العطش يضرب الأردنيين!!
خبير مائي: شركات لرؤساء وزارات استنزفت المياه الجوفية.. ومقاضاة شركات زراعية هدرت مياه الديسي!
العطش يضرب الأردنيين!!
الحقيقة الدولية ـ عمان ـ زياد الغويري
لم تنفك وزارة المياه والري عن الحديث عن خططها وبرامجها واستراتيجياتها في التغلب على مشكلة النقص المتنامي للمياه في الأردن.
غير أن الفجوة بين الخطط والبرامج من جهة وبين الأمر الواقع من جهة أخرى ما تزال كبيرة بل وآخذة في الاتساع دون أن تلوح في الأفق حلول ناجعة، فيما بقي المواطن يكتوي بحرارة الصيف الملتهب ويعاني من العطش!
■ المملكة تعاني عجزا مائيا متناميا يصل إلى نحو 100مليون متر مكعب سنويا
■ معدل الفاقد المائي يصل في بعض المحافظات إلى 50% من الكميات التي يتم ضخها
■ "أبو طه": نية الحكومة تتجه نحو رفع الدعم عن المياه التي يتم ضخها للمواطنين
■ المناخ شبه الجاف وعدم القدرة على استغلال كميات الأمطار الهاطلة على المملكة من أهم اسباب الفقر المائي في الأردن
■ مشروع الديسي الذي سيوفر 100 مليون متر مكعب سنويا للشرب يتم معالجة 75 مليون متر مكعب منها لغايات الزراعة بعد استخدامها بشريا
وما بين طموحات الوزارة في التغيير وواقع الحال يبقى أنين المواطن الأردني في تزايد بسبب نقص المياه الذي وصل إلى مستوى لم يعد معه هذا المواطن قادرا على التحمل بسبب استمرار الحالة من جهة واستغلال أصحاب صهاريج المياه حاجة الناس للماء من جهة أخرى ووعود المسؤولين بالحل من جهة ثالثة.
مجموعة "الحقيقة الدولية" بكافة نوافذها الإعلامية تتلقى كغيرها من وسائل الإعلام مئاعشرات الشكاوى يوميا من مواطنين عجزوا عن توفير كأس ماء لأطفالهم بعدما أنهكهم شراء صهاريج المياه بأسعار مرتفعة تفوق إمكانياتهم بسبب عدم وصول مياه الدولة إلى منازلهم.
وخلال متابعاتنا الدؤوبة لشكاوى المواطنين مع الجهات المسؤولة فإننا في كل مرة نتلقى جوابا مختلفا، فتارة تبرر المشكلة بتلف شبكات المياه، وأخرى يتم إرجاع السبب إلى الاعتداء غير المشروع على خطوط المياه، وأحيانا يعتبر الفاقد سببا إضافيا.
وفي كل الأحوال فإن السؤال الذي يبقى قائما والذي لم نجد جوابا شافيا ومقنعا له هو: ما هي أسباب تفاقم أزمة المياه خلال العامين الماضيين؟ خاصة وأن الموسم المطري الماضي كان جزيلا في عطائه وخيره، كما أن وعي الناس بضرورة المحافظة على المياه وعدم استخدامها بشكل جائر تنامى أكثر من ذي قبل، ناهيك عن أن التطور الطبيعي يوجب أن تكون شبكات توزيع المياه أفضل أضف إلى ذلك نوعية المياه ذاتها التي يتم ضخها للمواطنين.
في مجريات التحقيق الذي قام به فريق "الحقيقة الدولية" وهو يبحث عن إجابة شافية للسؤال الذي أشرنا إليه لم ينكر الخبراء والمسؤولون بان هناك عجزا مائيا متناميا يصل إلى نحو 100مليون متر مكعب سنويا وان هذا الرقم في تزايد مستمر، وعزا أولئك الخبراء السبب إلى أكثر من عامل، ومن بين هذه العوامل: التزايد السكاني والهجرات القسرية للأردن وتزايد نسبة الفاقد والسماح لبعض المتنفذين بتأسيس شركات مائية من خلال منحهم تراخيص حفر آبار ارتوازية بشكل أدى إلى استنزاف للمياه الجوفية.
