الأردني يدفع الثمن مرتين

الأردني يدفع الثمن مرتين
22-03-2015





سرايا - لم يفاجئنا خبر تربع عمّان على قمّة 'أغلى' العواصم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وفق آخر مسح لمستوى تكاليف المعيشة الكوني في مجلة 'ايكونومست' البريطانية ؛ فكل المؤشرات تشي بتصاعد أثمان السلع والخدمات رغم انهيار أسعار الوقود ومعدلات صرف غالبية العملات الأجنبية؛ خصوصا اليورو.
أكثر من ستة أشهر مرت على بدء تآكل ثلث قيمة العملة الأوروبية؛ دون أن يمس ذلك طيفا واسعا من السلع؛ رغم أن منطقة اليورو تحتل المرتبة الثانية على سلم المصدرين للأردن؛ فخمس مستورداته تأتي منها، بواقع أربعة مليارات دولار سنويا.
وهكذا لم ينعكس توفير مليار دولار في فاتورة المستوردات على أسعار التجزئة لغالبية السلع.
اذهب إلى أي صيدلية أو متجر فستجد الأسعار ثابتة، هذا إن لم ترتفع – في تناقض مع المنطق وعلم الحساب- لتصب في تضخيم غلال المستوردين وتجار الجملة.
عدد قليل من الأدوية والمنتجات الغذائية يشهد تخفيضا تدريجيا، فيما تحافظ غالبية السلع على أسعارها؛ خصوصا الحليب الأوروبي المجفف، الأجبان، اللحوم المعلبة وسائر الماركات الأوروبية.
هذا الغلاء غير المبرر يلفح الأردنيين بينما 'تتفرج' الحكومة على شطط التسعير، وكأن الأمر لا يعنيها؛ فهي منهمكة بـ'بالبحبشة' عن أي ثقب لفرض ضرائب وجمارك جديدة.
ولا يبدو أنها تدرك مسؤولية الحكومات في وضع سقوف للأسعار وحماية المستهلك من جشع تجار، خصوصا إذا شكّل الاستيراد الجزء الأكبر من سلّة غذاء المواطنين.
من مسؤوليات الحكومة وضع حد أعلى للأسعار ورسم معادلة متوازنة لمدخلات الانتاج بحيث تضمن سلاسة دوران عجلة الاقتصاد ولجم التضخم.
قد يفسر اختلال تلك المعادلة إغلاق 1100 مطعم نتيجة تراكم خسائرها، وفق نقيب أصحاب المطاعم الشعبية.
وكم من منشأة أخرى على وشك الإغلاق، وأنت ترى اصحابها 'يكشون ذبانا' على مداخلها؟
هل تدرك الحكومة مخاطر انهيار المشاريع الصغيرة نتيجة شلل السوق بفعل عوامل سياسية واقتصادية، في مقدمتها ارتفاع تكاليف التشغيل وسيف الضرائب؟
كم أسرة فقدت مصدر رزقها بإغلاق تلك المنشآت، المفترض أن تشكّل صمّام أمان اجتماعي-اقتصادي؟
لكن؛ لا يبدو أن الحكومة – المنهمكة في استنباط أبواب لضرائب جديدة - مهتمة بسماع شكاوى المستثمرين الصغار أو أنين المستهلك المطحون بين جشع المستورد-التاجر وسيف مالكي العقارات وضرائب الحكومة.
ما يحدث الآن إمعان في 'فرم' المواطن بين ثلاثة جدران.
فلا بأس في أن يجني المستورد والتاجر أرباحا تناهز 50 %، أكثر من نصفها يتأتّى من تراجع اليورو.
ولا ضير في عرقلة استصدار قانون حماية المستهلك أو رفع الحد الأدنى للأجور، التي تقل عن خط الفقر.
ثبات الأسعار يطال أيضا غالبية المنتجات الصناعية المحلية، رغم انخفاض أثمان مدخلات الانتاج، في غياب قانون لوزارة الصناعة والتجارة يعطي الحكومة صلاحية تحديد سقوف سعرية.
رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات يرجع ارتفاع الأسعار إلى غياب مرجعية حكومية ومنظومة تشريعية تحمي المواطن من غول الأسعار.
الأردني يدفع الثمن مرتين؛ مرّة بسبب غلاء الأسعار والخدمات ومرّة بسبب تآكل قدرته الشرائية وتراجع دخله في بلد يكابد غالبية سكانه تحت خط الفقر.سعد حتر (الغد)