عمان - خالد الخواجا - منذ عشر سنوات ونحن نسمع في كل تصريح اعلامي لوزراء التربية والتعليم ان هناك مؤتمرا وطنيا لاصلاح التعليم آخرها كان من خلال الوزير الحالي الدكتور محمد ذنيبات.
«اعلانات وتصريحات بلا جدوى « بهذا المعنى وصف عدد من خبراء التربية والتعليم السابقين الامر، مطالبين بالاسراع في عقد هذا المؤتمر.
حتى ان وزير التربية والتعليم الحالي وخلال العام الدراسي الماضي أوضح أن الوزارة» فرغت من إعداد محاور خطة إصلاح التعليم التي ستجري مناقشتها في مؤتمر التطوير التربوي الثالث الذي تقرر عقده قبل نهاية العام الماضي».
وفي هذا الصدد بين امين عام وزارة التربية الاسبق الدكتور عاطف عضيبات انه لا بد من عقد هذا المؤتمر وبصورة عاجلة من اجل الوقوف على كل ما يتعلق بالتعليم وتراجعه في العديد من النواحي التعليمية والادارية.
وقال إن التعليم هو خط أحمر لا يمكن ان يبقى حقل تجارب او خاضع لقرارات عابرة وانما يحتاج الى جدية وتشريح كل المفاصل والنتائج ومخرجات التعليم ووضعها على الطاولة ومن ثم وضع الاصلاحات المقترحة والجريئة لمعالجة أي اخطاء او مشاكل تعترض التعليم».
واضاف انه يجب اشراك مختصين ومهتمين والاخذ بالتغذية الراجعة من الميدان وان يكون الميدان طرفا اصيلا سواء طلبة كانوا او معلمين او مدراء او مشرفين واشراك المجتمع المحلي وخبراء من الجامعات واشراك جميع الجهات المعنية بهذا الجانب.
واضاف :» نسمع عن هذا المؤتمر منذ سنوات، إلا اننا لم نره يخرج الى حيز النور لطرح كافة القضايا بجرأة ودون مواربة لاي طرف.
وقال إن «أي تاخير لن يكون ابدا في صالح احد ، فمن خلال هذا المؤتمر الوطني يمكن ان تخرج العديد من القرارات ومنها تحديدا اجراء امتحانات مدرسية شفافة تشرف عليها الوزارة تكون محطات تكشف عن مستوى الطلبة للوقوف على ما يجري في الميدان ومحاسبة أي قصور وعلاجه بدءا من الصف الاول ولغاية الصف العاشر».
فـ»أي تأخير لن يكون في صالح احد»، أكد مجددا.
من جهته قال الوزير الاسبق الدكتور محمد الوحش إن الاسراع في عقد مؤتمر وطني خاص لاصلاح التعليم في الاردن «ضرورة ملحة»، حيث ان المؤتمر العربي لحل مشكلات التعليم في العالم العربي والمكتب التنفيذ لا يكفيان لتشخيص مشاكل التعليم وقصوره لدينا.
واضاف الوحش «عقد المؤتمر الوطني ما زال متاحا ولكن عليه اخذ صفة الاستعجال حيث اصبحت الكثير من الامور التي نختلف فيها موضع نقاش واصبح مناقشتها والبحث فيها واخذ القرار الصائب مصلحة وطنية ملحة من اجل مناقشتها والبت بها».
وقال :» لا يعقل ان تتراكم مشاكل التعليم عبر هذه السنوات دون عقد أي مؤتمر وطني، فآخر مؤتمر عقد منذ 28 عاما في العام 1987 وكان مؤتمرا وطنيا له توصيات ملزمة ووضعت موضع التنفيذ فالارادة السياسية كانت موجودة لانجاحه».
وتابع :» نحن بحاجة الى مؤتمر اردني خاص للتطوير التربوي الذي اوصى به مجلس التربية والتعليم ولجنة التخطيط المركزية منذ سنوات وما زال الحديث يدور حول عقد المؤتمر والتطرق للمشكلات التربوية والتعليمة في الميدان».
وبين أن من أهم المحاور التي يجب مناقشتها هو امتحان الثانوية العامة والذي لا يقتصر حله من خلال القضاء على الغش فقط بل يجب معالجته ثقافيا وفنيا وتطويره وماذا نريد منه وما يترتب عليه من اوضاع اجتماعية ونفسية ومخرجات نتائجه التعليمية.
واضاف الوحش ان هناك اختلالات كبيرة في المسارات التعليمية التي تحتاج الى دراسات وافية وبدائل عوضا عن قرارات عاجلة دون أي دراسة ومعرفة ما يترتب عليها من توظيف للكوادر وتوزيع عادل للطلبة.
فالمؤتمر-بحسب الوحش- اصبح ملحا لعقد برامج تدريسية للمعلمين واجراء دراسة موسعة للمناهج والاهتمام الكبير للصفوف الاربعة الاولى وإعادة النظر في تطويرها باستمرار وبما يتناسب مع المراحل الثقافية والتطويرية.
وبين الوحش ان اصلاح الهرم التعليمي يكون من اسفل الهرم وتحديدا من الصفوف الاربعة الاولى وليس التركيزعلى الثانوية العامة حيث توجد العديد من المحاور والمشاكل والقضايا ومنها المدارس والاكتظاظ والتعليم الخاص والتشريعات والتنظيمات والمعلمين وغيرها من المحاور المهمة المختلفة التي اصبح عقد المؤتمر لزاما وعاجلا لحلها.