الخبير المائي رئيس لجنة المياه في نقابة المهندسين محمد أبو طه أكد أن الأردن يعاني عجزا مائيا متناميا سببه انخفاض كميات الهطول المطري لكون مناخ المملكة يتراوح بين الجاف وشبه الجاف وبمعدل تساقط مطري يقل عن 500 ملليمتر سنويا.
واعتبر طه في تصريحات خاصة لـ "الحقيقة الدولية" أن المشكلة المائية تتزايد نتيجة الاستهلاك الهائل بسبب الهجرات المستمرة للأردن وارتفاع معدل النمو السكاني والمقدر بنحو 3%، مؤكدا أن معدل العجز المائي المتمثل بالفارق بين المطلوب والمتاح يصل لـ 500 مليون متر مكعب سنويا.
وبين أن من ابرز أسباب مشكلة المياه في الأردن الهدر المائي حيث يصل معدل الفاقد المائي في بعض المحافظات إلى 50% من الكميات التي يتم ضخها، فيما تقدر نسبته في عمان بنحو 35%.
ولفت إلى أن المشكلة المائية تتركز في عمان كونها الأكثر من حيث السكان، مبينا أن وزارة المياه تعتمد عدة حلول بينها تحلية المياه من خلال محطة سويمة التي توفر يوميا 125 ألف متر مكعب، فيما توفر محطة زي من 145 إلى 150 ألف متر مكعب تضخ إلى محطة دابوق.
أبو طه تحدث عن سبب آخر خطير لنقص المياه في الأردن وهو وجود شركات كبرى تعود لرؤساء وزارات سابقين ولعلية القوم قامت باستنزاف كميات هائلة من المياه الجوفية.
ولم يكشف أبو طه عن أسماء أشخاص ولا عن أسماء شركات لكنه أشار إلى وجوب تفعيل القانون بما يحول دون هدر المياه!!
ألا يعني ذلك أن منح هذه الشركات تراخيص لاستغلال المياه وبخاصة الجوفية منها يعد في حد ذاته هدرا لها وانتقاصا من حق المواطن فيها؟ خاصة وأن "نية الحكومة تتجه نحو رفع الدعم عن المياه التي يتم ضخها للمواطنين" بحسب "أبو طه".
وفي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن مشروع جر مياه الديسي أكد رئيس لجنة المياه في نقابة المهندسين أن نسبة ما أنجز من المشروع لا تزيد عن 10% رغم تأكيدات وزارة المياه أن التنفيذ سيتم خلال السنوات الثلاث المقبلة على الرغم من أنه من المشاريع الإستراتيجية كونه سيوفر 100 مليون متر مكعب.
وطالب أبو طه بتعميم مشروعات تحلية المياه في الآبار الجوفية المالحة خاصة في ضوء تجربة شركة أردنية تمكنت من تحلية المياه بكلفة 25 قرشا فقط للمتر المكعب الواحد من مياه سد الكرامة وتوزيعها على مناطق الأغوار.
مناخ الأردن عامل فقر آخر
الخبير المائي الدكتور إلياس سلامة بين من جهته أن مشكلة الأردن المائية ناتجة عن كونه يقع ضمن مناخ شبه جاف إضافة لعدم القدرة على استغلال كميات الأمطار الهاطلة عليه والمقدرة بـ 8 مليارات متر مكعب سنويا واقتصار الكميات التي يمكن الاستفادة منها على900 مليون متر مكعب تؤول إلى المياه السطحية والجوفية.
ولفت إلى أن وزارة المياه تركز على توفير مياه الشرب للمواطنين كأولوية ضمن مشاريعها رغم التحديات التي تواجه توفير المياه والمتمثلة بالنمو السكاني الذي يصل إلى 3% إضافة للهجرات المتوالية والتي تتطلب خططا عاجلة تستوجب توفير مصادر أضافية ومد شبكات مياه ومجار كافية ما يحول دون الجهد المؤسسي نتيجة الهجرات المفاجئة.
ولفت إلى أن من الأهمية بمكان أن تحد وزارة المياه من الفاقد المائي بما يحول دون خسائرها باعتبار أن تركيب وتأهيل الشبكات يكلف مليارا إلى مليار ونصف المليار دينار، وهو مبلغ يصعب توفيره إضافة إلى أن هذا التأهيل لن يوفر سوى 10% من الفاقد.
