ترجمة الشاعر هبة الله المؤيد في الدين


هبة الله بن موسى بن داود الشيرازي السلماني، أبو نصر، المؤيد في الدين، داعي الدعاة. من زعماء الإسماعيلية وكتّابها. ولد وتعلم بشيراز. وكان لأبيه، ثم له، القيام بدعوة الفاطميين فيها. واضطر إلى مغادرتها، فخرج متنكراً إلى الأهواز (سنة 436هـ) وأقام مدة في حلة منصور. وتوجه إلى مصر، فخدم المستنصر الفاطمي، في ديوان الإنشاء، وتقدم إلى أن صار إليه أمر الدعوة الفاطمية (سنة 450) ولقب بداعي الدعاة وباب الأبواب. ثم نحّي وأبعد إلى الشام. وعاد إلى مصر فتوفي فيها، عن نحو ثمانين عاماً، وصلى عليه المستنصر. نسبته إلى (سلمان الفارسي) قيل: هو من نسله؛ وقيل: بل رتبته عند الإسماعيلية كرتبة سلمان. وكانت بينه وبين أبي العلاء المعري مراسلة (حوالي سنة 449) في موضوع أكل النبات، نشرها المستشرق (مرغليوت) في مجموعة الجمعية الملكية الآسيوية سنة 1902م. وله تصانيف، منها (المرشد إلى أدب الإسماعيلية - ط) و (المجالس المؤيدية - ط) جزآن، و (السيرة المؤيدية - ط) باسم (سيرة المؤيد في الدين داعي الدعاة) وفيها كثير من أخباره؛ ومجموعة أشعاره (ديوان المؤيد في الدين - ط). وله بالفارسية (أساس التأويل) ترجمه عن العربية، وأصله للقاضي النعمان.

ومن قصائده

يا للتغَرُّبِ أنتَ بِئس الداَّءُ فغِناكَ فقْرٌ والعَطاءُ عَناءُ
والعزُّ ذلٌّ والسَّعادَةُ شَقوةٌ واليُسرُ عُسْرٌ والبَقاء فَناءُ
والعُرْف مِنك النكر إن يَوماً أتى أنيَّ وحَالكَ كلها نَكْراءُ
يا غرْبة أغرَبْتُ مِنها في مدى من دونه قد أغْرَبتْ عَنْقاء
وَمسافة عَرْضَ البَسيطة دُونها قطَّعْتها فرَثَتْ لي البَيْداء
أضْللتِني في الأرض بَل ألقيْتني في اليَمِّ مَالي النَّجاءِ رجاءُ
وسفَحتُ ماءَ العَين إذ فوتَّني رَوقَ الشَّباب فمنه غِيضَ الماءُ
مزقْتني بالذُّل كل ممزق والذل يَصْلي نارَهُ الغَرَباء
قد كنت أفتَرسُ الأسودَ بفارس فالآن تنهضُ لافتِراسي الشَّاء
كم مِنْ يَد طُوليَ هناك قصرْتها وَغَدتْ تُحيِّفنُي يَدٌ جَزَّاء
مَنْ مُبلغٌ أهلي الذين لبُعْدِهم مِنْ حَسْرَة تتَقطَّعُ الأحْشاء
ما في صميم القلب لي من زفرة تنشق عنها الصخرة الصماء
ما الجسم جسمٌ كنْتمُ لاقيْتمُ والشَّكلُ شَكلٌ والرُّواءُ رُواءُ
إني حَمَلتُ ثِقالَ همٍْ بَعْدكم لا تسْتقِلُّ بِحَمْلها الغَبْراء
مِنْ كلِّ ذي جُرح جُبارٍ جُرْحُه لا حُكْمَ فيما تجْرحُ العجْماء
فغَدَوْتُ باللأواءِ مفْصومَ العُرى مِنْ طولِ ما تعْتَادُني الَّلاواءُ
مُتَرنماً دَهْرى بِبيتٍ قاله مَنْ ليسَ يُنْكِر فضْلَه الشُّعراء
وَشكيَّتي فقْد السِّقام لأنه قدْ كان لما كان لي أعْضَاء
قَطْعُ الزَّمان بِحُبِّ آل محمد وصلٌ ودَاءُ النَّائِبَات دَواء
وَلقاءُ كلِّ شَديدة مُستَسهلٌ والسَّعْدُ لي بِإمامنَا تَلقَاء
خَيْرُ الأنام أبي تِميم مَنْ لهُ كلُّ البَريَّة أعبُدٌ وإماء
مُسْتنِصر بالله أيَّد نَصرَهُ ربٌّ له الإبلاءُ والإنشَاءُ
وإمامُ عَصْرٍ مِنْهُ قامتْ للوَرَى أرضٌ بها زَرْعُ الهُدى وَسماء
حالاً يَضيقُ عَلى العُيون عَيانُها فَلِنورِها عند الدُّجى لألاءُ
يا بن النبي ومَنْ إليه يَعْتزي حكامُ هذا الدهر والحُكماء
إني أتَيْتُكَ يا بنَ بنت محمد مُسْتعدياً مَسَّتْنيَ الضَّرِّاء
أأبيتُ في البلد الأمين مروَّعاً وحِماكَ منْ صَرْف الزَّمان وقَاء
أيَنالِني فيك الَجفَاءُ مُشَرِّقاً وإذا أُغَرِّبُ نَحْوكم فَجَفاء
إني بُمكْتَسَبِ الفضاِئل مِنكم في الساِبقين وفي الحُظوظ وَرَاء
هل صادِقٌ في الُحبِّ يُشْبِه مَاذقاً هَلْ تستوي الأمواتُ والأحْياء
صلي عليك الله يا بنَ محمد ما سجَّعَتْ في غُصنِها ورقاء
وسعدْت بالشهر الشريف تحلُّه فالرَّمزُ فيه عليك والإيماء
مُتَمليِّاً أمثَاله في رفْعَة ما أشرَقت مِنْ جوِّها الجَوْزاء