"المواقعة بالرضا" تثير تخوفات من تعرض أسر لابتزاز الجناة

"المواقعة بالرضا" تثير تخوفات من تعرض أسر لابتزاز الجناة
20-04-2016





تؤكد الحكومة أن 'الإبقاء على تطبيق المادة 308 من قانون العقوبات على القاصرات في حالات المواقعة بالرضا جاء بعد دراسة معمقة للواقع'، اعتبرت منظمات مجتمع مدني أن 'إبقاء المادة يعرض الفتيات وأسرهن للابتزاز من قبل مجرمين، وتشكل ترسيخا لظاهرة زواج القاصرات'.
وكانت الحكومة أقرت الأحد الماضي تعديلات على قانون العقوبات، تضمنت 'إلغاء المادة 308 من القانون التي تعفي الجاني في جرائم الاغتصاب وهتك العرض في حال زواجه من الضحية، من العقوبة'، لكن المادة بقيت مطبقة في حالات 'المواقعة بالرضا لقاصر'.
وفيما اعتبرت وزيرة التنمية الاجتماعية ريم أبو حسان أن 'إلغاء هذه المادة خطوة ضرورية وواجبة'، أكدت أن 'الإبقاء على تطبيق المادة على القاصرات في حالات المواقعة الرضا جاء بعد دراسة معمقة'.
وتقول أبو حسان، إن 'الوزارة أجرت دراسة على حالات الفتيات القاصرات اللواتي دخلن دور الحماية نتيجة لاعتداءات جنسية من قبل بالغين، بينت أن نحو 86 % منها توافر فيها عنصر الرضا'.
وأضافت، خلال العام 2015 دخل دور الحماية التابعة للوزارة (مركز رعاية فتيات رصيفة ودار الوفاق الأسري) 69 قاصرا 'تعرضن لاعتداءات جنسية، 14 % منهن بالإكراه والجبر، فيما توافر الرضا للنسبة المتبقية (86 %)'.
لكن المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الإنسان 'ميزان' ايفا أبو حلاوة ترى، أن 'وجود عنصر الرضا لا يعني انتفاء الجريمة، خصوصا أن القانون الأردني لا يعتد برضا القاصر'.
وتلفت أبو حلاوة الى تعامل 'ميزان' مع العديد من القضايا تم فيها تزويج قاصرات للجناة، وتقول 'غالبية الحالات التي تم بها الزواج كانت نتيجة لمواقعة بالرضا، لكن النتائج بعد الزواج كانت كارثية، وغالبا لا يستمر الزواج وتصبح الفتاة عرضة لانتهاكات واستغلال من قبل الزوج وعائلته'.
وتضيف ابو حلاوة: 'رصدنا حالات تم استغلال الفتيات فيها بتجارة الجنس من قبل أزواجهن، وحالات أخرى تعرضن للتعنيف الشديد، وعدم الاعتراف بالطفل وعدم الإنفاق عليه'، موضحة أنها 'تلقت عدة رسائل من عائلات حول معاناتهم مع زواج بناتهن.. الحقيقة أن الزواج يفاقم المشاكل ولا يحلها'.
وفي رسالتها الى 'ميزان' تعتبر أم رغد (اسم مستعار)، أن طفلتها التي لم تكمل 15 عاما، 'كانت ضحية لشخص واعٍ ومدرك لتصرفاته استغل مفردات الحب للتغرير بها'.
وتروي الأم في الرسالة: 'حملت ابنتي بطفل، عشنا أياما عصيبة ومؤلمة، وتم تحويلها الى أحد مراكز الحماية، وعلمت وهي في المركز أنها في حال لم تتزوج من الجاني فستمضي أيام حملها وولادتها في مركز الأحداث، وما زاد من معاناتها أن القاضي حكم عليها سنة في المركز في حال رفضنا زواجها'.
وتتابع: 'كنا بين خيارين؛ إما الزواج أو الحجز لمدة سنة في مركز الأحداث وطفل في أحشائها.. أين البديل لهذا الواقع؟، وفي النهاية قررنا أن نزوجها حتى لا تقضي أيامها في الحجز إكراها وبفعل القانون، وبمجرد الزواج سقط الحكم عن الجاني، إذ كانت المحكمة قد حكمت عليه بالسجن 20 عاما'.
وتتابع الأم سرد حكاية ابنتها وتقول: 'بعد خروج ابنتي من المركز لم يكن الوضع أفضل، بل عوملت معاملة سيئة من قبل زوجها المعتدي، عانت من مشاكله مع المواد المخدرة والمسكرات والغياب عن المنزل عدا المعاملة السيئة، تعرضت لإهانات مستمرة من زوجها وعائلته، ومنعت من الخروج من المنزل حتى من زيارة عائلتها، كما حرمت حتى من الاتصال بأهلها.. ما حدث مع ابنتي أنها خرجت من مركز الحماية الى سجن في بيت زوجها'.
وتؤكد الأم الجانب الآخر من المعاناة بقولها: 'القانون الذي زوج ابنتي لم يحمها'، مضيفة: 'وأيضا لم يحم طفلها الذي تخلى والده عن الإنفاق عليه.. نحن نخوض اليوم معركة لحصولها على الطلاق ومعركة لأخذ حقنا منه'.
وتعلق أبو حلاوة على ذلك بالقول: 'حالة رغد هي نموذج لعائلات زوجت بناتها من الجناة ليس رغبة منها بل نتيجة لضغوطات تعرضت لها، سواء أكانت بسبب القانون أم نتيجة لضغوطات مجتمعية'.
وتتابع: 'حاليا يوجد توجه متزايد لدى الأسر لعدم تزويج بناتها القاصرات حتى وإن توفر عنصر الرضا أو الرغبة لدى الابنة، هذا التوجه مرده زيادة الوعي بتبعات هذه الزيجات'.
وتشير أبو حلاوة الى حالة فتاة قاصر 'تعرضت لاعتداء من شاب بالغ قدمت لها 'ميزان' الدعم والمساندة'.
وبحسب وقائع القضية ، فإن الأسرة 'رفضت الشاب الذي تقدم لخطبة الفتاة بسبب سلوكه غير السوي، حيث تبين وجود 23 أسبقية بحقه، إضافة الى أن الفتاة على مقاعد الدراسة، فما كان من الشاب إلا أن تحايل على الفتاة وتغيبت معه عدة أيام عن منزل أسرتها اعتدى خلالها عليها جنسيا'.
وإثر ذلك، 'تعرضت الأسرة لضغوطات وصلت حد الابتزاز، لإجبارها على قبول الزواج وإسقاط الملاحقة القضائية بحق الجاني، وصلت حد التهديد والوعيد بقتل أشقاء الفتاة الذكور وإطلاق الشكاوى الكيدية والتشهير بسمعة ابنتهم'.
وتضيف أبو حلاوة: 'تمسكت العائلة برفضها تزويج ابنتها من شخص يرون أنه غير مناسب لها، وأقرت محكمة الجنايات أخيرا حكمها على الشاب بالسجن تسعة أعوام بتهمة مواقعة أنثى دون سن 18 عاما، إلى جانب إلزام المدعى عليه بدفع مبلغ خمسة عشر ألف دينار كتعويض عن الحق الشخصي للضحية'.
وفي هذا السياق تؤكد أبو حسان تزايد نسب العائلات التي ترفض تزويج بناتها، وتقول: 'لمسنا خلال الأعوام الأخيرة الماضية ارتفاعا في نسب العائلات التي ترفض تزويج بناتها وفقا للمادة 308 حتى في حالات الرضا'، معتبرة أن 'هذا الأمر مؤشر على ارتفاع الوعي لدى الأسر بمخاطر الزواج المبكر والتبعات السلبية للزواج وفقا لهذه المادة'.
وبينت أبو حسان أن 'إبقاء هذه المادة في حالات مواقعة القاصر بالرضا تبقى اختيارية، أي أنه في حال رفضت الضحية وعائلتها الزواج فإن الجاني سيقضي عقوبته كاملة كما نص عليها القانون'.
وتتوافق تصريحات أبو حسان مع مصادر قضائية أكدت لأن قضاه محكمة الجنايات طالبوا من خلال توصية لهم بـ'إبقاء تطبيق المادة اختيارا في حالات المواقعة بالرض للقاصر، وذلك بهدف توفير مخرج اجتماعي وحماية لحقوق الطفل في حالات وجود حمل أو للحالات التي يكون بها الطرفان يرغبان بالزواج'.