[frame="2 80"]
زواج معلـن في المقــبرة
في احدى قرى اربد ،كان الرجال يقفون لاتمام اجراءات العزاء في فاطمة،وبدا المشهد اقرب الى البروتوكول الجنائزي في دقائقه الاخيرة .
تقدم والد احمد زوج فاطمة الجموع وبصوت جهوري قال :عظم الله اجركم فالله اعطى والله اخذ ونطلب العوض !
صمت المقبرة ولحظة الترقب سادا المكان للحظات وان بدت قصيرة، الا انها تشي بان احدا ما سيقطعها واليه توجهت العيون تترقب..
ابشروا فقد أتتكم ..أختها !
كلمات كالطلقات خرجت سريعة ، وحسمت الامر فقد كانت البلدة تعرف ان لبنى لم تتزوج بعد،وان الضمير الغائب في حرف الهاء''اختها'' يعنيها دون سواها من نساء الاردن والكون قاطبة .
في عمان العاصمة يبدو المشهد مختلفا عن الضواحي ،والرائي يظن ان النساء صواحب'' لا'' واضحة حين يقع عليهن ضيم او حيف، فقد نلن ما يكفي من الحرية والمساواة ،فهن يقدن سيارات الدفع الرباعي وبعضهن لا يتحرجن من التدخين اثناء السواقة والمقاهي تعج بالانيقات والارجيلة في مشهد لا يختلف كثيرا عما في مقاهي نيويورك او باريس ..
اما في قرى الاردن خارج عمان ، فالبون شاسع ، فما زال زواج العوض شائعا ،وتروي احدى ضحاياه قصتها ..
تقول :عاد والدي من المقبرة بعد رحيل خلود وأخبرني'' أعطيتك لعبد الله وربنا يرحمها '' ''ومضت اربعون الحداد، وكنت هناك في بيته، ولا اسميه زواجا وان انطبقت عليه الشروط كافة من حيث الاشهار والترتيبات وما شابهها ''
''فقد كانت خلود اختي دائمة الحضور في كل التفاصيل ،حتى ان الهواجس لاحقتني لبعض الوقت ،فبت غير موقن من موتها ،فصورتها معلقة على الجدار وما ان افتح الخزانة حتى يفاجئني قميص نومها وفساتينها وكانها بالامس كانت في بيتها فعطرت ملابسها ،وما هي الا سويعات حتى تعود لاشيائها وكتبها التي تالفها وتحبها ،والى اقلام الحبر الجاف التي كانت تشتريها بكثرة وتوزعها في ارجاء البيت .
وفي باب العوض ايضا يدخل زواج الاخ من زوجة أخيه الارملة وان كان احسن حالا لاشتماله ظاهريا على الموافقة والقبول الا انه كما تصفه الارملة هند اقرب الى زواج المجاملة لان الابناء هم جواز المرور الى القبول بالزواج حتى يعوضهم الاخ عن فقدان الاب ، ويضعهم تحت جناحه.
وتقول عن تجربتها: زواجي يكتنفه الحزن أكثر من الفرح ،فلا تغيب صورة الزوج وان غابت تحضر صورة الاب لدى أسئلة اطفالي ،و الزواج حينها مبرر رغم صعوبة القرار ، ولكن الصورة المقارنة حاضرة بشدة في داخلي ودواخله ..
وتستدرك بان الارملة في ظل واقع العزوف عن الزواج، وانتشار اعداد كبيرة من العوانس لا تقدر الأرامل على مجاراته، ربما يكون ما يسمى بجواز العوض رغم اشكالاته اكثر سكنا وطمأنينة لها من الانتظار على الهامش .
ويقول نعيم خالد الموظف الاربعيني العانس ''لا أحبذ الارتباط بالأرملة حتى وان كانت في العشرين خصوصا إن كان لها أولاد'' ويوضح موقفه : السبب بسيط، ،الأرملة تفكيرها دائما مع أولادها.
والارقام الاحصائية لا يعتمد عليها في القضايا التي تخص الزواج من الارامل او المطلقات ،كما في احدى الاستمارات في مدينة مراكش بالمغرب التي اعتمدت سؤالا واحدا هوما موقفك من الزواج بالأرملة؟
وجعلت الجواب اختياريا بين أمرين إما ''مع'' وإما ''ضد''، واستطلعت مائتين وستة وعشرين (226) مستجوبا، فجاءت النتائج مؤكدة أن الآراء أغلبها تؤيد الزواج بالأرملة، حيث صوت 151 مستجوبا بالموافقة في حين صوت 75 مستجوبا بأنه ضد زواجه منها.
وحين قورنت معطيات الآراء المحصاة ميدانيا، مع المواقف الحقيقية على أرض الواقع تبين الفرق الشاسع بين الآراء والمواقف، فقد دلت الأرقام على أن نسبة الأرامل الإناث بالمدينة تفوق نسبة الأرامل الذكور بمقدار 10%، في حين تجاوزت نسبة العزاب 45%.
وفي الأردن حيث يبلغ عدد السكان نحو 6 ملايين نسمة، منهم 48،5 نساء وحسب إحصائية نشرتها جمعية العفاف الخيرية ''فان عدد النساء الأردنيات اللواتي لم يسبق لهن الزواج وتجاوزت أعمارهن 30 عاماً ارتفع إلى 96 ألف امرأة بنهاية عام 2007، بعد أن كان عددهن في العام 2006 حوالي 78 ألف امرأة''.
وقالت الاحصائية: ''إن متوسط العمر عند الزواج الأول ارتفع لكل من الذكور والإناث، فبلغ عند الذكور من 20 سنة في العام 1961 إلى 30 عاما في العام 2007، فيما ارتفع بالنسبة للإناث من 18 إلى 26 عاماً خلال ذات فترة المقارنة''.
وعزت الدراسة ذلك إلى ارتفاع عدد الملتحقين بالتعليم، حيث يفضل الشباب ذكورا وإناثا إكمال التعليم بدلا من الزواج.
كما أكدت الدراسة أن فرص زواج الرجل المطلق أو الأرمل أعلى من فرص زواج المرأة المطلقة أو الأرملة، حيث وصلت هذه النسبة إلى 42% عند الذكور و5% فقط عند الإناث.
ويبقى واقع زواج ''العوض'' بما يحمل من اشكاليات اقرب الى حالة اجتماعية يعرفها وجعها ضحاياها اكثر من غيرهم ،وترتبط بالوفاة وبظروف محددة .
منقوووول[/frame]
رد مع اقتباس
المفضلات