صديقي الشيوعيّ الملحد
.....صديقي الشيوعيّ الملحد ،،صاحب طفولتي في المخيم ،،! وفي المخيم ،كلّ الناس أصحاب ….!وكنتُ أنا مؤمناً أحاور الملحدين ،،هكذا كمَن يؤدّي أمانة فكر سليم ،،،وظلّوا هُم أيضا يظنون أنني أنا الضالّ عن الطريق ،،ولكن أيّة طريق ،،،فكلّنا إنما نمشي في طريق ،،،والمهم أين توصلنا الطُرق ،،،،،!
.
،،، ،،كان قد رحل من المخيم ونسيتُه ،،فجأة صرْتُ أسأل عنه ،،،،حتى أُعطيْتُ عنوانه ،،طرقت الباب ،،دخلتُ إليه في داره ،، تفاجأ بي ،،فرح لرؤيتي وفرحتُ لرؤيته ،،،وبدأ الحوار ،،،،!..يجب أن نكمل حوارنا الذي بدأناه ،،،ولو قبل الموت بقليل...!!
.
،،،،!..ألم أقل لكم أنّ الفكر الصادق أمانة ،،،! فلماذا تذكّرته بعد كلّ تلك الأعوام ،،،،،،!
....كان بائساً ..لم أجد عنده عشاء ..!..كان معي بضعة دنانير فاشتريتُ علبة من اللحم ،،أكل معي وهو يحتجّ على الرأسمالية ويسبّها وسلوكها العفن !!..
.
قلت له : مَن الذي توصله طريقه الى حقيقة الحياة ،،! هل سنجدُ الله بعد الموت وجنّةً وناراً أم لا نجد …….!
..قال:ولماذا أؤمن بما لا أرى ،،،! قلت ،،لو أقف على جبل بعيد هل تراني ،،!،،ليس عمل العين أن ترى الحقيقة كاملة ! ولكن إذا رأيتَ بعَرةً في الطريق تعرف بعقلك الحقيقة كاملة - أنّ جملاً مَرّ من هنا -،،،
.
،،الحقيقة الكاملة لا نراها إلاّ بعقولنا
،، قلم حبر لا يكون بدون صانع ..نقول : أحدٌ ما وضع الحبر في الأنبوبة .....وعيناك في وجهك :
ألا تعرف صاحب هذا المعروف وقد أراك هذا العالَم ..وأسمعَكَ أصواته !
.
..قال: هناك قانون كونيّ ...قلتُ :...فكلّ قانون يحتاج عقلاً .... هو الله !!
..أرى في الفَلاة قارورة جميلة ،،نبحث هنا وهنا عن صانعها ،،لانقول ،،جاءت هكذا ،،! ،،ننظر إلى تعاريجها ولونها ،،نقول: هناك ارادة تريد هذه الألوان وهناك قدرة وهناك عِلم ،،لا يصنع الصانع صنعته بدون علم وإرادة ،،
….وأيّ نظام كنظام الفَلَك وأيّ قانون كولادة الحياة وموتها
،،يحتاج القدرة والإرادة والعلم....
...قال: الطبيعة فعَلَتْ ذلك....!................تعجبتُ : قلتُ وهل الطبيعة لها عقل وعلم وإرادة .......وهي تراب وماء وهواء ......مَن مِن هذه العناصر له علم وعقل ......!..
..قلتُ له: ....الكافرون كاذبون فقط ...............وقبل الموت بقليل يؤمنون
..............فهُم عند الموت يرَوْن الله وهو يفكّك ما صنَع !!
.
قال: ولكن ماذا الله ،،،! ، قلت : أنت لا تستطيع اجابة هذا السؤال ،،فعقلك ينمو كلّ يوم وهذا يعني أنه محدود ،،ولن يصير عقلاً مطلقاً يعرف كلّ شيء ،،! كما لا يستطيع طفل أن يعرف ماهي الذرّة ،،نحن قادرون أن نبرهن على وجوده فقط ،،! دَلّ عليه أثره
،،وما أسهل أن يؤمن جميع الناس لو عرفوا كيف كان الله.............!!
