تداعيات مثيرة لظاهرة "العنف الدركي"
الأردن.. عامل مصاب بالمستشفى يتسبب بإثارة أكثر الملفات والقضايا "حساسية"
تداعيات مثيرة لظاهرة "العنف الدركي" وعودة لأسئلة مسكوت عنها.. والاهم ليس بالإمكان توجيه "التهم المعلبة"!!
تحول الشاب الأردني عاهد العلاونة إلى رمز لأكثر القضايا جدلا وحساسية الأن في الأردن فالشاب يرقد بالمستشفى بعد تعرضه للعنف الجسدي إثر المواجهات التي دارت بين عمال ميناء العقبة جنوبي البلاد وقوات الدرك العاملة بأمرة وزارة الداخلية.
وصورة العامل العلاونة المنشورة في كل مكان أصبحت الأن رمزا للبسطاء والمقهورين إقتصاديا الذين يواجهون تداعيات الأزمة الإقتصادية وميل وزارة الداخلية للعنف والقسوة مع المواطنين خصوصا وان عائلة العلاونة تتهم رجال الدرك بإلقاءه من السيارة والتسبب بضرر له فيما تقول لجنة أمنية سريعة ان الشاب ألقى بنفسه رغم انه بين نشطاء العمال الذين ذهبواللأعتصام الذي ما زال فاعلا بدوره ويتسبب بتعطيل العمل في الميناء اليتيم في البلاد.
وزير الداخلية نايف القاضي قرر أمس الإثنين زيارة الشاب العلاونة في المستشفى بعد اليوم السادس لوجوده بين الحياة والموت رغم ان مسئولي وزارته طالما إعتبروا الحادث طبيعي وإعتيادي ويمكن ان يقع دوما عندما تقرر السلطات الحفاظ على هيبة القانون.
.. قبل ذلك ألتقى الوزير القاضي بعد رئيس البرلمان عبد الهادي المجالي بوفد يمثل عشيرة العلاونة وعشائر أخرى تضامنت معها بعد إعتصام بصبغة عشائرية رفع يافطة تطالب بمحاكمة المجرمين المتسببين بالأذى الشديد للعامل الشاب ورفاقه وبإقالة الحاكم الإداري .
لكن العمال المعتصمين منذ اسبوع مصرون على مطالبهم ورغم محاولات الحكومة إحتواء الموقف إلا ان صورة العلاونة وهو بالمستشفى أصبحت مدعاة للنقاش بالكثير من الملفات المهمة والحساسة خصوصا في ظل التوافق على فشل الحكومة سياسيا ووزارة الداخلية إجرائيا في التعامل مع أزمة عمال الموانيء التي تحولت لقضية رأي عام.
وفي الواقع رصدت تحولات في السياق فنخبة الأقلام التي أشادت دوما بوزير الداخلية بصفته زعيما وطنيا ودافعت عن قراراته وتوجهاته تحولت لشن هجوم قاس ضد إجراءات الوزارة فيما يخص "قمع الإعتصامات" خصوصا بعد المطاردات التي قام بها جهاز الدرك الوطني للعمال في مدينة العقبة.
الأهم ان بعض المواقع الإلكترونية التابعة لليسار ركزت على مطالبة وزير التنمية السياسية في الحكومة موسى المعايطة المحسوب على اليسار بالإستقالة من الحكومة إحتجاجا على العنف الذي تستخدمه ضد الشعب في الأعتصامات علما بان المواقع نفسها تجنبت طرح نفس المطالبة لوزير الداخلية الذي بدأ بدوره في التحركات الإحتوائية بعد ان ثارت القضية على المستوى الوطني وإنتقلت من كونها مسألة تخص مجموعة عمال لا سند لهم في إعتصام عادي إلى قضية عشائر وشعور عام بان الحكومة الحالية تبالغ في إستخدام العنف عبر الحكام الإداريين.
النتيجة عمليا كانت هروب بعض الأقلام الصحافية المخضرمة التي لم تستطع نشر إنطباعاتها في صحفها إلى مواقع الشبكة للتعبير عن السخط من المبالغة في إستخدام القوة مع العمال.
ولم يقف الأمر عند هذه الحدود فما لا يكتبه المقربون من السلطة هو الإحساس بان عنف جهاز مكافحة الشغب يبالغ في إستخدام القوة لأغراض سياسية لكن النتيجة الأن واحدة إنصرفت الأنظار عن عدة قضايا مثيرة للجدل وغرق الجميع في السؤال عن خلفيات العنف الأمني المغطى بقرار سياسي حكومي.
وهذا النمط من التجادل هو على الأرجح الذي دفع رئيس الوزراء نادر الذهبي للتحرك بعد إنتظار خمسة ايام وبعده بيوم وزير داخليته لإحتواء الموقف وتطييب الخواطر خصوصا وان قطاع عمال المياومة إبطال المشهد الحالي يمثلون شريحة واسعة جدا من المواطنين الأردنيين التي لا مجال للمزاودة عليها إجتماعيا او سياسيا والتي لا تطرح بكل الأحوال إلا خطابا معيشيا.
ومستوى التعقيد يتزايد بعد التعامل الخشن من قبل أجهزة الداخلية مع سلسلة الإعتصامات السلمية فالعنف الدركي في العقبة نتج عنه فورا سؤال طالما تهربت منه إعتى الحكومات وتمكن من طرحه مجددا الكاتب الصحافي ماهر أبو طير الذي كان أول وأبرز المرحبين بالوزير الجديد للداخلية قبل عدة أشهر عندما قال: لماذا تيالغ الدولة في إستخدام العنف كلما إحتج اهالي الجنوب الفقراء، ونفس السؤال طرح في مقالات ظهرت لمثقفين وكتاب من اهل جنوبي المملكة.
وملف الجنوب الشائك والمعقد هو آخر محطة وصلت لها حمى النقاشات بما فعلته وزارة الداخلية مؤخرا في العقبة رغم ان العامل الذي اصبح رمزا لإستخدام العنف عاهد العلاومة من إحدى قرى شمال المملكة وكذلك وزير الداخلية.
والعنف في العقبة بعدما تسلطت عليه أضواء الصحافة والبرلمان وبدأت الحكومة بسببه بالتفاوض مع قطاع العمال شجع عاملون في عدة شركات ومؤسسات عملاقة تعمل في المحافظات على التهديد بالإعتنصام لتحصيل مكاسب وظيفية بعدما اصبح "قمع الإعتصامات" سلوكا دائما للحكومة الحالية ينتهي بان ينتبه الجميع في المملكة للمعتصمين.
ونفيس النسخة من العنف نتج عنها ما هو أكثر سخونة وهو الصبغة العشائرية للإحتجاجات كما حصل مطلبيا مع وفد يمثل عشائر بني صخر المهمة والتي تعتبر من أركان الدولة والنظام وهو وفد تحرك للبرلمان للتعبيرعن رفض أهالي منطقة واسعة محاذية للعاصمة الإنضمام لبلدية عمان كخطوة تطويرية بدعوى الضرائب والرسوم العالية جدا التي تحاول فرضها البلدية عليهم.
هذا الوفد وخلال مناقشة صاخبة مع لجنة برلمانية مختصة تساءل عن اسباب غياب رئيس بلدية العاصمة عن الإجتماع ثم هدد حسب إحدى الصحف الإلكترونية بتحشيد 50 ألفا من آهالي المنطقة التي ترفض الإلتحاق بالعاصمة للإعتصام.
المثير بالموضوع والأكثر صعوبة على الحكومة سياسا ان المعتصمين سواء أكانوا عطشى او عمال او لايريدون الإنضمام لحلقات الضرائب في العاصمة لا يحملون اي مطالب سياسية.
ولا يمكن بحال من الأ حوال توجيه "الإتهامات المعلبة" من طراز التناغم مع المشروع الصهيوني لهم ولا يمكن ايضا التقليل من ولائهم وانضباطهم وإنتمائهم لا للوطن ولا للدولة ولا للنظام فهم في هذه الحالات فئات إجتماعية عريضة أسست النظام أصلا وخدمته لعدة عقود.. بمعنى أخر أنهم النظام نفسه فلا مجال للمزاودة عليهم.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 4.8.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة roboo3alwatan
المفضلات