تعنيف الزوجات.. القانون قاصر عن الحماية والتعويض العادل

تعنيف الزوجات.. القانون قاصر عن الحماية والتعويض العادل
31-01-2016





«هي من تجعلني اضربها، صوتها يستفزني فهي رجل بالبيت وافعالها تجنني»بهذه الكلمات وصف محمد (30) عاما معاناته مع زوجته التي تجبره على ضربها عندما تاخذ وتعطي معه ولا تصمت ابدا فيضربها ويعلق «افقد اعصابي».
هالة (24) عاما متزوجة استقبلها اتحاد المرأة الاردنية تشكومن العنف الجسدي والنفسي الذي يمارسه زوجها ذات ال 27 عاما ، كانت بحالة نفسية سيئة وتفكر بالانتحار وآثارالعنف الجسدي واضحة عليها ، إضافة للقلق والتوتر والخوف و الإحباط وفقدان الثقة.

وتشير احصائيات اتحاد المرأة لعام 2015 ان السيدات اللواتي تعرضن للعنف من الفئة العمرية (20-40) عاما (611)حالة والشباب الذين مارسو العنف ضد زوجاتهم من ذات الفئة العمرية (456)حالة والمخطوبين الذين تم فسخ الخطبة بسبب العنف (74)حالة وتم ارسال (14)سيدة الى الطبيب النفسي و(146) سيدة الى مختلف الاختصاصات الطبية.
وعرف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي وقعته الامم المتحدة سنة 1993 بأنه «أي فعل عنيف قائم على اساس الجنس ينجم عنه او يحتمل ان ينجم عنه أذى او معاناة جسمية او جنسية او نفسية للمرأة بما في ذلك التهديد باقتراف هذا الفعل او الاكراه او الحرمان التعسفي من الحرية سواء اوقع ذلك في الحياة العامة او الخاصة».
محمد (26) وآيه (22) متزوجان ولديهما طفل، فهي دائما حزينة وغير سعيدة ولا تتكلم كثيرا تقضي معظم وقتها مع طفلها أو مع زوجها عند عودته من العمل، وتقول «زوجي يضربني ويمنعني من زيارة أهلي والاختلاط مع الجيران، لااستطيع أن اتحدث مع أهلي بالهاتف إلا قليلا عندما يسمح لي ومن هاتفه لاني لااملك هاتف».
واضافت «فضلت عدم الحديث معه بإي موضوع خوفا من الضرب ، كما أنني أشعر بالعزلة وغير قادرة على التفكير».
تشير سجلات برنامج خط الارشاد في الاتحاد الى انه راجعتهم سيدة اشير الى اسمها بالحرف الاول منه(ح) 28عاما عندما تزوجت كانت بالسابعة عشر ، من ( م) غير متعلم (امي) ويعمل سائقا ، تعاني من المعاملة السيئة وتتعرض للضرب المبرح ،لأتفه الاسباب من قبل زوجها اضافة الى العنف النفسي واللفظي، وضرب الاطفال بالحزام والايدي والرجلين والتعذيب النفسي.
من جانبها تقول منى غرايبة الاخصائية النفسية باتحاد المراة بان «الاثار النفسية تؤدي الى فقدان الثقة بالنفس وتقديرالذات المتدني والشعور بالذنب والعجزو الاحساس بالاتكالية والاعتماد على الزوج والشعور بالاحباط و الاكتئاب وقد يؤدي الى سلوكيات غريبة او الامراض النفسية.
وبينت اخصائية علم الاجتماع باتحاد المراة كفاح الجابري الاثار الاجتماعية للعنف والتي تتمثل في العزلة واضطراب العلاقات الاسرية ( تفكك أسري) مما يؤدي الى الطلاق . اضافة الى الاثار الاقتصادية على المرأة المعنفة من غير المتعلمات أو التي تعمل في مهنة تابعة اقتصاديا للزوج.
واعتبرت المستشارة القانونية باتحاد المرأة الهام الشوا ان قانون الحماية من العنف الاسري الاردني رقم 6 لسنة 2008 يساهم في ارتفاع العنف الاسري بشكل عام لدى الفئة العمرية 28-42عاما ومنها ضرب الرجل زوجته.
وتقول « جاء القانون قاصرا حيث خلا من تعريف العنف الاسري وقد عرف أفراد الاسرة فقط»، ولم ينص القانون على أية عقوبات جزائية على مرتكبي قضايا العنف الاسري .
واضافت أن الضحية حسب القانون لا تستطيع الحصول على التعويض العادل ولم يؤخذ بعين الاعتبار حجم الاذى الذي تعرضت له الضحية .(ونصت المادة (17) من القانون على انه « تنظر المحكمة بطلب التعويض بناء على طلب المتضرر او اي جهة ذات علاقة به على ان تؤخذ بعين الاعتبار بالإضافة الى القواعد العامة ما يلي
1- الوضع المالي لطرفي النزاع ومدى تأثير الزام المدعى عليه بدفع كامل التعويضات على وضع الاسرة
2- المصاريف التي ترتبت على نتيجة اجراءات الحماية حيث يعود تقدير جبر الضرر الذي اصاب الضحية الى المحكمة في حال كانت الضحية وضعها المادي جيد ).
وبينت الشوا أنه لا يوجد قضاة متخصصون في نظر الشكاوي ضمن ما يسمى الجرائم الواقعة على الأشخاص المتعلقة بقضايا العنف الاسري، كماخلا القانون من تحديد انواع العنف كما انه لم يتضمن الافعال المجرمه والعقوبات عليها وترك الرجوع بها الى قانون العقوبات الاردني.
وقالت مكرم عودة المدير التنفيذي باتحاد المرأة الاردنية منذ ان تأسس الاتحاد عام 1945 يواصل التصدي لكافة اشكال العنف الواقع ضد المرأة وذلك من خلال تشكيل لجنة مجابهة العنف ضد المرأة التي بدأت عملها بدراسة ورصد حالات العنف وأشكاله الواقعة على المرأة ، ومن ثم سعت لأيجاد برامج خاصة لمحاربتة وذلك من خلال برامج وندوات وحملات تدعوالى رفع سن الزواج وتعديل قانون الاحوال الشخصيه وتحديداً المواد التي تحتوي تمييزاً ضد المرأه و حرية التنقل.
بينت عودة ان لدى الاتحاد برنامج خط الارشاد القانوني والنفسي والصحي تأسس هذا البرنامج في عام 1996 حيث يقدم هذا البرنامج كافة الاستشارات والارشاد ( الاجتماعي - والنفسي - والصحي - والقانوني) والترافع امام المحاكم أذا تطلب الامر ، ويشرف على هذا البرنامج كادر مؤهل من مستشارات قانونيات وأخصائيات بالاضافة الى مأوى النساء المعنفات يوفر مكان لهن.
ويضيف مستشار العلاقات الزوجية الدكتور محمد ابو شوك بداية العنف الاسري هو عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها، وعنف الوالدين تجاه الاولاد وبالعكس ، كما انه يشمل العنف الجسدي والجنسي واللفظي وبالتهديد واخطر انواعه ما يسمى ب(قتل الشرف).
وعزا ابو شوك اسباب العنف الاسري الى ضعف الوازع الديني وغياب التربية الصحيحة والنشأة في بيئه عنيفة وغياب ثقافة الحوار، والتشاور بين الزوجين، وسوء الاختيار اضافة الى الظروف المعيشة الصعبة كالفقر والبطالة. وعدم تطابق الفكر والفهم لدى الازواج وايضا عدم فهم المراة لطبيعة الرجل التي تعتمد على الاحترام وحفظ المكانة والقوامة، وبالنسبة للرجل عدم تفهمه لعقلية المراة، التي تحتاج الى الكلام والتنفيس.
وبين ابو شوك ان من اثار العنف الاسري انعكاسه على الابناء بالعنف من قبل المتضرر الام فتجدها دائما عصبية وفي مزاج متعكر وحالة ضعف وانكسار.
ويشير الى ان معظم الفئات التي تمارس الضرب ضد الزوجة هم من حديثي الزواج ما بين( 20-30) عاما .
ويرى دكتورالشريعة يحيى زكريا أن الضرب الوارد في النصوص الشرعية الصحية مقيد شرعا بالأصول العامة التي جاء بها الإسلام في نظريته التربوية، وينبه هنا أن احد هذه الأصول أن الضرب ليس وسيلة لتعديل السلوك الإنساني، وفي حال استخدم الضرب بقصد الإهانة أو كوسيلة «لتعديل السلوك» يوقع الإنسان بالإثم، وقد نبه النبي إلى ذلك بقوله «لَوْلا خَشْيَةُ الْقَوَدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لأَوْجَعْتُكِ بِهَذَا السِّوَاكِ». وأما في الدنيا فان الذي يستخدم الضرب يقع تحت المسألة القانونية، وللمضروب أن يرفع دعوى أمام القضاء، وله حق التعويض المعنوي والمادي.
أما الضرب الوارد في حالة نشوز الزوجة فيرجح الدكتور يحيى زكريا أن الآية الكريمة تحتمل معاني أخرى غير الضرب المعروف للجسد، لأنها ستزيد الزوجة نشوزا «بغضا وبعدا» والآية إنما جاءت لتعيد المودة والرحمة بين الزوجين، وأن بعض المفسرين أخرى منها: أن الضرب بمعنى»الهدية « لأن الزوجة أحيانا تخاف على مستقبلها فتعبر عن خوفها بالنشوز فيكون الضرب بهذا المعنى حلا لنوع من الخلافات الزوجية، بينما يرى آخرون أن المقصود ضرب الأمثال من خلال بيان خطورة النشوز على الزوجة وعلى الأسرة وضرب أمثلة لحالات نشوز انتهت بها العلاقة الزوجية وتفككت بها الأسر.
لكن يمكن الاستدلال على نوع مخصوص من الضرب الحقيقي للجسد بهذه الآية وبغيرها من القواعد الفقهية ولا بد أن يوضح هنا أن الضرب في الشريعة ليس وسيلة لتعديل السلوك الإنساني، بل هو محدد في النظرية التربوية في الإسلام في حالات مخصوصة يستوي فيها الرجل والمرأة والصغير والكبير وهي تتعلق بإيقاف سلوك خطير يمكن أن يؤثر على الشخص نفسه أو من حوله أو أن يضر بالممتلكات، وهذا النوع من الضرب يقصد به التنبيه الحسي للعقل الواعي لإيقاظ الإدراك، في حالات فقدان الرشد لسفاهة أو انحراف أخلاقي أو ما هو أشد من ذلك بما يعرف بحالات الهستيريا، وهذه الحالات حقيقية وموجودة في المجتمعات ويرجع لأهل الخبرة بدراسة الحالة النفسية للزوج الناشز (المرأة أو رجل).
ويؤكد الدكتور يحيى زكريا على أن الضرب ليس وسيلة ثالثة في حالات النشوز وان الترتيب الوارد في الآية غير مقصود أبدا، وأن الوعظ الوارد في الآية الكريمة هو الوحيد القادر على تعديل السلوك الإنساني الخاطئ في حالة النشوز بين الزوجين.
وأن الضرب الواقع على الزوج أو الزوجة سبب وجيه للشقاق والنزاع لصالح المشتكي منهما ويقع بالإثم وعليه التوبة والاستغفار ورد الاعتبار وهو ضامن أمام القضاء.