من جانبه قال التربوي والخبير الاسبق لـ 33 عاما في مجال التدريس سالم حمدان ان التعليم الاساسي تراجع وثقافة الطالب اختلفت ومسارات التعليم ثابتة اضافة الى الاحباط الشديد لدى المعلمين حيث لم تواكب التربية التغييرات السريعة في القيادات التربوية والكفاءات والمناهج.
وبين حمدان انه يجب وضع خطط جديدة وطويلة الامد ووضع لجان تصحيح ومتابعة وتقييم وتفعيل قسم التخطيط الميداني والاخذ بالتغييرات المفاجئة وهذا يستدعي عقد مؤتمر وطني للمقارنة بين التعليم والمناهج القديمة وانتاج معلمين قادرين اكفاء كما كانوا في الثمانينات والذي كان همهم التعليم ليس المصالح الخاصة والتذمر للتغطية على ضعفهم وتراجع مستوياتهم التعليمية.
وقال إن خطة الإصلاح التي يدور حولها المؤتمر تضمنت ثلاثة محاور ومنها المحور الاول المتعلق بالتعلم والتعليم بينما المحور الثاني كان يتعلق بالابنية المدرسية والتجهيزات اما المحور الثالث والاخير فكان حول الادارة والتشريعات ويتضمن التوجه نحو اللامركزية، وبنية السلم التعليمي، وتطوير معايير المساءلة، ومعايير جودة التعليم.
وبين ان المحور الاول والذي يتضمن مسارات التعلم والتعليم المهني، وتطوير المناهج والكتب المدرسية، وتطوير امتحان الثانوية العامة، وتدريب المعلمين، وتكنولوجيا التعليم والمعلومات والاتصال هو من اكبر المحاور بل واصعبها والتي لم ينفذ منها شيئ وعلى سبيل المثال تدريب المعلمين التي ما زالت تراوح مكانها في ظل تردي النتائج الدراسية.
اما فيما يتعلق بالتعليم المهني،فقال :»اصبح ملاذا للتحايل من خلال الاقبال الكبير عليه لدراسة عدد من التخصصات الجديدة التي تسمح للطالب بدراسة الهندسة في الجامعات من خلال مناهج مبسطة ومختصرة تنافس الفرع العلمي علما ان السوق المهني بحاجة ماسة لمهنيين وليس لخريجي جامعات».
اما فيما يتعلق بتطوير امتحان الثانوية العامة فقال إن «المطلوب هو مشاركة خبراء ومجتمع محلي وكل معني بهذا الامتحان الوطني وليس اصدار قرارات متتالية خرجت بمخرجات ونتائج متدنية جدا لم تصل الى 50%».
وفيما يتعلق بتطوير المناهج ومن خلال معلمين في الميدان بين انها ما زالت « معقدة وغير سهلة على المعلم والطالب حيث اكد معلمون ان النتائج الموحدة للسادس والتاسع ونتائج التوجيهي ستكشف عن كارثة تعليمية من احد اسبابها المناهج التعليمية الحالية والمعلمين على حد سواء».
في موازاة ذلك دعت الوزارة الى إشراك الفعاليات التربوية من مديري تربية وتعليم، ومعلمين، وطلبة، ومجالس تطوير تربوي، ونقابة معلمين، ومؤسسات مجتمع مدني، وخبراء تربويين، بمناقشة المحاور الرئيسة لخطة إصلاح التعليم.
هذه الدعوات الكبيرة والمشاركات لم تحصل ولم تجري ولم يتم حتى عرض التغذية الراجعة من الميدان للاطلاع على الواقع التعليمي الذي يجتاج الى انقلاب في كل الخطط التعليمية وضرورة الإطلاع على التجارب التربوية العالمية، للإفادة منها في أغناء التجربة الأردنية في مجال العملية التعليمية والتربوية.
اما المحور الثاني المتعلق بالأبنية المدرسية والتجهيزات فان خطة الوزارة لم تحرك في هذا الملف في ظل ارتفاع عدد مدارس الفترتين والمستأجرة والانتشار العشوائي للمدارس الصغيرة في انتظار التركيز على بناء مدارس في المناطق ذات الحاجة وإعادة توزيع خريطة الأبنية المدرسية ومنها (المدارس المركزية).
مدارس فيها قرابة الالفي طالب وشعب صفية مكتظة وصل عدد الطلبة فيها الى 80 طالبا في العاصمة والمدن المركزية في المقابل يوجد مدارس فيها سبعة طلاب وتسعة معلمين وهذه المفارقات المدرسية كانت من اهم اسباب تراجع التعليم في المدارس.
اما المحور الثالث المتعلق بالإدارة والتشريعات والتوجه نحو اللامركزية وبنية السلم التعليمي وتطوير معايير المساءلة ومعايير جودة التعليم ما زالت تحديات كبيرة تواجه الوزارة ومن اهمها غياب المساءلة والتقييم الحقيقي للمعلم ومدير المدرسة وكيفية اختيارهم والتخلص ممن تم تعيينهم عبر الواسطات السابقة حيث ان من اهم معايير التقييم التي يجب ان تلجا لها الوزارة هو نسب النجاح ومخرجات التعليم في الدرجة الاولى. هناك تحديات كبيرة وجمه أمام عقد هذا المؤتمر، لكن تحديات واقع التعليم أكبر، فهل نرى إجراءا تنفيذيا لعقده وقريبا كما تقول الوزارة؟.