جميل مجاهد: قطاع النقل العام دون المستوى.. والحكومات المتعاقبة تتحمل المسؤولية
في حوار صريح وشفاف لمدير هيئة تنظيم قطاع النقل العام عبر إذاعة "الحقيقة الدولية"
جميل مجاهد: قطاع النقل العام دون المستوى.. والحكومات المتعاقبة تتحمل المسؤولية
مدير هيئة تنظيم قطاع النقل العام جميل مجاهد
الحقيقة الدولية ـ عمان ـ خاص
في حوار صريح وشفاف كشف مدير عام هيئة تنظيم قطاع النقل العام المهندس جميل مجاهد النقاب عن ابرز التحديات التي تواجه قطاع النقل العام في المملكة.
المهندس مجاهد والذي استضافته إذاعة "الحقيقة الدولية" شخص واقع النقل العام دون مجاملة، حيث أكد أن هذا القطاع لم يرتق إلى المستوى المطلوب بسبب عدم توفر البنية التحتية المطلوبة، إضافة إلى عدم وجود شبكات طرق ومجمعات للنقل وفق المعايير الدولية.
وحمل مجاهد الحكومات المتعاقبة مسؤولية تراجع قطاع النقل العام بسبب عدم تقديم الدعم المالي المطلوب للنهوض بهذا القطاع، مشيرا في ذات الوقت إلى سيطرة الملكية الفردية على خطوط نقل حيوية تعمل وفق أسس ربحية بحتة على حساب نوعية الخدمة المقدمة للمواطن.
90% من وسائط النقل العام ملكية فردية
وقال مجاهد إن الخدمات التي يقدمها قطاع النقل العام في الأردن ليست بمستوى الطموح، مرجعا السبب في تدني مستوى الخدمات التي يقدمها هذا القطاع إلى انتشار الملكية الفردية والتي تبلغ 90% من مجموع وسائط النقل العام مبينا أن الشركات التي تعمل بشكل منظم تشكل فقط 10%.
واعتبر مجاهد انه من الصعب تنظيم أعداد كبيرة من أصحاب وسائط النقل كونها ملكية فردية وفي النهاية أصحابها يشغلونها على خطوط معينة ولذلك نحن "كهيئة " نريد استمرارية الخدمة وأن يكون هناك بديل لها، لافتا في ذات الوقت إلى أهمية تحديث وسائط النقل العام كون العمر التشغيلي لتلك الوسائط انتهى.
ولفت إلى وجود مشكلة لدى أصحاب تلك الوسائط في تحديثها ألا وهي عدم مقدرتهم المالية، لافتا في ذات الوقت إلى أن هناك مشكلة أخرى وهي عشوائية شبكة النقل العام في الأردن والتي رسمها المواطن حيث كان يقدم طلبا لخدمة خط معين ويقوم بتحديد مسار الخط وبالتالي تشكلت شبكة نقل لا تخدم مناطق كبيرة في الأردن لأن من كان يقدم الطلب كان يهمه الربح المادي ويقبل على الخطوط المجزية وبالتالي مناطق كثيرة أصبحت غير مخدومة بوسائط النقل العام.
ولعلاج تلك المشاكل قال مجاهد انه تم وضع خطة لإعادة هيكلة قطاع النقل العام حيث تشمل هذه الخطة عدة محاور منها ما هو متعلق بإعادة هيكلة شبكة النقل العام حيث بدأ العمل بها منذ شهر تموز من العام 2009 من خلال وضع مخطط شمولي للنقل العام في المملكة حيث سيتم رسم خارطة جديدة للنقل العام لكي تخدم أكبر عدد ممكن من المواطنين وأن تكون ذات نسبة تغطية كبيرة.
وأضاف مجاهد: كما سيتم تحديد حاجة كل خط لغاية عام 2020 وسيتم كذلك تحديد مراكز الانطلاق من المجمعات لافتا إلى وجود مشكلة في المجمعات من حيث البنية التحتية للنقل العام. مبينا أن المرحلة الأولى سيتم الانتهاء منها في شهر حزيران المقبل من العام الجاري بحيث يتم الانتهاء من المرحلة الأولى من إعادة هيكلة النقل العام، وفي ذات الوقت يتم العمل على دراسة المشغلين الفرديين، لافتا إلى وجود تفكير في إعادة هيكلة المشغلين لقطاع النقل العام.
إعادة هيكلة قطاع النقل
وبخصوص عدم قدرة بعض مشغلي وسائط النقل على تحديث وسائطهم لعدم المقدرة المادية على ذلك لفت مجاهد إلى ضرورة دعم هذا القطاع من قبل الحكومة وتقديم الدعم المالي لرفع مستوى النقل العام كونه ضروريا جدا مؤكدا انه بدون دعم حكومي لقطاع النقل العام في الأردن لن يكون هناك نقل عام مطلقا.
وأشار إلى انه تم إجراء دراسة على أنواع الدعم المطلوبة سواء في البنية التحتية أو لتحديث وسائط النقل أو دعم الأجور كونها ثلاثة مجالات تحتاج إلى دعم، موضحا إن البنية التحتية للنقل العام في الأردن لا تتناسب مع المعايير الدولية للطرق.
ولفت مجاهد إلى انه جرى قبل ثلاثة أسابيع تقييم لمجمعات النقل العام في المملكة حيث تبين أنه لا يوجد مجمع يرتقي للمعاير العالمية، سواء من حيث الموقع أو تصميمه أو الخدمات المقدمة فيه أو من حيث المعلومات التي يوفرها للراكب.
