امتحان الكفاءة الجامعية


باهتمام وترقب بالغين تابعت الجامعات الاردنية الحكومية والخاصة مجريات عقد امتحان الكفاءة الجامعية لطلبتها ، ونتائج هذا الامتحان الذي عقد في نهاية الفصل الدراسي الاول من العام الجامعي 2005/2006 .

ويجري امتحان الكفاءة الجامعية للطلبة المتوقع تخرجهم الذين انهوا متطلبات الحصول على الدرجة الجامعية في نهاية كل فصل دراسي بما فيه الفصل الصيفي ، ويعد التقدم له شرطا من شروط التخرج وليس النجاح في الامتحان شرطا لذلك ، الا بالنسبة لخريجي الجامعات غير الاردنية لاغراض معادلة الشهادة .

وامتحان الكفاءة الجامعية نوع من التغذية الراجعة يمكن من خلالها تحقيق العديد من الاهداف من اهمها تصحيح المسار التعليمي واعادة مراقبة الاداء، وضبط مخرجات التعليم في كل التخصصات ، وقياس مستوى الطالب بالنسبة لاقرانه في جامعته ، وبالنسبة لاقرانه في نفس التخصص في الجامعات الاردنية والعالمية ، كما يقيس مستوى الجامعة بالنسبة للجامعات الاردنية وبالنسبة لجامعات العالم ككل.

وهو بهذا المفهوم معيار اردني رفيع المستوى، الا ان التقسيمات التي بنيت على نتائج نهاية الفصل الاول والتي ارسلت للجامعات اشتملت على العديد من النقاط التي استوقفت المهتمين واثارت قضايا للنقاش ارتأيت عرض عدد منها لتطوير اليات الامتحان وتعميق فكرته ليصبح اكثر دقة وشفافية وانصافا.



ومن هذه القضايا مثلا انه من السابق لاوانه الحكم على مستوى جامعة من خلال قراءة واحدة ، ومع ان معالي وزير التعليم العالي قد صرح بذلك ، وبانه يحتاج الى خمس قراءات على الاقل ليتمكن من الحكم على الجامعات، الا ان هذا يثير قضية بالغة الاهمية وهي انه في امتحان الكفاءة ستحصل احدى الجامعات على الدرجة الاولى، وستحصل جامعة اخرى على الدرجة الاخيرة في كل تخصص، فاذا بقيت احدى الجامعات وبعد خمس قراءات مثلا اخيرة ، فماذا سيحدث هل سيتم الغاء التخصص ام تجميده؟ واين سيذهب اعضاء هيئة التدريس، وهل سيتم تقليل الطاقة الاستيعابية في التخصص نفسه ؟ ولماذا لا تكون الحلول المقترحة بدلا من ذلك تتمثل او تتمحور حول : اجبار الجامعة على ارسال مبعوثين او تعيين كفاءات جديدة ، وتقديم حوافز لاعضاء هيئة التدريس وفتح الابواب امامهم لتطوير خبراتهم او توفير الدعم المالي للتخصص لاغراض تطويره.

ان الترتيب والمفاضلة بين الجامعات الاردنية حسب التخصصات والتي ارسلت نسخ منها لهذه الجامعات له محاذيره ايضا

وعلى سبيل المثال فان جامعة مؤته مرتبتها الثالثة في المملكة في الهندسة الكهربائية، فكيف تقارن بالجامعة الاردنية ومرتبتها الاولى، دون الاخذ بعين الاعتبار المدخلات الاساسية المرتبطة بمعدلات الطلبة في الثانوية، وهي الاعلى في الاردنية (90 فما فوق) في حين يمكن قبول معدل (80) في مؤته للتخصص نفسه. مع اختلاف البيئة الجامعية المحفزة للنشاط الابداعي، من حيث تصعب مقارنة بيئة الجامعة الاردنية او التكنولوجيا بغيرهما من الجامعات اذ لا بد من توفير الدعم اللازم لتطوير البيئة الجامعية في الجامعات التي تحتاج الى ذلك قبل الاسراع بالحكم على مستوى الجامعات.

فالجامعة التي توفر مختبرات مطورة واجهزة محدثة وحوافز ليست كالجامعة ذات الامكانيات المحددة. واقترح اجراء دراسة مقارنة مبدئية بين الجامعات تكشف عن واقع التجهيزات المتوفرة ونوعيتها، ونسبة اعضاء هيئة التدريس بالنسبة للطلبة فيها وغيرها من الامور الضرورية لنجاح العملية التعليمية حتى على مستوى دعم الابحاث العلمية والميدانية وممارسة الانشطة والفنون.

لقد كان ضمن النتائج حصول احدى الجامعات على الدرجة الاولى في تخصص ما ثم تبين ان الاستاذ الذي وضع الاسئلة او شارك في وضع العدد الاكبر منها يدرس في تلك الجامعة!

إن امورا من هذا النوع من شأنها ابعاد النتائج عن الحسابات العلمية الدقيقة، والاصل ان يتم تلافي ذلك مستقبلا تحقيقا للعدل.

ولقد لوحظ ان كثيرا من الطلبة لم يعطوا موضوع الامتحان الاهمية الكافية، لهذا لا بد من توعية الطلبة بشأنه اذ من الضروري ربط الحصول على فرص العمل بالنتيجة التي يحققها الطالب في امتحان الكفاءة، ويقتضي ذلك تعريف الشركات ومؤسسات الدولة الخاصة والعامة بهذا الامتحان واعتبار نتيجة امتحان الكفاءة اساسا للقبول في الدراسات العليا، وتغيير عمليات الابتعاث للخارج بحيث تدخل نتيجة امتحان الكفاءة قيمة اكبر من المعدل التراكمي، وليس القصد التشكيك في مصداقية العلامات الممنوحة للطلبة بقدر ما هو ضبط للمستوى التحصيلي للطالب من حيث ان امتحان الكفاءة لا محاباة فيه.

ويندرج تحت هذا السياق ان النتائج التي خرج بها امتحان الكفاءة الاول ليست نهائية من حيث لم يراع في الحكم على الجامعات اعداد الطلبة المتقدمين للامتحان من الجامعة نفسها مع غيرها من كل تخصص، اذ من غير المعقول ان يتقدم خمسة وستون طالبا من جامعة البلقاء التطبيقية في تخصص هندسة الحاسوب وتحصل الجامعة على المرتبة السابعة في حين يتقدم خمسة طلاب من جامعة الاميرة سمية للامتحان نفسه ويحصلون على المرتبة الثالثة! وعلى هذا يبدو واضحا انه لا يمكن ضبط العينة او الفئة المشاركة مما يثير تساؤلات حول صدق المؤسسات الثقافية في التقدم لامتحان الكفاءة بكل كوادر الخريجين لديها دون انتقاء او تمييز!

اما ما يخص الموضوعات فالاصل ان يقيس امتحان الكفاءة الاساسيات والكفايات وهي مشتركة بين الجامعات مع وجود بعض التفاوت البسيط الذي يمكن لوزارة التعليم العالي معالجته، غير انه من الضروري الالتفات لموضوعات الامتحان لاغراض سد الثغرات في الخطة الدراسية او تغييرها.

في ضوء هذا الامتحان يبقى الامل اخيرا ان تحسن الجامعات من ادائها وان يتقدم التعليم العالي في بلدنا نحو المزيد من التميز والابداع

الجامعه الاردنيه