غالبا ما يكون الطفل كثير التذمر والشكوى مصدرا للإزعاج، وقد يكتسب سمعته كمتذمر بين أقرانه، ومن الصعب التغلب على هذه المشكلة بسهولة، لذا فعلى الوالدين التحلي بالصبر والتصميم لمساعدة طفلهم، واضعين نصب أعينهم أهمية تصرفه بطريقة فعالة ومحببة للمحيطين به. ولهذا؛ فإن على الوالدين انجاز مهمتين: عدم الاستسلام لطلباته بحزم، وتعليمه كيفية التواصل بشكل فعال، ولانجاز هاتين المهمتين في نفس الوقت ، يمكن إتباع الإجراءات
التالية:
* مساعدة الطفل على استعمال نبرة صوتية واضحة، فيجب أن يتعلم استخدام صوته العادي، وليس صوت التذمر لطلب احتياجاته، ومهما كان الوضع، فيجب أن تكون نغمة صوته لطيفة ومحببة، وكذلك نغمة صوت الأم (الأب)، ومن الممكن تدريب الطفل على هذه الممارسة إذا لزم الأمر، وذلك بهدف أن يعتاد الطرفان على التعبير عن حاجاتهما بهدوء.
* التهذيب، يجب أن يعتاد جميع أفراد الأسرة استخدام عبارات مهذبة مثل: لو سمحت، شكرا، في المحادثات اليومية، فهذه الكلمات تساعد على تكريس الاحترام والتوافق بين أفراد العائلة، وتعلم الطفل أن يطلب بدلا من التطلب.
* تشجيع الطفل على طلب حاجته بجملة واحدة كاملة، فالنطق بجملة كاملة يجعل من الصعب عليه التذمر، فلا احد يستطيع أن يستمر في هذا الزن المزعج لفترة طويلة، كما أن تكوين جملة كاملة طريقة مريحة ليخبر الطفل الأم بما يريده، والوصول إلى نتائج، فمثلا: ماما، أنا متعب، ولا أريد أن نتسوق أكثر، هل يمكن أن نعود للبيت؟
* عقد اتفاقية موجزة، لعمل نشاط معين مع الطفل، فمثلا، إذا كان الطفل يرغب بالذهاب للعب في المول، وأخبرته انك ستأخذه إلى الحديقة يوم السبت، لكن يبدأ يوم الأربعاء بتحضير مرافعته، وموافقته على شروط الذهاب إلى المول، يفضل كتابة اتفاقية من جملة واحدة تحدد متى وأين ستذهب، يضاف إليها أن أي مضايقة منه ستلغي الاتفاقية، ويجب الالتزام بنص هذه الاتفاقية حتى تنجح الأمور.
* تجنب الشكليات، واوجد الحلول، فمثلا إذا كان يريد لعبة ثمينة، وأنت رفضت شراءها، سيبدأ بالتذمر، فما العمل؟ أفضل الحلول في هذه الحالة السماح له بشراء اللعبة من مصروفه الخاص، وإذا لم يكن مصروفه كافيا، اطلب إليه القيام ببعض الأعمال للمساعدة في البيت مقابل بقية ثمن اللعبة، فذلك يشجع الطفل على إيجاد طرق بناءة للوصول إلى أهدافه.
لماذا يتذمر الطفل ويتشكى؟ هناك عدة أسـباب محتملة لهذا السـلوك، فقد ينشأ تذمره عن حاجة حقيقية لم تلبى، يجب التأكد من أن توقعاتك من سـلوك طفلك معقولة، فهل يتشكى الطفل في نهاية اليوم الدراسي الطويل؟ قد يكون هذا التذمر ليخبرك بأنه جـائع او متعب، فالأطفال في سـن ما قبل المدرسـة وسـن المدرسـة يحتاجون للراحة والأكـل الجيد ليتصرفوا بالشـكل الأمثل، لذلك يمكن إعطاء الطفل وجبـة خفيفـة ليتناولها في نهايـة دوامه المدرسي، ويترك ليرتاح قليلا قبل البدء بواجبـاته الدراسـية.
كما يمكن أن يكون لدى الطفل مشكلة عاطفية او مشكلة في النمو، تعرقل تحصيله الأكاديمي ونشاطه اللامنهجي. فإذا أبدى الطفل ملاحظات بأنه يكره المدرسة او انه لا يريد ان يذهب إلى اللعب، ملمحا إلى أن هناك شيئا خاطئا، فيجب إعادة تقييم وضع الطفل، ومعرفة الأسباب التي تجعله يبدو على هذا الشكل من التذمر والإحباط.
وقد يتذمر بعض الأطفال بكل بساطة لأنهم أتقنوا فن إزعاج الآخرين لإعطائهم ما يريدون، وهـذا التلاعب هو الثمن الحقيقي لسياسـة بعض الآبـاء (الدلال الزائد إلى درجة تفسد الطفل) والتي تجعلهم يعطون الطفل ما يريدون بهدف تحقيق الهدوء، والذي اعتادوا عمله مرارا وتكرارا لإسـكات طفلهم المدلل في مراحل الطفولـة المبكرة.
هل يجب إهمال تذمر الطفل دائما؟ إذا كان الطفل من النوع الذي يتلاعب بوالديه لتحقيق رغباته، فالجواب نعم، فإذا كان الطفل يتشكى ويتذمر حتى يتجاوز الأهل القواعد للحصول على ما يريد، فيجب ليس فقط إعطاءه ما يريد، بل وقف الاهتمام بأي شيء يطلبه او يقوله بهذه الطريقة، ويجب إفهامه بأنك مهتم بما يقول، إلا انه يستخدم الأسـلوب الخطأ، ومنحه فرصة المحاولة لإعادة طلبه وكلامه بطريقة سـليمة وجديـة.
وبكل الأحوال، فالإهمال ليس كافيـا، فيجب تعزيز السـلوك السـليم، فعندما يطلب شـيئا بطريقة مؤدبة بدلا من التذمر، فيجب تثمين تصرفه، كالقول مثلا: شـكرا لأنك طلبت بشكل مهذب، او أنـا اقدر هذا العمل، فالتعزيز الايجـابي يسـاعد الطفل على النمـو العاطفي والتعبير عن نفسه بطريقة بنـاءة.
أمـا إذا أصبح سـلوك الطفل المتذمر مسـتمرا ومزعجا، ويؤثر في قدراته على المشـاركة والتفـاعل داخل الأسـرة وفي والمدرسـة، فربما كـان يواجه مصاعب عاطفيـة ونفسـية أكثر حدة، وفي هذه الحالة يجب أن تلجـأ الأسـرة إلى مرشد نفسي للمساعدة على تجاوز هذه المشكلة.
رد مع اقتباس
المفضلات