العرب .. عين على مفاوضات التسوية وأخرها على الأمريكان
محللون فلسطينيون: الجري وراء سراب "السلام" سيضيع آخر ما تبقى من القضية الفلسطينية
العرب .. عين على مفاوضات التسوية وأخرها على الأمريكان
الحقيقة الدولية – غزة - علي البطة
من جديد جرى العرب وراء "الحليف" الأمريكي الغير نزيه في طريق "السلام" المليء بالسراب الصهيوني، وقالوا أنهم يسلكون هذا الطريق الذي سلكوه سابقا من دون نتائج لوجود مؤشرات أمريكية إيجابية تحدد مسار هذا الطريق نحو الأمان.
لجنة متابعة مبادرة السلام العربية جددت مطلع الأسبوع الحالي دعمها لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين وكيان العدو الصهيوني، "في ضوء التعهدات الأمريكية الجديدة"؛ دعم يرى معظم الفلسطينيين أنه لن يحقق شيئاً لهم.
واعتبر غالبية الفلسطينيين إشارة اللجنة العربية إلى عدم اقتناعها بجدية الجانب الصهيوني بتحقيق ما يسمى بـ"السلام"، محاولة من الوزراء العرب التحلل من أي مسؤولية سياسية وأخلاقية عند فشل المفاوضات بين الجانبين لاحقا.
ويرى المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهومة في تجديد الدعم العربي "مكافئة علنية لكيان الاحتلال"، وغطاء لاستمرار التهويد والاستيطان. موضحاً أن الغطاء العربي للمفاوضات يعكس حالة الضعف واليأس وضعف السلطة الفلسطينية وتراجعها أمام الصلف والتعنت الصهيوني واستجابة واضحة للضغط الأمريكي.
وأكد برهومة أن تراجع الموقف العربي والسلطة الفلسطينية وإعطائهم غطاء للمفاوضات "العبثية بمثابة عبث بمستقبل الشعب الفلسطيني وقضاياه الرئيسة"، موضحاً أن ذلك يساهم إلى حد كبير في تعطيل الملاحقات الدولية لقيادات العدو الصهيوني على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.
وطالب برهوم الزعماء العرب بإعطاء أولوية لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وحماية أرضه ومقدساته واستخدام أوراق الضغط لعزل كيان العدو الصهيوني ومقاطعته سياسية واقتصادياً وأمنيا، والانضمام إلى الجهود الدولية المبذولة لمحاكمة قياداته، داعيا إلى فك حصار غزة ودعم القضية الفلسطينية.
وأعتبر عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر قرار لجنة المتابعة العربية بالعودة للمفاوضات غير المباشرة "خدمة مجانية للعدو الصهيوني"، وغطاءً واضحاً وصريحاً لجرائمه التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، وضربة قوية للإجماع الوطني الفلسطيني الذي أكد على عدم العودة للمفاوضات إلا بوقف تام للاستيطان وتحديد مرجعية للمفاوضات.
وأضاف: "أن قرار العودة للمفاوضات غير المباشرة اعتماداً على الوعود الأمريكية الزائفة التي تنطوي على التضليل والخداع وبيع الأوهام للشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي أمر خطير يستدعي وقفة جادة من اللجنة التنفيذية والقوى والمؤسسات الفلسطينية، لعدم التعاطي مع هذا القرار وتداعياته الخطيرة، التي من شأنها الإضرار بحاضر ومستقبل القضية الفلسطينية".
وأعرب مزهر عن أسفه من الواقع العربي المرير الذي يعيش حالة من الوهن والضعف، ولا يقوى على مواجهة الإدارة الأمريكية، أو فرض أي وقائع أو مواقف أو آراء على المجتمع الدولي، أو الإدارة الأمريكية أو الاحتلال الصهيوني الذي لا يقيم وزناً للمجتمع الدولي ولا للشرعية الدولية ولا للعرب عموماً، ويواصل نهب الأرض، وفرض حقائق جديدة، بما يقطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
غطاء للإستيطان
وينتهي المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري إلى أن "السلام" في ظل حكومة كيان العدو الصهيوني الحالية مستحيل، وأقصى ما يمكن أن تقوم به هو تسهيلات اقتصادية وأمنية ضمن خطة السلام الاقتصادي، وتأخير تنفيذ أو التباطؤ بتطبيق المشاريع الاستيطانية الكبيرة، بينما الاستيطان سيتواصل رغم استئناف المفاوضات التي ستكون أفضل غطاء له.
ويضيف المصري: حكومة بنيامين نتنياهو الصهيونية لا تريد، وليست في موقع المضطر، لوقف الاستيطان وقفا تاما، لا سرا و لا علنا. فالخلافات الأمريكية الصهيونية لم تتحول إلى ضغوط جدية، وبلعت الإدارة الأمريكية الموقف الصهيوني المتعنت مرة أخرى لأنها تعرضت لضغوط صهيونية ومن مؤيدي العدو الصهيوني في الولايات المتحدة، في ظل أنها لم تحسم أمرها، هل ستواصل إدارة الصراع أم ستسعى لحله.
وبناءً على ما سبق فإن المصري يعتقد أن استئناف المفاوضات سيتم، وفقا للشروط الصهيونية، وذلك لأن العرب يريدون إرضاء الإدارة الأمريكية حتى لا تحملهم المسؤولية عن استمرار وقف المفاوضات.
ويقول: "إن استئناف المفاوضات في ظل الشروط الراهنة سيعني إنقاذا لكيان العدو من ورطته المتصاعدة في ظل الخلافات مع الإدارة الأمريكية والانتقادات الدولية المتزايدة"، كما سيعني عمليا أن المفاوضات ستكون هي المرجعية الوحيدة للمفاوضات، ولكن بشروط أسوأ هذه المرة.
ويعتقد المصري أن استئناف المفاوضات ضمن المتاح سيؤدي إلى قطع الطريق على تقدم الخيارات والبدائل الأخرى، بما في ذلك على إمكانية تطور الموقف الأمريكي نفسه، ويوحي بان عملية السلام حية وما هي كذلك، ما يعطي لكيان العدو مزايا كبرى تمكنه من مواصلة تطبيق مشاريعه التوسعية والاستيطانية والعنصرية بشروط مريحة.
قرارات أمريكية
ويستغرب المحلل السياسي هاني حبيب من القرار العربي الذي جاء بعد إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون موعد انطلاق المفاوضات الفلسطينية مع كيان العدو الصهيوني، وكأنما كلينتون تضع قرارات هذه اللجنة في جيبها، حتى أنها لم تراع حساسية هذه المسألة.
ويتساءل حبيب، لقد قررت لجنة المتابعة العربية، قبل شهرين، وبناءً على ما قدمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من إيضاحات وتعهدات أمريكية، بانطلاق المفاوضات غير المباشرة، وقبل أن تبدأ هذه المفاوضات بالفعل، أقدم العدو الصهيوني، وأثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الإعلان عن مخطط استيطاني جديد في القدس الشرقية، رغم أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كان أشار وهو يعلن القرار بانطلاق المفاوضات غير المباشرة، إلى أنها "فرصة أخيرة"، على الرغم من أنه صرح في وقت سابق على أثر إعلان كيان العدو الصهيوني عن مخطط استيطاني جديد رغم الاتفاق على انطلاق المفاوضات غير المباشرة، بأن هذه المفاوضات لن تنطلق إلاّ بعد أن يلغي العدو الصهيوني مخططه الجديد، على الأقل، والمعلن بعد الاتفاق الذي أقرته لجنة المتابعة العربية.
ولا يرى الكاتب الصحفي خالد صادق عجباً من تجديد القرار العربي للمفاوضات، "إن العرب أدمنوا سياسة فاوض فاوض فاوض حتى لو طار كل ما تملك لتفاوض عليه".
ويقول صادق: هناك استلذاذ عربي فلسطيني بالتفاوض وبالرعاية الأمريكية للمفاوضات، وكأن الحقوق الفلسطينية التي تذهب من بين أيدي المفاوضين وأمام أعينهم ليست حقوقاً للفلسطينيين.
ويضيف الأولى بالفلسطينيين قبل العرب أن يوقفوا المفاوضات ولو لمرة واحد وقفة جادة، لا يعودون إليها إلا بتحقيق مطالبهم.
ويؤكد أن هذه المفاوضات لن تكون أحسن حالاً من تاريخ طويل من سلسلة المفاوضات، فلن يتحقق شيء للفلسطينيين على طاولة المفاوضات هذه المرة، لأننا نرى الراعي يتحول إلى وسط فور الجلوس إلى الطاولة فيصبح المفاوض الفلسطيني أمام مفاوض أمريكي أشد على الفلسطينيين من المفاوض الصهيوني المتطرف.
المصدر : الحقيقة الدولية – غزة - علي البطة 2-5-2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات