التغذية في حالة قصور الكلى وغسيل الدم
د. ريما فايز تيّم الفواز - تعتبر حمية المرضى المصابين بقصور الكلى المزمن ويقومون بعملية الغسيل (الديلزة) عدة مرات بالأسبوع من أكثر الحميات التي تحتاج إلى دقة بالتخطيط. إذ عادةً ما يعاني هؤلاء المرضى من نقصان كبير في قدرة الكلى على إزالة الفضلات وبالتالي زيادة مستوى الكرياتينين واليوريا والبوتاسيوم والفسفور في الدم عن المعدل الطبيعي، لذا يجب اتباع حمية خاصة بحيث تكون الوجبات المتناولة معتدلة في محتواها من الصوديوم والبوتاسيوم والفسفور، كما يتم تحديد كمية السوائل المتناولة اعتماداً على مجموع ما يفقده المريض منها. وهناك العديد من الخطوات الواجب اتباعها للتخفيف من حدة أعراض ارتفاع هذه المواد، إذ يفضل تناول كميات كافية من النشويات والدهون للحد من هدم الخلايا وتعويض العناصر الغذائية التي قد تتلف أثناء عملية الديلزة وكذلك المحافظة على الوزن أو زيادته ولكن يجب الانتباه إلى أن لا يحتوي مصدر النشويات على البوتاسيوم، فمثلاً يجب الابتعاد عن الخبز الأسمر والفريكة والبرغل والقمح وأي شكل من أشكال الحبوب في صورتها الكاملة وغير المقشورة، وتناول الخبز الأبيض والشعيرية والمعكرونة (بدون صلصة بندورة) والبوشار والكورن فليكس.
كما يفضل التقليل من الأطعمة الغنية بالدهون الحيوانية والكوليسترول حتى وإن كان المريض لا يعاني من أمراض القلب والشرايين للحفاظ على صحة كل منهما، ويمكن تطبيق ذلك بالتقليل ما أمكن من إضافة السمن أو الزبدة إلى الطعام. وقد أثبتت العديد من الدراسات أنه لتجنب تناول اللحوم الحمراء الغنية بالدهون واستبدالها بلحم العجل أو الدجاج المنزوع الجلد والأسماك وكذلك الابتعاد عن البيض والكبدة والكلى والنخاعات والقلب أثر كبير في التخفيف من ارتفاع الكوليسترول وشحميات الدم. ويمكن استبدال الدهون الحيوانية بزيت الزيتون والزيوت النباتية الأخرى على أن لا تزيد الكمية المتناولة عن تلك المسموح بها يومياً حتى ولو كانت من زيت الزيتون، فحتى تناول زيت الزيتون بكميات كبيرة وأكثر من المطلوب قد يؤدي إلى ارتفاع في غليسريدات الدم.
كما يجب تناول كميات كافية من اللحوم والدجاج والسمك والتي عادة ما تحدد بناء على وزن المريض، وتكمن أهمية تناول كميات كافية من اللحوم في تعويض الدم المفقود أثناء الغسيل وكذلك كريات الدم التي تحطمت نتيجة عمل جهاز الديلزة. ويعتبر ارتفاع معدل الفسفور وانخفاض مستوى الكالسيوم في الدم من المشاكل الصحية الأكثر تعقيداً عند مريض الفشل الكلوي المعالج بالديلزة، فقد يتسبب ارتفاع الفسفور في الدم بالإصابة بهشاشة العظام. إلا أن تقليل الفسفور في الطعام يعمل على الحد من تفاقم مشاكل العظام الناتجة عن الاصابة بالفشل الكلوي وتطوره إلى مراحل متقدمة.
