احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: اللغة العربية وتدريسها

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669

    اللغة العربية وتدريسها


    أكتب في هذا الموضوع من قبيل إبداء الملاحظات ، ومحاولة الإدلاء بالرأي -وأَحسبُ أنّ ذلك حق لكل مُهتمٍّ - دون أن أزعم أنني متخصص في اللغة العربية أو ممارس للتدريس . وأدرك في الوقت ذاته أن مقالة في صحيفة ، لا تكفي لمعالجة هكذا موضوع واسع الفحوى متعدد الجوانب . لكن ما لا يدرك كُلُّه لا يترك جُلُّه ، وربما كان في الومضات السريعة واللمحات الخاطفة أحياناً ما يسهم في كشف الحاجة الى بحث بعض الموضوعات أو دراستها على نحو أكثر عمقاً وأوسع شمولاً.
    على أية حال ، اشتكى لي إبني (الفتى) من صعوبة مبحث العروض في مادة اللغة العربية ، وعدم استساغته لمضمونه . فعجبتُ لأمره ، وقلت له : (( يا بُنيَّ ، إنما هي موسيقى نبحث عنها في أبيات الشعر ، وهي تتعلق بالإحساس والذوق ، أكثر من تعلقها بأي شيء آخر ، وكثير من النَّظْمِ يمكننا أن نميّز وزنه وبحرَهُ بمجرد سماعه ، ونستطيع أن نكتشف بتلقائية موسيقاه والوقع الخاص به ، والذي يميّزه عن سواه من بحور الشعر . وكثيراً ما نستطيع كذلك اكتشاف أي خلل في الوزن فور قراءة بيت الشعر أو سماعه )) . ورحتُ أضرب له بعض الأمثلة على ظهور الموسيقى جليةً في بعض أبيات الشعر التي تلوتها عليه، ثم سألته : (( ألم يصدق المنفلوطي رحمه الله حين قال في مثل هذا الشعر (لو لم يغنِهِ مُغنّيِهِ لغنّى وحده ؟ ) أفلا تستسيغ مثل هذا المبحث مع أن الجمال يفيض من جنباته ؟ )) .
    لم يجبْ الفتى ، وإنما أحضر لي كتابه وأطلعني على ما لم يتمكن من هضمه ، وبعد أن قرأتُ في الصفحات التي عرضها عليّ شرحاً عن : (السبب الخفيف) و(السبب الثقيل) و(الوتد المجموع) و(الوتد المفروق) وقرأت تعريف العروض على أنه (علمٌ بأصول يعرف بها صحيح الشعر من فاسده) التمستُ لابني العذر ... ! وأدركتُ أن استخدام النمط القديم من التعابير ، وميل المادة للتركيز على مسمّيات ليس لها تأثير ذو قيمة في معرفة الوزن الشعري، قد أضفى على تلك المادة الجفاف ، وجعلها غريبة ذات خشونة ووعورة ، وأخرجها عن جمالها كمادة فيها ذوق وإحساس وموسيقى ، وأظهرها كموضوع يحتاج الى الحفظ والتسميع .
    تُرى ، لِمَ لا نضع للعروض تعريفاً يستخدم اللغة الفصيحة المتناسبة مع تعابير العصر وألفاظه ؟ ولِمَ لا نطوّر التعريف القديم الذي تقدمت الإشارة إليه باستخدام ألفاظ أقرب لأذهان الطلبة ولغة العصر ؟ حيث لم يَعُدْ لفظ (فاسد) مستخدماً في عصرنا بمعناه القديم على أنه (ما كان صحيحاً بأصله لا بوصفه ...) ثم أن يكون التعريف قد ورد على ألسنة السلف لا يعني أنه صحيح ودقيق ، فالواضح أن القول بأن العروض (علم بأصول يعرف بها صحيح الشعر من فاسده) ليس تعريفاً (جامعاً مانعاً) فنحن نتوصل من خلال العروض إلى نوع موسيقى القصيدة ، أعني نوع البحر الشعري ، ونميّزه عن غيره من البحور . وبالتالي فإن موضوع العروض لا يقتصر على معرفة صحيح الشعر من (فاسده) كما يقول التعريف (الموروث) ، ولو أننا أردنا أن نجعل الطلبة يتذوقون مادة العروض ويحبونها ويستسيغونها ويهضمونها ، إذن لسجلنا لهم وأسمعناهم أشرطةً تُغنّى فيها أبيات مختلفة من الشعر وفقاً لوزنها ، ليدركوا الفرق بين بحور الشعر ، ويميزوها بناء على موسيقاها ، وسوف يسهلُ عليهم بعد ذلك تقطيع الأبيات ومعرفة تفعيلاتها ، وهضم واستيعاب واستساغة مادة العروض بمجملها .
    يذكرني ما تقدم حول هذا الجمود في التعامل مع اللغة العربية وعلومها ، بما كان قد قاله جبران خليل جبران - رحمه الله - في مطلع مقالة له بعنوان (ما هو مستقبل اللغة العربية ؟ ) جاء فيها : ((إنما اللغة مظهر من مظاهر قوة الابتكار في مجموع الأمة ، أو ذاتها العامة ، فإذا هجعت قوة الابتكار توقفت اللغة عن مسيرها ، وفي الوقوف التقهقر ، وفي التقهقر الموت والاندثار . إذن مستقبل اللغة العربية يتوقف على مستقبل الفكر المبدع الكائن - أو غير الكائن - في مجموع الأمم التي تتكلم اللغة العربية ، فإن كان ذلك الفكر موجوداً كان مستقبل اللغة عظيماً كماضيها .... )) .
    ويبدو أن ما ذهب إليه جبران ، فيه إجابات ، ولو جزئية ، على جانب من الأسئلة التي يطرحها كل مهتم بأمر اللغة العربية ، في ظل (التقهقر) الذي تشهده هذه اللغة من حيث الاستخدام ، وبعد أن أصبح كثير من الشباب يتبادلون الرسائل الالكترونية ورسائل الأجهزة الخلوية إما باللغة الانجليزية أو باستخدام الأحرف الانجليزية للتعبير بالعربية ... ! وصارت كثير من الشركات تتعمد صياغة عقودها وتبادل رسائلها الداخلية وكتابة تقاريرها باللغة الانجليزية ، وبات خلط اللغة العربية بالانجليزية في الحديث المتداول بين الناس أمراً عادياً ، بل مظهرَ رقيّ وحضارة ... ! ولم يعد كثير من الشباب من خريجي الجامعات قادرين على التعبير الكتابي أو الشفهي باللغة الفصيحة ، بل لم يعودوا يستوعبون بعضاً مما يقرأون بالعربية إذا كانت في الألفاظ جزالة وأصالة .
    كيف يحدث ذلك مع أن اللغة العربية تدرّس في المدارس بواقع خمس حصص أو أكثر أسبوعياً ؟ وكيف يحدث ذلك مع أن اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية ؟ ومع ان الطلبة والشباب بوجه عام محاطون بهذه اللغة من عدة جوانب في حياتهم ، فما زالت لغة الصحف الجادة ونشرات الأخبار عربية فصيحة، وكذلك لغة المناهج المدرسية ، وبعض مناهج الجامعات ، وكتابات المفكرين والأدباء ، ما زالت جميعها فصيحة ، فكيف تُراهم يتعاملون معها ، ولم لا تساعدهم في تحسين استخدامهم للغة العربية في النطق والكتابة ؟
    لا بد أن ثمة أسباباً ثقافية واجتماعية ، ونفسية كذلك ، تكمن خلف الضعف في استخدام اللغة العربية الفصيحة ، بل عزوف البعض عنها ، لكن ما ذكره جبران حول هجوع قوة الابتكار سبب ، وعدم تطوير أساليب التدريس من خلال الإبداع ، وعدم التمكن من استمالة النشء وخلق الإحساس لديهم بالجمال وتذوق اللغة العربية وعلومها وآدابها سبب آخر


    منقول عن
    إبراهيم كشت

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Aug 2008
    الدولة
    قوات الــدرك
    العمر
    36
    المشاركات
    5,401
    معدل تقييم المستوى
    21

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973
    اشكرك غاليتى

    على روعة الموضوع والتميز المستمر

    ورده

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sun Jan 2009
    المشاركات
    985
    معدل تقييم المستوى
    16
    مشكورة عالمجهود
    يعطيكي العافية

  5. #5
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669
    [IMG]http://www.***********/data/13961/14038/7ammil_488_416-thanks.gif[/IMG]

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-10-2017, 10:41 PM
  2. تحضير اللغة العربية الصف الثامن قواعد اللغة العربية 2018 منهاج الاردن
    بواسطة A D M I N في المنتدى تحضير صف ثامن جميع المواد 2022/2021
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-09-2017, 09:49 PM
  3. كلمات عن اللغة العربية 2017- عبارات يوم اللغة العربية - كلام مدح في اللغة العربية
    بواسطة A D M I N في المنتدى المطويات - ابحاث - الاذاعة المدرسية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-11-2016, 06:21 PM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-12-2014, 08:34 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-11-2014, 09:16 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك