تقرير وطني يوصي بضرورة مراجعة النظام التربوي

**الاسطورة** · 03-09-2009, 01:31 PM

صلاح العبادي

أكد التقرير الوطني حول أولويات وأهداف تنمية الشباب الأردني ضمن إطار برنامج العمل العالمي للشباب، أهمية الاستثمار في الشباب، من ناحية تدريبهم وتأهيلهم وتمكينهم من مجابهة التحديات الداخلية والخارجية بكل وعي واقتدار.
وبين التقرير الذي أعده الخبير في شؤون الشباب الدكتور محمود قظام أن التعليم هو الطريق الأنسب للنهوض والانطلاق، باعتباره من أبرز آليات الحراك الاجتماعي من طبقة إلى طبقة ومن مكان لآخر، وبالتالي خطوة أساسية لتحسين نوعية الحياة وتوسيع خيارات الشباب.
وأوصى التقرير بضرورة التركيز المكثف على تعليم مهارات الحياة الأساسية في كافة المراحل التعليمية وإدماجها في المناهج الدراسية والتركيز على المنحى التشاركي في التعليم عوضا عن المنحى الأحادي.
ودعا إلى تشجيع الشباب على الالتحاق ببرامج التعليم الشامل والتدريب المهني والتقني، وبناء القدرات لتمكينهم من الحصول على فرص عمل والتكيف مع المتغيرات في سوق العمل.
وشدد على أهمية بناء شراكات حقيقية مع مؤسسات القطاع العام والمنظمات الدولية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم لبناء مشاريع خاصة بهم تسهل إدماجهم ودخولهم سوق العمل في وقت مبكر دون عقبات.
وأفضى أن المطلوب إجراء مراجعة شاملة للنظام التربوي، من حيث المدخلات والعمليات الممارسة والتأشير لنقاط الضعف بغية تلافيها وتقليصها إلى الحد الأدنى والتأشير لنقاط القوة بغية تعظيمها وتعزيزها وتوسيعها، على نحو يضمن تطوير التشريعات التربوية، وتفعيل وتعزيز دور مجالس الآباء والأمهات، وتعزيز دور أندية الحوار المدرسي، بما يضمن تعزيز دور الاتحادات الطلابية .
كما أوصى التقرير بزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في مجالس الجامعات والكليات وبناء قدرات العاملين مع الطلبة عموما وفي رياض الأطفال خصوصا، والتوسع في إنشاء رياض الأطفال في كافة مناطق المملكة، خصوصا المناطق النائية والأقل حظا وتنمية الوعي بأهمية وفوائد التعليم ما قبل المدرسي.
وأفضى التقرير أن التعليم ليس حقا من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضا وسيلة لا غنى عنها في بلوغ حقوق أخرى وباعتباره حقا من حقوق التمكين، فإنه يعتبر الوسيلة الأساسية لتحقيق المشاركة الكاملة والواعية والجادة والمسؤولة بكل ما يتعلق بحياتهم حاضرا ومستقبلا، فضلا عن دوره الأساس في تمكين المرأة وحماية الأطفال من الاستقلال علاوة على دوره الحيوي في الترويج لحقوق الإنسان والديمقراطية وحماية البيئة وتنظيم النمو السكاني.
وأكد التقرير ضرورة أن تستحوذ النظم التربوية على اهتمامات الشباب وتوجهاتهم وتوفير الحلول العلمية والعملية لمشكلاتهم وإشباع تطلعاتهم والسعي لتجسيد مضامين وقيم تربوية حديثة تؤكد المفاهيم التالية: تعلم لتكون، وتعلم لتعيش، وتعلم لتعمل، وتعلم لتتعلم .
وذكر أن معدل البطالة في الأردن بين خريجي الثانوية ما نسبته30% و15% بالنسبة لخريجي الجامعات في مقابل 8% بالنسبة للحاصلين على تعليم ابتدائي فقط، وهذه الظاهرة ترجع في بعضها إلى نظم التعليم التي تعتمد على إعداد الطلبة للخدمة في القطاع العام الذي يشكل جهة العمل الأولى أمام المتعلمين من الداخلين الجدد إلى سوق العمل في الأردن.
