مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني هوية وطنية.. من ينفض الغبار عنها؟!
الملك المؤسس أعلن قيام إمارة شرق الأردن من على متنه
مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني هوية وطنية.. من ينفض الغبار عنها؟!
الحقيقة الدولية ـ عمان ـ عمر العبادي
■ يجب أن تنهض المؤسسات الإعلامية بمسؤولياتها في تسليط الضوء على الخط الحديدي الحجازي الذي وجد لنقل الحجاج إلى الديار المقدسة
■ الأردن قطع أشواطا متقدمة جدا في بناء سكك حديد حديثة تلبي متطلبات العصر
■ ثمة مؤسسات حكومية وخاصة لم تعمل بالشكل المطلوب في استثمار الخط الحديدي الحجازي الأردني كما يجب
■ المؤسسة تقوم برحلات سياحية إلى كل من الزرقاء، المفرق، درعا ودمشق، بالإضافة إلى إمكانية تنظيم رحلات سياحية خاصة لمكاتب السياحة إلى رم والعقبة
■ المغفور له الملك عبد الله الأول أعلن عن قيام إمارة شرق الأردن من على متن قطار الخط الحديدي الحجازي كما اتخذ من محطة معان مقرا لقيادة قوات الثورة العربية الكبرى
مدير عام مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني محمود الخزاعلة
محطة جيزة
محطة ماركا
قطار الخط الحديدي الحجازي الأردني داخل عمان
مرآب صيانة القاطرات في محطة ماركا
ويواصل القطار مسيره..
تعتبر مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني هوية وطنية تاريخية قبل نشأة الدولة الأردنية، بيد أنها تتعرض لحالة من الإهمال الرسمي والشعبي لعوامل ومبررات واهية.
سكة الحديد التي مضى على إنشائها أكثر من مائة عام وكانت معلما تاريخيا وحضاريا مهما تواجه اليوم تحديا كبيرا بسبب عزوف الجهات الإعلامية والكتّاب والمؤسسات التعليمية عن الترويج لها وإبراز دورها عبر أكثر من 10عقود من الزمن.
فوفق مدير عام مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني محمود الخزاعلة لـ "الحقيقة الدولية" فان "ثمة مؤسسات حكومية ـ وزارة السياحة وأمانة عمان ـ والقطاع السياحي الخاص لم تعمل بالشكل المطلوب منها في استثمار خط سكة الحديد الحجازي الأردني كما يجب، كونها لم تقدم أي شيء بهذا الصدد".
الخزاعلة الذي تحدث لـ "الحقيقة الدولية" أشار إلى جملة من التحديات التي تواجه سكة الحديد كونها هوية وطنية وتراثا هاشميا يجب الحفاظ عليه والدفاع عنه بكافة الوسائل.
هذا الحديث الشفاف يضع أمانة عمان الكبرى أمام مسؤوليتها باعتبار أن أربع محطات للسكة تقع ضمن حدودها وباعتبارها أيضا الجهة المسؤولة الأولى عن الحفاظ على الموروث التاريخي وهوية عمان.
الخط الحديدي الحجازي وفق ما رصدت كاميرا "الحقيقة الدولية" خلال الرحلة التي نظمتها يوم الجمعة الماضي بالتعاون مع مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني تعرض للعديد من الاعتداءات في المناطق التي تقع ضمن حدود أمانة عمان، حيث برزت أكوام النفايات في مقاطع مختلفة من الخط رغم أن النظافة جزء من مسؤوليتها، بالإضافة إلى ضرورة ترميم مباني المحطات كتراث تاريخي لعمان.
ولا تتوقف مسؤولية أمانة عمان الكبرى عند حدود تأمين نظافة سكة الحديد، وإنما يقع عليها عتب ولوم كبير في إدراج الخط الحديدي الحجازي ضمن أجندتها الثقافية والعمل على إعادة الحياة لهذا الخط من خلال الترويج الأمثل له أو من خلال الدعوة لاستثمار هذا الخط والترويج له من خلال المؤتمرات الدولية التي تشارك فيها الأمانة.
مدير مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني محمود الخزاعلة قال خلال حديثه لـ "الحقيقة الدولية" انه قام بمخاطبة الجامعات الأردنية ووزارة التربية والتعليم لتدريس ثقافة سكة الحديد وإدراجها ضمن مناهج التربية الوطنية باعتبارها جزءا من تاريخ هذا الوطن بيد انه لم يتلق أي رد من تلك الجهات، الأمر الذي يشير إلى غياب الاهتمام بالهوية الوطنية التي تعتبر سكة الخط الحديدي الحجازي جزءا منها، لما فيها من تاريخ غني بالأحداث والشواهد على الحقبة التاريخية التي شهدها الأردن.
غياب الدور الإعلامي
وشدد الخزاعلة على ضرورة أن ينهض الكتّاب والمؤسسات الإعلامية بشقيها الحكومية والخاصة بمسؤولياتها في تسليط الضوء على مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني التي وجدت لأهداف نبيلة وسامية وهي نقل الحجاج إلى الديار المقدسة، بالإضافة إلى نقل الركاب والبضائع.
وأضاف بأنه تمت مخاطبة وزارة السياحة والآثار لاستثمار سكة الخط الحديدي الحجازي بيد أنها لم ترد على طلب المؤسسة بهذا الخصوص.
رفض الوزارة التعامل مع طلبات مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني يضع الوزارة في موقف محرج أمام المواطن الأردني الذي يجهل الكثير من المواقع السياحية ويأمل في ذات الوقت بان تنهض وزارة السياحة بمسؤولياتها في إدارة العملية السياحية بالشكل الصحيح والخروج من دائرة الفشل والعثرات التي طغت عليها مؤخرا خصوصا بعد فوز البتراء بمسابقة عجائب الدنيا السبع وعدم استثمار هذا الفوز بما يخدم خزينة الدولة ويحقق للمواطن فرصة التعرف على المدينة الوردية التي لم يشاهدها بالعين المجردة أكثر من ربع سكان الأردن.
الخزاعلة اعترف في سياق حديثه بان الهدف الذي وجد من اجله الخط الحديدي الحجازي الأردني قد تغير بسبب التطورات التي طرأت على قطاع النقل إلا انه أشار إلى إمكانية استثمار هذا الخط في ترويج الأردن سياحيا على أعلى المستويات، خصوصا وان بعض القاطرات البخارية التي تمتلكها المؤسسة تعد من أقدم القاطرات في العالم وهي "القاطرات البخارية".
وأضاف الخزاعلة بان الأردن مقبل على مشاريع ضخمة وواعدة في مجال السكك الحديدية حيث قطع اشواطا متقدمة في عالم السكك من خلال بناء سكة حديد حديثة تلبي كافة متطلبات العصر وصولا إلى التكامل في الربط السككي العربي والعالمي.
ولفت إلى ان الغاية من القطار الذي سيربط الزرقاء بعمان هي نقل الركاب حيث سيستخدم مسار الخط الحديدي الحجازي عبر منطقتي عوجان والرصيفة وصولا إلى منطقة المحطة في عمان.
مشروع القطار الخفيف خطر يهدد القطار التاريخي
ورغم ان قاطرات الخط الحديدي الحجازي الأردني العاملة لا يمكن ان تكون منافسة أو بديلا عن مشروع القطار الخفيف المنوي إنشاؤه إلا أن المحافظة على هذا الخط تعتبر قضية مهمة حيث تقوم المؤسسة بتنظيم رحلات سياحيّة منتظمة من محطّة عمّان إلى محطّة الجيزة، وصولا إلى العقبة، ومن عمان إلى الزرقاء والمفرق وسوريا وذلك يوم الجمعة والسّبت من كلّ أسبوع، حيث ينطلق القطار من محطة عمّان في السّاعة 9:00 صباحًا، ويصل إلى محطة الجيزة عند الساعة 11.00صباحًا، ثمّ يعود عند السّاعة الثالثة مساءًا ليصل إلى محطة عمّان الساعة الخامسة مساءً، وهناك رحلات يومية لطلاب المدارس وسط الأسبوع حيث يتم الحجز مسبقًا في محطة عمان، وسعر التذكرة للشخص الواحد من 2 إلى 3 دنانير وللصغار بنصف تذكرة وللأطفال دون الأربع سنوات مجّانًا.
