عمان - هديل الخريشا - أكد مثقفون أن الوزارة التي تحمل اسمهم وصفاتهم «الثقافة» تعاني من تهميش حكومي من خلال المخصصات المحدودة للوزارة، ودعا آخرون الى ضرورة وجود برنامج ثقافي يخدم مسيرة الاردن وبين معربين عن تذمرهم إذاء «البيروقراطية» التي تسم المؤسسة التي ينبغي أن تتصف بالدينامية والحيوية وتعبر عن خطاب الإبداع والحرية، ورأى بعض المثقفين أن الوزارة «معطلة».
وما يؤسف له أن كثيراً من المثقفين والكتاب والفنانين اعتذروا عن الإدلاء بآرائهم «سلباً أو إيجاباً» رافضين التصريح، فكان الصمت عنوان موقفهم !
«الرأي» في خطوة لتقييم أداء وزارة الثقافة طرحت سؤالاً، وكانت الإجابات:

محادين: فقر ثقافي حكومي
قال رئيس رابطة الكتاب الأردنيين د.موفق محادين :»من الصعب اختصار التهميش الحكومي للثقافة في هيئة رسمية محددة، مثل وزارة الثقافة، بل ان الوزارة نفسها تعاني من التهميش عبر المبالغ الضئيلة المخصصة للنشاط الثقافي للوزارة، وتنتمي حالة التهميش والفقر الثقافي الحكومي الأردني الى (الأقلية) العربية الرسمية، فمعظم البلدان العربية وبصرف النظر عن الطبيعة الاجتماعية والفكرية للقوى النافذة فيها، وعن الموارد العامة لها، تولي اهتمامات افضل واكبر للثقافة، تتجاوز الاهتمامات الرسمية في الأردن، التي ربما تخلط بقصد او بغير قصد بين الحقل التعليمي والاكاديمي وبين الحقل الثقافي».
وقال محادين :»مقابل التقدم (الشكلي) في الحقل الأول يمكن تصنيف الأردن في ذيل القائمة العربية فيما يخص الحقل الثاني، ومما يبعث على الدهشة والاستغراب ان الحكومات الاردنية المتعاقبة، وبالرغم من صوتها العالي ضد الارهاب والتكفير الفكري، الا انها لم تتجاوب ابدا مع كل المشاريع والتصورات الثقافية عموما، وتلك التي قدمتها رابطة الكتاب خصوصا، لبناء جبهة ثقافية شاملة مؤهلة لمواجهة هذا الارهاب والتكفير، ومن ذلك على سبيل المثال، مشروع طريق الحرير الثقافي، ورسالة التنوير المقدمة من الرابطة منذ سنوات والتي تناولت احداث ثورة تنويرية تطال كل الحقول، سواء في الوسط الثقافي او فيما يخص الوزارات والمؤسسات ذات الصلة».
الموسى: معايير مزدوجة
وقال د. عصام سليمان الموسى:»قناعتي أن الوزارة الثقافة هي عقل المجتمع الثقافي وقلة من الوزراء الذين خدموا في هذا الموقع كانوا يفهمون هذا الدور، الا قلة ممن لهم صلة بالفكر والأدب، برأيي أن الوزراة لا تقوم لصالح النهضة الثقافية في الأردن والدليل على ذلك أن ما تنشره في أحيان كثيرة في سلسلة مكتبة الأسرة مثلا لا يخدم الثقافة الأردنية، إضافة إلى المعايير المزدوجة في تقرير اصدار كتب في مكتبة الأسرة، إذ ألفت كتابا عن الصحافة الأردنية 1920-1997 وهو كتاب تحليلي شرحت فيه تطور الصحافة الأردنية وطبع هذا الكتاب في سلسلة الكتب التي صدرت عن لجنة تاريخ الأردن في المجتمع المحلي لبحوث الحضارة الاسلامية، وصدر عام 1998 واختفت نسخه من السوق بسبب النسخ المحدودة، فتقدمت أكثر من مرة لمكتبة الأسرة لاعادة طباعته، فكان الرفض والسبب أنه أكاديمي، بالمقابل نشرت كتبا أكثر أكاديمية من كتابي فهذا المعيار غير دقيق».
وتابع:»في أحد المرات هاتفني أحد وزراء الثقافة وسألني عن كتاب لوالدي سليمان الموسى بعنوان «المراسلات الشريفة للحسين ومكماهون التي توثق للثورة العربية وتعاون الانجليز مع الشريف الحسين» ان وجدت، لانه سمع برنامج على الجزيرة عن عدم وجود مثل هذه الكتب، فحملتها له وطلبت منه إعادة نشرها ولكنه رفض بسبب قلة الامكانات، فمن خلال تجاربي فان العقل الثقافي في الوطن تعطي فكرة أنه لا يوجد عقل ثقافي يهتم بكتب مدروسة ومثبتة علميا ذات وزن، واستدل منها أن العقل الثقافي لا يعزز الوعي الثقافي الذي يجب أن يسود في الاردن فالطلبة لا يعرفوا عن تاريخ الوطن فهناك جهل مطبق، ووزارة الثقافة محدودة للنشر فمعظم الميزانية تذهب للرواتب، وضرورة وجود برنامج ثقافي يخدم مسيرة الاردن أولا».

النوايسة: «وزارة ترفية»
وقال الكاتب والاديب نايف النوايسة:»في لقاء مع وزيرة الثقافة مع الهيئات الثقافية في الكرك، جرى حديث طويل حول هذا الموضوع، وتبين أن دور الوزارة حتى هذه اللحظة لا يتجاوز عند المعني بالقرار الرسمي الحد الترفي بمعنى أنها وزارة ترفية ولا تستحق أن تتجاوز موازنتها ما يفيض إلى المثقفين، كما ان موازنة الوزارة بالكاد تكفي رواتب الموظفين وأجور المقرات ومصاريف ونفقات الذين يخرجون بنشاطات ثقافية خارج الاردن، ماعدا ذلك فهي مبالغ بسيطة تدفع للهيئات الثقافية، أما فيما يتعلق بالمثقفين بشكل عام فالوزارة غير قادرة على استقطاب المثقفين بشكل واع ومدروس بحيث تصبح وزارة المثقفين وليست وزارة الثقافة».
وأضاف :»حينما يتابع المثقف ما جرى داخل هذه الوزارة من اتخاذ القرارات القصد منها التخفيف من النفقات سيدرك أنه المقصود بمسالة ضم مجلة الفنون إلى مجلة أفكار، مع أن مجلة أفكار ذات شخصية وطنية محترمة وترتبط بالتاريخ الوطني الثقافي للأردن ولا يجوز العبث بها، ومثل ذلك الحديث عن التفرغ الابداعي والمشاريع الثقافية الاخرى التي تجرى ما بين المثقف وهذه المؤسسة الرسمية، باختصار دور الوزارة تراجع كثيرا ولم تعد المؤسسة الحاضنة للمثقفين في الأردن، وقد بدأوا يشعروا بالتململ والتذمر من ما تقدم به الوزارة الان».
الأربعاء 2015-04-22