الأردن... سجال بعنوان العصبية العشائرية
الأردن... سجال بعنوان العصبية العشائرية بعد رصد هتافات لأبناء السلط في انتخابات الجامعة.. وأقلام تتوقع جرعات من الإصلاح السياسي قريبا
تسببت الهتافات التي اطلقها طلاب الجامعة الاردنية على هامش انتخاباتهم الداخلية الاخيرة بسجال من طراز خاص بين الكتاب الصحافيين، فيما واصلت الصحافة اعتراضها على الامتيازات الخاصة التي يحصل عليها اعضاء البرلمان على شكل اعفاءات جمركية قبل ان تستمر التكهنات بخصوص التعديل الوزاري الذي طال انتظاره على حكومة الرئيس نادر الذهبي، رغم عدم وجود اي خطوة داخل الحكومة توحي بذلك.
وبمناسبة لقاءات السفراء نوقشت في الصحف آليات العمل الدبلوماسي كما استمرت الصحافة بالتركيز على النزيف البشري الذي تسببه حوادث السير يوميا حيث يتزايد عدد القتلى والجرحى فيما نشطت جبهة العمل الاسلامي في اصدار البيانات والمواقف.
ولاسباب غير مفهومة تجدد التحذير على اكثر من صعيد من الوطن البديل خصوصا على لسان البرلماني ممدوح العبادي، فيما تقاطعت التنبؤات حول توقيت التعديل الوزاري فرجحت صحيفة "الدستور" ان ينجز في اوائل الشهر المقبل وتوقعت "الغد" ان يحصل في شهر شباط (فبراير).
وابرز سجال بين الصحافيين يمكن رصده من النقاش الساخن بين الكاتب ياسر ابوهلاله من صحيفة "الغد" والكاتب محمد الصبيحي، حيث اعترض الاول على هتافات (مناطقية) صدرت من بعض الطلاب في كلية الحقوق في الجامعة الاردنية تغني لمدينة السلط، وهنا قال الكاتب: هتفوا للديرة السلطية بوصفها "كبيرة كبيرة وقوية"، لم يكن هذا الهتاف وحده مستغربا في كلية الحقوق التي يفترض ان تدرس الناس مفاهيم المواطنة وسيادة القانون والدستور. اكمل الطلاب السلطيون اهزوجتهم "عمرها مروان الحمود بالدعسة الفجائية"، قلت لمحمد النابلسي الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية ان هؤلاء احفاد الحزب الاشتراكي الذي حقق حضورا سياسيا كبيرا للسلط من خلال قيادات عبدالحليم النمر وسليمان النابلسي وصالح المعشر.. سالناهم: هل تعرفون عبدالحليم النمر (والد مروان الحمود) فأجابوا بالنفي، هل تعرفون سليمان النابلسي؟ اختصر محمد حفيد سليمان، وقال انهم لا يعرفون مروان الحمود وهو لا يقبل بمثل هذه الهتافات.
اما الدعسة الفجائية (اسم مشهور محليا لمجموعة شبان) فهي شلة من الشباب المتمرد في السلط انحاز اكثر اتباعها الى السلفية الجهادية وقضى بعضهم في العراق وكردستان وافغانستان. وهي شلة تعبر عن انقسام سلطي تقليدي بين الحارة ووادي الاكراد.
وقال ابو هلاله: لم يخف محدثونا هويتهم السلطية، وقالوا انهم قدموا من غير مكان وجامعة وفاء لمرشح السلط، والذي فاز في تحالف تاريخي بين السلط والشمالات. بموازاة تحالفات عشائرية وجهوية اخرى تعكس تفوق الهويات الفرعية على الهوية الوطنية الجامعة، لا يعبر المشهد عن اجواء الانتخابات في كل الجامعة، ومن خلال استقراء اكثر من كلية بدا ان انتخابات هذا العام كانت الاقل "عشائرية وانقساما" مما شهدته الجامعة على مدى ثماني سنوات.
وبرأي الكاتب تقدم انتخابات الجامعة الدواء وتكشف العلة، فالدواء هو المضي في الاصلاح ودفع كلفته، وقد تبين ان لا كلفة له في الجامعة الاردنية وبحسب الطلاب فانها الانتخابات الأهدأ والاقل انقساما، العلة الاساسية التي تعيق الاصلاح في الاردن هي ازمة الهوية الوطنية، فقد ظلت تتنازع الاردنيين هويات عابرة للحدود بناء على خلفيات اسلامية او قومية او ماركسية او هويات دون الحدود تعبر عنها العشيرة او الديرة او المنطقة وبشكل اوسع الثنائية الاردنية الفلسطينية.
وقال: لا يجوز ان نضع رؤوسنا في الرمال وننكر هذه الازمة التي لا تحل بالهتافات والنوايا الحسنة، وعلى الواهمين ان يدخلوا الجامعات ويراقبوا الوان "الشماغات" التي تعبر بشكل فاقع عن الهوية، ومن يقفون في وجه الاسلاميين ليسوا تيارات سياسية قومية او ماركسية او ليبرالية او وطنية يقف افراد تجمعهم هويتين يعبر عنهم بشكل رئيسي "وطن" و"الوحدة الطلابية او الطلائع"، اي بالمعنى الرياضي فيصلي ووحدات.
وما قاله ابو هلالة بخصوص طلاب السلط لم يعجب ابن المدينة الكاتب محمد الصبيحي الذي اتهم الاول بأنه يريد ان يقدم ابناء السلط وكانهم العقبة العشائرية الاخيرة في طريق الديمقراطية الجامعية التي تحقق الآن نجاحات هائلة على يد الدكتور خالد الكركي.
وتحدث الصبيحي عن احتجاج عدد كبير من شباب السلط على مقال الزميل ابو هلاله باعتبار انهم استنتجوا من المقال انه يلصق بهم ما يمكن وصفه بالتخلف السياسي لانهم على حد قوله لم يعرفوا من هما سليمان النابلسي وعبد الحليم، وفي الحقيقة فان الزميل ياسر قد ارتكب في تقديري خطأ كبيرا حين اجتزأ من المشهد االانتخابي الجامعي تلك المقطوعة الهامشية لمجموعة من ابناء السلط يهتفون لمدينتهم ولشخص يحبونه واعتبر ذلك صورة من صور (تفوق الهويات الفرعية على الهوية الوطنية الجامعة)، مصورا الامر وكانه الحالة النشاز - كما فهمت - في المشهد الديمقراطي حين يقول "لا يعبر المشهد عن اجواء الانتخابات في كل الجامعة". وفي كل الاحوال فان الزميل المحترم يناقض في متن مقاله ما يقوله في مقدمته، فحين يعترف ان البلاد "تشهد انكماشا سياسيا اخرج جميع الاحزاب من قاعة التداول باستثناء جبهة العمل الاسلامي" فان عليه ان يدرك ان البديل لغياب الاحزاب السياسية سيكون في الانتماءات العشائرية وان هناك فرقا كبيرا بين الانتماءات العشائرية وبين الهوية الوطنية ولكن لا يوجد تعارض بينهما ومع ذلك فالزميل لا يميز بين الانتماء العشائري ويسميه (الهويات الفرعية) في مواجهة الهوية الوطنية الجامعة الاردنية وهذا خلط فالهتاف للسلط او لمعان انما هو انتماء للعشيرة والمدينة الحاضنة الاولى الاصغر في الوعاء الكبير (الوطن) وليس هوية فرعية، لان الهوية امر يتعلق بمزيج بين الجنسية والتراث الثقافي والاجتماعي والنظام السياسي، ولو كان الهتاف للسلط يعني (هوية فرعية) والهتاف لمعان يعني (هوية فرعية) لما راينا كيف استجابت السلط لاحتجاجات المعانيين المشهودة في نيسان (ابريل) 1989.وتابع الصبيحي يقول: كلنا يعرف ان انتخابات الجامعات الاردنية مزيج فريد من نوعه بين الانتماءات الحزبية والعشائرية والجهوية والاقليمية والعرقية احيانا والفردية، وقد استفاض كثيرون في شرح تلك الصورة الغريبة، ولكن وبالتأكيد فان الانتماء للسلط والهتاف لمروان الحمود الذي يبجله ابناء السلط كلهم لعفة لسانه وترفعه عن الصغائر وتصدره لخدمة من يقصدونه ليس الصورة السلبية التي توهمها الكاتب وجعل منها متكا يتكىء عليه لاتهام الاخرين بالتخلف السياسي والتباكي على ارث الحزب الاشتراكي، متناسيا ان العديد من قيادات الصف الاول في الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي كانوا وما زالوا من ابناء مدينة السلط. اما اشارته المجموعة ما يسمى (الدعسة الفجائية) وبالنسبة لهذه المجموعة فقد كانوا شبابا متمردين شيئا ما نعم ولكن على الظروف الاجتماعية والمعاشية وغياب التنمية الثقافية والسياسية والدور الوطني للشباب، وهذا ما يفسر التحاق عدد منهم بالجماعات الجهادية في افغانستان والعراق. ولاحقا لم تنته المساجلة فقد نشر ابو هلاله توضيحا يقدر فيه (اخواله) من ابناء مدينة السلط ويتمسك برأيه بخصوص الهويات الفرعية في الجامعات فيما لم يشارك بقية الكتاب بهذا السجال، فقد اعترض الكاتب في صحيفة "الدستور" ماهر ابو طير على منع التغطية الصحافية عن ملتقى السفراء في الخارج مقترحا مشاركة الصحافة في التحاور حول قضايا مهمة من بينها اداء السلط الدبلوماسي وملاحظات المواطنين عليه في الخارج مقترحا ايضا ان تنصف الخارجية كادرها الدبلوماسي بدلا من اسقاط السفراء بالطائرات المقاتلة، على كراسي السفراء، وبدلا من حالة الاحباط التي تعصف بالدبلوماسيين وظروف حياة كثيرين منهم، وبدلا من تفشي الوساطات احيانا في اختيار الدبلوماسي والبعثة التي سيخدم بها.
وتحدث الكاتب عن شكوى السفراء من عدم وجود مخصصات مالية وضعف تاهيل الدبلوماسيين مشيرا الى ان الدبلوماسي النشط يضطر ان ينفق راتبه، او جزءا منه في حالات كثيرة، للمجاملات في الدولة التي يخدم بها، او لمساعدة احد ما، كما ان السفراء لا يمتلكون اي قوة لمساعدة اي اردني، ولا توجد صناديق في السفارات مخصصة لحالات الطوارئ لمساعدة الاردنيين في الخارج، ولا تعرف السفارات حتى اعداد الاردنيين واماكن تواجدهم، ولا نسمع بعد كل زلزال يحل في دولة او انقلاب عسكري، الا ذات التصريح المحفوظ "الاردنيون بخير"وهو تصريح بروتوكولي، في اغلب الحالات.
ومن جانبه وفي صحيفة "الغد" تحدث الكاتب فهد الخيطان عن حصول الرئيس الذهبي على (ضوء اخضر) لاجراء التعديل الوزار ي من القصر الملكي، وقال: اكثر من تحد يواجه الحكومة التي استعادت ولايتها الدستورية كاملة مع بدء عام جديد في مقدمتها تطورات الازمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها المحتملة على الاردن الامر الذي يتطلب وجود فريق اقتصادي متماسك قادر على التنبؤ بالازمات واجتراح الحلول الخلاقة يعمل بروح الفريق الواحد. الفريق الحالي لا يستطيع الاستمرار موحدا ومتناغما، فالخلافات بين اعضائه خرجت للعلن واصبحت تؤثر سلبا على العمل، ولم يعد بوسع الذهبي مداراتها او التغلب عليها. ولهذا فان التعديل المرتقب سيطال وزراء اساسيين في الفريق الاقتصادي واخرين في وزارات خدمية يرتبط عملهم بالدور الاجتماعي والتنموي الذي تضطلع به الدولة وعلى صلة مباشرة بالاقتصاد.والتحدي الثاني يتعلق بالاصلاح السياسي والخطوات المطلوبة والممكنة في هذا الميدان، فالحكومة تدرك الآن ان تأجيل هذا الاستحقاق لم يعد ممكنا وهناك حاجة ماسة للتفكير بمشروع وطني توافقي يساهم في تحسين بيئة العمل السياسي والحزبي ويستدعي هذا التوجه وجود وزير تنمية سياسية قادر على التوفيق بين متطلبات الاصلاح السياسي ومحاذيره ويحظى بالدعم اللازم من اطراف صناعة القرار.ووفقا للخيطان ترشح اوساط ان يشمل التعديل وزارات مثل الصحة والسياحة والتعليم العالي اضافة الى الشؤون البرلمانية وفي كل الحالات فان التعديل سيشمل عشر وزارات تقريبا ومناقلات ستطال وزيرين او ثلاثة. ويستبعد مطلعون ان يتم استحداث منصب نائب للرئيس كما تردد مؤخرا.وعن الصراع العربي ـ الاسرائيلي تحدث في صحيفة "الرأي" الدكتور بسام العموش قائلا بأن اذا كانت مراهنة اسرائيل على الزمن، فهو في غير صالحها فالاجيال التي تخرج اجيالا زادت عندها مساحة المجازفة والتحدي والثورة، ولن يبقى المظلوم ساكتا، وستبقى قضية فلسطين هي القضية التي تحرك القضايا الاخرى مما يعني عدم استقرار العالم كله ولا يستطيع اي متأثر بالوضع الحالي ان يبقى متفرجا، ومن هؤلاء وفي مقدمتهم الاردن الذي ساند الشعب الفلسطيني، واستقبل امواج المهجرين الذين لا يستطيعون نسيان وطنهم وسيرضعون اولادهم حب الوطن وضرورة استرداد الحق، ولن يستغني الانسان عن بلده مهما امتلك من مال في المهجر لان التراب الوطني عزيز يفديه الناس بارواحهم واولادهم. وقال العموش ايضا: علينا نحن في الاردن ان نرتب اوراقنا ولا ننتظر المجريات التي تفرض واقعا جديدا حتى نحطم كل المقولات والاحلام الصهيونية التي نادت وتنادي بالوطن البديل، وذلك بتلاحم الناس واسنادهم للنضال الفلسطيني لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية غرب النهر.
المصدر : الحقيقة الدولية - القدس العربي 27.12.2008
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nice girl
المفضلات