وبين أن إنشاء هذه المجمعات والمواقف هي من اختصاص البلديات موضحا انه تم الحديث مع البلديات بهذا الخصوص بيد أنها أكدت عدم قدرتها على إعادة هيكلة هذه المجمعات، إلا أن بعضها قام باستملاك أراض وأبدت استعدادها لبناء المجمعات، الأمر الذي يتطلب من كافة الجهات المعنية في الدولة التعاون مع هيئة تنظيم قطاع النقل العام لعلاج كافة قضايا القطاع.
زيادة نسبة مستخدمي وسائط النقل العام
وأوضح مجاهد أن المخطط الشمولي درس احتياجات القطاع من وسائط قطاع النقل لعام 2020 وكيف نزيد من نسبة مستخدمي وسائط النقل العام لأنه إذا ما استمرت الزيادة في عدد السيارات الخاصة فسيكون هناك تأثيرات كبيرة سواء في حوادث السير أو الازمات المرورية والمشاكل البيئية.
وحول طبيعة العلاقة بين وزارة النقل وهيئة تنظيم قطاع النقل أوضح مجاهد أن الهيئة مستقلة ماديا وإداريا ورئيس مجلس إدارتها هو وزير النقل مبينا انه يتم العمل حاليا على هيكلة القطاع كاملا من خلال ثلاثة مستويات أولها مستوى الوزارة التي ترسم السياسات العامة في المملكة فيما تقوم هيئة تنظيم قطاع النقل العام بعملية التنظيم والتشريعات لافتا إلى وجود تفكير جاد بان يكون هناك دور للبلديات باعتبار أن لها دورا كبيرا في شبكة الطرق داخل المدن والمجمعات والمواقف.
وشدد مجاهد على أهمية إيجاد قانون لتوزيع الصلاحيات بحيث يكون هناك تكامل بين الجهات المختلفة.
وفيما يتعلق بالتوسع العمراني الكبير وكيف يمكن للهيئة توفير الخدمة للأحياء السكنية التي يتم إنشاؤها حديثا أكد مجاهد أن هذا يدخل ضمن قانون الخدمة لأنه إذا تبين ان منطقة بحاجة للخدمة فان القانون ينص على وجوب طرح المنطقة في عطاء ينشر في الصحف ويمكن لأي شخص ان يتقدم لتقديم هذه الخدمة ضمن شروط العطاء مشيرا إلى وجود تقييم مادي وفني للعطاء ومن يفوز به يقوم بعملية التشغيل.
وحول تحديد أجور النقل العام لفت مجاهد إلى أنه خلال عام 2009 كانت هناك ارتفاعات كبيرة وانخفاضات في الأجور وكانت الهيئة وقتها تواجه مشكلة حقيقية لان تعديل أسعار المحروقات كان يتم شهريا وكان يتم تعديل الأجور عند انخفاض وارتفاع أسعار المحروقات حيث تبين أن هذا العمل سبب إرباكا للمواطنين وللمشغلين لأنه لا يجوز تعديل الأجور بشكل مستمر لذلك تم وضع سياسة عامة وهي تعديل الأجور بداية كل عام مع مراعاة التغييرات التي حدثت خلال العام السابق على أسعار المحروقات و التضخم ومقداره، لذلك أجرينا تعديلا في بداية 2009 وفي بداية 2010.
وبين مجاهد أن عدد وسائط النقل العام في الأردن تبلغ 30 ألف واسطة نقل عام، منها 16 ألف تكسي و 5 آلاف واسطة نقل، بالإضافة إلى خدمة التأجير، وكذلك وسائط النقل الدولي التي يبغ عددها إلى 2000 واسطة نقل.
ولفت مجاهد إلى أن تغيير هياكل وسائط النقل العام ممنوع ولكن يسمح به في حالة أن يكون لدى المواطن باص موديل 1993 فما فوق ويريد أن يحضر باصا أحدث منه فانه يسمح له بعملية تبديل مع مواطن آخر ويقوم المواطن الثاني بشطب الباص.
مشكلة العمر التشغيلي لوسائط النقل
وقال مجاهد ان هناك وسائط نقل يفوق عمرها التشغيلي 29 عاما معتبرا عمل تلك الوسائط لهذه المدة مشكلة كبيرة لكن تم التغلب عليها في بداية 2008 موضحا أن هذه الحافلات كان يتوجب أن يتم شطبها قبل 15 عاما وحسب التعليمات فانه يتم شطب الحافلات الكبيرة بعد 20 عاما وحافلات الركوب المتوسط بعد 15 عاما حيث تم إقناع الحكومة بأن تلغي الرسوم الجمركية وتخفض ضريبة المبيعات من أجل إقناع المواطنين بشطبها واستبدالها بأخرى حديثة.
وبين انه ومنذ عام 2008 تم شطب ألف واسطة نقل حيث تم تحديثها مؤكدا ان العمل بهذا البرنامج سيستمر حتى 2012 لاستبدال 3 آلاف واسطة نقل من أصل 5 آلاف.
وحمل مجاهد الحكومات المتعاقبة مسؤولية عدم النهوض بقطاع النقل العام في المملكة وعدم تقديم الدعم الكافي لهذا القطاع مؤكدا ان السياسات الخاطئة والمتراكمة هي التي أدت إلى تدهور قطاع النقل العام وانعكاس ذلك على المواطن لافتا في ذات الوقت إلى وجود توجهات حكومية من اجل تقديم الدعم اللازم بهدف تطوير قطاع النقل العام.
المصدر : الحقيقة الدولية ـ عمان ـ خاص 4-5-2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات