هاشم الخالدي يكتب : قصة سائق التكسي الذي رفعه الحسين لرتبة عريف

هاشم الخالدي يكتب : قصة سائق التكسي الذي رفعه الحسين لرتبة عريف
05-05-2015



بقلم : هاشم الخالدي
عاتبني بالأمس الزميل ابراهيم ابو صفيرة لغيابي عن كتابة المقالات منذ زمن بعيد ، فوعدته بانني سأكتب هذا اليوم ولم اكن املك بالفعل اي فكرة لعنوان المقال الجديد .
في الصباح الباكر شاءت الصدف ان استقل تاكسي من منزلي بشفا بدران الى المكتب في شارع وصفي التل .

كانت ملامح سائق التكسي توحي بانه عسكري قديم وصلب تعلو وجهه سمرة الصحراء المحروقة وحين تحاورنا اكد لي بالفعل انه متقاعد عسكري وانه من محافظة مأدبا .

قلت له: لماذا مأدبا تحديدا مظلومة بالمناصب
اجابني : حسب ما اسمع فأن ذلك يعود لقيام احد شيوخ مأدبا بالتحدث في احدى الجلسات امام المغفور له الحسين طيب الله ثراه بكلام لم يعجب الملك فأثر ذلك على ابناء المحافظة الذين لم يتولوا مناصب منذ ذلك اليوم .

اجبته ضاحكاً : هذا كلام غير منطقي فانت تعلم ان الهاشميين لم يحملوا في اي زمن من الازمان صفة الثأر، ولطالما اكرموا من حاول الانقلاب عليهم ذات زمن مضى فيما سموا بالضباط الاحرار ومنهم نذير رشيد الذي اصبح فيما بعد مديراً للمخابرات و احمد الحياري و على أبو نوار و غيرهم..

اكملت قائلاً لم يعهد ان قرأنا او سمعنا ان هاشميا انتقم من محافظة لأجل موقف من احد رجالاتها و لطالما كان الحسين رحمه الله اوسع صدرا بين الهاشميين و لم يعهد عليه رحمه ان كان انتقاميا في يوم من الايام واهل مادبا وطنيون موالون حتى النخاع .

ضحك الرجل و اقسم ان يحدثني قصة حدثت عام 1978 بينه و بين الراحل الكبير الملك الحسين .

قال : كنت اعمل جنديا برتبة عسكري و حارسا لكتيبة في ذلك العام وذات ليله فوجئت برجل يقترب بسيارته من بوابة الكتيبة في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل ' متلصمأ ' اي يغطي وجهه بالكامل بالشماغ ، فطلب مني الدخول الى قائد الكتيبة بحجة انه قريبه .
قلت له : يا رجل في احد ييجي يقابل قريبة الساعة 2 بعد منصف الليل .

اجابني الحسين وانا لم اكن اعرفه : هنالك مسألة طارئة حدثت في المنزل و اريد ان اراه للضروره .

قلت له : والله لو كنت الملك حسين بنفسه ما دخلت.

فجأه يقول الرجل : ازاح الملك حسين الشماغ عن وجهة وهو يقهقه ضاحكا ثم قال لي.

الان وقد عرفتي هل يمكن ان ادخل عالكتيبة
قلت له وانا ارتجف وقد تسمرت بمكاني : والله يا سيدي ما تدخل الا لما ابلغ نائب قائد الكتيبة والضباط

اكمل قائلا : كان يبدو علي التوتر الشديد فبدأت اتصل بالقادة والضباط واصرخ :قوموا .. جلالة سيدنا عندي بده يفوت على الكتيبة .

بعد دقائق دخل الحسين واستقبله الضباط بالعناق فطلب مقابلتى فاعتقدت انه سيعاقبني على تصرفي امام بوابة الكتيبة.

وعندما مثلث امام جلالتة امر بترفيعي الى رتبة عريف وصرف مبلغ 200 دينار مكافأه لي فكانت تلك الحادثة هي اعظم ما مر علي في حياتي .

حين وصلت الى مكتبي في شارع وصفي التل ودعت ابن مادبا الابيه وقلت له : الم اقل لك ...هؤلاء هم الهاشميون الذين يعلموننا في كل يوم معنى التواضع والاخلاق .