الأردن.. حسم ملف ولاية العهد يؤسس لمرحلة جديدة تتضمن خطوات لإنهاء حالة الفوضى
الأردن.. حسم ملف ولاية العهد يؤسس لمرحلة جديدة تتضمن خطوات لإنهاء حالة الفوضى
الذين يتحدثون في عمان عن تغيير وزاري وشيك على حكومة الرئيس نادر الذهبي قد يخيب ظنهم في المدى القصير لكن المتفائلين بتغييرات يمكن ان تكون هائلة في المشهد السياسي والنخبوي والمؤسساتي والوطني يستطيعون القول بان لحظة التغيير الجذري هذه المرة بدأت فعلا مع رسالة الاستمرارية والثبات والثقة التي يبرزها قرار الملك عبدلله الثاني بحسم ملف ولاية العهد.
والفرصة بهذه الحالة متاحة تماما للقول استباقا بأن مرحلة التقييم والقرارات المهمة والاساسية التي تحدث عنها الملك علنا في عيد جلوسه العاشر يمكن ان تكون قد بدأت بتغيير من القمة سيلحقه آخر في القاع على الارجح.
في عيد الجلوس تحدث الملك عن مسيرة عشر سنوات تخللتها اخطاء واعدا بعملية تقييم تنتهي باصلاحات وعودة للمؤسسية.
والاجواء العامة والسياسية اليوم اكثر قابلية لتغيير استثنائي بعدما اغلق ملف ولاية العهد وفقا للقياسات الدستورية والمنطقية وبطريقة فيها الكثير من الرسائل للداخل والخارج.
ويعني ذلك ببساطة ان خطوات اخرى اقل اهمية قد تكون في الطريق بعد الآن، وهي خطوات يفترض منطقيا ان تعالج موجة الفوضى التي عمت الحياة السياسية طوال الاسبوعين الماضيين وشهدت ازمة تدحرجت قصدا بين النواب والصحافة وتبادل اتهامات من العيار الثقيل بين مسؤولين سابقين واركان في الدولة والحكم وهي اتهامات لم تكن مسيسة واتخذت مسارا جهويا في بعض الاحيان.
ويرى مراقبون ان صفارة الحكم تستعد للانطلاق وسط مباراة فوضى النخب السياسية وترويج الاحتقان وتبادل الاتهام كما سبق لها ان انطلقت في لحظات حرجة الصيف الماضي لتنهي فصلا من الفوضى او مشهدا من التجاذب، وما يتوفر من معلومات لدى الاوساط المطلعة تفيد بأن هذه الصافرة تستعد للانطلاق في حين ان الصورة اصحبت في ما يبدو متكاملة وتحددت المسارات ورسمت تفاصيل الملعب.
سياسي رفيع المستوى اعتبر ان مستويات التجاذب التي تنطوي على حالة دلال مبالغ فيها تمارسها بعض الشخصيات السياسية والبرلمانية قد تتطلب اسراعا في عرض الخط العام لحدود التجاذب الايجابي الذي تسمح به المرجعيات.
الاعتقاد العام السائد في مستويات القرار بعدما انتهت تجاذبات الصيف الماضي يؤشر على ان النخبة الموجودة والمتحركة حاليا استمرأت حالة التجاذب وبدأت تسترسل في استثمارها وتوظيفها مستغلة التعليمات والاولويات التي امرت بها بعض المؤسسات السيادية وبشكل سياسي بشع وفيه الكثير من الانتهازية.
وكل المعطيات تشير الآن بوضوح الى ان بقاء المشهد الحالي بتفاصيله المملة سواء لصانع القرار او للمواطن العادي لم يعد مطروحا او خاضعا للنقاش والاهم لا يصلح كاساس لمواجهة تحديات استراتيجية وخطيرة تواجهها الدولة والشعب خلال العامين المقبلين لا تبدا من عند الموازنة المالية والمعطيات الاقتصادية والمالية ولا تنتهي عند ملفات المياه والطاقة والحاجة للتوحد داخليا في مواجهة تداعيات حكومة بنيامين نتنياهو الاسرائيلية المتطرفة، التي تخوض بتقدير المرجعيات الرسمية حربا شرسة مع خط الرئيس الامريكي باراك اوباما قد تنتهي بالعودة لأجديات الصراع وقتل عملية السلام وقد تنتهي ايضا بسقوط الحكومة الاسرائيلية.
ما فهم بالخصوص حتى الآن انه في ظل ترقب العالم العربي لمشروع اوباما الذي قال وزير الخارجية ناصر جوده ان احدا لا يعرف تفاصيله لم تعد الحلول الوسطية او البقاء في المنطقة الرمادية حلا مطروحا فالخيارات بين سيناريوهين.. انقاذ السلام بعد ما سقط شعار انعاشه او اعلان وفاته والدخول مجددا في حالة الصدام والصراع والحروب الاقليمية الصغيرة في المنطقة. هذا الوضع شاذ ويخلق توترا كبيرا في مربع القرار المركزي الاردني وبسببه يتم تأجيل استحقاقات داخلية مهمة حتى تتضح الصورة اكثر.
لكن الخلايا العاملة في مؤسسة القرار نشطت طوال الاسابيع الماضية في حراك فني هذه المرة بعيدا عن الاضواء يرصد ويوثق ويراجع بالتعاون مع مؤسسات ظل سيادية ويرسل بتوصيات وتقييمات ويرفد دائرة صنع القرار المركزية بالمعطيات والمعلومات.
وما تسرب من بعض الاجتماعات يشير الى انطباعات محددة على مستوى نخبة القرار المركزي وبعض مؤسساته تشكلت او اختبرت من بينها بروز توافق جماعي على ان ضعف الجبهة الوزارية الحالية وتصدعها والعطب الذي اصاب جدار علاقة الثقة ليس بين النواب والحكومة بل بينهم وبين الدولة في بعض الاحيان.
ونفس الاطر التقييمية توصلت في ما يبدو لقناعة بان مؤسسات الاعلام الرسمي تحتاج لثورة بيضاء وليس لمجرد تغيير هنا وهناك مع تصور وطني قابل للحياة والبقاء والانتاج لحسم الخلاف حول دور الصحافة الالكترونية.
باختصار يبدو جليا وقد تم التعبير عن ذلك في عدة مناسبات بأن العلاقة بين المؤسسات لحقها العبث او ضربت في بعض المفاصل والاصلاح قد يتطلب وقتا طويلا او حكومة قوية جدا، ويبدو جليا ان العودة لحكومات الثقل في الظل لم يعد مطروحا وان القناعة راسخة بان التجاذب افقي وعمودي في مجتمع النخبة والساسة والاكثر حساسية انه ينتقل تدريجيا الى الشارع بفعل عاملين هما اولا: الصحافة الالكترونية وتسربها السريع للمجتمع، وثانيا: الازمة الاقتصادية الخانقة سواء القائمة او تلك المتوقعة.
اذا ما هو الحل الامثل لكل هذه الفوضى التي تعم الشارع السياسي الاردني؟.. حتى الآن رسمت بعض التفاصيل لكن من باب التوقع يمكن القول ان مرحلة التقييم انتهت تقريبا وان تسمية ولي العهد والاستعداد لوجوده في المشهد العام يعني الاسترخاء سياسيا بانتظار جديد سيأتي قريبا.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي- 6.7.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات