بعد (13) عاماً على احتلال العراق : اين أيام الرئيس"صدام" و هل العراقيون نادمون ؟

بعد (13) عاماً على احتلال العراق : اين أيام الرئيس"صدام" و هل العراقيون نادمون ؟
22-03-2016





تصادف اليوم الاحد الذكرة الثالثة عشر للغزو الامريكي للعراق، وتدميره بتواطؤ عربي غربي، ومباركة، وتآمر فصائل وشخصيات عراقية، بعضها يتبوأ مناصب هامة في النظام العراقي الذي تربع على الحكم طوال الفترة الماضية، بدعم من الاحتلال الامريكي، ووفق عملية سياسية طائفية مزقت الوحدتين: الترابية والديمغرافية العراقية.

من المفترض ان يكون هذا اليوم، ووفق مشروع تقدم به “المنتصرون” العراقيون الى “مجلس الحكم” والحاكم العسكري الامريكي، عيدا وطنيا بـ”تحرير” العراق، تعطل فيه المدارس والجامعات والمؤسسات، ويرقص العراقيون بمناسبته في الميادين العامة، فرحا وطربا، ويتبادلون التهاني، لانه في نظر اولئك “عيد تحرير”، ولكن انطلاق المقاومة العراقية بعد ايام معدودة من الاحتلال افسد على هؤلاء فرحتهم، وتطورات الاوضاع المؤلمة في العراق طوال السنوات الماضية، فتحت عيون ملايين العراقيين والعرب على مشاهد مأساوية.

بعد 12 عاما من حصار خانق ادى الى مقتل اكثر من مليون طفل عراقي جوعا ومرضا، بسبب نقص الاغذية والادوية، والحاجات الضرورية، وتقسيم البلاد الى مناطق حظر جوي في الشمال والجنوب، وتجنيد عشرات الآلاف من العراقيين في صفوف وكالات المخابرات الامريكية والاوروبية، او مؤسسات تمولها، اعلامية وثقافية واجتماعية ايضا، الى جانب العسكرية، دخلت القوات الامريكية، منطلقة من قواعدها في الجوار العربي الى الاراضي العراقية، ودمرت البنى التحتية، وفتحت المتاحف والوزارات والدوائر الحكومية على مصرعيها، امام اعمال النهب والسرقة، وتحت نظر القوات الغازية وعملائها، ومن المفارقة ان الوزارة الوحيدة التي حظيت بالحماية في حينها هي وزارة النفط.

ادارة الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش التي كانت اسيرة المحافظين الجدد، ومعظمهم من اليهود المناصرين لاسرائيل، استغلوا احداث الحادي عشر من سبتمبر لتحقيق حلم اسرائيل باحتلال العراق وتدميره، تحت ذريعة امتلاكه اسلحة دمار شامل، ومكافحة الارهاب، نقول ذريعة، لان التحقيقات اثبتت ان المحافظين الجدد كانوا يعلمون جيدا ان فرق التفتيش الدولية التي كانت تضم العديد من عملاء وكالة المخابرات المركزية الامريكية في صفوفها، دمرت جميع المخزون العراقي من هذه الاسلحة، وفتشوا كل المناطق العراقية بكل حرية، بما في ذلك قصور الرئيس الراحل صدام حسين، التي يتنعم بها حكام العراق الجدد.

العراقيون الذين تعرضوا الى الخديعة الاكبر، والاكثر، كلفة في تاريخهم الذي يمتد لاكثر من ثمانية آلاف عام، باتوا يشعرون بالندم، او معظمهم، لسقوطهم في مصيدة الاكاذيب والخداع الاعلامية التي مارسها الطائفيون الحاقدون، مدعومين بامبراطويات اعلامية خليجية وغربية جبارة، الذين يرفضون التعايش والوئام بين ابناء الشعب الواحد، حتى ان نسبة كبيرة منهم باتت تترحم على ايام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهذا الكلام لا نقوله نحن في “راي اليوم”، وانما الدكتور اياد علاوي، اول رئيس وزراء في “العراق الجديد”، والذي كان من ابرز رموز المعارضة للنظام السابق.
“العراق الجديد” الذي اسسته المعارضة المتواطئة مع المحتلين وبمساعدتهم، عراق الفوضى، والفساد، ونهب المال العام، والطائفية بأبشع صورها، “عراق جديد” مقطع الاوصال، تغيب عنه الهوية الوطنية الجامعة، والديمقراطية الحقيقية، وكل قيم العدالة وحقوق الانسان، ويعيش اكثر من خمسة ملايين من ابنائه في المنافي الخارجية، وهؤلاء محظوظون بالمقارنة مع اوضاع عشرين مليونا من اشقائهم في الوطن.