،،،! ،
.
،،أقول لك : من رأى كتابةً في ورقة ولم يرَ كاتبها ،كيف يسمّي الكاتب ..!،،سوف يصفه بأوصافه : يقول كتبها كاتب عليم خطّه جميل قدير ،،،كما قرأ ابراهيم تلك الكتابة وقال : " إنّي وجّهتُ وجهي للذي فطَر السماوات والأرض ،، حنيفا وما أنا من المشركين …"...ولم يُسمِّ الله
وأخيرا قلت له :ما ترى عيناك إلاّ سرابا
،،وكلّ ما سيزول هو سراب ،،........!!
..........وسيرى عقلك الحقيقة ،،لأنّ الآتي هو الذي لا يزول ،،كما الآية " ..والذين كفروا ،، أعمالهم كسراب بقيعة ،،يحسبه الظمآن ماء ،،حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده ،،فوفّاه حسابه ،،والله سريع الحساب " …
….الله وحسابه حقيقة تراها بعد أن ينكشف الضباب ،،،،،،،،،،
.
،،وهممْتُ بالذهاب ،،كمَن بلَّغ بلاغاً ،،وكلّ حيّ سيبلّغه الله هذا البلاغ ،،!
قال: تمهّل ،، نريد مزيداً من الكلام ..!قلت : بل أنت تريد الإيمان ،،أن يجلس معك !!
...وذهبتُ ،،،،وبعد شهرين فقط
،،سألتُ عنه قالوا : مرَّتْ جنازته من هنا قبل أيام ،،،،،!!!.
.
..شعرتُ بدوار ،،ما أسرع الموت !!..وذهبْتُ إلى البيت في تلك الليلة ،،،،أشعُرُ بالرعب ،،،!
..،مالذي يحدث ،،،! من الذي أرسلني ،،! من الذي أماته !! ما هذا الموت !!........ولماذا نستغرب الموت ولسنا من نقرّره ! هل تستغرب أن فلانا وُلد ،،! فكيف تستغربُ أنّه مات ،،! كلاهما أمران ليسا لك ،
،،نحن خاضعون ،، فقط خاضعون !!!!!....فتعلّم الطاعة وقُم للصلاة !!!
.
...قمتُ اغتسلتُ وبسرعة قلتُ : الله اكبر ...وبدأتُ الصلاة في تلك الليلة ،، كمَن يريد أن يسبق ا لموت ،،فكّرتُ أن الموت أسرع من قيامك إلى الوضوء ورجوعك ،،وربما تموت قبل أن تبدأ الصلاة وتشعر بالسلام ،،
.
،،،لا أدري من الذي وَعَظَ الآخر ،،وعظني موته ،،ووعظتُه بكلامي ،،،وقالوا أنّه قال قبل الموت : هاهو الله وهاهو ايماني شديد الوضوح ...وكان ايماني مختفياً ...وهو الساعة كقمرٍ طلع من بين الغيوم ..
..ايماني كان مختفياً لأنّي لم أفكّر بعقلي بل بعقولهم ....كنّا كمَن يحفظ درساً ولا نفكّر فيه ...
..الله لا يعرفه إلّا صادق يريد أن ينقذ نفسه .....من الجحيم ............!!...،،
.
،،،ثلاثون عاما بين موته وساعتي هذه ،، ،،قد فعلنا فيها كل شيء ،،،وها أنا أمام الحائط ،،لم يبق ما نفعله ،،ذهب الزحام وخرجنا من طابور المتسابقين الذين ماتوا ،،كلّهم أجمعون ......!!...وفي قبورهم نظروا الى بعضهم وصاروا يضحكون ..!
.
وبعد الحائط ترى الله وسأرى ما رأيتَ ،،أيها الأخ ،،،،!ثلاثون عاما ليست شيئا !!عمري مثل عمرك ما دمنا سنصل جميعا هذا الحائط ،،،انما كنّا نتسلّى قبل الموت بقليل ،،،وما قيمة سنواتي في الدنيا بعدك ،،مادمت جالسا قبلي في الجنة ،،!!!!!!
.
.
.
. عبدالحليم الطيطي