ولفت التقرير إلى عوامل تسهم في انخفاض نتيجة العملية التعليمية في المنطقة العربية -ومنها الأردن- فالأطفال ينشأون سواء في البيت أم في المدرسة وإذا اقترن ذلك بالأساليب القديمة في التعليم المبني على الحفظ والصم فإنه قادر على تعطيل ملكة الإبداع والقدرة على حل المشكلات، كما أنه يثبط التفكير الحر والمستقل وعلاوة على ذلك فإن قلة الموارد المخصصة للتعليم إذا ما ترجمت إلى رواتب متدنية وتدريب محدود للمدرسين وافتقار إلى المرافق المناسبة واكتظاظ الصفوف بالتلاميذ؛ الامر الذي يؤدي إلى تدهور نوعية التعليم المقدمة والافتقار إلى الجو المدرسي. وبالتالي تكريس قيم التلقي والخضوع والتبعية وفرض الوصاية والاحتواء والإذعان لتركيزها على المنحى الأحادي الجانب عوضا عن المنحى التشاركي الذي يقوم على أساس الندية والشراكة الحقيقية وترسيخ قيم الحوار والتعلم الاستكشافي النشط والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي وتقبل الآخر واحترام التنوع والتعايش مع الاختلاف والتسامح.
وبين انه ورغم أن الأردن ما زال يركز على التعليم الأكاديمي إلا أنه اتخذ سلسلة من الخطوات العملية في تعميم فكرة وتجربة التعليم الشامل وتمهين التعليم فضلا عن البرامج الرائدة والمميزة التي تقدمها المؤسسة العامة للتدريب المهني، علاوة على تبني برامج حديثة كبرنامج إنجاز بالتعاون مع مؤسسة إنجاز لتهيئة الفرص الاقتصادية للشباب الأردني، فضلا عن البرنامج الوطني الشامل لتدريب وتأهيل الشباب الأردني العاطل عن العمل للالتحاق ببرامج تدريبية تبنتها الحكومة الأردنية بشراكة حقيقية بين القوات المسلحة الأردنية ووزارة العمل ضمن البرنامج الوطني لتشغيل الخريجين.
وجاء في التقرير أنه ورغم التقدم المحرز في السنوات الأخيرة في مجال التعليم الأساسي والثانوي والعالي في الأردن سواء في نسب ارتفاع التحاق الناشئة والشباب بالتعليم الأساسي رغم التزايد السريع في النمو السكاني إلا أن تحديا كبيرا يقف أمام الشباب من جهة توفير بيئة للتعليم الأساسي.
وبين أن معدل صافي الالتحاق في التعليم الأساسي في الأردن عام 1990 كان (4ر91%) إلى أن وصل عام 2007 إلى (96%)، ويتوقع أن يصل في عام 2015 إلى 100%.
وأشار إلى أنه وفي عام 1990 كانت نسبة التلاميذ الذين يبدأون الصف الأول وينهون الصف الخامس 4ر91% وفي عام 2007 (99%).
وذكر أنه من المتوقع أن تكون النسبة 100% في عام 2015، خصوصا وأن نسبة التعليم للشباب من سن 15 - 24 سنة عام 1990شكلت (4ر97%) ووصلت عام 2007 الى 99%، وتوقع أن تصل عام 2015 الى 100% .
ولفت التقرير إلى أن عدد طلبة كليات المجتمع بلغ (32438) طالبا وطالبة منهم 20032 طالبة فيما وصل عدد طلبة الجامعات الأردنية 174 ألف طالب وطالبة.
ولاحظ أن هذه النسب تشكل مؤشرات إيجابية عالية المستوى بالمقارنة مع الدول العربية ودول العالم الثالث الأخرى.