الذين يكرهون النظام السابق، ولاسباب طائفية في معظمها، لن يقبلوا هذه النتائج التي لا يمكن ان ينكرها الا مكابر، وما زالوا يسبحون بحمد الاحتلال الذي مزقت طائراته ومؤامراته وفتنه اجساد اكثر من مليون عراقي، وحولته الى دولة فاشلة تسودها الفوضى، والارهاب والسيارات المفخخة، وتتحول عاصمته الى “غيتوهات” طائفية تحميها الاسوار الاسمنتية العالية.

الشمال العراقي، وبالاحرى اقليم كردستان، بات دولة كردية قائمة بذاتها، واليوم اعلن رئيسه السيد مسعود البرازاني رغبته في اعلان الاستقلال الكامل في خطابه بمناسبة “عيد النيروز″ والسنة الكردية الجديدة، اما الموصل التي تعتبر ثاني اكبر مدن العراق، فتسيطر عليها وجوارها “الدولة الاسلامية” الارهابية، اما الجنوب العراقي فبات مرتعا للنفوذ الايراني.
عراق اليوم بلا انياب او مخالب، ولا يملك الحد الادنى من الكرامة والاستقلال الوطني، تتواجد على ارضه قوات امريكية وتركية وكردية وايرانية وجماعات ارهابية مسلحة، وجيشه، ورغم انفاق اكثر من 27 مليار دولار على تدريبه، ويزيد تعداده عن مليون جندي، انهار امام مئات من مقاتلي تنظيم “الدولة الاسلامية” المتشدد.


الذين يتحدثون عن العشرات او مئات الآلاف الذين قتلهم النظام السابق لا يذكرون مطلقا ترميل مليون امرأة عراقية، خسرن ازواجهن الشهداء، وخمسة ملايين يتيم فقدوا آبائهم، من جراء الاحتلال الامريكي واعوانه، ويتجاهلون المقابر الجماعية التي اقيمت في عهد الاحتلال، وتعذيب المقاومين المدافعين عن هوية العراق الوطنية وكرامته ضد الاحتلال في سجن ابو غريب، وسجن بوكا، واقبية وزارة داخلية العراق الجديد وغيرها، فالتعذيب والقتل على ايدي المحررين الامريكان “حلال” ومرحب به، نحن ندين كل انواع القتل والتعذيب دون اي تمييز، ونتعاطف ونترحم على ارواح كل ضحاياه.

نعود الى الماضي لكي نستفيد من تجاربه المريرة، واخطائه الكارثية، ونسلط الاضواء على المؤامرات التي تعرض لها العراق وما زال، حتى نذكر الاجيال الجديدة ونوعيها، وننطلق من كل هذا نحو التمهيد لمستقبل عراقي عنوانه التعايش والوئام والعدالة الاجتماعية، والقضاء على كل التقسيمات العرقية والطائفية، وبناء عراق قوي يستعيد هيبته ومكانته كقوة اقليمية عظمى في المنطقة، عنوانها المساواة والديمقراطية واحترام حقوق الانسان، وابرز ركائزها القضاء المستقل، والحريات التعبيرية، واجتثاث الفساد، ومحاسبة كل الفاسدين، مهما علا شأنهم وكبرت قبائلهم وعشائرهم وطوائفهم.

شرفاء العراق سيخرجون مثل الرماح من وسط هذا العفن الحالي، فالحاضنة العراقية الوطنية باتت جاهزة لاحتضانهم لكي يقودونها وعراقها الى بر الامان، بكرامة وعزة نفس، وهوية وطنية جامعة، والمسألة مسألة وقت لا اكثر ولا اقل، وما علينا الا الصبر، ولن يطول صبرنا باذن الله.