كما توجد هناك برامج رحلات سياحية إلى كل من الزرقاء، المفرق، درعا ودمشق، بالإضافة إلى إمكانية تنظيم رحلات سياحية خاصة لمكاتب السياحة إلى رم والعقبة بالتعاون مع مؤسسة سكة حديد العقبة.
وبين الخزاعلة أن مشروع شبكة السكك الوطنية ستصل شمال الأردن بجنوبه وصولا إلى العقبة، وتربط كلا من الأردن بسوريا والعراق والسعودية وستكون الغاية منها نقل البضائع أولا ثم الركاب ثانيا، ضمن بناء سكة حديد قياسية دولية تلبي كل المتطلبات الحديثة.
مؤتمر دولي
وتسعى مؤسسة الخط الحديدي الحجازي لعقد المؤتمر والمعرض الدولي الأول للسياحة والتراث المنوي عقده في محطة عمان مقر إدارة الخط الحديدي الحجازي الأردني في النصف الثاني من عام 2010، والذي يهدف لإبراز دور الأردن كمنطقة جذب تراثي وديني وسياحي، وجذب المستثمرين المهتمين بهذا القطاع.
حيث أن السكك الحديدية أصبحت شرياناً رئيسياً واستراتيجياً لكافة الدول وأصبحت لها الأولوية والأهمية البالغة للنقل خاصة للدول ذات المساحة الكبيرة والمترامية الأطراف والسياحة بجميع أشكالها.
قصة سكة الحديد الحجازي
مع الأخذ في الاعتبار ركن الحج في الإسلام ولتذليل كافة المصاعب التي كان يتعرض لها الحجاج وبناء على مبادرة من عزت العبد وهو عربي من بلاد الشام كان يعمل سكرتيرا ثانيا للسلطان عبد الحميد والذي أنعم عليه بلقب باشا فيما بعد، أعلن السلطان عبد الحميد في أيلول عام 1900 عن خططه لإقامة خط حديدي يصل إلى الحجاز، وذلك أثناء الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش، فقد وجه السلطان بصفته الخليفة نداء إلى كافة الدول الإسلامية والمسلمين في جميع أنحاء العالم لجمع التبرعات لإنشائه، وذلك لتسهيل نقل الحجاج المسلمين إلى الديار المقدسة فقوبل نداؤه هذا بالعطف والحماس الشديدين وبالدعم من كافة المسلمين ليبدأ العمل في إنشاء الخط الضيق (105سم) بوزن محوري (10.5) طن وبجانبه خط سلكي للاتصال التلغرافي لربط مدينة دمشق بالمدينة المنورة عبر مدينة عمان بطول (1303) كيلومترات، وانتهى العمل بإنشائه عام 1908، وقد أشرف على إنشائه المهندس الألماني مسنر والذي منحه السلطان لقب باشا وكان تحت إمرته (17) مهندسا تركيا و(5) إيطاليين و(12) مهندسا ألمانيا (5) فرنسيين (2) نمساويين و(1) بلجيكي و(1) يوناني، وقد تم اختيار طريق قوافل الحجاج لمسار الخط الحديدي وكانت السرعة القصوى 40 كيلومترا /الساعة والوزن المحوري 10.5 طن بينما سرعته العادية كانت 25 كيلومترا في الساعة.
بلغت عدد محطات الخط الحديدي الحجازي (59) محطة تبدأ من محطة القدم في دمشق على الكيلومتر (صفر) وتنتهي في محطة المدينة على الكيلومتر (1320.5) وطول الجزء الموجود داخل الأردن حوالي (452) كيلومترا وبلغ عدد القاطرات البخارية (130) وعربات الركاب (116) وعربات الأمتعة والبريد (35) وعربة مسجد واحدة والشاحنات (1048) شاحنة من مختلف الأنواع ولقد عمل الخط مدة سبع سنين فقط (1908-1914) وكان أعلى عدد ركاب تم نقله (360657) راكبا عام 1914 وأكبر كمية بضائع تم نقلها (112007) طن عام 1913، وكانت الرحلات تسير بمعدل (3) قطارات أسبوعياً علماً أن طاقة الخط القصوى 10 قطارات يومياً.
وعندما فجر الشريف الهاشمي الحسين بن علي (طيب الله ثراه) الثورة العربية الكبرى في العاشر من حزيران 1916 إيذانا بعصر جديد من النهضة العربية، كان لا بد من تعطيل الخط الحديدي الحجازي وخاصة في المناطق الواقعة جنوب وشمال محطة معان، وذلك لمنع استخدامه من قبل القوات التركية ضد الثورة العربية الكبرى ليتم إصلاحه فيما بعد.
ولقد اتخذ جلالة الملك عبد الله الأول بن الحسين (الملك المؤسس) عند توقفه في محطة معان لقيادة قوات الثورة العربية الكبرى من أحد أبنية هذه المحطة مقراً له، يدير منه الشؤون العامة ويتصل بزعماء القبائل لمواصلة الثورة، والذي يحمل اسم قصر المغفور له جلالة الملك عبد الله الأول بن الحسين، وقد كان للخط الحجازي أيضاً شرف نقل جلالته من معان إلى عمان بواسطة أحد قطاراته عام 1921 حيث تم خلال هذه الرحلة الإعلان من قبل جلالته عن قيام إمارة شرق الأردن.
وحيث أن دمشق كانت المحطة النهائية الداخلية للخط الحديدي ما بين بيروت ودمشق والذي افتتح عام 1894 وكانت بعرض (105سم) فقد اختار مسنر نفس الوسعة للخط الحديدي الحجازي لتمكين الحجاج من السفر من بيروت لمكة المكرمة.
ولقد كانت هناك محاولة فاشلة لإعادة بناء الخط الحديدي الحجازي عام 1935، وفي عام 1965 تم تشكيل هيئة عليا لإعادة تسيير الخط الحجازي مكونة من وزراء النقل في الأردن وسوريا والسعودية بموجب الاتفاق الموحد الذي صادقت عليه الدول الثلاث، حيث قامت الهيئة بإحالة إعادة إنشاء الخط الحديدي الحجازي على الشركتين البريطانيتين مارتن كاولي والدرتون للبناء والذي كان من المتوقع الانتهاء منه عام 1971 بكلفة (15) مليون جنيه موزعة بالتساوي بين الدول الثلاث لكن العمل فيه توقف بعد ما تم إنشاء (129كيلومترا) منه فقط.
وفي عام 1980 قدمت شركة دورش كونسلت الألمانية دراسة جدوى اقتصادية لإعادة إنشاء الخط الحديدي الحجازي لكن عام 1981 قررت الهيئة العليا أن تقوم كل دولة بتمديد الخط الحديدي ضمن أراضيها حسب خططها التنموية.
أما فيما يتعلق بإدارة الخط فبعد انتهاء الإدارة التركية للخط الحجازي عام 1917 تولى الانتداب البريطاني إدارة الخط ممثلاً بسكك حديد فلسطين حتى عام 1948 ثم تولى الجيش العربي إدارته حتى عام 1952 حيث تم إنشاء مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني بموجب القانون رقم (23) لعام 1952 والذي اعتبر الخط الحديدي الحجازي الأردني وقفاً إسلامياً ومؤسسة عامة ذات شخصية حقوقية واستقلال مالي مرجعها الأعلى رئيس الوزراء.
المصدر : الحقيقة الدولية ـ عمان ـ عمر العبادي 27-4-2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور ال حامد
المفضلات