وجاء في التقرير انه ورغم التوسع في التعليم الذي شهدته المملكة كما تعكسه الأرقام، إلا أن كم التعليم في حد ذاته ليس كافيا، فلا يزال قطاع التعليم يعاني من المركزية والبيروقراطية، إضافة إلى مشكلة تدني مستوى الالتحاق بالتعليم قبل المدرسي، كما أن هناك مشكلات تتعلق بالمناهج الدراسية، إضافة الى ذلك يعاني التعليم المهني من ضعف الالتحاق به ونقص التمويل وتشعب تخصصاته. وفي قطاع التعليم العالي أدى عدم وجود استراتيجية شاملة للتعليم العالي الى إضعاف هذا القطاع وميله نحو التعليم الأكاديمي، كما أدى ارتفاع الطلب على الالتحاق بالتعليم العالي ونقص التمويل الى التساهل في معايير القبول وتراجع نوعية التعليم. فلا بد من السعي الجاد والمخلص لتحسين نوعية التعليم سواء بمدخلاته أو عملياته وبالتالي بمخرجاته.
وبخصوص المدخلات أكد التقرير أهمية التركيز على إعداد المعلم المدرب والمؤهل جيدا ولديه القابلية للتعليم والتدريب والتأهيل مرات ومرات في حياته ليقوم بدوره على أكمل وجه وتسليحه بمهارات الحياة الأساسية العصرية ليتمكن من التعامل الإيجابي والواعي والمسؤول مع الطلبة، كذلك لا بد من إجراء مراجعة شاملة بين وقت وآخر للمناهج الدراسية لتتلاءم مع المتغيرات المتسارعة والتطورات المتلاحقة في عالم شديد التعقيد وسريع التغير فضلا عن ضرورة الاهتمام بالأبنية المدرسية بحيث يكون بمقدورها استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة وفق المعايير الدولية المعتمدة والعمل بذات الوقت على أن تكون المدارس بيئات داعمة وآمنة وصديقة للشباب وقادرة على التفاعل والتواصل مع محيطها خدمة للعملية التربوية وإنجاح محورها الأساسي ممثلا بالطلبة، فالتربية والتعليم من الأهمية بمكان بحيث ينبغي أن يشارك فيها الجميع من مؤسسات رسمية وشعبية ومؤسسات مجتمع مدني وقطاع خاص انطلاقا من المسؤولية الجماعية والتشاركية لقول رسولنا الكريم محمد (ص) كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته . وكل مواطن خفير . وكل منا على ثغرة فلا يؤتين من قبله .
وبخصوص العمليات الإدارية والقيادية من قيادة وإشراف وتوجيه وتخطيط وتنظيم ومتابعة ورصد وتقييم أشار التقرير إلى ضرورة مراجعتها باستمرار لتكون منتمية لعصرها خير انتماء لتعود بالنفع والخير العميق على مجمل العملية التربوية برمتها وإنجاح محورها الأساسي ممثلا بالطلبة ولعل مبادرة مدرستي التي تبنتها ودعمتها جلالة الملكة رانيا العبدالله تشكل خطوة في الاتجاه الصحيح.
وذكر أن هناك عقبات تحول دون تحقيق المطلوب من التعليم في الأردن يمكن التعبير عن الأولى في ضعف أو غياب المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وفائدته لمساعدة الشباب على الانتقال الى مرحلة الرشد التام والمواطنة الحقة والفاعلة والعمالة المنتجة والمميزة والجديرة بالمنافسة، ويمكن التعبير عن الثانية بالقول إنه على الرغم من وجاهة وأهمية دمج مهارات الحياة الأساسية في المناهج التربوية في كافة المراحل التعليمية إلا أن عملية الدمج هذه ما زالت في بدايتها مما يستدعي جهدا وطنيا مضاعفا والتزاما من الجميع للعمل ضمن هذا التوجه وتسريع عملية الدمج خدمة لأجيالنا القادمة.