لمحة عن مرض الزهايمر المبكر


ألزَهايمَر (أو الخرف الكهلي) هو داء يصيب المخ ويتطور ليُفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز والتعلم، وقد يتطور ليحدث تغييرات في شخصية المريض فيصبح أكثر عصبية أو قد يصاب بالهلوسة أو بحالات من حالات الجنون المؤقت، والزهايمر هو السبب الأكثر شيوعا للخرف، حيث يؤذي هذا المرض المهارات العقلية والاجتماعية مما يؤدي إلى إعاقة الأداء اليومي في الحياة العادية، والشكل الأساسي للمرض يتمثل بضمور في خلايا المخ السليمة مما يؤدي إلى تراجع مستمر في الذاكرة وفي القدرات العقلية/الذهنية، علماً أنه تمت تسمية المرض تيمناً باسم العالم الألماني ألويسيوس ألْتْسْهَيْمَر (بالألمانية Aloysius Alzheimer) الذي وصفه، ولا يوجد حتى الآن علاج حقيقي لهذا المرض الخطير، إلا أن الأبحاث في هذا المجال تتقدم من عام لآخر.

بشكل عام، فإن جميعنا يعتقد بأن كبار السن هم فقط من يصابون بمرض الزهايمر، ولكن هذا المرض يمكن أن يصيب الأشخاص الصغار بالسن أيضاً، حيث يعد الزهايمر مبكراً عندما يصيب الشخص قبل سن 65، ويدعى مرض الزهايمر الذي يحدث للأشخاص في أعمار صغيرة بالزهايمر العائلي، وهو النوع الذي تبدأ أعراضه قبل سن 45، وله نوعين، النوع الأول هو الزهايمر المبكر الذي يرتبط بحدوث طفرة مهيمنة في إحدى المورثات لدى الشخص، والثاني هو مرض الزهايمر العائلي المتأخر، علماً أن الزهايمر المبكر المرتبط بحدوث طفرة مهيمنة تنتقل من أحد الأبوين إلى المريض، هو نادر الحدوث (بنسبة 0.1 ٪) وعادة ما تبدء الأعراض في هذه الحالة قبل سن 65.

عادة ما يرتبط مرض الزهايمر المبكر بحدوث حالات من الخلل الجيني، وهذا الخلل قد يحدث في جينات مثل بروتين اميلويد السلائف ( (APP، و بروتين البريسينيلين 1 (PSEN1)، وبروتين البريسينيلين 2 (PSEN 2)، حيث تسبب الطفرات التي تحدث في هذه البروتينات ارتفاع في مستويات بيبتيد اميلويد بيتا في كل من الدم والدماغ، والتي قد تصل نتائج تراكمها في الجسم لكي تكون كارثية.

لكن هناك بعض الحالات التي لا يكون فيها مرض الزهايمر مرتبط بانتقال وراثي للمورثات المهيمنة، وهي حالات متفرقة تعمل فيها الاختلافات البيئية والوراثية كعوامل مسببة لخطر الإصابة بالمرض، ومن أهم العوامل الجينية المسببة له، هو انتقال الصبغيات الوراثية المتضادة للصفات – ε4 وهي نسخة أو شكل بديل للجين أو الموقع الجيني- لصَميم البروتين الشَّحْمِيّ ياء ((apolipoprotein E (APOE)، حيث أن ما بين 40 إلى 80% من الأشخاص الذين يعانون من مرض الزهايمر يملكون واحداً على الأقل من صبغة الوراثية المتضادة الصفات ε4 لـ (APOE)، حيث يزيد خطر المرض بمعدل ثلاث مرات في الخلايا الجنينية الأولى المتغايرة (الألائل) ، وبـ 15 مرة في الخلايا الجنينية الأولى المتماثلة (الألائل)، ومثل العديد من الأمراض التي تصيب الإنسان، فإن للمؤثرات البيئية والوراثية دور هام في حدوث الزهايمر.

حالياً، لا توجد أي أدلة قاطعة على وجود إجراءات يمكن اتباعها للوقاية من مرض الزهايمر، حيث أن جميع الدراسات التي أجريت لإيجاد طريقة لمنع أو تأخير ظهور المرض كانت نتائجها غير متناسقة، ولكن الدراسات الوبائية التي جاءت في هذا المجال اقترحت وجود علاقة بين بعض العوامل المسببة للتعديلات الوراثية، مثل النظام الغذائي وأمراض القلب والأوعية الدموية والأدوية الكيميائية وبعض الأنشطة الفكرية المعينة، واحتمال إصابة الأشخاص بمرض الزهايمر، ولكن التجارب السريرية وحدها هي من يقرر صحة هذه الافتراضات أو خطأها، فعلى الرغم من أن العوامل المتمثلة بارتفاع الكوليسترول في الدم وارتفاع ضغط الدم، والسكري، والتدخين، ترتبط بالفعل مع ارتفاع خطر الإصابة بمرض الزهايمر، إلّا أن استخدام الأدوية مثل الستاتين لخفض مستوى الكولسترول في الدم لم يظهر أي نتائج في منع حدوث مرض الزهايمر أو حتى في التحسين من حالة المريض المصاب به.

وعلى الطرف الآخر فإن الأشخاص الذين كانوا يمارسون الأنشطة الفكرية مثل القراءة، ولعب الطاولة، ولعب الكلمات المتقاطعة، والعزف على الآلات الموسيقية أو كانوا من الأشخاص المتفاعلين اجتماعياً، أظهروا انخفاضاً كبيراً في خطر الإصابة بمرض الزهايمر، كما أن اعتماد الأشخاص على تناول حمية البحر الأبيض المتوسط يمكن أن يساهم في خفض خطر الإصابة بالزهايمر أو حتى تحسين الحالة عند المصابين بالمرض – حمية البحر الأبيض المتوسط هي توصية غذائية حديثة مستوحاة من الأنماط الغذائية التقليدية في اليونان وجنوب إيطاليا، وإسبانيا والجوانب الرئيسية لهذا النظام الغذائي يشمل استهلاك نسبة عالية من زيت الزيتون والبقوليات والحبوب غير المكررة، والفواكه، والخضروات، واستهلاك كمية معتدلة إلى كبيرة من الأسماك، واستهلاك معتدل من منتجات الألبان (وخاصة كالجبن والزبادي)، واستهلاك نسبة منخفضة من اللحوم ومنتجاتها – أما الأشخاص الذين يتناولون وجبات غنية بالدهون المشبعة والكربوهيدرات البسيطة أظهروا ارتفاعاً في الإصابة بمرض الزهايمر.

يختلف برنامج إعادة التأهيل العصبي الواجب إتباعه من شخص لآخر، حيث أن هذا البرنامج يعتمد بشكل كبير على الأعراض وطريقة ظهورها وتطور المرض، ولكن بالمجمل فإن هناك بعض التدابير التي تعتبر شاملة والتي يمكن استخدامها في معظم الحالات، وهي:

ممارسة الرياضة البدنية والنشاط الاجتماعي، إضافةً إلى الاهتمام بالتغذية السليمة والمحافظة على الصحة.
التخطيط للأنشطة اليومية، وهذا من شأنه أن يساعد على توفير الهيكلية اليومية للمريض، ويحقق المعنى اليومي، كما يشعر المرضى بالتنظيم وبفرحة تحقيق الإنجازات.
في حال فقدان الفعالية الوظيفية، عندها يجب تبني مبدأ الأنشطة الروتينية التي تتيح للفرد المصاب أكبر قدر ممكن من المشاركة.
الحفاظ على ممارسة الأنشطة المألوفة للمريض.
السماح للمريض بإنجاز واستكمال أكبر قدر ممكن من الأشياء لوحده، فعلى الرغم من أن الشخص المعني بالعناية بالمريض يمكن أن يبدأ الأنشطة، إلّا أنه يجب أن يسمح للمريض باستكمال أكبر قدر ممكن منها.
وضع تلميحات على الأشياء التي تحيط بالمريض (أي وضع التسميات على الخزانات والحجرات وفقا لمحتوياتها).
الحفاظ على سلامة المريض عن طريق إزالة جميع المخاطر التي قد تهدد سلامته (مثل مفاتيح السيارة، أو أعواد الكبريت).
أخيراً، فإن الزهايمر يعد مرض العصر الحالي، وكون هذا المرض لا يوجد له حتى الآن أية آلية علاجية حقيقية وفعّالة، لذا فإن اتباع التعليمات المنصوح بها للوقاية من هذا المرض هو أفضل ما يمكن فعله حياله، فاتباع نظام غذائي متكامل، وممارسة الرياضة بشكل دوري، وممارسة ألعاب العقل يومياً، وترك العادات الصحية السيئة مثل التدخين وشرب الكحول، هي من أهم الأمور التي يمكن اتباعها للحيلولة دون الإصابة بمرض الزهايمر.