وتبعاً لذلك فإنه يفضل التقليل ما أمكن من الأطعمة الغنية بالفسفور (مثل الألبان والأجبان واللحوم والسردين والبيض والكبدة والمكسرات والشوكولاتة والمرتديلا والسلامي والنقانق والبقوليات (كالحمص والفول وفول الصويا والعدس والفاصولياء البيضاء) والحبوب الكاملة والمفتول وصفار البيض، وزيادة العناصر الغذائية الغنية بالكالسيوم حتى نحافظ على سلامة الكلى والعظام. ويشار هنا إلى أن تناول الحليب واللبن الرائب والمخيض يجب أن لا يزيد عن كوب في اليوم وأن يتم تناوله يوما بعد يوم.
وبالرغم من أن اتباع هذه الحمية قد يساعد في تخفيف مستوى كل من الفسفور والكالسيوم في الدم، إلا أن استخدام حبوب الكالسيوم والأدوية المانعة لامتصاص الفسفور يعدّل الوضع ويزيد من مستوى الكالسيوم في الدم، لذا ينصح بتناولها حسبما يراه الطبيب. وفي حال تناول الأدوية المانعة لامتصاص الفسفور يجب تناول هذه الأدوية قبل أو مع الوجبة مباشرة حتى تتمكن من التفاعل مع الفسفور الموجود في الطعام المتناول وتمنع امتصاصه.أما إذا ما كان الهدف من تناول هذه الأدوية هو رفع معدل الكالسيوم بالدم فهنا يجب تناول هذه الحبوب بين الوجبات (أي بعد الوجبة بساعتين إلى 3 ساعات).
أما بالنسبة للصوديوم وملح الطعام، فقد وجد أن تحديد كمية الصوديوم المتناولة تعتمد على ضغط الدم وكمية الصوديوم المطرحة خلال اليوم وحالة القلب الصحية. ففي حالة ارتفاع ضغط الدم واحتباس السوائل في الجسم يجب التقليل من تناول الصوديوم ولكن ليس للحد الذي يسبب انخفاضاً في ضغط الدم. وغالباً ما تكون كمية الصوديوم الموصى بتناولها من 2-3 غ/يوم، ولكن يمكن في بعض الحالات تحديد كمية الصوديوم المتناول إلى 1غ/يوم. ولذا يجب أن يتم تجنب الأطعمة المالحة وعدم إضافة الملح إلى الطعام. ومن الأطعمة ذات المحتوى العالي من الملح: المخللات والأجبان المالحة والمكسرات والخبز العادي المملح واللحوم المدخنة والمعلبة مثل النقانق ومستخلص اللحمة والسردين والفسيخ والأنشوفة واللحوم المخللة.
كذلك يجب الانتباه إلى الأطعمة المحفوظة في محلول ملحي والأطعمة المضاف إليها مواد محتوية على الصوديوم كالمنكهات أو مواد حافظة أو البيكنج باودر وغيره. ويفضل قراءة بطاقة البيان الموجودة على المنتجات الجاهزة لتحديد الصوديوم في هذه المنتجات حتى لا يتجاوز المريض الكمية المسموح بتناولها يومياً. كما يجب تحديد كمية البوتاسيوم المتناولة في الغذاء اليومي بحيث لا تزيد عن 2000 ملغ، ففي حالة زيادة البوتاسيوم في الدم يجب الابتعاد عن الأغذية الغنية بالبوتاسيوم.
وقد تم تقسيم الخضراوات والفواكه إلى ثلاث مجموعات بناءً على كمية البوتاسيوم الموجودة بها، فمثلاً يجب أن يقتصر المريض على تناول حصة واحدة من الخضراوات والفواكه العالية بالبوتاسيوم وأهمها المشمش الطازج والمجفف والجوافة والكيوي والدراق المجفف والشمام والموز والتمر والتين والبرتقال والسبانخ والبطاطا المسلوقة والمشوية والبركولي والبامية والبقدونس والملوخية والبندورة والفلفل الحار والفطر. أما بالنسبة للأطعمة متوسطة المحتوى من البوتاسيوم فإن أهمها البطيخ والزبيب والدراق الطازج والفراولة والزهرة والبصل النيئ والقرع والجزر والملفوف المطبوخ والبازيلاء الخضراء والذرة. وتعتبر المجموعة الثالثة الأهم إذ أنها الأقل في محتواها من البوتاسيوم وتحتوي الخس والخيار المقشر والفاصولياء الخضراء والفلفل الحلو والملفوف النيء والاجاص والتفاح والعنب والليمون. وعلى أي حال يجب الا تزيد الكمية المتناولة من المجموعة الثانية وهي المتوسطة في محتواها من البوتاسيوم عن حصتين من الفواكه وحصتين من الخضراوات وكذلك بالنسبة للمجموعة الثالثة ولكن بعدد حصص أكبر ولكن لا يزيد عن ثلاث حصص من الفواكه ومثلها من الخضراوات.
