تاثير ظروف الحرمان على الطفل
اثبتت الدراسات العلمية والاجتماعية ان اطفال البيئات الحرمانية ينشؤون في ظروف صعبة ماديا ومعنويا نظرا لتدني مستوى اسرهم الاقتصادي والاجتماعي مما يحرم هؤلاء الاطفال من اسباب النمو الجسمي والعقلي السليمين وبما يوثر سلبا على ادائهم وتحصيلهم الدراسي وقد يؤدي الى انقطاعهم او تسربهم من المدرسة اما للاسباب المالية المذكورة او معاشرة قرناء السوء الذين هم افراز للبيئة الحرمانية ذاتها. وافادت الدراسات بان الطفل الذي يحرم من مقومات العيش المناسب لن يكون في وضع ذهني وعقلي يؤهله للتحصيل العلمي المناسب بسبب تدني درجة الذكاء فالذكاء حسب الدراسات شأنه شأن اي بناء مادي او معنوي يحتاج الى مقومات لنموه في الطفل ولكي يتحقق الذكاء يجب ان تتحقق بالاساس شروط نموه وتطوره .
في البيئة الحرمانية ينصرف الابوان احدهما او كلاهما الى السعي الحثيث للعمل المضني والطويل لتامين قوتهم اليومي والذي في غالب الاحيان لا يكون كافيا لتغطية المتطلبات الاساسية للحياة وبالتالي النقص الحاد في شروط الالتحاق المنظم بالمدرسة وما يترتب عليه من نشاط عقلي وذهني للطفل فطفل لم يتناول وجبة فطور مناسبة او حتى لم يتناولها اصلا كيف يستطيع الجلوس على مقعد الدرس بذهن صاف ونفسية شهية على التعليم وكيف سيستوعب وبطنه خاو من الطعام.
الدراسات تقول انه لكي يتقدم ذهن الطفل وعقليته ولكي يتدرج بشكل طبيعي في صفوفه لا بد ان يكون بالضرورة متمتعا بشروط معيشية مناسبة تغطي احتياجاته الاساسية من مأكل وملبس ولوازم مدرسية وان الحرمان هنا يكون من جانبين الحرمان المادي بحد ذاته المتمثل بعدم كفاية المستوى المالي والحرمان المعنوي العاطفي الذي سيزيد الطين بلة حيث ان الابوين المنهمكين في العمل المضني والطويل لن يتمكنا من متابعة شؤون طفلهما المعيشية والمدرسية وبهذا يقع الطفل في براثن الحرمان مما سيجعله في وضع لا يمكنه ابدا من تنمية ذكائه ونموه العقلي اذ ان نمو الذكاء والتطور الذهي والعقلي لا تتم الا في المدرسة شريطة ان يكون الطفل في هذه المدرسة متمتعا بنسبة معقولة من الغطاء المادي والمعنوي في حياته الاسرية وبالاضافة الى الحرمان من ناحية التغذية الكافية والملبس المناسب فان وضع الاسرة في البيئة الحرمانية لن يمكنها من تنمية ما يسميه المختصون بعمليات التدريب العقلي المتمثلة بالوسائل الثقافية والالعاب هذه العمليات التي تساهم في صقل عقلية الطفل وتنمية مداركه وتوسيعها فالتعلم له مقومات اشمل من المنهج المدرسي وحسب.
وتشير الدراسات ان عينات نادرة من اطفال البيئة الحرمانية تاثرت ايجابيا بهذا الحرمان فقد وجد اطفال محرومون اتقنوا بكفاءة حالات من التفكير الابتكاري والابداع العقلي بتصنيع بعض الالعاب حسبما اوحى لهم خيالهم استنادا الى قاعدة المقولة ان الحاجة ام الاختراع وبالرغم من ان بعض علماء الاجتماع ايدوا هذه النظرية الا ان جل العلماء يقولون علينا الاخذ بالحالة العامة وليس بالحالات النادرة فالقياس العلمي انما يبنى على الاكثرية وليس على الندرة او الاقلية.
اما من حيث البيئة الثرية والاسرة الثرية فبالرغم من ان مقومات الحياة الاسرية والحياة المدرسية تكون متمتعة بمثيرات تساعد على نمو التفكير والتحصيل العلمي وتطور الذكاء الا ان بعض العلماء قالوا بان التدليل الزائد بالاغداق على الطفل دون حساب وتلبية رغباته دون روية او حكمة ربما يوقعه في نفس الفخ فيصبح تحصيله واداؤه في المدرسة لا يقل سوءا عن ذلك الطفل المحروم وهنا ايضا لا ينطبق القياس العلمي فالنتائج الغالبة للقياس في الاسر الثرية هي ان الطفل في البيئة الثرية هو الاكثر تحصيلا واداء وهو الافضل نتيجة في التحصيل العلمي.
ويبقى القول بان الشبكة الحرمانية تبدا في قصر ذات اليد في المنزل مرورا بانعكاس ذلك على الطفل في المدرسة ثم النتائج التي يؤول اليها هذا الطفل المحروم فان المحصلة ستكون طفلا فشل في مدرسته وتسرب منها والتحق بجماعة السوء وهكذا وسيكون الحرمان سببا كبيرا من اسباب انتاج اطفال ليسوا على سوية اجتماعية واخلاقية سليمة وستنخفض بالضرورة نسبة واعداد المتعلمين في البيئة الحرمانية.
المفضلات