خطبة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم شخصية في التاريخ
- ملاحظة : ( الموضوع منقول )
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ؛ أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
أيها الإخوة معلوم أنه في ربيع الأول ولد الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذه الخطبة ما هي إلا وقفات سريعة مع شخصيته صلى الله عليه وسلم وإنجازاته ، فقد كانت شخصية جامعة جعلها الله قدوة للناس إلى يوم القيامة فقد قال :{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ...}
إن شخصية النبي صلى الله عليه وسلم تعتبر بالمقياس البشري البحت أعظم شخصية تاريخية عرفها الإنسان ، هذا بمقياس الرجال ؛ بل إن هذه الشخصية الفذة – وقد تميزت عن بقية شخصيات الدعاة والمصلحين في العالم ، فضلاً عن أنه تميز عن الأنبياء والمرسلين حتى أولي العزم من الرسل ـ ، فإذا وجدنا قائداً سياسياً أتى لأمته فوجدها ممزقة لا يربط بين أفرادها رابط ، ولا تلتقي على هدف أسمى جامع مما أدى إلى ضعفها وتمزقها ، وهوانها على الناس حتى طمعوا فيها فاحتلوا أرضها ، واستضعفوا أهلها ، فانتدب نفسه لتوحيد هذه الأمة الممزقة ، هذه الأمة المتمزقة التي لا يربطها رباط ولا يجمعها هدف ، فاستطاع أن يوحد هذه الأمة ، وأن يوجد بينها رباطا فأصبحت تلتقي على هدف أسمى وهو عبادة الله سبحانه وتعالى ، بل أن ينقلها إلى قيادة عالمية ، تحقيقاً لقوله تعالى : { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ...} إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فعل ذلك ، فوحد هذه الأمة بعد تقاتل قبلي وتمزيق ، ألا نقول إنه رجل عظيم ، فكيف إذا كان هذا جانبا واحدا من شخصيته صلى الله عليه وسلم ، وإذا وجدنا مصلحا اجتماعيا وجد أمته لا يوجد فيها ميزان واحد للعدل وإنما انتشرت فيها المظالم من كل نوع القوي يأكل الضعيف والغني يأكل الفقير ، ولا يستطيع أن يأمن أحد على نفسه وماله وعرضه إلا وسلاحه بيده فأتى إلى هذه الأمة الضائعة التي فشا فيها الظلم فأوجد ميزانا للعدل الاجتماعي " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " يقوم على العدل المطلق { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } فقام العدل الاجتماعي بين الناس فعرف كل فرد حقه وواجبه فقام التوازن بين حق الفرد والجماعة وقام العدل في العلاقة بين الحاكم والمحكوم وأصبح الأغنياء والفقراء إخوة في الدين الغني يقوم بواجبه نحو الفقير فيعطيه حقه والفقير زالت من قلبه الأحقاد على طبقة الأغنياء ، الذي فعل ذلك وأنجزه ألا نقول إنه رجل عظيم ، فكيف إذا كان هذا جانبا واحدا من جانب العظمة في شخص النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا وجدنا مصلحاً أخلاقياً وجد أمته تعيش في حالة من الفوضى الأخلاقية انتشرت فيها أنواع الرذائل ، من الزنا إلى الميسر إلى شرب الخمر إلى وأد البنات كل أنواع الرذائل موجودة فأتى لإيجاد دستور أخلاقي يقوم على منظومة من القيم السامية الحق العدل المساواة الحب في الله الصدق الأمانة الشجاعة قول الحق لا تأخذه في ذلك لومة لائم فانتشر بين الناس قيم سامية يحكمها ميزان هو القيم الدينية والإسلامية وبنفس الوقت هذا تشريع حرسته إجراءات عملية للمخالفين لهذه المنظومة من القيم تتمثل في الحدود والتعزيرات ، والأهم من كل ذلك أنه ربى الضمائر التي تحب الله فتطيعه وتخافه فتترك ما نهى عنه فأوجد الرادع الداخلي ، حتى لو غاب القانون فإن الإيمان بالله واليوم الآخر جعل الإنسان يستجيب للتوجيهات الإلهية ويلتزم بهذه القيم الربانية فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال هذه التربية الأخلاقية الفذة جيلا من الأبرار الصالحين الذين يستجيبون للتوجيه الإلهي عندما يقول لهم : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } ، ورسم أمامهم نماذج أخلاقية صفات ليتصفوا بها ... إن الذي فعل ذلك ألا يكون رجلاً عظيماً ، فكيف إذا كان جانباً واحداً من جوانب عظمة شخص النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا وجدنا مربيا استطاع أن يوجد جيلاً من الأفذاذ كل واحد منهم قائد في ميدانه وقدوة في سلوكه وعمله وتماسك شخصيته يثبت كالجبال الراسية أمام الشهوات وأما الشبهات إذا تحرك حرك حوله جموعا من الناس أبو بكر عمر عثمان علي خالد عمرو سعد إن الذي فعل ذلك فرسم لهم هدفا أسمى جعلهم يستعلون على الشهوات تحقيقا لقوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ، وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ، يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله } ... فوجد جيل تربى على هذا الدين ، كما قال الله عز وجل : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } هكذا صنع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم التاريخ ، وهكذا تعايش معهم في الليل والنهار حتى أنشأ هذا الجيل فكانوا نعم الأصحاب وكان صلى الله عليه وسلم نعم المربي الذي فعل ذلك ألا نقول إنه رجل عظيم فكيف إذا كان هذا جانباً واحداً من شخصية النبي صلى الله عليه وسلم ... بمثل ذلك استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن ينشر الإسلام في جزيرة العرب ، وبل وتنتشر بعد ذلك حتى تطال وتؤدب القوتين العظميين في ذلك الوقت _ فارس والروم _ استطاع بأصحابه أن ينتصر على هؤلاء لتحقيق هدف أسمى هو إعلاء كلمة الله في الأرض ، وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .
رد مع اقتباس
المفضلات