ويشار هنا إلى أن الزيوت لا تحتوي على بوتاسيوم، اما اللحوم (غير المعلبة أو المضاف إليها مواد حافظة) فهي تحتوي على كميات تتراوح من 50-150 ملغ/أونصة، بينما الحليب ومشتقاته يحتوي على كميات جيدة من البوتاسيوم قد تصل إلى 400 ملغ/كوب، وذلك حسب المواد المضافة أو طريقة التحضير، لذا في حال الارتفاع العالي في مستوى بوتاسيوم الدم يجب تقليل كمية الحليب المتناولة أو الابتعادعنه تماماً حتى رجوع البوتاسيوم إلى معدله الطبيعي. ويفضل قراءة بطاقة البيان الموجودة على المنتجات الجاهزة لتحديد كمية البوتاسيوم في هذه المنتجات حتى لا يتجاوز المريض الكمية المسموح بتناولها يومياً.
يجب تحديد كمية السوائل بحيث يحدث توازن بين كمية السوائل المتناولة والسوائل المطروحة خصوصاً عند وجود الوذمة (Edema) وقصور القلب الإحتقاني وضغط الدم العالي. وعلى أية حال، يجب ألا تكون الزيادة بالوزن أكثر من نصف كيلو غرام في اليوم. وتحسب كمية السوائل اللازمة بإضافة كمية البول المطروحة من الجسم إلى 500 مللي لتر. أي إذا كانت كمية البول المطروحة من الجسم 250 مل يجب أن لا تزيد كمية السوائل المتناولة عن 750 مل في اليوم، بما في ذلك المياه والشاي والشوربات والعصائر والجلو وأي مادة غذائية تصبح سائلة في داخل الفم. ويمكن السيطرة على العطش بتناول أكواب صغيرة من الماء وتوزيعها على مدار اليوم، وكذلك تناول الملبس والعلكة والقليل من الليمون، كما يجب تجنب التعرض لأشعة الشمس المباشرة لأنها قد تزيد التعرق وتتسبب في الجفاف وارتفاع بعض أملاح الجسم التي من الممكن أن تؤثر على أعضاء الجسم الداخلية.
وأخيراً يشار بأن الطريقة المستخدمة في الطهي لها أثر كبير في التقليل من بعض العناصر الغذائية الواجب تحديدها مثل الصوديوم والبوتاسيوم. فمثلاً نقع البطاطا وتقطيعها إلى قطع صغيرة قبل سلقها عدة مرات والتخلص من مياه السلق لتقليل كمية البوتاسيوم الموجودة فيها، كما يمكن تطبيق نفس الطريقة في تحلية الجبنة البيضاء وفي طهي السبانخ وغيره من الخضراوات المطبوخة. إلا أنه في بعض الأطعمة كالملوخية والبامية لا يمكن تقليل البوتاسيوم الموجود بداخلها لإنه لا يمكن تقطيعها ونقعها مثل البطاطا والسبانخ، لذا يجب الانتباه إلى الكميات المتناولة وأن لا تتجاوز الحد المسموح به. كما يجب غسل الخضراوات المعلبة بمحلول ملحي جيداً قبل استخدامها.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات