كتبت - سهير بشناق

يخفون صور امهاتهم تحت اسرتهم وتتساقط دموعهم التي تكبر يوما بعد يوم لتسرق منهم معاني الامان والحب والحنان.
اطفال مؤسسات دور الرعاية الذين حرموا من امهاتهم اما بسبب التفكك الاسري او لكونهم مجهولي النسب «غير معروفي الاباء « فتجبر امهاتهم على الحاقهم بهذه المؤسسات ولكونهم ايضا مجهولي الاباء والامهات.
هؤلاء الاطفال باختلاف مسببات وجودهم اليوم بدور الرعاية الا ان معاناتهم تكبر يوما بعد يوم فليس هناك اقسى من حياة طفل تتركه والدته لمؤسسات دور الرعاية لرعايته فيحرم من الحياة
لا يجدون اجابات على تساؤلاتهم لماذا نحن بالمؤسسات؟.
لماذا لا نعيش مع امهاتنا وابائنا ؟ولماذا غادرنا بيوتنا لنجد انفسنا فجاة نعيش بين وجوه غريبة لا تقودنا الا لمزيد من التوق لوجوه امهاتنا ؟.
وتبقى تساؤلاتهم هذه بلا اجابات فمن يملك ان يقنع طفلا رحلت والدته عن حياته بالعيش بدونها وهي لا تزال على قيد الحياة ؟.
واليوم بعيد الام يعود الالم من جديد لقلوب هؤلاء الاطفال ولاطفال اخرين حرموا من حنان الام ينظرون من حولهم ولا يجدونها فلا تسعدهم هدية ما تقدم لهم ولا يعوضهم حنان الجميع ما داموا في هذا اليوم لا يحظون بما يحتاجونه اكثر من اي شيء اخر بحياتهم... « الام «...
مديرة مؤسسة الحسين الاجتماعية نزيه الشطرات قالت ان نسبة التفكك الاسري لا تزال هي الاعلى نسبة بين اطفال المؤسسة حيث بلغ عددهم 47 طفلا.
واضافت ان المؤسسة تستقبل الاطفال من عمر يوم ذكور واناثا فمنهم من يجهل والديه « لقطاء « وهم بالعادة يحضرون للمؤسسة وهم حديثي الولادة ليصار الى تحضينهم لاسر غير قادرة على الانجاب بعد مرور ثلاثة شهور على بقائهم بالمؤسسة ومنهم من هو مجهول الاب ومعروف الام لكن لاسباب عديدة لا تتمكن الام من رعاية طفلها فيبقى الطفل بالمؤسسة لحين تحضينه لاسرة بديلة او لعودة والدته لاستعادته شريطة قدرتها من كافة الجوانب على تربيته وان لا يكون وجوده معها يشكل خطورة عليه.
وهناك اطفال التفكك الاسري الذين يكونون في عمر اكبر من حديثي الولادة ولا تتمكن اسرهم من رعايتهم بسبب خلافات زوجية او مرض الام او زواج الاب وفي حالات وجود خطورة على حياتهم فيتم الحاقهم بالمؤسسة.
واشارت الى ان هؤلاء الاطفال معاناتهم النفسية تكون اكبر كونهم عاشوا مع امهاتهم وابائهم ويجدون انفسهم فجاة بلا اسرهم فيحتاجون وقتا وجهدا اكبر لتاقلمهم مع المؤسسة الا ان تساؤلاتهم لا تتوقف عن امهاتهم.
واضافت ان اطفال التفكك الاسري عندما تتحسن اوضاع اسرهم ويتم التاكد من ذلك يعودون لها من جديد وعادة يتم الحاق اشقاء من اسرة واحدة بالمؤسسة.
واكدت ان الامهات البديلات بالمؤسسة يحاولن تعويضهم عن ما فقدوه و يمنحن الاطفال حبا حقيقيا ورعاية كبيرة ليشعر الطفل بالامن والاستقرار الداخلي كونه يحاول ان يعوض حنان الام
ويشكل الاحتضان فرصة حقيقية لكثير من هؤلاء الاطفال للانتقال من المؤسسات ودور الرعاية الى اسر تعيد لهم ما فقدوه بل ان الكثير من هذه الاسر تمكنت من تحقيق النجاح مع اطفالها المحتضنين وكانهم كانوا يعيشون مع اسرهم البيولوجية.
فهذه الاسر حملن اطفالهن الذين كانوا في وقت قريب اطفالا يعيشون بمؤسسة الحسين الاجتماعية غادروها واغلبهم لم يكن عمره يتجاوز الشهور على ايدي نساء لم يتمكن من الانجاب الطبيعي فكان خيارهن الاحتضان.
وهم اليوم شبابا وفتيات تمكنوا بمساعدة هذه القلوب التي احبتهم ومنحتهم ما يحتاجونه ليصبحوا ناجحين لا يشعرون الا بالفخر والمحبة.
احدى الفتيات المحتضنات التي تبلغ اليوم 20 عاما قالت «فتحت عيوني على والدي غمروني بالحب والحنان ولم اشعر في اي يوم اني طفلة محتضنة الا عندما اخبروني بالحقيقية وانا في الصف الثامن لم احزن فلماذا افكر بام تركتني واب لم يحرص على رعايتي في الوقت الذي وجدت فيه احن ام واب قدما لي حياة جديدة».
هي اليوم قد انهت تعليمها من احدى كليات المجتمع وتحيا حياة طبيعية وتحلم بتمكنها من احتضان طفل من المؤسسة حينما تتزوج كونها تعلم جيدا معنى الانتقال من حياة المؤسسات الى اسرة تمنحها الحب.
ام عمر ام احتضنت طفلها وهو يبلغ من العمر شهرين وهو الان في الخامسة من عمره منحها عمر الفرح الذي كانت تتنظره سنوات طويلة ومنحته هي كل مشاعر الامومة التي تعيش بداخلها كامراة ليعيش اليوم عمر حياة طبيعية اسوة بكل طفل اخر.
ولامهات المؤسسات وفي قرى الاطفال ايضا نصيب كبير من ما يحقق من نجاح بالحياة لاطفال كان قدرهم الحرمان من امهاتهم فمنهن من تمكن من رعاية اطفال اصبحوا اليوم شبابا وفتيات لا ينسون مشاعر الحب والرعاية التي عاشوا بها غادروا هذه المؤسسات بعد ان ودعوا مرحلة الطفولة وبلغوا عمر الثامنة عشرة غادروها وهم في ذاكرتهم كل ما هو جميل حصلوا عليه خلال فترة وجودهم بالمؤسسات.
اليوم بعيد الام يتمنى اطفال كثيرين ان يعودوا الى ارحام امهاتهم الى الفترة التي كانوا يعيشون معها يشاركونها انفاسها وحياتها فلحظة خروجهم للحياة هي لحظة فقدانهم لمعاني كبيرة... لم يعودوا يشعرون بنبضات قلبها وغير قادرين على الشعور بها من جديد.
لهؤلاء ولكل طفل حرم من والدته ولم يتمكن من العيش باسرة جديدة تعوضه عن ما فقده... يبقى عيد الام عيدا منقوص لا يكتمل الا بعودته الى حضن والدته.... هذه العودة التي ان لم تتحقق في حياته يوما ما قد يجدها بقلوب اخرى سواء داخل مؤسسات الرعاية او باسر اخرى فالام الحقيقية هي التي لا يمكنها ان تنهي علاقتها بطفلها بعد الولادة هي التي تتحدى الصعوبات مهما بلغت للاحتفاظ بجزء منها لتشاركه كل لحظة بحياته فالام كالعمر لا يتكرر مرتين.

السبت 2015-03-21