المصري:وجود دولة ديمقراطية تضم جنسيتين هو خيار يمكن تحقيقه
2009-11-30
عمون - رويترز - خارج الضفة الغربية وقطاع غزة، لا يشعر بلد بالإحباط أكثر من الأردن بسبب فشل سنوات من جهود الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة لإقرار السلام في الشرق الأوسط.
ويقول رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري، وهو من أصل فلسطيني ونائب رئيس مجلس الأعيان الآن في المملكة: «الفلسطينيون في مأزق»، مضيفاً: «عليهم البحث عن بدائل بخلاف الدعوة للمفاوضات. هذا لا يعني خوض الحرب، لكن الاعتماد على اخلاص الاميركيين أو الاوروبيين أو على رد فعل اسرائيلي ايجابي، انتهى الآن».
والاردن الدولة الصغيرة المعتمدة على المساعدات والتي يشكل الفلسطينيون نسبة كبيرة من بين سكانها وعددهم 6 ملايين نسمة، ظل لسنوات يراهن على واشنطن على أمل أن تحض حليفتها اسرائيل على قبول المطالب العربية بانهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية في مقابل السلام. ولم تحظ معاهدة السلام التي وقعها الملك الراحل الحسين بن طلال مع اسرائيل عام 1994 بالشعبية قط بين المواطنين، وبعد مرور 15 عاماً فإن حتى من كان يؤيد عملية السلام أصبح يعتبرها بلا جدوى.
ووصف وزير الخارجية الاردني ناصر جودة الاسبوع الماضي وقف اسرائيل اعمال البناء في بعض المستوطنات في الضفة مع استثناء القدس الشرقية مدة عشرة أشهر، بأنه غير كاف. وأثارت كلمة أوباما التي ألقاها في القاهرة في حزيران (يونيو) آمالاً بين بعض العرب في أن الرئيس الجديد أدرك متاعبهم وربما يتبنى سياسة أقل انحيازاً لاسرائيل من سلفه. وقال المسؤول في وزارة الخارجية، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية نواف التل: «الاحباط ... خيبة الأمل ... بلغا أكبر مدى في الاردن». وأضاف: «لكن الاردن سيواصل الاستثمار في جهود سلام جادة بغض النظر عن أي شيء. ليس أمامنا خيار آخر».
وكان الملك عبد الله الثاني صرح لوفد من لجنة الشؤون العامة الاميركية - الاسرائيلية، وهي جماعة ضغط اسرائيلية: «على اسرائيل الاختيار بين سلام يحقق الامن والقبول في اطار السلام الشامل وفقاً لمبادرة السلام العربية ... وبين البقاء في عقلية القلعة في منطقة متوترة تواجه احتمالات تفجر الصراع بشكل مستمر».
غير أن صناع السياسات في الاردن يدركون بشدة مخاطر تأييد السعي الذي تقوده الولايات المتحدة الى حل الدولتين والذي يبدو منفصلاً عن الواقع أكثر من أي وقت مضى. وقال التل: «كل المعتدلين وكل من يستثمر في جهود السلام أضعفتهم الممارسات الاسرائيلية ... لا اعتبر هذه نقطة ضعف يختص بها الاردن».
ويعتقد الاردن الذي يضم 1.7 مليون لاجئ ونازح فلسطيني، أن اسرائيل لا ترغب في مبادلة الارض بالسلام بل الانخراط في مفاوضات لا نهاية لها تستثمر فيها الوقت لتقوية قبضتها على القدس الشرقية والضفة. وجاء تولي حكومة اسرائيلية يمينية دعا وزير خارجيتها الى نقل أو طرد سكان الضفة، ليحيي كابوساً رهيباً لدى الفلسطينيين وسكان الاردن الذين يخشون من أن يؤدي هذا التدفق الى جعل الفلسطينيين يفوقونهم عدداً. وقال رئيس الوزراء السابق، سفير الاردن في اسرائيل معروف البخيت: «من المهم للغاية اقامة دولة فلسطينية لمستقبلنا نحن»، مضيفاً: «لكن مع وجود هذه الحكومة الاسرائيلية فالأمر صعب. انها الوصفة المثالية للعنف والجمود في عملية السلام».
ويطالب الرئيس محمود عباس بوقف كل أنشطة بناء المستوطنات قبل استئناف المفاوضات. وقررت ادارته في رام الله بدلاً من ذلك السعي الى دعم من مجلس الامن التابع للامم المتحدة لاقامة دولة في الضفة وغزة والقدس الشرقية. وتقول حركة «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة ان هذه الخطة مضيعة للوقت. ويقر ساسة أردنيون بأن مثل هذه الخطوة من المرجح أن يكون محكوماً عليها بالفشل، لكنهم يتعاطفون مع مشاعر الاحباط التي أفرزت مجموعة من الافكار للخروج من حال الركود في صنع السلام. ومن ضمن هذه الافكار حل السلطة الفلسطينية التي تأسست بموجب معاهدة أوسلو عام 1993، أو اعلان قيام دولة من جانب واحد استناداً الى حدود 1967، أو المطالبة بالجنسية الفلسطينية في دولة واحدة تقوم على كل أرض فلسطين التي كان مفروضاً عليها الانتداب البريطاني قبل عام 1948.
وقال المصري: «أعتقد أن وجود دولة ديموقراطية تضم جنسيتين هو خيار يمكن تحقيقه ... أعلم أن الاسرائيليين لن يقبلوه، لكن ما الذي بمقدور الفلسطينيين أن يفعلوه غير هذا ... لقد جربوا كل شيء». واعتبر مسؤول أمني رفيع سابق انه ليس هناك فرصة لقيام دولة فلسطينية حقيقية من خلال المحادثات التقليدية التي ترعاها الولايات المتحدة أو أي من البدائل المطروحة، مضيفاً أنه في النهاية سيكون الاردن مضطراً لاستيعاب الفلسطينيين الذين يعيشون على أرضه الى الأبد، وكذلك الفلسطينيين الذين من المرجح نفيهم من الضفة.
وسيسعى الاردن جاهداً الى تجنب أي من تلك الاحتمالات، لكن الكثيرين يثيرون مخاطر استمرار الجمود في جهود السلام. وقال التل: «سيؤدي الشلل الى العنف. ليس لدينا شك في ذلك».
واندلاع العنف بين الفلسطينيين سيسبب الكثير من المشاكل للحكومات العربية، خصوصاً حلفاء الولايات المتحدة. وقال التل: «الرأي العام في الدول العربية أصبح أكثر احباطاً بشكل متزايد. حتى الحكومات المعتدلة عليها أن تهدئ الرأي العام الذي أصبح أكثر قدرة على التعبير عن نفسه».
ورأى المصري أن ما يحدث للفلسطينيين يذكي التشدد الاسلامي حتى في باكستان وأفغانستان، مضيفاً: «كل زعيم عربي يقول للعالم ابدأوا بالقضية الفلسطينية، ويمكن احتواء كل المشاكل حتى الإرهاب».
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمل المشرق
المفضلات