شرح وتحليل لقصيدة - مناجاة العصفور مع تعريف الشاعر 2018
عصفور الجنة
التعريف بالشاعر :
عبد الرحمن شكري شاعر عربي مصري جمع بين الثقافة العربية والثقافة الانجليزية ، أتم دراسته في مصر في مدرسة المعلمين وتخرج منها عام 1909م وأرسل في بعثة إلى انجلترا عام 1912م وعاد ليعمل في وزارة التربية والتعليم وكان له حظ وافر من الثقافة والمعرفة بالأدبين العربي والانجليزي ، وإسهام بارز في النهوض بالشعر الحديث وتطويره ، أصدر عدداً من الدواوين من أبرزها : أضواء الفجر ، وزهر الربيع ، وأزهار الخريف ، وأناشيد الصبا ، وأصدر كتابين نثريين هما ( الخطرات ، والاعترافات ) .
كان شكري على رأس مدرسة الديوان مع زميليه المازني والعقاد ، ينشر آراءه في تجديد الشعر وفي نقد الإحيائيين ، ثم انقلب عليه رفيقاه وهاجماه في كتابهما ( الديوان ) تحت عنوان " صنم الألاعيب " مما كان سبباً في اعتزاله الحياة الأدبية .
مناسبة القصيدة :
يعبر الشاعر في هذه القصيدة عن تجربة أليمة حزينة وهي بعد أحبابه عنه وتخلي أقرب الناس إليه عنه مما أفقده الثقة بالناس .
القصيدة:
1- دعوة الطائر للإقامة بقلب الشاعر :
1- ألا يا طائرَ الفِردو سِ قَلْبي لك بستانُ
2- ففيه الزهـرُ والماءُ وفيه الغصــن فينانُ
3- وفيهِ منكَ أنغــامٌ وفيه منكَ ألحـــــــانُ
4- وللأشجــارِ أوتارٌ وناياتٌ وعيـــــــــــدانُ
المفردات:
1- ألا : أداة تنبيه واستفتاح ، الفردوس : الجنّة ، بستان : حديقة
2- فينان( فين ) : الأغصان الطويلة الحسنة
3- أنغام : مفردها نغمة وهي حسن الصوت ، ألحان : مفردها لحن وهو القطعة الموسيقية
4- أوتار :مفردها وتر وهو معلق القوس ، نايات : مفردها نأي وهي آلة من اليراع المثقوب ، عيدان : مفردها عود وهي كل خشبة رطبة أو يابسة ( أوتار ، نايات ، عيدان ) أدوات موسيقية .

الشرح :

