المعلومات مفاتيح تقود إلى شيء ربما يحدث عندما ترك نيجيري يُدعى عمر الفاروق عبد المطلب اليمن واستقل، في نهاية المطاف، طائرة من أمستردام متجهة إلى ديترويت. ولكن لم يضعها نظام هذه المعلومات معا، كما سيقول المسؤولون بعد ذلك، لأن النظام أصبح كبيرا مما جعل المسؤولية غير واضحة.



    وقال مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب ليتر أمام الكونغرس: «يشارك الكثيرون في هذا الأمر». وأوضح مدير الاستخبارات الوطنية بلير للمشرعين: «أمام الجميع نقاط يمكن الجمع بينها. ولكن لم أوضح بالضبط مَن يتحمل المسؤولية الرئيسية».



    وبهذه الطريقة كان عبد المطلب قادرا على أن يسافر على الرحلة الجوية رقم 254 التابعة لـ«نورث ويست إيرلاينز». وبينما كان يهبط تجاه ديترويت، حاول إشعال فتيل متفجرات مختبئة داخل ملابسه الداخلية. ولم يمنع من وقوع هذه الكارثة تلك المنظومة المكلفة الكبيرة جدا التي ظهرت بعد هجمات سبتمبر، ولكن شاهده راكب وهو يقوم بذلك، وأوقفه. وقال مستشار مكافحة الإرهاب بالبيت الأبيض جون برنان بعد ذلك: «لم نتابع ونحدد أولوية المعلومات الاستخباراتية المتدفقة، لأنه لا يوجد كيان استخباراتي محدد أو فريق مسؤول عن متابعة هذه التحقيقات».



    واعترف بلير بالمشكلة. وكان الحل الذي طرحه: تكوين فريق آخر لإدارة كل معلومة هامة. ولكنه قال للكونغرس إنه يحتاج إلى المزيد من المال والمحللين كي يحول دون وقوع خطأ آخر.



    وغالبا ما تكون كلمة «المزيد» الحل الذي يقترحه قادة المنظومة التي تشكلت بعد هجمات سبتمبر. وبعد محاولة التفجير في أيام الكريسماس، طلب ليتر «المزيد» – المزيد من المحللين إلى نحو 300 محلل لديه بالفعل.



    وطلبت وزارة الأمن الداخلي المزيد من الحرس على الرحلات الجوية والمزيد من أجهزة المسح والمزيد من المحللين على الرغم من أنها لا تستطيع العثور على عدد مؤهل يكفي لوحدة الاستخبارات التابعة لها حتى الآن. وقال أوباما إنه لن يجمد النفقات على الأمن القومي، ولذا فإنه من المحتمل أن يتم توفير التمويل لهذه الطلبات.



    ويجري بناء المزيد من المباني، ولا يزال توسيع المكاتب مستمرا في مختلف أنحاء البلاد. ويجري بناء مركز معالجة بيانات يتبع وكالة الأمن القومي قريبا بالقرب من سولت ليك سيتي، وتصل تكلفته إلى 1.7 مليار دولار. وداخل تامبا، سيأتي إلى جوار مكتب الاستخبارات الجديد التابع للقيادة المركزية الأميركية المقام على 270,000 قدم مربع مبنى كبير لمقرات هيئات العام المقبل وفي العام الذي يلي سيجري بناء مكتب على 51,000 قدم مربع لقسم العمليات الخاصة التابعة للقيادة المركزية.



    وفي شمال شارلوتسفيل، سيجمع المرفق المشترك لتحليل الاستخبارات الجديد 1000 محلل استخبارات دفاعية داخل حرم آمن. وفي هذه الأثناء، وعلى بعد 5 أميال جنوب شرقي البيت الأبيض، بدأت وزارة الأمن الداخلي عمليات الحفر لمقرها الجديد، الذي سيشاركها فيه حرس الساحل. وعلى الرغم من مرور 7 أعوام فقط على إنشاء وزارة الأمن الداخلي، فإن لديها برامج وصول خاصة وذراعا بحثية خاصة ومركز قيادة خاصا وأسطولا من السيارات المصفحة وقوة عمل تبلع 23000 شخص، وهي بذلك ثالث أكبر وزارة بعد وزارة الدفاع ووزارة شؤون المحاربين القدماء.



    وقريبا، وعلى أرض مستشفى سانت إليزابيث للأمراض العقلية داخل أناكوستيا، سينشأ نموذج للأمن قيمته 3.4 مليار دولار. وسيكون المقر الجديد أكبر مجمع حكومي يُبنى منذ البنتاغون، ليكون معلما بارزا في جغرافيا «أميركا السرية للغاية»، ويبلغ حجمه 4 أمثال معبر الحرية.

    المصدر : الحقيقة الدولية – الشرق الاوسط - خدمة "واشنطن بوست" 20.7.2010

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669


    [IMG]http://upload.********************/up/uploads/images/rashed-a3c1f42fa4.gif[/IMG]
    يعطيك العافية
    شكرا لكل جديد
    يسلموا غاليتي
    [IMG]http://upload.*************/images/x2mkz8wacct87217xe.gif[/IMG]

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973

  4. #4
    الاداره
    تاريخ التسجيل
    Tue May 2009
    الدولة
    الرايه الهاشميه حفظها الله
    المشاركات
    212,599
    معدل تقييم المستوى
    21475063
    الف شكر للجهود الرائعه
    يعطيك الف عافيه
    ليس من الصعب ان تصنع الف صديق فى سنة
    لكن من الصعب ان تصنع صديقا لألف سنة
    يكفيني فخرا انني ابن الرايه الهاشميه

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-09-2012, 09:18 AM
  2. مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 22-07-2012, 08:19 AM
  3. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-01-2012, 04:08 PM
  4. لويس فيغو" : سأكون "برشلوني" لأنهم إسبان .. سعيد لصديقي .. و"ميسي" من عالم اخر !!
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى منتدى الرياضة العربيه والعالميه
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 30-05-2011, 05:20 PM
  5. الرفاعي: "صاروخ العقبة" أطلق من سيناء واتفاق قريب مع أميركا بشأن "النووي الأردني"
    بواسطة الاسطورة في المنتدى منتدى الاخبار العربية والمحلية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 05-08-2010, 07:16 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك