"الحقيقة الدولية" تتجول في المنطقة التي حولها الاحتلال لصحراء قاحلة لإجبار أهلها على
"الحقيقة الدولية" تتجول في المنطقة التي حولها الاحتلال لصحراء قاحلة لإجبار أهلها على تركها...الأغوار الشمالية.. مئات الفلسطينيين بلا مياه وكهرباء
الحقيقة الدولية – الأغوار الشمالية - قيس أبو سمرة
يعيش مئات الفلسطينيين في قرى صغيرة متناثرة على سفوح جبال وتلال الأغوار الشمالية شمال الضفة الغربية، فإلى الشرق من بلدتي طمون وطوباس تقع قرى عاطوف والحديدة ورأس سمرا التي تشتهر بتربيتها للأغنام والمواشي.
معاناة أهالي القرى في الأغوار الشمالية، لا تقتصر على عدم توفر شبكات مياه وكهرباء واتصال للقرى بل تتعدى إلى تهديد قوات الاحتلال الإسرائيلي لهذه البلدات بالهدم والترحيل بحجة أن المنطقة حسب الادعاء الإسرائيلي منطقة عسكرية مغلقة وتقع ضمن منطقة خاصة بالتدريبات العسكرية الثقيلة من مدافع وطيران ومدرعات ورماية بأسلحة ثقيلة.
ويؤكد وكيل وزارة الإعلام في السلطة الوطنية الدكتور المتوكل طه لـ "الحقيقة الدولية" أن "هذه المنطقة تمثل بشكل مكثف إجراءات الاحتلال الفاشية على الأرض الفلسطينية، ونعتبر الوجود الاحتلالي اليهودي الإسرائيلي غير شرعي وكل ما ينتج عنه من استيطان وممارسات من منظومات أمنية غير شرعي ولا نقبل بأي ظرف من الظروف أي مسمى يعطي الشرعية على الأرض الفلسطينية للاستيطان الصهيوني.
وأضاف طه، ما يجري في طوباس ومناطق جغرافية من رأس الأحمر وغيره بثنائية نظرية التهويد والاستيلاء وإلغاء الآخر، ومقابلها نظرية التحدي والرباط والصمود، والاحتلال يحاول أن يترجم نظريته حتى يجعلها ممتدة على الأرض من استيطان ومن قتل وحواجز وتجويع وكل هذه الآليات والخرائط التي يحاول الاحتلال أن يقوم بها من اجل الاستيلاء على الأرض.
وبين محافظ طوباس سامي مسلم، أن أهالي القرى المهددة عندهم عقد إيجار واستئجار رسمي موثق ومعتمد من السلطة ومن أصحاب الأراضي الشرعيين الذين يمتلكون طابو موثقا وهذه الأرض ليست كما تدعي السلطات الإسرائيلية أنها تابعة لها، ولا نقبل بأنها ارض لها، فالوجود العربي الفلسطيني في هذه الأرض قديم وممتد، والمواطنون يسكنون بها منذ سنين وما تدعيه إسرائيل أنهم يسكنون بها قبل بضعة أشهر كذب وافتراء.
خندق صهيوني فاصل
"الحقيقة الدولية" زارت مناطق عديدة من الأغوار وأطلعت عن قرب على واقع ومعاناة هذه المناطق جراء سياسات الاحتلال الصهيوني الرامية لطرد أبناء هذه المناطق من منازلهم وأرضهم التي ولدوا وعاشوا فيها.
وكانت المحطة الأولى لنا هي قرية عاطوف اكبر التجمعات في تلك المنطقة والمعترف بها إسرائيليا وتطالب سكان القرى المجاورة بالرحيل إليها.
و "عاطوف" خربة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها الـ300 مواطن يعتمدون على تربية المواشي ومنتجات الحليب وكذلك مهنتهم الرئيسية كباقي الخرب القريبة رعي المواشي.
لم نقف بها كثيرا بل واصلنا السير لنصل إلى طريق ترابية، حفرت قوات الاحتلال الصهيوني فيها خندقا كبيرا، ليكون حائلا أمام انتقال سكان المنطقة إلى المستوطنات الصهيونية القريبة من المنطقة.
يقول إبراهيم، وهو شاب في العشرينات من عمره من سكان خربة رأس حمرا: "هذا الخندق حفرته قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ خمسة أعوام رغم انه ترابي ويمكن أن نجتازه مشيا على الإقدام أو على البهائم إلا أن قوات الاحتلال تغرم من يجتازه وتعتقله وحتى تصادر الأغنام التي يرعاها في السهل المحاذي لنا".
ويضيف إبراهيم "قوات الاحتلال تجبرنا على عدم الدخول فقطعان المستوطنين يعتدون علينا إذا ما وجدونا بالقرب من مزارعهم التي سيطروا عليها من أراضينا".
ويقول أبو مؤيد من قرية الحديدية، "قوات الاحتلال الإسرائيلي هدمت منزلي أكثر من ثلاث مرات خلال السنوات الأخيرة وأقوم ببناء منزل آخر في كل مرة، وسأبقى أبني بيتي مجددا في كل مرة يهدمون بيتي ولن أغادر هذه الأرض، فلا مكان لدينا سوى هذه الأرض.
ويضيف، هم يقولون أننا هنا منذ أشهر ولكن أنا عمري الآن 50 عاما ولدت هنا وعشت بها طوال عمري فكل أحاديثهم باطلة، بيوت الطين الموجودة حتى اليوم تعود إلى منتصف القرن الماضي وهي شاهد على افترائهم وكذبهم.
أوامر هدم
ويروي لطفي سعيد بني عودة، قصة معاناته بالقول "تسلمنا إنذارات قبل أسبوع تمهلنا 24 ساعة لهدم وإخلاء المنازل وعندنا بركسات وبراكيات لم نستطيع نقلها وبعدها بيوم هدمو لنا البركسات ومزارع الغنم وبقينا تحت الشمس.
ويضيف، "نحن نعاني هنا منذ 1995 إلى هذا اليوم، ونتعرض للملاحقة والطرد والهدم، وفي كل مرة يهدمون لنا بيوتنا نعود لبنائها من جديد ونعود لزراعة أرضنا التي جرفها الاحتلال.
ويقول مصطفى عبد الرازق بني عودة، 73 سنة، لقد هدم الاحتلال الصهيوني لي أربع بركسات، وأعود لبنائها من جديد".
من جانبه يقول الحاج عزات لـ "الحقيقة الدولية": "نحن نعيش هنا ظروفا صعبة جدا، فنحن لا نستطيع زراعة أرضنا منذ خمس سنوات، لم نزرعها بسبب الجفاف وقلة الأمطار ولا يسمح لنا بحفر آبار ارتوازية في المنطقة".
وأضاف: "هذه الأرض تربتها غنية جدا وهي منطقة غورية تصلح لزراعة الخضار وغيرها ولكن قلة المياه تجعلها صحراء لو تمكنا من حفر آبار ارتوازية لتحولت الأرض لجنة في الأرض".
في المقابل تبعد مستوطنة بكعات مئات من الأمتار، حيث الأرض الخضراء والأشجار المثمرة، لتكسر حالة التصحر التي تحيط بالقرى والبيوت العربية التي حولتها الإجراءات الصهيونية إلى أرض قاحلة لا حياة فيها، وكل ذلك من أجل أجبار السكان العرب في تلك المناطق على ترك أراضيهم وبيوتهم ومغادرة المنطقة بالكامل.
تبدو بكعات واحة خضراء مزروعة بالعنب والنخيل والخضروات بينما أصحاب الأرض غير قادرين على أن يشربوا من مياه بلدهم السليبة رغم أن منطقتهم تقع على الحوض المائي الشرقي وهو اكبر أحواض الضفة الغربية.
المصدر : الحقيقة الدولية – الأغوار الشمالية - قيس أبو سمرة 21.6.2009
رد مع اقتباس
المفضلات