كشفت الدراسة الاكتوارية السادسة التي أجرتها منظمة العمل الدولية على مؤسسة الضمان الاجتماعي، عن عدم كفاية الإيرادات التأمينية للمؤسسة، لتغطية نفقاتها التأمينية ابتداء من عام 2016، اذ ستبدأ المؤسسة بعدها باستخدام عوائدها الاستثمارية لتغطية عجزها المالي، وصولاً إلى عام 2026.
وقالت الدراسة التي أعدت قبل عامين، وكشفت عنها المؤسسة أخيرا إنها "ستعاني من عجز مالي كلي ناجم عن عدم كفاية إيراداتها، بشقيها الاستثماري والتأميني لتغطية التزاماتها السنوية، ما ستضطر معه إلى البدء بتسييل موجوداتها حتى تتمكن من تغطية هذا العجز".
ونفذت الدراسة وفق أحكام المادة (15/أ) من قانون الضمان الاجتماعي رقم (19) لعام 2001 والتي بموجبها تلتزم المؤسسة بفحص مركزها المالي مرة على الأقل كل 5 سنوات، وبمعرفة خبير اكتواري أو أكثر.
وأوضحت الدراسة أن الاستمرار المتوقع في نمو نفقات المؤسسة بمعدلات تفوق معدلات نمو إيراداتها، سيجعل العجز المالي يستنزف موجوداتها حتى تلاشيها تماما بحلول عام 2036، وبعد هذا العام ستعجز عن تأدية التزاماتها لمجموعة كبيرة من المستحقين.
ولفتت إلى أن العجز المتوقع في عام 2036 سيصل إلى نحو 8.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وسيستمر في التصاعد بعد ذلك.
وحذرت الدراسة التي جاءت متماشيةً مع الدراسات الاكتوارية الدولية في مجال الضمان الاجتماعي لدى الجمعية الدولية للاكتواريين ( International Actuarial Association ) من زيادة عبء الإعالة في المملكة في المستقبل.
وأوضحت أن عدد المشتركين الى عدد العاملين سينخفض، بحيث تصل نسبة العاملين الى المتقاعدين في العام 2007 من واحد في سن التقاعد الى 10 أشخاص في سن العمل، أما في العام 2057 فلن يكون سوى 3 أشخاص في سن العمل، مقابل شخص في سن التقاعد.
وتقدر الدراسة ارتفاع عدد المتقاعدين والمنتفعين بصورة ملحوظة من 156 ألفا في عام 2007 إلى 1.8 مليون في 2057، أي بمتوسط معدل نمو سنوي 5.1%، وفي المقابل تقدر ارتفاع عدد المشتركين ولكن بمعدلات تقل عن معدلات نمو المتقاعدين، بحيث سيزداد عددهم من 764 ألف مشترك في عام 2007 إلى 2.1 مليون مشترك في عام 2057، أي بمتوسط معدل نمو سنوي 2%.
ومن هنا ستنخفض نسبة المشتركين إلى المتقاعدين من 5 أضعاف في عام 2007 إلى 3 أضعاف في عام 2027 وصولاً إلى حوالي مشترك واحد مقابل كل متقاعد في عام 2057.
وفيما يتعلق بالنفقات الكلية للمؤسسة أشارت الدراسة الى زيادة أعداد المتقاعدين والمنتفعين من قانون الضمان، كما تتوقع أن ترتفع إجمالي نفقات المؤسسة من 288 مليون دينار في عام 2007 إلى حوالي 2.3 بليون دينار في عام 2027 وإلى 21.3 بليون في 2057، أي بمتوسط نمو سنوي يصل الى نحو 9%.
كما أشارت الى ارتفاع نفقات تقاعد الشيخوخة من 216 مليون دينار في عام 2007 إلى نحو 17.8 بليون دينار في عام 2057، بمتوسط معدل نمو سنوي 9.2% وارتفاع نفقات الاعتلال من 29 مليون دينار في عام 2007 إلى 736 مليونا في 2057، بمتوسط معدل نمو سنوي يصل الى 6.7%.
وبينت أن هناك ارتفاعا في نفقات الورثة من 12 مليون دينار في عام 2007 إلى 2.4 بليون دينار في 2057، أي بمتوسط معدل نمو سنوي 11.2%.
كما تقدر ارتفاع إيرادات الاشتراكات من نحو 423 مليون دينار في عام 2007 إلى 7.1 بليون دينار في 2057، أي بمتوسط معدل نمو سنوي 5.5%.
وأوضحت أنه يتوجب على المؤسسة زيادة نسب الاشتراكات لتجنب الأزمة المالية التي يتوقع أن تتعرض لها في المدى المنظور، وضمان استدامتها على مدار 100 سنة قادمة. وقالت إنه "يتوجب على المؤسسة رفع نسب الاشتراكات وبشكل فوري من 16.1% حالياً إلى نحو 36.2% من إجمالي أجور المؤمن عليهم".
وفي حال الإبقاء على نسب الاشتراك الحالية على ما هي عليه، والبدء بزيادتها عند تلاشي احتياطات المؤسسة تماماً، قدرت الدراسة وصول نسب الاشتراكات المطلوبة لتمكين المؤسسة من تغطية التزاماتها بنحو 48% بحلول عام 2057.
وتظهر الدراسة الأخيرة أن الوضع المالي المستقبلي للمؤسسة، تراجع بشكل ملحوظ عما ظهر عليه في الدراسة الاكتوارية السابقة (الخامسة)، بحيث تعزو الدراسة الحالية ذلك إلى زيادة الإقبال على التقاعد المبكر خلال الأعوام الماضية (2003 – 2007) والذي سينعكس بدوره على التقديرات المستقبلية لنمو أعداد المتقاعدين مبكرا، وعبء الإنفاق عليهم.
كما تؤكد أن الآثار المالية الإيجابية المترتبة على زيادة أعداد المشتركين في الأعوام الماضية عما كان مقدراً في الدراسة الاكتوارية الخامسة، ما هي إلا انعكاسات قصيرة الأمد، بحيث أنها ستسهم في ارتفاع حجم الإنفاق على الرواتب التقاعدية في المدى المنظور، وذلك عند استحقاق هؤلاء المشتركين لشروط التقاعد، لا سيما المبكر.
رد مع اقتباس
المفضلات