نجحت جهود بذلتها المملكة، ممثلة بوزارة العمل، في تخليص الأردن من وصمة "الاتجار بالبشر" التي تتهمها بها تقارير عالمية تصدرها منظمات أميركية تزعم أن ثمة انتهاكات لحقوق العمال الوافدين، وخصوصا في المناطق الصناعية المؤهلة، تدخل في باب ما تعتبره تلك المنظمات "اتجارا بالبشر".
وبحسب التقرير العالمي، الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، نجحت المملكة في الخروج من قائمة مراقبة في الفئة (2) التي ثبت عليها الأردن في العام 2008 الى الفئة (2) التي ثبت عليها في عامي 2006 و2007.
وتعد قائمة مراقبة الفئة (2) الأقرب إلى الفئة (3) التي تشمل الدول التي "لا تلتزم حكوماتها كليا بالمعايير الدنيا التي ينص عليها قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولا تبذل جهودا ذات أهمية في هذا الاتجاه"، وتكون مرشحة للخضوع لعقوبات أميركية ضدها.
وتعكف وزارة العمل حاليا بحسب وزيرها الدكتور غازي شبيكات على إعداد رد رسمي على اتهامات تضمنها تقرير أميركي جديد اعتبر أن الأردن لم يلتزم بشكل كامل بالمعايير الدولية للعمل، الا أنه بذل جهودا وإصلاحات في الأنظمة والتشريعات التي تحول دون ممارسة مخالفات "تدخل في باب الاتجار بالبشر".
وقال شبيكات إن الوزارة عملت بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين على "توعية العمال الذين تعرضوا للضرب، لتحريك دعاوى جزائية أمام المحاكم المختصة ضد المعتدين، وإلزام الشركات بدفع الغرامات القانونية المترتبة على عدم استصدار أذونات الإقامة لعمالها، وإلزامها بتوقيع عقود عمل لجميع العمال". لافتا الى أن المملكة سعت إلى مكافحة ظاهرة "الاتجار بالبشر" عبر تطوير تشريعاتها وتشديد إجراءاتها الرقابية.
وأشار شبيكات الى أن الحكومة سنت قانونا يكافح "الاتجار بالبشر" ومنظومة من التعليمات الأخرى التي تنظم أعمال العمال الوافدين فضلا عن تحسين اوضاع العمال في المناطق الصناعية المؤهلة من خلال تعزيز برامج التفتيش لمنع الاستغلال الجسدي والجنسي للعمال أو تهديدهم، وعدم دفع الأجور، وفرض قيود على حركتهم، والاحتجاز غير الشرعي لجوازات سفرهم"، وهي أمور تكافح الوزارة وجودها.
وقال إن الوزارة بالتعاون مع مديرية الأمن العام انشأت وحدات متخصصة لمكافحة "الاتجار بالبشر"، فضلا عن تعاونها مع المنظمات الدولية ووسائل الإعلام في توعية أرباب العمل والتخفيف من آثارها على العمال.
وأشار تقرير الخارجية الأميركية الذي صدر منتصف الأسبوع الحالي الى أن ترتيب الأردن تقدم وأن خروجه من دائرة المراقبة جاء بسبب "قدرة المملكة على تزويد الخارجية الاميركية والمجتمع الدولي بأدلة تظهر تزايد الجهود المبذولة في محاربة "الاتجار بالبشر" خلال السنة الماضية، وخصوصا في مجال تشريعات الاتجار التي تكافح تقديم خدمات من خلال استعمال القوة".
وساهمت الإصلاحات التشريعية وما تبعها من إجراءات على أرض الواقع، بحسب التقرير الأميركي، بتحسين ترتيب المملكة وخروجه من دائرة الخطر من أجل تجنب تعرض الأردن للعقوبات، التي تشمل توقف الحكومة الأميركية عن تقديم المساعدات، باستثناء المساعدات الإنسانية والمساعدات المرتبطة بالتجارة، وحرمان مسؤولي الدول المعاقبة وموظفيها بالتالي من برامج التبادل التعليمي والثقافي الأميركي.
وتعمل منظمة العمل الدولية مع وزارة العمل على مشروع يتعلق بأوضاع العمالة الوافدة في المناطق الصناعية المؤهلة بكلفة 5 ملايين دولار هو برنامج العمل الأفضل.
وعرف تقرير الخارجية الأميركية الاتجار بالبشر بأنه "شكل من أشكال العبودية غير الطوعية والعبودية الجنسية، والذي يعد نوعا جديدا من الاتجار بالرق من قبل مرتكبيه الذين يلجأون إلى الانقضاض على فريستهم من النسوة والأطفال بغية تحقيق المكاسب والربح".
وعدد التقرير ما اعتبره أشكالا من "العبودية القسرية" التي يتعرض لها هؤلاء، ومن أبرزها، بحسب التقرير: "احتجاز جوازات سفر وتقييد على الحركة، واستغلال لساعات عمل طويلة، وأجور غير مدفوعة، وتهديدات واستغلال جنسي وجسدي، وافتقار إلى نيل حصص معقولة من الطعام والماء والعناية الصحية".
وأشار تقرير الخارجية الاميركية الى عدم التزام الاردن بالحد الأدنى للمعايير الدولية للقضاء على "الاتجار بالبشر"، الا أن "الحكومة الاردنية تحاول ذلك من خلال تعديل قانون العمل لتوفير الحماية لخدم المنازل والعمال المزارعين".
واعتبر التقرير أن الاردن يعد ممرا أو مقرا للنساء والرجال القادمين من جنوب شرق آسيا من أجل العمل الإجباري.
وأشار التقرير الى أن الخارجية الاميركية لديها تقارير من المغرب وتونس عن فتيات وصلن الى الاردن للعمل في مطاعم واندية ليلية الا انهن أجبرن على العمل في الدعارة.
ولفت الى وجود نساء من بنغلادش وسيرلانكا واندونيسيا والفلبين منهن من يعانين من العمل الاجباري واحتجاز جوازات سفرهن وتقييد حركتهن وعدم دفع الاجور والتهديد والاساءة الجنسية والجسمية.
ولفت التقرير الى نقل عمال بغير إرادتهم ورغما عنهم للعمل في العراق الا انه اشار الى عدم وجود تقارير موثقة حول تلك الحالات.
وأشار التقرير الى إصدار الاردن قانونا شاملا لمكافحة الاتجار بالبشر نتيجة للجهود التي تبذلها وزارة العمل ووحدة مكافحة الاتجار بالبشر في مديرية الامن العام التي أسست مكتبا يعنى بالمكافحة ويعمل على الكشف عن ممارسات الاتجار واستغلال العمال الاجانب والاجانب العاملين في المناطق الصناعية.
وطالب التقرير الحكومة الأردنية التشديد عند استخدام القانون بتكثيف الجهود وملاحقة القائمين على تلك الممارسات ووضع تعليمات تحدث شروط التوظيف لعمال المنازل والقائمين على استقدام هؤلاء العمال من مكاتب وشركات وتوفير الخدمات اللازمة لضحايا تلك الممارسات بتوفير ملجأ لهم واطلاق حملة توعية حول الاتجار والعمل الاجباري والتركيز على العاملات في المنازل وضم ضحايا التجار بالبشر على أن لا يؤخذ هؤلاء الضحايا بجريرة التاجر نفسه.
وبين التقرير أن الحكومة كثفت العام الماضي جهودها الا انها ما تزال تفتقد لإقامة ملجأ لهؤلاء الضحايا وللان لم تضمن عدم معاقبة الضحية وان الضحايا مايزالون يواجهون الاعتقال في حال عدم حمل وثائق الاقامة ومنهم من يهرب من صاحب العمل المسيء الذي يقوم بدوره بتلفيق التهم لهؤلاء الضحايا وكثير منهم يفتقدون الحصول على إقامة ويمكثون في البلد لعدم تمكنهم من دفع الغرامات المترتبة عليهم وفي بعض الاحيان تقوم الحكومة بمساعدتهم.
ويوجد في المملكة 10 مدن صناعية مؤهلة، تتوزع على مختلف المحافظات، ويدير القطاع العام ثلاثا من هذه المناطق، في حين يمتلك القطاع الخاص المدن السبع الأخرى.
ويبلغ عدد المؤسسات العاملة في هذه المناطق نحو 114 مؤسسة، كما يعمل في المناطق الصناعية المؤهلة زهاء 10 آلاف من العمال الأردنيين، مقابل حوالي 26162 عاملا وافدا، حسب إحصائيات نقابة الغزل والنسيج للعام الحالي.
رد مع اقتباس
المفضلات