تقرير المعرفة لعام 2009 " :60 مليون عربي يعانون من الامية ..وواقع الحريات غير محفز للنهوض بالاداء المعرفي العربي
2009-11-12
عمون - كتب سمير الحجاوي - "لم تحقق الدول العربية في مجملها على صعيد الحريات العامة انجازات ملموسة بالنسبة لحرية الفكر والتعبير.وباستثناء انتشار المزيد من الفضائيات العربية والمدونات على الانترنت التي وفرت متنفسا لنشاط ملحوظ للشباب في المنطقة، يظل ملف حرية الفكر والتعبير قاتما.حيث فرضت بعض الحكومات العربية قيودا اضافية على البث الفضائي وصدر مزيد من التشريعات وقوانين النشر والاعلام التي احكمت قبضتها على وسائل الاعلام والصحافة والصحفيين والمدونات والمدونين بل والمفكرين ايضا كما ظلت معظم وسائل الاعلام واليات نشر المعرفة خاضعة لملكية الدولة" هذا احدى خلاصات تقرير المعرفة العربي لعام 2009، الذي اصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في دبي قبل ايام. والذي اكد ان واقع الحريات في الوطن العربي «غير محفز للنهوض بالأداء المعرفي العربي" هذا التقرير اماط اللثام عن حقائق خطيرة عن الوضع المعرفي المتردي في الدول العربية وارتباط ذلك بالمكونات السياسية والاقتصادية والاجتماعية اضافة الى الحريات فيها.والتي تشكل معا اضلاع الازمة التي لا يبدو انها في طريقها الى الحل اذا استمر الوضع الراهن على ماهو عليه.
وحاول التقرير بكل شفافية توصيف المعوقات والتحديات والمشاكل التي تواجه التقدم المعرفي وقدم احصائيات "صادمة" عن الوضع العلمي والتعليمي بشقيه المدرسي والجامعي، والفقر والبطالة وحرية التعبير.
وباختصار فان 60 مليون عربي كما يقول التقرير يعانون من الامية ثلثاهم من النساء، وان ثلث السكان العرب الكبار عاجزين عن القراءة والكتابة، وان 9 ملايين طفل في عمر الدراسة الابتدائية يبقون خارج اسوار المدرسة، جلهم في الدول التي لم تحل مشكلة الامية.
هذه المعطيات الكمية عن وضع التعليم في العالم العربي ربطها التقرير بالعوامل الاقتصادية ومعطيات الدخل والفقر والبطالة، ويظهر ان 7 دول عربية فقط هي دول مجلس التعاون الخليجية وليبيا والتي تشكل 15% من سكان المنطقة العربية تقع في فئة التنمية البشرية العالية.
وفي الوقت الذي حققت فيه دول الخليج العربي اعلى النسب في مجال بلوغ الاهداف التنموية للالفية لاسيما في مجالات الصحة وتعميم التعليم لا تزال بعض الدول العربية الاخرى عاجزة عن بلوغ تلك الاهداف، بل ان هناك دولا لايرجح ان تتحقق فيها الاهداف التنموية مثل جزر القمر وجيبوتي وموريتانيا والسودان واليمن والعراق وفلسطين والصومال.
المعضلة الكبرى هي ان تزايد معدلات الفقر في المنطقة العربية رغم كل الجهود الرامية الى تقليصه والتي ارتفعت من 17.9% في التسعينيات الى 18.4% في الالفية الجديدة. ويقبع 34.7 مليون عربي تحت خط الفقر.غالبيتهم العظمى المناطق الريفية كما ان الاسر التي تعولها نساء اكثر تاثرا بالفقر من الاسر التي يعولها رجال.
اما معدلات البطالة بين الشباب فقد تصاعدت في السنوات الاخيرة حسب التقرير الذي يستشهد باحصائيات منظمة العمل الدولية لعام 2009 فقد بلغت 33% بين الشباب العرب، سجلت الجزائر اعلاها بنسبة بلغت 46% تلاها العراق وموريتانيا والصومال والسودان التي تسجل فيها البطالة اكثر من 40% فيما تزيد معدلات البطالة في الاردن وجيبوتي وفلسطين وليبيا عن 30% ، وسجلت تونس والسعودية ومصر والكويت ولبنان والبحرين وسوريا وعمان واليمن معدلات بطالة تجاوزت 20%، وبلغت نسبة البطالة في قطر 16% مقارنة مع 15% في المغرب، فيما سجلت الامارات العربية المتحدة ادنى معدل للبطالة في العالم العربي بنسبة 6.3% حسب التقرير.
وتعاني الدول العربية من فجوة في توزيع الدخل فقد اشار التقرير الى ان عدد سكان العالم العربي يبلغ 303.6 مليون نسمة، وقدر الناتج الاجمالي العربي بنحو 2435 مليار دولار،حصة الفرد منها 8020 دولار في المعدل.الا ان توزيع هذا الدخل يعتريه اختلال كبير بين الدول العربية التي تم تصينفها في 4 مجموعات:
المجموعة الاولى وهي البلدان الخليجية النفطية والتي يبلغ عدد السكان فيها 40.2 مليون نسمة يشكلون 13.2% من العرب، استحوذت على 45.9% الناتج الاجمالي المحلي العربي وبلغ معدل حصة الفرد فيها 27786 دولارا في السنة.
اما المجموعة الثانية وهي البلدان ذات الاقتصاد المختلط مع النفط "الجزائر وليبيا" فيبلغ عدد سكانها 39.9 مليون نسمة يشكلون 13.1% تبلغ حصتهم من الناتج الاجمالي المحلي العربي 13.6% وحصة الفرد منها 8313 دولار سنويا.
اما المجموعة الثالثة وهي البلدان ذات الاقتصاد المتنوع وتضم "مصر والاردن ولبنان والمغرب وسوريا وتونس" فيبلغ عدد سكانها 156.4 يشكلون 51.5% من السكان، تبلغ حصتهم 34.2% حصة الفرد منها 5328 دولار سنويا.
اما المجموعة الرابعة وهي البلدان ذات الاقتصاد المعتمد على الصادرات وتضم "جزر القمر و جيبوتي وموريتانيا والسودان واليمن"، فيبلغ عدد سكانها 67.1 مليون نسمة يشكلون 22.1% من العرب فان نسبتها من الناتج الاجمالي العربي 6.3% وتبلغ حصة الفرد فيها 2277 دولار سنويا، وهي الدول التي يشك بقدرتها على الوصول الى اهداف الالفية.
هذه المعطيات تظهر بوضوح صورة الوضع القاتم في العالم العربي، واننا "على حافة الهاوية" المعرفية والعلمية رغم امتلاكنا لمصادر ثروة تمكننا من الانطلاق الى الامام ان استخدمناها برشد لصالح الامة العربية ومستقبلها.
وهي معطيات "كمية" تفتح الابواب امامنا للدخول الى مناقشة علمية هادئة عن اسباب الازمة واسباب تخلفنا عن ركب التقدم في العالم،باستثناء بعض المظاهر الفارغة من المضمون القائمة على استيراد الافكار والنظريات والسلع والخدمات والعمالة "رغم وجود ملايين الشباب العرب العاطلين عن العمل".
وهي اسباب سنناقشها في تحليل مقبل باذن الله وسنتعرض لها بالتفصيل اعتمادا على ماورد في هذا التقرير يمكن وصفه بالرائع ويستحق القراءة بصفحاته المئتين وواحد وثمانين المليئة بالاحصائيات والمعلومات الموثقة.
رد مع اقتباس
المفضلات