حميد وأخوه يعتاشان من حاوية قمامة بسبب وضعهم المعيشي "صورة"

حميد وأخوه يعتاشان من حاوية قمامة بسبب وضعهم المعيشي "صورة"
10-03-2016





نجح حميد وأخوه محمد باستخراج طعامهما من الحاوية التي وضعت أمام احدى المدارس الخاصة الكبيرة في عمان، وأخذا يتذوقانه ويصنفانه حتى يحددان ماذا سيأكلان.
خبز وبواقي خضار، 'شيبس'، 'حلوى الجيلاتين'، هذا ما وجداه في الحاوية، لكن أحدهما أبدى امتعاضه لأنه لم يجد ما يشربه فـ 'كل العلب فاضية'.

عند سؤال حميد عما يفعله قال وهو يتناول الجيلاتين: 'بدي آكل أي اشي المهم آكل (...) والله من الجوع احنا نجي لهون'، ويضيف: 'ما عنا اشي ناكله'.
أثناء الحديث مع حميد كان أحمد قد وجد كرة قدم وراح يقفز من الفرح ويلعب بها بقدميه اللتين كانتا تعكسان 'مأساة' هذا الصغير ذي الـ 12 ربيعا، الذي كان يرتدي بقدمه اليمنى حذاء رياضيا بناتيا، وفي الأخرى 'شبشب' بلاستيكي.
الطفلان اللذان يعمل والدهما 'عامل وطن' لا يقرآن ولا يكتبان، وهما يعيشان مع العائلة في خيمة نصبت على احدى الاراضي بين عمارات خلدا المكتظة، وهما يذهبان يوميا ليجدا لهما وللعائلة ما يمكن أن يؤكل أو يلبس في هذه الحاويات.
هذا المشهد الذي بات يتكرر في الكثير من ضواحي عمان، يأتي في الوقت الذي كانت فيه دائرة الاحصاءات العامة قد كشفت في مسح نفذته حديثا أنّ هناك 6200 أسرة في المملكة غير آمنة غذائيا، أي ما يقارب 28 ألف فرد.
وأشار مسح دخل ونفقات الأسرة للعام 2013/2014 انّ هذا الرقم كان قد زاد مقارنة بـ 2010، حيث كان عدد الأسر غير الآمنة غذائيا 3880 أسرة.

وكان المسح قد أشار الى أنّ هناك 71.3 ألف أسرة تعتبر 'هشة نحو انعدام الأمن الغذائي'، فيما أن ّهناك 1.1 مليون أسرة آمنة غذائيا.

ويفسر خبراء اقتصاديون هذه النسبة بأنها جاءت نتيجة التراجع الاقتصادي وتزايد البطالة والفقر، والتي لا يظهر أثرها عادة بشكل مباشر او فجأة، حيث تحتاج الى وقت كي تبدأ بالظهور أمام الرأي العام.
ويرى هؤلاء ضرورة وجود سياسات غير عادية من شأنها معالجة هذه المشاكل من خلال زيادة النمو الاقتصادي.

وزير تطوير القطاع العام سابقا الخبير ماهر المدادحة يرى بأنّ هذه النسبة من عدد غير الآمنين غذائيا تعني زيادة الفقر.



ويعتبر المدادحة بأن هذه النسبة طبيعية في ظل تفاقم مشاكل الفقر والبطالة ونتاج المشاكل الاقتصادية التي نعيشها ولتراجع مستويات المعيشة.

ويؤكد المدادحة بأنّ هذا يشير إلى 'عدم نجاح السياسات الاقتصادية لمعالجة الفقر'، ويدعو الى ضرورة تعزيز الجهود لحل هذه المشاكل، فهو يرى بأنّ 'الأردن بحاجة لسياسات غير عاية وغير تقليدية لانه يمر بمرحلة غير عادية'، حيث إنه يحتاج الى تحفيز النمو الاقتصادي الذي سيحل من خلاله معظم المشاكل الاقتصادية.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة يرى أنّ التراجع في الدخول وارتفاع البطالة يؤديان الى وجود 'هذه النسبة من الجوعى'.

ورغم أنّه يرى أن هذه النسبة منخفضة إذا ما قورنت بعدد أسر المملكة، إلا أنّه يؤكد أنّ 'الدول لا تجوع بيوم، ولا تتدهور اقتصاديا فجأة، كما أنها لا تبني اقتصادها بيوم'.

ويضيف زوانة: 'الأرقام حاليا غير خطرة، لكن لا بدّ من ان تكون هناك رؤية بعيدة المدى في الأمن الغذائي، حتى لا تتحول الى ظاهرة خطرة'، مشيرا الى أنّ 'هذا التخوف يأتي في الوقت الذي يعاني فيه قطاع الزراعة من تراجع وانكماش، حيث تتضاءل المساحات الزراعية باستمرار، وتنخفض نسبة القطاع الزراعي من الناتج المحلي الاجمالي اضافة الى فقر الأردن في المياه'.

ويشير زوانة الى أنّ 'الاردن بحاجة الى أن يكون جزء من سياساته مبنيا على الزراعة ودعمها، خصوصا أنّ هذا القطاع بحاجة الى فترة زمنية حتى يبدأ انعكاسه على الاقتصاد'.

الخبير الاقتصادي قاسم الحموري يتفق مع ما سبق ويرى بأنّ 'التراجع الاقتصادي، وتزايد البطالة والفقر لها ما يسمى بـ 'أثر الفقر والانحطاط'، وهذا لا يظهر فجأة على الأسر انما يحتاج الى فترة'، حيث إنّ الأسر وفق الحموري 'تبدأ ببيع ما تملكه أولا أو أي شيء من مدخراتها الى أن تصل الى الغذاء الذي يعتبر آخر خطوط الدفاع وآخر ما يخسره الشخص'.

ويقول الحموري إن 'استمرار الفقر دون اصلاح يعني بأنّ جزءا من المواطنين سيبدؤون معاناتهم من مشكلة الغذاء أو الجوع'، معرجا على تبعات الجوع على المجتمع حيث يذكر بتأثير ذلك صحيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا.

ويعرف الأشخاص 'غير الآمنين غذائياً' بأنهم أولئك الذين تكون مقاديرهم الغذائية أقل من الاحتياجات الضرورية الدنيا من السعرات الحرارية، وأولئك الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض بسبب نقص التغذية والطاقة الناجمين عن عدم كفاية وجباتهم الغذائية أو عدم توازنها أو عدم قدرة الجسم المرضية على الاستفادة من الغذاء، حيث يحدث انعدام الأمن الغذائي عندما يعاني الناس من نقص التغذية نتيجة عدم توفر الغذاء أو عدم التمكن من الحصول عليه.

أما 'الهشاشة' فهم الأشخاص الذين تكون مقاديرهم الغذائية أقل من الأشخاص الآمنين غذائياً، وأكثر من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعلهم عرضة لانعدام الأمن الغذائي عند التعرض لأي صدمات مستقبلية. وتتحدد درجة ضرر الأفراد والأسر والجماعات بمدى تعرضهم لهذه العوامل وقدرتهم على التكيف مع أوقات الأزمات.