*** السبب هو الاستقطاب ....!!! ***
للأسف.. ولأن الذين تأخروا كثيراً في الالتحاق بمسيرة العمل الوطني الفلسطيني لم يستفيدوا من دروس الماضي البعيد والقريب فإنهم لم يتورعوا عن إلقاء هذه القضية بين ألسنة نيران الصراعات الإقليمية المتأججة ودفعوا، وهم لا يعرفون ما الذي حصل على هذا الصعيد في الخمسين سنة الأخيرة، بالنسبة لهذه زالقضية المقدسةس، التي من المفترض أن يلتقي عندها العرب كلهم، لا ان تكون مجرد ورقة تُلعبُ على طاولة الصراعات الكثيرة التي تشهدها هذه المنطقة والتي لا علاقة لها لا بفلسطين ولا بالقضية الفلسطينية.
ما هي الفائدة من زجِّ هذه ز القضية ز في الصراع المحتدم على زعامة وتزعم هذه المنطقة والتي زُجَّت ذات يوم قريب في المواجهة بين المعسكر العربي الموالي للغرب والمعسكر العربي الموالي للشرق والتي حُشِرت حشراً في الحرب الباردة وفي الحروب المخابراتية السرية التي سادت في مرحلة ستينات وسبعينات القرن الماضي..؟!.
إن المفترض ان هذه القضية قضية مقدسة وأنها فوق كل الصراعات وقضية العرب الأولى التي تجمع الأضداد وتوحد المختلفين والبعيدة كل البعد عن زالفساطيطس المحورية لكن هذا في حقيقة الأمر لم يتحقق لأن بعض الأطراف الفلسطينية وُلدت أساساً في حاضنة هذه التجاذبات المستجدة ولأن هؤلاء لم يتعلموا من تاريخ قضيتهم وانحازوا انحيازاً مدفوع الثمن الى جهة يهمها النفوذ الإقليمي في هذه المنطقة أكثر مما تهمها فلسطين وقضية فلسطين.
لقد عرفت القضية الفلسطينية بتاريخها المتشعب والمعقد الطويل أكثر مـــن ظاهرة زبندقية للإيجارس في مسيرة العمل الوطني الفلسطيني، والأسماء هنا معروفة قادةً غراً ميامين وتنظيمات حقيقية ووهمية، فقد أنشأ الإستقطاب الإقليمي الذي إشتدت وطأته مع بدايات عملية السلام في أعقاب حرب تشرين الأول (أكتوبر) العام 1973 ما سُمَّي بـ ز جبهة الرفض ز التي بقيت ترفض كلامياً وبالبيانات لكن القافلة بقيت تسير الى ان انضم إليها الذين رفضوا من أجل تحسين مواقعهم في العملية السلمية فذابت وانتهت وتحول ما قامت به الى مجرد ذكريات محزنة.
منذ بدايات تسعينات القرن الماضي وتحديداً بعد مؤتمر مدريد وانخراط منظمة التحرير في عملية السلام من أوسع الأبواب والتوصل الى اتفاقيات أوسلو، التي يُقال فيها الآن أكثر مما قاله مالك في الخمر رغم إنها تسببت في مقتل إسحق رابين بتهمة خيانة الحلم اليهودي التوراتي ورغم أنها أعادت أكثر من ثلاثمائة ألف فلسطيني الى وطنهم وأنها أنشأت هذا الكيان الذي مزقته المعادلة الإقليمية فأصبحت هناك دولة الضفة الغربية وهناك دولة غــزة،.. بدأ الاستقطاب في الساحة الفلسطينية يأخذ هذا الشكل الجديد: ز فسطاط المقاومة والممانعة ز وجماعة الحلول الإستسلامية الأميركية الإسرائيلية.. وهذا هو سبب اغتيال اتفاق مكة المكرمة واغتيال جولات الحوار الأخيرة وإحباط لقاء القاهرة الذي كان مقرراً عقده قبل أيام.
كل هذا الذي تقوله الأطراف ز المـُقاطِعة ز غير صحيح وهو مجرد حشد مبررات والصحيح هو أنه كما كانت زجبهة الرفضس، إنصياعاً لرغبات بعض أطراف المعادلة الإقليمية في ذلك الحين، تمتنع عن حضور أي لقاءات توحيدية ومن ضمنها بعض اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني فإن انعكاسات الاستقطابات الشديدة التي تضرب الآن المنطقة وتضرب الساحة العربية هي التي أفشلت لقاء القاهرة وكانت أفشلت اتفاق مكة المكرمة وأفشلت اتفاق صنعاء مع أنه أصبح مبادرة عربية بعد طرحه من قبل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح على قمة دمشق.
جريدة
الرأي الأردنية
صالح القلاب
المفضلات