مختصون: بعض التدخلات العشائرية وعدم تنفيذ القانون وراء ازدياد العنف المجتمعي
استطلاع لـ "الحقيقة الدولية" يظهر أن 88% من العينة المستطلعة تؤكد تنامي الظاهرة في الأردن
مختصون: بعض التدخلات العشائرية وعدم تنفيذ القانون وراء ازدياد العنف المجتمعي
إحدى دوريات الشرطة
■ المعايطة: ذوبان العشيرة وعدم الإذعان لرأي أصحاب الحكمة وانتشار الحرية غير المسؤولة من أسباب انتشار العنف المجتمعي
■ الدحلة: العادات الاجتماعية السلبية التي رسختها ثقافة القوة ونفوذ ذوي السلطة على حساب تنفيذ القانون وأحكامه هي السبب وراء الظاهرة
■الخطيب: الأمن العام يتعامل مع مخرجات ونتائج العنف الاجتماعي والقوة الأمنية ليست سببا في العنف الذي يشهده المجتمع
■ السبول: رغم أن العالم يمر بأزمة اقتصادية إلا انه لم يشهد ازديادا في حالات العنف ولكن ما يجري في مجتمعنا من عنف سببه ضعف العقوبات والتدخلات العشائرية
الحقيقة الدولية ـ عمان ـ زياد الغويري وهبه الأزهري
أخذت قضية العنف في المجتمع الأردني تخرج تدريجيا عن نطاق التطمينات الحكومية والتي تفيد بأنها تقع ضمن المعدلات الطبيعية، فالظاهرة الآخذة بالانتشار في المجتمع كالنار في الهشيم باتت وبحسب مختصين تبعث على القلق والخوف لدى المواطنين، خصوصا في ظل عدم وجود أية حلول تلوح في الأفق من الجانب الرسمي.
شهرا آذار ونيسان الماضيين كانا الأكثر دموية حيث ذهب ضحية العنف عدد من المواطنين سواء من "شنق نفسه" بحسب الأمن العام، داخل المراكز الأمنية، أو من تعرض للقتل بواسطة عيارات نارية أو بالسلاح الأبيض.
كما شهدت هذان الشهران مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمواطنين وبخاصة تلك التي جرت مؤخرا في الأغوار الشمالية ولواء بني كنانة والتي ذهب ضحيتها عدد من أبناء هذا الوطن.
ما يجري من ردود فعل عنيفة ومتبادلة بين المواطن ورجل الأمن يفتح الباب على مصراعيه للوقوف على الأسباب التي أفرزت هذه الظاهرة، ويثير التساؤل عن المسوغات التي تدفع بمؤسسات أمنية لديها خطط واستراتيجيات أن تلجأ إلى تبادل العنف تحت عدة مسميات قد لا يكون بعضها مقبولا.
المواطن الأردني لم يعد يقتنع بالتبريرات التي بات يطلقها البعض بان الفقر والبطالة السبب الرئيس في هذه الظاهرة وذلك لقناعته التامة بان الفقر حالة عاشها الآباء والأجداد سنوات طويلة بشكل أصعب مما يعيشه المواطن الان.
"الحقيقة الدولية" أجرت استطلاعا للرأي على موقعها الالكتروني حول العنف في المجتمع وجاءت النتيجة أن 89% من العينة المستطلعة آراؤها والبالغ عددها 3350 مواطنا تؤكد زيادة العنف في المجتمع الأردني فيما يرى 2% والبالغ عددهم91 مواطنا من العينة أن العنف لم يزدد في المجتمع.
وقال 9% من العينة والبالغ عددهم 352 مواطنا أن العنف أصبح ظاهرة كونية غير محصورة بقطر معين.
المركز الوطني لحقوق الإنسان أشار في تقريره السنوي الذي صدر مؤخرا إلى ارتفاع شكاوى التعذيب وسوء المعاملة مقارنة مع العام 2008.
وأوضح المركز انه "تلقى 51 شكوى عام 2009 بحق المراكز والإدارات الأمنية المختلفة، وستة شكاوى خاصة بالضرب والتعذيب في مراكز الإصلاح والتأهيل".
وأضاف التقرير أن احد "اخطر الانتهاكات الواقعة على الحق في الحياة والسلامة الجسدية هو التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية واللاانسانية أو المهينة".
كما أشار التقرير إلى "ازدياد في التعذيب من قبل الدوائر الأمنية في السجون، معتبرا أن هذا يمثل مساسا خطيرا بحق أساسي من حقوق الإنسان ويتطلب من الحكومة أن تقوم بكافة الإجراءات اللازمة والفورية لوقفه".
وأكد التقرير أن "تعديل المادة 208 من قانون العقوبات لا يزال غير كاف للحد من ممارسة أفعال التعذيب أو سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة".
وأوضح التقرير أن تعديل هذه المادة "لم يمنح اختصاص التحقيق في هذا النوع من الجرائم إلى القضاء النظامي، علاوة على عدم نصه على حق ضحايا التعذيب بالتعويض المباشر والمناسب من الدولة".
رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان فرع الأردن المحامي هاني الدحلة عبر بدوره عن قلقه من العنف الاجتماعي، مؤكدا أن تقارير المنظمة المتوالية تشير إلى تنامي هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة نتيجة العادات الاجتماعية "السلبية" والتي رسختها ثقافة القوة ونفوذ الأشخاص على حساب تنفيذ القانون وأحكامه بفعل حكومي رسخ تلك الثقافة بدلا من أن يعالجها ويحد منها.
وانتقد الدحلة في تصريحات خاصة لـ "الحقيقة الدولية" تجاهل الحكومات والأجهزة المختصة لتقارير مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان، مبينا أن مخاطباتها بهذا الخصوص غالبا ما يتم وضعها في الإدراج أو سلة المهملات بدلا من اتخاذ إجراءات تضمن إنصاف الأفراد وحمايتهم ومحاسبة المعتدين والمتجاوزين لأحكام القانون.