يدعو الشاعر عصفور الجنة إلى أن يقيم في بستان قلبه الذي يمتلئ بالزهور والجداول والأشجار ذات الأغصان الطويلة الحسنة وقد امتلأت أجواء البستان بالنغمات الجميلة الصادرة عن عصفور الجنة وقد شاركت الطبيعة العصافير في الغناء بحفيف الأشجار ورقص الأغصان .
مواطن الجمال :
*ألا ، يا : أداة الاستفتاح وأداة النداء يدلان على مدى قرب الطائر من الشاعر ،(أسلوب إنشائي )
*قلبي بستان : تشبيه بليغ شبه القلب بالبستان دلالة على بعث الأمل والبهجة في النفس.
*وفيه منك أنغام ، وفيه منك ألحان : إسناد الأنغام والألحان للطائر يدل على إعجاب الشاعر بصوت الطائر.
*وللأشجار أوتار ونايات وعيدان : كناية عن البهجة والسرور المنبعثة في النفس .
**( الأساليب خبرية للتقرير توحي بالأمل في نفس الشاعر)
*يتضح في الأبيان مناجاة الشاعر للطبيعة وهيامه بها فأتخذ من عصفور الجنة رمزاً حيّاً فحاوره .
2- الطائر مُلْهِم للشعر :
5- ألا يا طائــــرَ الفــــــردو س إن الشعر وجـــدانُ
6- وفي شدوكَ شعرُ النفـ ـس لا زورٌ وبهتـــــــانُ
7- فلا تقتـــــــــــدِ بالناسِ فما في الخلقِ إنسانُ
8- وجُدْ لي منكَ بالشعــرِ فإنَّــا فيـــه إخـــــــــوانُ
9- ألا يا طائــــرَ الفــــــردو س قلبي منك ولهـــانُ
المفردات :
5- وجدان : هو كل إحساس أولي باللذة والألم , وهو حالة نفسية متأثرة بالألم واللذة .
6- شدوك : غناؤك ، زور :باطل ومضادها ( الحق ) ، بهتان : كذب وافتراء .
7- لا تقتد بالناس : لا تتبع أهواءهم ، الخلق : الناس ،
8- جُد : أعطي بسخاء وكرم ، إخوان : المراد بها الأصدقاء .
9- ولهان وله) من اشتد حزنه حتى ذهب عقله ، والأم على طفلها ( حنت إليه ) .
الشرح :
يظهر الشاعر رأيه في الشعر فالشعر عنده معنى وفكر وعاطفة صادقة ، ويرى أن غناء الطائر يطرب ويسعد النفس بصدق وليس بالكذب والباطل ، ويدعو الشاعر الطائر بألا يتبع أهواء الناس لأنه لا يوجد بينهم من يستحق أن يطلق عليه إنسان ، فالطائر ملهم للشاعر بالشعر الجميل فكلا منهما ينشد ويسعد الآخرين ويبعث الأمل والبهجة في النفوس ، فالشاعر يحن إلى الطائر حزين لبعده عنه .
مواطن الجمال :
*إن الشعر وجدان : أسلوب خبري غرضه التقرير وعرض رأي الشاعر
*وفي شدوك شعر النفس : كناية عن إلهام الطائر الشعر للشاعر .
*فلا تقتد بالناس : أسلوب إنشائي نهي الغرض منه النصح والإرشاد .
*فما في الخلق إنسان : كناية عن فقدان الثقة بالناس جميعاً .
*وجد لي منك بالشعر : أسلوب إنشائي أمر الغرض منه الترجي .
*قلبي منك ولهان : كناية عن الألم والحزن لبعد الأصدقاء عنه.
*يسود الأبيات جو من الحزن والألم والتشاؤم الذي ينبع من معاناة الشاعر وفقده الثقة بالناس .
3- تعجب الشاعر من ابتعاد الطائر عنه:
10- فهل تأنفُ منْ روضي وما في الروض ثعبانُ؟
11- وهل تنفرُ من جـــوِّي وما في الجوِّ عقبــانُ؟
12- وهل تنَفـــرُ من قلبي كأنَّ القلبَ خــــــوّانُ
13- فما لي مِنْكَ إسعــــادٌ ولا لي منكَ لقيــــانُ
المفردات :
10 – تأنف : تأبى وتكره ، روضي : مفردها روضة وهي الحديقة .
11- تنفر : تفزع وتبتعد ، عقبان : مفردها ( عُقاب ) وهي الطيور الجارحة .
12- خوّان : صيغة مبالغة من ( الخيانة ) أي كثير الغدر .
13- لقيان : مقابلة واجتماع .
الشرح :
يتسأل الشاعر عن سبب رفض الطائر الإقامة بقلبه هل لوجود ثعبان في أرض الرياض ، أم لوجود الطيور الجارحة في سماءها ، أم إنه يخاف الغدر والخيانة من هذا القلب ؛ لذلك حرمني من السعادة والهناء في طيب اللقاء .
مواطن الجمال :
*الأبيات ( 10 – 11 – 12) أساليب إنشائية ، استفهام الغرض منه التعجب
*استخدام النفي بـ ( ما ، و لا ) للتأكيد
*البيت (13) فيه حسن تقسيم يولد إيقاع موسيقي خلاب .

4- الإيمان بالقضاء والقدر

14- وللأقــــــــدارِ أحكامٌ وللمخلــــوقِ إذعـــــــانُ
15- أرى الأحداثَ إسراراً ستُمسي وهي إعلانُ
16- ويهفو بكَ ريبُ الدهـ ـرِ إنَّ الدهـــرَ طعّــــــــانُ
17- فلا حســنٌ ولا شدوٌ ولا زهـــــــرٌ وأَغَصـــانُ
المفردات :
14- الأقدار : مفردها ( القَدر ) وهو قضاء الله ، إذعان : خضوع واستسلام .
15- الأحداث : مفردها ( حدث ) وهي الأفعال ، إسرار : إخفاء *مضادها* إعلان : إظهار ووضوح.
16- يهفو ( هفو ) : الهفوة هي الذلة ، ريب : شك ، وريب الدهر حوادثه ، الدهر : الزمن ،
طعان : مبالغة في الطعن أي كثير الطعن .
17- حسن : جمال ، شدو : غناء .
الشرح :
إن القدر يحكم علينا وليس للإنسان إلا أن يخضع ويستسلم لحكم وقضاء الله ، وكل شيء يخفى علينا الآن لن يأتي الليل إلا ويكون واضحاً معلناً ، وإن التفكير في حوادث الدهر سيقودك للوقوع في الخطأ ؛ لأن الدهر بطبعه يحاول دائماً أن يوقع الإنسان في الخطأ ، والتفكير الدائم في حوادث الزمن يمنعك من الشعور بالجمال والبهجة ولا تستمتع بما حولك
مواطن الجمال :
*وللأقدار أحكام وللمخلوق إذعان : أسلوب خبري الغرض منه تقرير الإيمان بقضاء وحكم الله.
*إسرار ، إعلان : طباق يوضح المعنى ويبرزه .
*البيت 15 : حكمة ( الذي يخفى علينا اليوم سيأتي الغد ونعلمه ) وهو ناتج عن خبرة الشاعر وتنوع ثقافته .
*الدهر طعان : استعارة مكنية شبه الدهر بالإنسان كثير الطعن وسر جمالها التشخيص والتجسيم .
*طعان : استخدام صيغة المبالغة للدلالة على كثرة نوائب الدهر.
*تكرار (لا) في البيت 17 : يفيد تأكيد عدم حدوث الاستمتاع بالحياة ومباهجها .

5- الإخلاص من طبع الشاعر

18- سيبقى لـــكَ في قلبي مـــوداتٌ وتَحنانُ
19- فإنْ ملّك أحبـــــــــــــابٌ وإن عقّك إخـــوانُ
20- وإنْ رابَكَ مـــــن عَيْشـِ كَ لوعاتٌ وأحزانُ
21- فجرّبْ عنــــــدَها قلبي فقلبي منكَ مـــلآنُ
22- وأسمعنْي من الشعرِ فإنَّا فيهِ خــــــلانُ
23- وهــل تفهمُ ما أعْني وهل للطيرِ أذهانُ؟!
المفردات :
18- مودات : جمع مودة وهي الحب ، تحنان : الحنين الشديد .
19- ملّك : سأمك ، أحباب : مفردها حبيب ، عقّك : خالفك ، إخوان : المراد الأصدقاء
20- رابك : نابك وأصابك ، لوعات : مفردها لوعة وهي حرقة الشوق .
21- ملآن : ممتلئ (ج) مِلاء .
22- خلان : مفردها خلٌ وخليل وهو الصديق المخلص .
23- أذهان : مفردها ذهن وهو الفهم والعقل
الشرح :
يخاطب الشاعر الطائر قائلاً بالرغم من بعدك عني فإن الحب والحنين لك يملأن قلبي ، فإذا سأم منك الأحباب وهجرك الأصحاب وأصبت بالحزن وحرقة القلب فعندها تعالى معي فأنا وأنت أصبنا بنفس الشيء فلنتسرى معا بإنشاد الشعر وتسمعني إنشادك الجميل فنحن أصدقاء أوفياء فيما نقول ، ثم يبرز الشاعر الغرض الحقيقي لما يقول من أن المقصود بالطائر هو الصديق فالطير ليس لديه عقل ليفهم ما قاله الشاعر لكن على الصديق أن يعي ما أقول .
مواطن الجمال :
*استخدام كلمة ( مودات) على صورة الجمع للدلالة على حب الشاعر الشديد للطائر .
*البيت 23 : أسلوب إنشائي استفهام الغرض منه التعجب .