وبين أن معظم الفاقد المائي ناتج عن اعتداء بالسرقة على الشبكات تصل لاعتداء مزارع على شبكات المياه وقيام مالكيها بتهديد المبلغين عنهم إذا ما تم اتخاذ أي إجراء بحقهم، مبينا أن ذلك حد من قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات تحول دون وقف تلك الاعتداءات، مشددا على أهمية تنفيذ القانون بما يضبط تلك المخالفات والتجاوز على القانون ويحول دون استمرار الاعتداءات على شبكات المياه.
وأكد أن مشاكل تلوث المياه في الأردن قليلة جدا حيث أن هناك 24 محطة لمعالجة المياه العادمة إضافة لوحدات المعالجة في جميع المصانع والمستشفيات والجامعات والمعسكرات.
وبين أن من الأهمية بمكان وقف استنزاف مزارع الديسي لمياه حوض الديسي بانتهاء عقودهم في 2010 و2011 خاصة في ظل استنزافها لكميات تصل إلى 20 مليار متر مكعب.
ولفت إلى أن من بين الحلول التي قد تلجأ لها الوزارة إعادة إدارة استعمال المياه لتقليل الكميات التي يحصل عليها الدونم الزراعي من 1000 متر مكعب إلى 600 متر مكعب خاصة في ضوء إمكانية تنفيذ ذلك مع استخدام تقنيات زراعية أكثر تطورا، ومن ثم إعادة تدوير الفارق في استخدامات الشرب.
ولفت إلى انه لا توجد حلول أمام وزارة المياه سوى تنفيذ مشاريع إستراتيجية تسهم في حال تنفيذها بحل مشكلة المياه في الأردن مثل مشروع الديسي الذي سيوفر 100 مليون متر مكعب سنويا للشرب ومن ثم يتم معالجة 75 مليون متر مكعب منها لغايات الزراعة بعد استخدامها بشريا.
مشيرا إلى أهمية تنفيذ مشروع قناة البحرين باعتباره المشروع الأكثر كفاءة وقدرة على حل مشكلات الأردن المائية حيث سيوفر 570 مليون متر مكعب وستنفذه شركات دولية على نظام pto"" وبكلفة تصل إلى 7 مليارات دينار.
إجراءات وزارة المياه والري
وزارة المياه والري أكدت وعلى لسان ناطقها الإعلامي عدنان الزعبي حرصها على إدارة المياه المتاحة بالشكل الأمثل عبر زيادة ضخ المياه بنسبة 3% وتطوير الموارد المتاحة وحفر آبار جديدة ورفع كفاءة المصادر المتوفرة وتحلية مياه سد الكرامة الذي سيوفر 100 مليون متر مكعب سنويا من خلال شركة أردنية وبتكلفة مخفضة إضافة لتحلية آبار مشتل فيصل وتحديث شبكات المياه وتطوير شبكات اربد والكرك وتجديد مشاريع الصرف الصحي والآبار الجوفية لتوفير 7 ملايين متر مكعب لأغراض الشرب.
وبين أن من بين مشاكل الأردن المائية ارتفاع نسبة الفاقد والذي يقدر كمعدل عام بنحو 42%، لافتا إلى أن الوزارة تهدف إلى خفضه بنسبة 2%.
وأكد من أسباب هدر المياه استنزاف شركات الديسي الزراعية كميات هائلة من المياه، ما دفع بوزارة المياه إلى تسجيل دعوى قضائية ضد تلك الشركات بالاستناد إلى قانون تحصيل الأموال الأميرية.
ويرى الزعبي أن من بين الحلول التي تعتمد عليها الوزارة لحل مشكلة المياه تنفيذ مشروع الديسي الذي سيبدأ ضخ المياه إلى عمان في العام 2013 بحيث سيتم توفير 100 مليون دينار سنويا وبكلفة مليار دينار وكذلك تنفيذ مشروع قناة "البحرين" التي ستكون جاهزة في عام 2022.
وبين أن الهدف من تنفيذ هذا المشروع هو
إنقاذ البحر الميت من الجفاف كونه يفقد سنويا نحو متر من ارتفاعه.
لافتا إلى أن مشروع قناة البحرين سيوفر نحو 600 مليون متر مكعب سنويا ستغطي حاجة الأردن المائية لنحو 30 سنة.
المصدر : الحقيقة الدولية ـ عمان ـ زياد الغويري 6-7-2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربوع الوطن الحر
المفضلات