الأردن.. دعوات "دسترة" فك الارتباط تتزايد ونقاش في الكواليس عن تجاهل "الكلفة" الامنية والاقتصادية في حال التخلص من "الضفة الغربية"
الأردن.. دعوات "دسترة" فك الارتباط تتزايد ونقاش في الكواليس عن تجاهل "الكلفة" الامنية والاقتصادية في حال التخلص من "الضفة الغربية"
لا يمكن التعليق على دعوات "دسترة" تعليمات فك الارتباط مع الضفة الغربية المتكاثرة في الاردن عبر الاشارة الى الابعاد القانونية والدستورية والى حد اقل، السياسية والقيمية، فالواقع الموضوعي يشير الى ان اصحاب هذه الدعوات بصرف النظر عن نوايا بعضهم الوطنية ليسوا مستعدين اطلاقا للاصغاء للنغمة القانونية او الدستورية او حتى السياسية والاقتصادية.
وفي عمان لا يحفل اصحاب الصوت المرتفع المحذر من الوطن البديل والداعي عمليا "لانقلاب" مبرمج على الضفة الغربية واهلها بخارطة الوقائع التي تؤشر على وجود فارق بين "العدو" وهو "اسرائيل" دوما، وبين ضحيته حتى لو حظي بالجنسية الاردنية كما يلاحظ المعارض ليث الشبيلات.
وهؤلاء لا يقولون مثلا ولاسباب غامضة بأن الخطوة الاولى في الاستراتيجية الدفاعية المطلوبة والتي يملأ الحديث عنها فضاء عمان الاعلامي حاليا ينبغي ان تكون تعليق او تجميد اتفاقية وادي عربة، وعلى الاقل الانفتاح قليلا على المقاومة بنسختيها اللبنانية والفلسطينية وبمعنى ادق مكافأة شركاء نفس المنطق في حركة حماس مثل اسماعيل هنية بالدعوة لاستقباله في عمان رسميا ولو لمرة واحدة.
واصحاب نظرية الانقلاب على الضفة الغربية واهلها'يتحدثون عن مساندة اقامة الدولة الفلسطينية دون التعرض ولو من باب التحليل العلمي للمؤشرات التاريخية التي تقول بأن الحكومات الاردنية في عقود الماضي ساهمت في الحيلولة دون اقامة هذه الدولة وان ذلك بقي استراتيجية باطنية تغيرت فقط في عهد الملك عبد الله الثاني.
وبين هؤلاء لا يوجد من يبدي اي استعداد لسماع الاعتبارات القانونية او الدستورية المحضة التي تمنع اجرائيا وحقوقيا 'دسترة' فك الارتباط، فأحد خبراء الدستور المح يوما الى ان دسترة تعليمات فك الارتباط تتطلب تغييرا جذريا في بنية نصوص الدستور وتحديدا تلك التي 'تحرم' التنازل عن اي جزء من ارض المملكة الاردنية الهاشمية سلما او حربا.
لكن عبقرية احد دعاة 'الدسترة' تجازف بالدعوة لتغيير الدستور لصالح التخلص من الضفة الغربية وبكل بساطة ثم العودة لاستطلاع رأي الشعبين في الوحدة.
ويمكن بكل الاحوال مناقشة رموز 'الدسترة''حيث لا يوجد بينهم من يقدم فعليا تغطية او وصفة دستورية شاملة وامنة لكيفية التخلص من الضفة الغربية بعد ان كان قرار وحدة الضفتين دستوريا، فيما جاءت تعليمات فك الارتباط على اساس قرار سياسي فقط اتخذ في لحظة 'غضب ' تعرض لها الملك الراحل حسين بن طلال ليس فقط بشهادة مهندس القرار ومبتكره عدنان ابو عودة ولا فقط بشهادة كاتبه ومنفذه رجائي الدجاني، ولكن ايضا بمصادقة محكمة العدل العليا التي اعتبرت برئاسة رمز القضاء فاروق الكيلاني القرار سياسيا وليس دستوريا.
ودعوات الدسترة التي تنشطت بعد تصرفات حكومة نتنياهو المتطرفة لا تستمع للاراء التي تقول بأن اول خطوة دفاعية منطقية اذا كان الغاء وادي عربة متعذرا هي طرد السفير الاسرائيلي او اغلاق سفارته التي تستوطن قمة احد جبال عمان الغربية وفي ضاحية حيوية للغاية.
ولا تستمع تلك الدعوات لما قالته شخصيات وطنية مهمة مثل ليث الشبيلات وغيره على صعيد مواجهة المشروع الصهيوني التآمري اولا 'بالتوحد' مع الشعب الفلسطيني وبالاعتراف بالمسؤوليات القانونية والقيمية'جراء احتلال الضفة الغربية وخسارتها اردنيا او حتى بقانون انتخاب عصري بعد استحالة الايمان بأن قوانين الانتخابات المتخلفة تتصدى فعلا للمشروع الصهيوني.
ولا تستمع لتوجان الفيصل وهي تقترح ان الحكومة الاردنية هي الوحيدة'في العالم التي تغير شعبها بدلا من ان يغيرها الشعب.
كل تلك الاعتبارات يسقطها دعاة 'الدسترة' اياهم وهم يستندون على عملية 'احصاء' جديدة لهويات الاردنيين يقترحونها على النظام بل يهددون احيانا لفرضها عبر اسقاط كل الاعتبارات القانونية والدستورية والقضائية والعلمية وخلافها لصالح الدعوة للتخلص من اهل الضفة الغربية، وبعد ذلك من نصف الشعب الاردني، على حد تعبير الكاتب خالد محادين الى ان جهة ما في جبهة نتنياهو قررت اللعب على الاوتار الموجعة لكل الاردنيين.
ورغم ان الحديث القانوني ممنوع في قاموس جماعات 'الدسترة' التي اصبحت تشكل قوة ضغط نشطة واحيانا 'مدعومة' من موظفين في الادارة المحلية الا ان احدا لا يستطيع اسقاط اعتبارات اخرى براغماتية وواقعية عند ممارسة التعليق على دعوات تفكيك العلاقات المفككة اصلا مع اهل الضفة الغربية'تحت شعار التصدي لمؤامرة الوطن البديل، فأصحاب نظرية التوسع بسحب الجنسيات لا يأخذون بالاعتبار اطلاقا التداعيات الامنية والاقتصادية والضريبية والدولية على دعواهم.
واصحاب نفس النظرية لا يجدون طريقة للرد على 'معلق الكتروني' قال بالحرف الواحد: ولدت اردنيا، ولم استشر في وحدة الضفتين، ولا بفك الارتباط، ولم اعرف نفسي الا اردنيا، ولا يوجد مكان اذهب اليه، والاردن'يعيش في داخلي لا اعيش فيه ويمكنهم سحب جنسيتي على جثتي فقط.
ولا يجدون طريقة للتعليق على 'المعلومة' التي ذكرها علنا الجراح الشهير جهاد البرغوثي والمتعلقة 'بالغاء' العشرات من زبائنه الاغنياء لحجوزاتهم الطبية الصيف الماضي بعد شيوع ظاهرة سحب الجنسيات، ولا للتعليق على ما قاله عجوز اردني سئل عن سحب الجنسيات فرد قائلا: هل الجنسية عبارة عن كأس من الشاي استطيع صبها ثم ردها في الابريق كما اشاء؟.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 14.5.2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات