رأينا

حظيت نتائج المباحثات التي اجراها جلالة الملك عبدالله الثاني في تيرانا مع الرئيس الالباني بوجار نيشاني, في زيارة جلالته الاولى واللافتة لهذه الدولة التي تتبع سياسات معتدلة وتشهد تطوراً في مجالات النفط والطاقة والزراعة وتتميز بموقع استراتيجي واقتصاد متنام, كما هي عضو في حلف شمال الاطلسي (الناتو), ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي, بمتابعة واهتمام في الدوائر الاعلامية والسياسية والدبلوماسية, وبخاصة في تركيزها على منح اولوية لمحاربة الارهاب والمستجدات الاقليمية وتلك التي تهم العالم الاسلامي خصوصاً الجهود المبذولة للتصدي لخطر التطرف والارهاب والغلو والذي لا يمت الى الاسلام بصلة.
واذا كان جلالة الملك والرئيس الالباني قد ابديا حرصاً اكيداً ولافتاً على بناء علاقات شراكة وتعاون بين البلدين في شتى المجالات وضرورة تعزيز التعاون بين البلدين وسبل النهوض بهذه العلاقات وبما يخدم مصالحهما المشتركة ويعود بالنفع على الشعبين الشقيقين خصوصاً في الميادين الاقتصادية وما يوفره الاردن من ميزات تنافسية واستثمارية في هذا المجال, فإن ما اشار اليه جلالته خلال المباحثات حول ما يقوم به الاردن من جهود وتعاون مستمر مع مختلف الاطراف العربية والاسلامية لخدمة الاسلام وقضاياه العادلة, يكتسب اهمية اضافية في هذه الظروف الدقيقة والحرجة التي تمر بها المنطقة وبخاصة لجهة التأكيد في مختلف المحافل الدولية على جوهر الاسلام الحنيف الداعي الى الوسطية والاعتدال والسلام, كأساس للعيش المشترك والتعامل بين مختلف الشعوب, فضلاً عن استعراض جلالته الاوضاع في الشرق الاوسط, خصوصاً تداعيات الازمة السورية والاوضاع في العراق وبعض دول المنطقة اضافة الى جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين استناداً الى حل الدولتين.
من هنا, جاءت تصريحات جلالة الملك خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الالباني لتضيء على طبيعة وحجم الجهود المكثفة والدؤوبة التي يبذلها جلالته على اكثر من صعيد واتجاه وبخاصة في حشد الدعم الدولي للحرب التي نخوضها عرباً ومسلمين ضد الارهاب وخطر التطرف والغلو وفي الآن نفسه الدفاع عن الصورة الحقيقية للاسلام في مواجهة هذه الاخطار الكبيرة التي يشكّلها خوارج عصرنا..
ناهيك عن الرؤية الملكية الشاملة لقضايا المنطقة وطبيعة مجتمعاتها وخصوصاً الصورة الحقيقية والناصعة التي نعيشها نحن في الاردن جنباً الى جنب مسلمون ومسيحيون واسهامات بلدنا الفاعلة في مبادرات الحوار والاديان والعمل على تعزيز الحوار السلمي.
ولئن اعاد جلالته التذكير بما كان دعا اليه جلالته العالم الى التنبه اليه والعمل من اجله وهو التصدي للمظالم في منطقتنا بما هو مفتاح لتخفيف المعاناة في اشارة ملكية لافتة الى الحاجة الملحة لاستئناف محادثات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين على اساس حل الدولتين كصيغة وحيدة لحل هذا النزاع فإنما للاضاءة على قضية اخرى ذات اهمية واولوية خاصة في الظروف الراهنة وهي دعوة جلالته الى العالم اجمع لوقف تدفق المقاتلين الاجانب للشرق الاوسط, لما لذلك الموقف من اثار ونتائج ايجابية تصب لصالح محاصرة وتجفيف منابع الارهاب والتطرف ودحر خوارج عصرنا الذين يعمدون الى تجنيد هؤلاء المقاتلين والتغرير بهم واستغلال جهلهم أو استثمار حماستهم لخطاب تكفيري سلفي لا يمت للاسلام بصلة ولا يسهم الا الى تشويه صورة الاسلام ومنح الفرصة لاعداء الاسلام وحضارته كي يُظهروا المزيد من الكراهية والحقد تجاهه وتجاه المسلمين كافة.