تحذيرات من جرّ الأردن للحرب

تحذيرات من جرّ الأردن للحرب
30-07-2016







رأى محللون في الاعلان الأخير للولايات المتحدة بتفعيل جبهة الجنوب السورية لمحاربة تنظيم داعش دلالة على أن المنطقة 'ستشهد تغيرات جذرية'.

وحذروا من جرّ الأردن إلى حرب إقليمية، ودعوا إلى إقامة منطقة عازلة على الحدود مع سوريا.

وقالوا في تصريحات إلى ان التصريح الذي جاء على لسان وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، الأربعاء، بأن التحالف الدولي ضد داعش سيبحث طرقا وأساليب جديدة لمحاربة التنظيم، 'لن يغير الواقع على الأرض(...) وإنما يؤكد على التنسيق الاستراتيجي الاميركي الروسي، كون الأخيرة لديها قوة عسكرية على الارض.

وتوقعوا أن الاعلان الاخير الذي ركز فيه كارتر على 'الفوائد إلاضافية'، المتمثلة في 'مساعدة أمن شركائنا الأردنيين والفصل بين مسرحي العمليات في سوريا والعراق بشكل أكبر'، إنما جاء لفصل سوريا عن العراق لموقعها الجغرافي، وكذلك في حال تم الهجوم على داعش في الرقة السورية والموصل العراقية التي تتمركز فيها قوى التنظيم.

واتفقوا أن على الأردن ألا يُقحم نفسه بهذه الحرب المحتملة، وإنما عليه الدفاع عن أمنه، والمطالبة بمنطقة آمنة على حدوده، مثلما فعلت دولة الاحتلال الاسرائيلي على حدودها مع الجولان، وتعزيز قواتها للتعامل مع فلول التنظيمات الارهابية في حال المواجهة أو ما يعرف بـ'حرب اقتلاع داعش'.

وقال الخبير العسكري اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوار، أن على الأردن المطالبة بإقامة منطقة آمنة دوليا كما فعلت دولة الاحتلال الاسرائيلي بفرض منطقة عازلة على حدودها مع الجولان (بعمق 10 كيلومترات وبعرض 200 كيلومتر).

واعتبر أبو نوار البرنامج الاميركي لسوريا الجنوبية 'فاشلا'، لأنه 'لا يقدم الدعم اللازم للمعارضة السورية، وانما هم تجنبوا الاصطدام بروسيا لأن لديها قوة على الارض وقدموا لها تنازلات كبيرة'.

أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله نقرش، قال ان واشنطن تحاول إقحام عمّان بعمليات عسكرية برية وجوية لمواجهة داعش بطريقتها عبر توفير مستشارين وخبراء لأنه ليس من السهل القضاء على التنظيم دون تدخل عسكري، وهنا جاء التركيز على الأردن.

ويوضح أن الموقف الأميركي حيال الأزمة السورية، القائم على عدم التدخل الفعلي لدعم الثورة بسوريا في مواجهة النظام 'لم يتغير'، بدليل العمليات العسكرية الاخيرة ضد حلب ومحاصرتها، التي تشير بأن لدى واشنطن استعدادا للتساهل مع النظام السوري.

مدير مركز الشرق الأوسط للسياسات والاعلام الدكتور عامر السبايلة، لاحظ أن الأردن يجد نفسه أمام واقع تفرضه الجغرافيا ومسارات المعارك على الارض.

والخطر، برأيه، يتهدد حدود المملكة الشمالية، الناتج عن التجمعات المتزايدة لتنظيم داعش أو الفصائل المبايعة له، ويضعه أمام مواجهة حتمية في الأيام القادمة.

وهذا يعني، وفق السبايلة، أن انتهاج استراتيجية مواجهة استباقية قد يكون التكتيك الأنسب للهروب من استحقاقات أخطر في المستقبل، خصوصاً أن الأردن بعد حادثة الرقبان الاخيرة التي استهدفت حرس الحدود خرج من حال المواجهة السلبية الى المباشِرة المفتوحة مع التنظيمات الارهابية.

وقال أن الاعلان الأميركي الأخير بتفعيل جبهة الجنوب السوري يأتي خارج إطار التفاهم الأميركي الروسي الاخير الذي أفضى الى ضرورة القضاء على التنظيمات الارهابية دون استثناء.

والتنسيق العملياتي على الأرض يعني أن التفاهمات الأخيرة قد تفضي الى توزيع الأدوار الرئيسية في مواجهة تنظيم داعش بين موسكو وواشنطن، أو بالأخص عملية اجتثاث التنظيم من الجغرافيا التي شغلها طوال السنتين الأخيرتين.

دور الأردن

طالب المحللون بضرورة عدم إقحام الأردن نفسه في هذه المعركة وإنما عليه المحافظة على أمنه وحدوده من الارتدادات المتوقعة في حال حصلت الحرب على داعش، والمطالبة بمنطقة امنة بمساعدة دولية على حدوده.

ويلفت السبايلة إلى أن الأردن لا يملك القدرة لاقامة منطقة آمنة (عازلة) على حدوده، واعتبر الاعلان الأميركي الجديد بأنه يخدم الأردن كونه سينظف المنطقة من التنظيمات الارهابية وعلى المملكة الدفاع عن نفسها وإثبات قدرتها على الدفاع عن حدودها من الارتدادات القادمة للعمليات العسكرية المحتملة ضد التنظيم.

فيما شدد أبو نوار على أن من أولويات الأردن العسكرية 'مطالبة العالم باقامة منطقة عازلة على حدوده' كما فعلت اسرائيل، و'تغيير استراتيجياتها العسكرية وعدم التدخل العسكري مع التحالف بالحرب المحتملة على النظام.

ويؤيد نقرش رأي أبونوار، إذ يعتقد أن التدخل العسكري 'لن يكون لصالح الأردن'، وهو 'بغنى عن التورط بأي حرب اقليمية.. وإن تمكن حتى الآن من المحافظة على حال معقولة من الاستقرار عبر نظام الوقاية الأمنية'.

وهو، كما أبونوار، حض على ضرورة التركيز على المطالبة دوليا بمنطقة عازلة على حدود المملكة.

توقيت الاعلان الأميركي جاء بعد ما شهدته المنطقة من اهتزازات وخصوصا ما حدث في تركيا وغيرها.. والمطلوب الآن ضرورة انهاء وجود داعش جغرافيا، أي 'حرب اقتلاعه'.

لكن السؤال الأبرز هنا هو: هل سيؤدي اجتثاث داعش جغرافيا إلى إزالة خطره والقضاء عليه نهائيا؟