أردني يحول منزله إلى مخيم مُصغر للاجئين السوريين

أردني يحول منزله إلى مخيم مُصغر للاجئين السوريين
18-05-2016





'مخيم مُصغر'.. الوصف الذي يطلق على منزل المواطن سالم الموالي من مدينة الزرقاء بعد أن حوله لمكان لإغاثة اللاجئين السوريين، وتأمين المسكن والمأكل لهم بالمجان.

قصة الموالي بدأت منذ بداية الأزمة السورية عام 2011 عندما استضاف 46 لاجئا سوريا دفعة واحدة لمدة ثمانية أشهر، في منزله المكون من غرفتين ومنافعهما، جلهم من أقارب زوجته السورية وجيرانها.

وكان الموالي يتناوب هو ومن في المنزل على النوم والاستيقاظ، حسب جدول محدد، بسبب ضيق المكان، إلى أن يُسِّر له أن يستأجر منزلا بالقرب من بيته لاستقبال العائلات السورية، ويتولى مسؤولية الإنفاق عليهم، إلى جانب مساعدة بعض الجمعيات الخيرية.

وقال لـ'عربي21' إنه أنفق كل مدخراته المالية التي جمعها من عمله على شاحنته الخاصة؛ في أعمال إغاثة اللاجئين السوريين، وخصوصا الأسر المعوزة 'لوجه الله تعالى، ونصرة للأهل في سوريا'، حيث يستضيف هذه الأيام ستة لاجئين سوريين في منزله، بينما يؤمّن عشرات اللاجئين بالمأوى والاحتياجات الأساسية من جيبه الخاص.

ويساعد الموالي في الإنفاق على اللاجئين؛ ولدُه البكر الذي يعمل شرطيا، حيث يقوم هو الآخر بإنفاق جزء كبير من راتبه على إغاثة اللاجئين، وسط تشجيع من بيئته المحيطة، ومساعدة محدودة من بعض الهيئات الخيرية.

ويعكس الموالي صورة مغايرة وبديلة لخطاب كراهية مارسته بعض وسائل إعلام أردنية بحق لاجئين سوريين، بعد تنامي ممارسات ' تحريضية' بحق لاجئين سوريين في الأردن؛ تزامنت مع خطاب رسمي أردني ما انفك يحذر من 'تأثير اللاجئين السوريين على الاقتصاد الأردني، وعلى المرافق والبنية التحتية' كما يقول مراقبون.

وقال الباحث في مؤسسة روزا لوكسمبورغ المتخصصة في محاربة العنصرية، بشار الخطيب، لـ'عربي21' إن خطاب الكراهية تجاه اللاجئين السوريين في وسائل إعلام أردنية 'تراجع كثيرا، وخصوصا بعد مؤتمر لندن للمانحين، والذي تعهدت الأردن فيه بتمكين اللاجئين اقتصاديا، وإيجاد فرص عمل لهم'.

وأضاف الخطيب الذي أعد دراسة تحت عنوان 'أصـوات بديلة حول أزمة اللاجئين السوريين في الأردن' إن إجراءات الحكومة الأردنية لتمكين اللاجئين السوريين من الحصول على فرص عمل 'ما زالت بطيئة'، إلى جانب 'عدم وجود خطوات عملية من الدول المانحة بخلق استثمارات في المناطق الاقتصادية لتشغيل الأردنيين والسوريين'.

وكان مؤتمر لندن للمانحين أقر تقديم منحة للأردن بقيمة 700 مليون دولار سنويا، لمدة ثلاث سنوات، بما مجموعه 2.1 مليار دولار، كما قرر المؤتمر دعم الأردن لتخفيض الفجوة التمويلية الناجمة عن الفارق بين الإيرادات وما هو متاح استقراضه، حيث أصبح بعد مؤتمر لندن متاحا للأردن رفع سقف الاقتراض بمعدل 1.9 مليار دولار سنويا لمدة ثلاث سنوات، أي ما مجموعه 5.7 مليار، وبسعر فائدة ضئيلة جدا لمدة 25 سنة، وبضمانة الحكومة البريطانية.


مشاريع لتعزيز التعايش

وإلى جانب المبادرات الفردية؛ نشطت مشاريع فنية وتطوعية، لتعزيز مفهوم التماسك المجتمعي، وإدماج السوريين في المجتمع، وخلق تعايش بين الطرفين في مواجهة خطاب الكراهية، ومن بينها مشروع الدراما والتنوع والتنمية 'تقاطع'، وهو عبارة عن عمل مسرحي سوري أردني؛ يهدف إلى 'إنتاج مسرحيات تفاعلية تعرض في أماكن عامة، وتتناول موضوع التعايش بين اللاجئين وبين البلد المستضيف، ومواجهة التحديات لتحقيق حياة كريمة' كما يقول مدير دائرة المسرح والبرامج الثقافية في مؤسسة الملك حسين، منهد النوافلة.

وأضاف النوافلة لـ'عربي21' أن 'جوهر المسرحة يدور حول وجود العديد من الأمور التي يتقاطع فيها الأردنيون والسوريون، وأنه يجب علينا استيعاب بعضنا البعض، والتعايش بالاحترام والتفاهم والمحبة واحترام حقوق وواجبات كل شخص'، مشيرا إلى أنه 'تمت معالجة ذلك من خلال مشهد درامي لجدل بين رجل وزوجته، حول استضافة أصدقاء سوريين؛ ليقوم الجمهور بإقناع الزوجة، بالإضافة إلى مشاهد أخرى تفاعلية'.

وفي سياق مشاريع دمج السوريين في المجتمع، وخصوصا الأطفال؛ نظم الهلال الأحمر الأردني بطولة كروية لأطفال سوريين وأردنيين في العاصمة عمان.

أما على صعيد المرأة أنهى مشروع 'تعزيز التماسك المجتمعي وتمكين المرأة' الذي تدعمه هيئة الأمم المتحدة؛ تدريب 22 أخصائيا وأخصائية من عدد من الجمعيات، لتمكين المرأة من الوصول للخدمات في محافظتي المفرق وإربد؛ من خلال برنامج من النشاطات المجتمعية، وجلسات للحوار؛ تسهم بمشاركة التجارب الأردنية والسورية، وقصص النجاح، للتغلب على التحديدات والضغوط النفسية.

وقالت منسقة الإعلام في هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تمارا الخزوز، إن 'المشروع يهدف إلى توفير مساحات آمنة للفتيات الأردنيات والسوريات؛ للمحافظة على البيئة النفسية لهن'.

وأضافت لـ'عربي21': 'يهدف المشروع أيضا إلى تعزيز العلاقات والروابط بين فئات المجتمع المحلي المضيف من الأردنيين، وبين اللاجئيين السوريين والجنسيات الأخرى'.

ويبلغ عدد السوريين في الأردن حسب التعداد السكاني 1.2 مليون سوري، يشكلون ما نسبته 13.2 بالمئة من عدد السكان. وتركز الوجود السوري في محافظات متاخمة للحدود الأردنية السورية في الشمال، مثل إربد والمفرق، بينما كانت النسبة الأكبر في العاصمة عمان، حيث بين التعداد أن عدد السوريين فيها بلغ 435 ألف نسمة.