اتهمت أسرة الطفلة حبيبة، التي لم تتعد الرابعة من عمرها، في قضية والتي تعد من أغرب ما تداولته ساحات المحاكم في مصر، معلمتها في الحضانة بالاعتداء عليها عدة مرات، مما أصابها على مدى أسابيع طويلة بنزيف حاد كاد يفتك بها، والمثير أن وصف الطفلة الصغيرة الدقيق للواقعة يؤكد أن مدرستها "رجل" يختفي في زي امرأة! المأساة كشفتها أم الطفلة حبيبة، للحصول على حق ابنتها، ومعها ثلاث طفلات أخريات، رفضت أسرهن الانضمام والتحالف معها، خوفاً من الفضيحة والعار..






تقول "ولاء" والدة الطفلة حبيبة لـ "سيدتي":



التحقت ابنتي بالحضانة قبل نحو عام، وبعد فترة بدأت ألاحظ عليها الإرهاق والهزال، والخوف والفزع، لأقل الأشياء، فتحدثت مع زوجي حول ذلك، إلا أنه لم يعرها اهتماماً، وفي أحد الأيام ذهبت إلى الحضانة كعادتي لإحضار ابنتي، وطرقت باب الفصل، فإذا بعاملة الفصل، والتي تهتم بشؤون الأطفال، تبكي بشدة، وعلى الفور بحثت عن ابنتي فوجدتها تخرج من الحمام الملحق بالفصل، عارية، وعندما حاولت لوم المربية فوجئت بها تقول لي ابنتك كانت تنزف دماء غزيرة في الحمام، وكنت أحاول مساعدتها، فهرولت تجاهها، وشاهدت الدماء بالفعل، وكانت غزيرة، وحاولت معرفة السبب دون جدوى، ولم يبلغني أحد بما تعرضت له ابنتي، وعندما حاولت السؤال عن مدرستها التي تدعى "منى"، والمسؤولة عن الأطفال في الفصل، لم أجدها، واندهشت كثيراً من ذلك، المهم اصطحبت ابنتي في ذلك اليوم إلى الطبيب، بعد أن نصحتني مديرة المدرسة بذلك، واحتار الطبيب "محمد سعيد خليفة" والذي يتابع ابنتي منذ ولادتها، في تشخيص ما حدث، ولم يطرأ على أذهاننا مطلقاً أن تكون ابنتي قد تعرضت لما عرفته بعد ذلك، واكتفى الطبيب في ذلك اليوم بوصف مطهر لأمعاء ابنتي وأمرني بزيارته بصفة دائمة حتى التأكد من توقف النزيف الشرجي الذي أصابها، وبالفعل توقفت الدماء في اليوم التالي، فشعرت ببعض الاطمئنان، وخاصة أن تحليل برازها لم يظهر أيضاً سبباً لهذا النزيف، وبطبيعة الحال أعدتها إلى الحضانة بعد ثلاثة أيام، وكانت المفاجأة الثانية عودة النزيف إليها مرة أخرى، فاتضح لي أن شيئاً ما يحدث لابنتي عند ذهابها للحضانة، ولكن لم أفكر سوى في أنها تبذل مجهوداً في اللعب مما يصيبها بالنزيف، وشعرت بالخوف الشديد على ابنتي، وخاصة أنها في ذلك اليوم ذهبت في نوم عميق لأكثر من ست ساعات كاملة عقب عودتها من الحضانة، وفي اليوم التالي فوجئت بها تصرخ بشدة وترفض رفضاً تاماً الذهاب للحضانة، وكانت لا تتوقف عن ترديد "أنا خايفة من مس منى"




المفاجأة



وتضيف الأم: كانت ابنتي تستيقظ من النوم في حالة فزع شديد، وتقول لي "مس منى في الحضانة، ولو ذهبت إليها ستضربني"، وبالطبع شعرت بالقلق الشديد فما الذي تفعله لابنتي، لكي تصاب بكل هذا الرعب، وفي ذلك اليوم فوجئت بالسرير الذي تنام عليه ابنتي قد اكتسى بدمائها، حيث تعرضت لنزيف شديد طوال نومها، فحملتها على الفور، وهرولت بها أنا وزوجي في الواحدة بعد منتصف الليل إلى طبيبها، الذي قام على الفور بفحصها بدقة، وكانت المفاجأة المذهلة عندما قال لنا: إن ابنتي مصابة بالتهابات شديدة وجروح يصعب تحمل آلامها وليس لذلك سبب محدد، ووصف لنا دواء لإيقاف النزيف، وبعد يومين ذهبت مرة أخرى للحضانة وعادت للنزيف أيضاً، وتكرر ذلك الأمر على مدى شهر كامل، وفي إحدى المرات لفت انتباهي بشدة سؤال تلك المدرسة المتكرر عن حالة ابنتي، ومتى تصاب بالنزيف، وما الذي تقوله لي، وماذا قال الطبيب. كنت حزينة جداً على ابنتي، وقلقة جداً، وفي يوم سألتها بارتباك شديد، هل ينتزع أحد ملابسك في المدرسة؟ فإذا بابنتي ترتبك وترتعش، وهنا تأكدت أن مكروهاً ما تتعرض له، وتماسكت حتى لا أفزعها، ولكنني عندما سمعت من ابنتي ما تتعرض له، بدأت أصرخ وأصفع وجنتي بكلتا يدي في هستيريا!





الواقعة المفزعة

وتستطرد الأم: فوجئت بابنتي تقول لي إن مدرستها منى تصطحبها يومياً إلى الحمام، وتعتدي عليها، وأنها تضربها بعنف، وعندما تصرخ تهددها بالذبح والقتل، وحتى عندما يصيبها النزيف، لا تتركها، وأنها تفعل ذلك أيضاً مع ثلاث طفلات أخريات بالفصل، وحاولت الحديث مع أسر هؤلاء الطفلات الثلاث إلا أنهم رفضوا إقامة دعوى قضائية، خوفاً من الفضيحة.

وبالطبع أحضرت زوجي ورويت له ما حدث وكاد يجن، وهرولنا إلى مديرة الحضانة وروينا لها ما حدث، وأخذ زوجي يبحث عن هذه المدرسة "منى" دون جدوى، وفوجئنا بمديرة الحضانة تصفنا بالجنون وتطردنا من مكتبها، وتهددنا بإحضار الشرطة، فلقد كانت تخشى انتقام زوجي من المدرسة، ولكن للأسف لم نجدها فهرولنا إلى قسم الشرطة لتقديم بلاغ، وفوجئنا بأنه لا أحد يصدقنا، بل طردنا رئيس مباحث قسم "الوراق" وهدد زوجي بالاعتقال والضرب والفضيحة، وهنا شعر زوجي بالخوف الشديد. لكنني لم أهدأ رغم استسلام زوجي للأمر الواقع آنذاك، واصطحبت شقيقاتي إلى المدرسة واقتحمناها ونحن نصرخ، والتف حولنا الأهالي والمدرسات، وروينا للجميع ما حدث، وجاءت الشرطة لإنهاء الأمر، وفوجئت بأحد أمناء الشرطة يقول لي سننهي الأمر بالتصالح وستحصلين على أموال لعلاج ابنتك.




تهديد


ويضيف محمود السيد، والد الطفلة "حبيبة": هددتني أسرة تلك المدرسة، ولا أخفي أنني شعرت بالخوف الشديد على أسرتي، ولكني لم أحتمل بكاء ابنتي، وما حدث لها، ولن يهدأ لي بال حتى تحصل على حقها، ولا أعرف حتى الآن لماذا يدافعون عنها، فهل يكفي إنكارها لإثبات براءتها؟ فلقد سألتها زوجتي أمام الجميع عند مواجهتها بها في القسم هل أنت رجل أم امرأة؟ فلم تجب واكتفت بالبكاء!.

وقد جاء إلى منزلنا شقيق تلك المدرسة، ومعه حقيبة مليئة بالنقود للتصالح، ورفضت بالطبع هذه الأموال، التي لا تعني سوى أنني تنازلت عن حق ابنتي وبراءتها التي أهدرت، وعندما هاجمته بقسوة بكى أمام الجميع، وقال إنه لم يكتشف حكاية شقيقته سوى منذ سنوات قليلة، وأنه على مدى خمس سنوات كان يمنع احتكاكها بأحد على الإطلاق، خوفاً من الفضيحة، وأنه لم يكتشف أنها خنثى إلا بعد وفاة والدتهم، حيث كانت تخفي الأمر على الجميع حتى لا تفضح أسرتها!