ولفت إلى أن المنظمة شكلت مؤخرا لجنة لتقصي الحقائق حول أعمال العنف المتبادل بين المواطنين وقوات الأمن في لواء بني كنانة مبينا أن المنظمة بصدد إصدار تقرير حول واقع حقوق الإنسان في الأردن من منظور المنظمة وفي مقدمتها الممارسات التي تشكل تجاوزا على القانون وعنفا اجتماعيا يتضمن توصيات عملية للحد من العنف المجتمعي وتجاوزا على حقوق الإنسان في الأردن.
ويرى الوجه العشائري حماد المعايطة أن العنف الاجتماعي سببه عدم التقيد بالعرف العشائري لا "العشائرية" وعدم صدور قرارات تساعد العرف العشائري الذي يعزز الأمن وسيادة القانون ويحل المشكلات وفق سيادة القانون.
ولفت إلى أن من بين أسباب شيوع العنف المجتمعي ذوبان العشيرة وعدم الإذعان للرأي من أصحاب الحكمة والمعرفة والمشورة والخبرة إضافة إلى انتشار الحرية غير المسؤولة والمنفلتة من ضوابطها المتمثلة بالمسؤولية والخلق والقانون وغياب العقاب الرادع.
وبين أن كل تلك الأسباب عملت على وجود اضطراب اجتماعي زاد بالتالي من ظاهرة العنف المجتمعي، نافيا في ذات الوقت أن يكون للعامل الاقتصادي أي سبب في هذه الظاهرة.
وأكد أن من بين أسباب العنف في المجتمع انفلات بعض الأفراد وجهلهم وعدم احترامهم للقانون، مشددا على وجوب استعادة قيمة القانون وسيادته واحترام الغير وثقافة الحوار.
وشدد على وجوب ألا تكون العشائرية مشجبا تعلق عليه الممارسات السلبية وبينها ظاهرة العنف المجتمعي، معتبرا ذلك ظلما واضحا للعشيرة التي تضمن تنفيذ القانون.
ولفت إلى أن من الظلم التعميم المتسرع بتحميل عشيرة جريرة وذنب جاهل غير ملتزم بضوابط العشيرة، مبينا تراجع دور العشيرة في عملية الإصلاح الاجتماعي مما زاد من العنف في المجتمع.
الناطق الإعلامي باسم الأمن العام الرائد محمد الخطيب بين من جهته أن الأمن العام يتعامل مع مخرجات ونتائج العنف الاجتماعي مؤكدا ان القوة الأمنية ليست سببا في العنف الذي يشهده المجتمع.
وأوضح أن الشرطة تحرص على استخدام القوة المناسبة والمستندة للقانون في ضبط الأمور والحيلولة دون الثأر والعنف الاجتماعي.
وبين الخطيب أن الأمن العام لم يطلق في يوم من الأيام الرصاص على مواطن إلا عند مقاومته وضمانا لردعه ودفاعا عن النفس، موضحا انه في حال استخدام احد عناصر الأمن العام القوة غير المناسبة أو المفرطة التي لا تلتزم بشرط الضرورة والمناسبة واللزوم فانه يصار إلى تحويله إلى المدعي العام ومحكمة الشرطة لينال جزاءه وفقا للقانون وحسب نوع الجرم.
ويرى الباحث والكاتب وليد السبول أن هناك أسبابا كثيرة للعنف في الأردن منها: العوامل الاقتصادية وضعف العقوبات الرادعة في بعض الجرائم إضافة إلى التدخل العشائري بطريقة لا تضع حدا للمعتدي والتفاخر بالعشائرية.
وأوضح انه على الرغم من ان العالم يمر بأزمة اقتصادية إلا انه لم يشهد ازديادا في حالات العنف، معتبرا ذلك مؤشرا على ضعف العقوبات في الأردن والدعم العشائري من خلال عدم تحميل من يخطئ أو يذنب وزر ما ارتكب مما يؤدي الى ضياع الحقوق.
ولفت السبول إلى عدم قيام الحكومة بتنفيذ عقوبة الإعدام منذ فترة طويلة الأمر الذي يجعل أصحاب الحقوق يحاولون الحصول على حقوقهم بالقوة.
ويرى أن التدخل العشائري من قبل رجال الدولة من أعيان ونواب ووزراء افقد أصحاب الحقوق حقوقهم ومكن تلك الشخصيات من مخالفة القانون والدستور من خلال إلزام أصحاب الحقوق بعدم المطالبة بحقوقهم.
واعتبر السبول في تصريحات خاصة لـ "الحقيقة الدولية" أن التدخلات العشائرية عملت على تخفيف العقوبة بشكل افقد صاحب الحق حقه وذلك من خلال الجاهات و "تبويس اللحى" والتخجيل.
وأوضح أن للعنف داخل الأسرة الواحدة دورا كبيرا في تنامي العنف في المجتمع، مبينا أن هذا العنف يترجم في الشارع من خلال حمل السلاح والأدوات الحادة واستخدامها ضد المجتمع، معتبرا أن مثل هذه الممارسات أصبحت ثقافة عامة في المجتمع.
ولفت السبول إلى نشره مقالة على الموقع الالكتروني لـ "الحقيقة الدولية" تحت عنوان رجال كبار يخالفون القانون شخّص فيها ما يمارسه هؤلاء الرجال من سلوكيات مجتمعية مخالفة للقانون عززت ثقافة العنف في المجتمع.
المصدر : الحقيقة الدولية ـ عمان ـ زياد الغويري وهبه الأزهري 4-5-2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات