عمان - محمد الحوامدة

لا زال موضوع رفع الدعم عن الخبز يلاقي صدى سلبيا في أوساط الشارع رغم توضيح الحكومة عبر الناطق الرسمي بأن لا رفع لأسعار الخبز وإنما بحث عن آليات لرفع الدعم.
ويشكل موضوع رفع الدعم عن الخبز أسطوانة مكررة طالما لوّحت بها الحكومات عند اشتداد الأزمات الاقتصادية، لكن دون اتخاذ إجراء فعلي لرفع الدعم الذي أزيل جزئيا عام 1996 في عهد حكومة عبد الكريم الكباريتي.
ولم تخرج الحكومة الحالية عن سابقاتها في الحديث عن رفع الدعم عن الخبز، بل زادت عليها تصريحات تنفي المسألة برمتها أحيانا، أو تجملها أحيانا أخرى بالحديث عن «الآليات».
وخلال أعوام 2013 و2014 و2015، خرجت الحكومة ثلاث مرات على الأقل رسميا لـ «تجميل» موضوع رفع الدعم عن الخبز، بالحديث عن آليات لإيصال الدعم لمستحقيه.
رغم ذلك، تضمنت النفقات الجارية لوزارة المالية في عام 2013 تخصيص 260.2 مليون دينار كإعانات دعم السلع التي تشمل الخبز وغيرها، انخفض الرقم في العام التالي إلى 225 مليون دينار، وقدّر الرقم في موازنة 2015 عند 202 مليون دينار، و227 مليون دينار كرقم تأشيري لموازنتي 2016 و2017.
ورغم بناء موازنة 2015 على أساس دعم الخبز، إلا أن رئيس الوزراء عبدالله النسور وبالتزامن مع إطلاق وثيقة الأردن 2025 أعاد طرح الموضوع على الساحة مجددا.
وفي نفس اليوم، خرج وزير المالية اميه طوقان ليعترف لأول مرة كمسؤول حكومي بأن المواطن ينفق على الحكومة، إذ قال الوزير إن «الضرائب تشكل 90% من حجم الإنفاق الجاري».
تصريح طوقان يمثل – وفق مراقبين – اعترافا حكوميا بأن الأردنيين ينفقون على حكومتهم التي تقدّر نفقاتها الجارية لهذا العام بـ 6.7 مليار دينار.
ويشمل الانفاق الجاري رواتب موظفي القطاع العام والنفقات المتعلقة بممتلكات الحكومة مثل وقود السيارات والكهرباء والصيانة وغيرها.
وبعد أسبوع من تصريح النسور بخصوص الخبز، واعتراف وزير المالية بأن المواطن ينفق على الحكومة، ظهر تصريح حكومي ثالث الأحد ليتحدث عن عدم نية الحكومة رفع أسعار الخبز، وإنما «تبحث عن آليات مبتكرة وأكثر فاعلية بخصوص دعم الخبز، من أجل ضمان وصول الدعم إلى المواطن دون غيره، ووقف الهدر المقدّر بحوالي 180 مليون دينار والتي يمكن استخدامها في مجالات التنمية في المحافظات وبناء المدارس والمستشفيات».
ويثير التصريحان تساؤلات المراقبين عن آليات حكومية أكثر جدوى من تحميل المواطن زيادة على الـ 90% التي يتحملها من النفقات الجارية، والمقدرة بـ 6.03 مليارات دينار، علما بأن بدل دعم المحروقات لم تصرف منه دفعة العام الماضي، وحتى الآن لا تظهر مؤشرات على صرفه في ظل استقرار أسعار النفط بعيدا عن سعر 100 دولار للبرميل.
وبالتوازي مع تراجع أسعار النفط، الذي بدأ منتصف العام الماضي، تعوّض الحكومة فوائض انخفاض أسعار النفط بزيادة أسعار الطحين المباع للمخابز، الأمر الذي وفّر (30-35) مليون دينار على الحكومة، وفق تقديرات المراقبين.
أما توجيه «الهدر» في دعم الخبز، وفق الرواية الحكومية، لصالح التنمية في المحافظات وبناء المدارس والمستشفيات، فتسأل عنها الحكومة من خلال صندوق تنمية المحافظات، التي جال وزير التخطيط السابق فيها للبحث عن مشاريع لدعمها، وخصص للبنية التحتية فيها بموازنة 2014 حوالي 57 مليون دينار، أنفق نحو 32 مليون دينار منها فقط.
بين تصريحي الوزيرين تناقضات تفضحها الأرقام، فلا المواطن قادر على تحمّل أكثر من 90% من النفقات الجارية للحكومة، أو بمعنى آخر الانفاق على الحكومة، ولا أداء الحكومة وإنتاجيتها قادرة على استغلال «الهدر» حسب الوصف الرسمي لدعم الخبز، في توجيه الهدر لمشاريع البنى التحتية، في ظل عدم انفاق الحكومة أصلا كامل مخصصات البنى التحتية في المحافظات.