تقرير غير دقيق



ويضيف الأب: تقرير الطب الشرعي الذي خضعت له ابنتي ضمن التحقيقات، لم يكن دقيقاً، ويبدو أن هناك أيادي خفية عبثت به، لإنهاء الأمر، بدعوى أنها لم تتعرض لهتك عرض، ولكن بعد أن نصحنا الجميع باللجوء إلى مركز النديم لعلاج ضحايا العنف، لتأهيل ابنتي نفسياً بعد تلك الجريمة البشعة التي تعرضت لها، عرضتها الجمعية على الدكتور سعد أحمد نجيب، أستاذ الطب الشرعي بكلية طب جامعة عين شمس، وأستاذ الطب الشرعي المنتدب بكلية الشرطة سابقاً، والذي اطلع على أوراق القضية، ووقع الكشف الطبي عليها، ووجد حسب تقريره تشققات واضحة، ووصف تقرير الطب الشرعي السابق بغير الدقيق، وأنه فاته أبسط البديهيات وهي أخذ مسحة للتعرف على المعتدي، وتشخيص الالتهاب وسببه. وبالفعل أثبت تحليل المسحة وجود طفيل الكلاميديا، الذي ينتقل بالتماس، إلى جانب أن فحصه أكد وجود التهاب ناشئ عن عدوى تناسلية مما يبين جواز حدوث الواقعة على الصورة الواردة بمذكرة النيابة.



حق لن يضيع


وأخيراً قال الأب: لن أترك حق ابنتي، وسيعاد فتح التحقيق في القضية، وسنطالب بتحويل المدرسة للطب الشرعي بعد العثور عليها، وخاصة أنها اختفت تماماً منذ أن تجاهلت تحقيقات الشرطة الواقعة من الأساس، ولذا لم تعرض المدرسة على الطب الشرعي لتحديد جنسها، ويكفي أن أذكر أن الأطباء قالوا لي: إن ابنتي ستصاب مستقبلاً بالتبرز اللاإرادي، وأنها مصابة بصدمة عصبية تستلزم إخضاعها للعلاج سنوات طويلة، للتخلص من حالة العدوانية والعنف التي أصبحت عليها والفزع الذي يصيبها!

أما في الحضانة التي شهدت أحداث الواقعة، فقد أكدت مديرتها استحالة حدوثها، ونفتها تماماً، وأضافت قائلة: المدرسة لم يتم فصلها أو استبعادها مطلقاً، وابتعدت بإرادتها عن الحضانة، وبناء على رغبة أسرتها، وأشهد أنها طوال فترة عملها كانت مدرسة نموذجية شديدة التدين والطيبة، ويكفي أن النيابة رفضت تحويل المدرسة للطب الشرعي لتحديد جنسها، لعدم وجود قرار إدانة لها، وإن أكدت إحدى قريباتها أنه تم عرضها على طبيب نساء وأكد أنها آنسة مكتملة الأنوثة واستطردت المديرة قائلة: الحضانة صدر لها بالفعل قرار إغلاق بعد هذه الواقعة الملفقة والتي تضررنا منها بشدة، ولكن بعد أن اتضح الأمر وكذبت النيابة ادعاء الأم أعيد فتح الحضانة، وأقمت دعوى قضائية أمام مجلس الدولة على محافظ الجيزة ووكيل وزارة التعليم باعتبار أن ما حدث أضر بالحضانة وأدى إلى التشهير بها.



رأي علم النفس



يعلق الدكتور أحمد علي غانم أستاذ علم النفس على تلك الواقعة: لا جدال أن جرائم العرض والشرف من أشد الجرائم خطراً في المجتمع، وأكثرها أثراً في نفس المجني عليها وأسرتها، وأمر طبيعي أن تصاب مثل هذه الزهرة الصغيرة ذات الأعوام الأربعة، إذا صدقت الواقعة وثبتت، بالصدمة والفزع والرعب الدائم، وقد يلازمها ذلك لسنوات طويلة، رغم محاولات تأهيلها نفسياً، والتي تخضع لها حالياً.