اشتعلت النيران مجددا في مزارع الأغوار أمس، بعد امتداد النيران التي أشعلها الجيش الإسرائيلي إلى الجانب الأردني من الحدود.
وأسهمت الرياح القوية في دفع النيران التي أشعلت بهدف "مراقبة الحدود" إلى شرقي نهر الأردن، ولم تتمكن فرق الإطفاء من إخماد النيران إلا في ساعة متأخرة من الليلة الماضية.
وأتى الحريق، الذي واصل اشتعاله من الساعة الرابعة عصراً وحتى الحادية عشرة ليلاً على زهاء مئة دونم من الأراضي الزراعية في الجانب الأردني في منطقة الشونة الشمالية، ما دعا مزارعين إلى التعبير عن غضبهم لهذا الاستهتار الإسرائيلي المتكرر، والطلب من وزارة الزراعة تقديم مذكرة احتجاج عبر الطرق الدبلوماسية إلى الكيان الصهيوني، فضلا عن المطالبة بتعويضهم عن الخسائر التي منوا بها، جراء إشعال "إسرائيل" المتكرر لمزارعهم.
وأشعلت في حوادث سابقة قنابل التنوير، التي تطلقها "إسرائيل" بغرض مراقبة الحدود، العديد من المزارع في الجانب الأردني، مثلما أدى إشعال الإسرائيليين للأعشاب في منطقتهم إلى انتقال الشرر إلى الجانب الشرقي واشتعال النيران. وكانت سرايا السباقة في الكشف عن معاناة المزارعين والخروقات الإسرائيلية في هذا الشأن.
وروى محمد عودة القضاة أحد أصحاب المزارع المتضررة من الحريق، أنه شاهد على الطرف الغربي من نهر الأردن في تمام الساعة الرابعة عصرا من يوم أمس عمليات حرق وإزالة أعشاب لتنظيف المنطقة الحدودية وتسهيل مراقبتها.
وأضاف: "اتسعت رقعة الحريق وبدأت النيران تزحف بسرعة كبيرة إلى الجانب الأردني، وأتت على المزارع الواقعة على طرف الحدود، وتدخلت فرق الدفاع المدني والقوات المسلحة بعد أن اتصل المزارعون بها". مشيراً إلى أنهم سيطروا على الحريق، الذي أشعله الإسرائيليون في منطقتهم وامتد أكثر من اللازم، بسرعة قياسية بواسطة الطيران.
وقال القضاة إن إطفاء الحريق استغرق أكثر من خمس ساعات متواصلة بعد أن التهم 75 دونماً مزروعة بالخضراوات ودمرها بشكل كامل، ومعها 225 شجرة حمضيات معمرة لأكثر من ثلاثين سنة، وبعض خطوط الري والأدوات الزراعية الأخرى.
وطالب القضاة وزارة الزراعة بتعويضه عبر مخاطبة "إسرائيل" لهذه الغاية، مؤكدا أن خسائره لوحده تقارب الأربعين ألف دينار.
ورصدت لجنة خاصة من وزارة الزراعة في الأغوار الأضرار، وتحول العديد من المزارع إلى رماد.
رائف أيوب العبيداوى قال إن الحريق من الجانب الإسرائيلي أتى على 32 دونما من ملكيته الخاصة، تضم أكثر من 120 شجرة حمضيات معمرة، تحولت إلى رماد، إضافة إلى خسائره الأخرى في أنابيب الري ومعدات وأجهزة زراعية أخرى تقدر بعشرين ألف دينار.
وطالب العبيداوى الحكومة الأردنية أن تطالب "إسرائيل" بتعويضه والمزارعين الآخرين عما أحاق بهم من خسائر.
من جهة أخرى، أكد أمين عام وزارة الزراعة راضي الطراونة أن الوزارة بصدد توجيه مخاطبات رسمية إلى وزارة الخارجية والسفارة الأردنية في "إسرائيل"، لمطالبة "إسرائيل" بالحد من "موضوع إشعال الحرائق في منطقة الأغوار مستقبلا، ووضع هذه الجهات بصورة الأضرار التي حصلت نتيجة الحرائق".
وجاء تحرك "الزراعة" بعد تفاعل موضوع استمرار "إسرائيل" في حرق مزارع الأغوار، وتقديم عشرات المزارعين لطلبات تعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بمزروعاتهم.
وقال رئيس اتحاد المزارعين أحمد الفاعور إن عدداً من المزارعين قدموا عددا من الشكاوى حول حرق "إسرائيل" لمزارعهم، كان آخرها الحريق الذي أتى على مئة دونم أمس.
وقال إن اتحاد المزارعين سيتحرك ليطلب كشف الأضرار وحصرها من قبل كوادر وزارة الزراعة على الأراضي المتضررة في الأغوار من الحريق.
وشدد على قيام وزارة الزراعة بالتحرك لطلب تعويضات والاحتجاج على استمرار حرق "إسرائيل" لمزارع الأغوار، خاصة أن معاهدة السلام تحث على التنسيق بين الطرفين.
وأكد الفاعور أن المزارعين يوجهون اتهامات مباشرة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، ويطالبون بإلزام الجانب الإسرائيلي بدفع قيم الأضرار والخسائر التي لحقت بهم، كما يطالبون بتقديم الضمانات المطلوبة لعدم تكرار هذا الأمر.
وطالب في الآن نفسه أن تدرس الحكومة إمكانية تعويض المزارعين عن الأضرار التي لحقت بمزارعهم جراء الحرائق، مشيراً إلى وقوف الاتحاد العام إلى جانب المزارعين ومناصرته لقضاياهم ومشاكلهم.
ويؤكد تقرير رسمي أعدته مديرية زراعة الأغوار الشمالية أن حريقا شبّ في منطقة الباقورة أتى على نحو 195 شجرة حمضيات و100 شجرة طرفة حرجية و40 شجرة زيتون و10 أشجار رمان، وأتلف 50 خلية نحل ومواد زراعية، إضافة إلى محصول شعير مساحته خمسة دونمات.
وقالت مصادر مطلعة إن الحرائق التي تشتعل من "إسرائيل" تتنوع بين القنابل التنويرية وانفجار ألغام وحرق أعشاب على الأسلاك الشائكة لمراقبة الحدود، وعادة ما تحصل الحرائق على فترات. وقد قدرت مساحات الأراضي المزروعة التي أتلفت جراء الحرائق بحوالي ألف دونم.
وأضافت أن الأراضي المتضررة نتيجة الحريق تتنوع بين مزارع الحمضيات وبيادر القمح والشعير وأشجار مثمرة يزيد عمرها عن 50 عاماً.
وأشار بعض المزارعين إلى أنهم يدرسون إمكانية رفع دعوى قضائية ضد "إسرائيل" أو توكيل محامين لرفع قضية داخل الكيان الإسرائيلي، لكنهم يخشون أن تسجل القضية ضد مجهول.
يشار إلى أن الحرائق التي تتعرض لها المزارع في الأغوار والحقول الأردنية باتت ظاهرة سنوية يشهدها أبناء المنطقة رغم معاهدة السلام التي تنص على التعاون المشترك، وضرورة إعلام الجانب الأردني بإشعال الحرائق في الجانب الإسرائيلي لكي تتم السيطرة على الوضع ومنع انتقال الني
رد مع اقتباس
المفضلات