كانت عناوين صحف مخيفة جداً بالنسبة للنساء اللواتي في عمر الحبل والإنجاب، واللواتي يستخدمن وسائل منع الحمل الهرمونية، حيث حذرت الصحف من أن هذه الوسائل يمكن أن تضاعف خطر التعرض للإصابة بورم في الدماغ، ولكن الأورام التي تتسبب بها هذه الوسائل نادرة بحيث أن تضاعف خطر الإصابة بالأورام الدماغية الناجم عن استخدامها سيؤدي إلى إضافة حالة واحدة فقط لكل 50,000 امرأة تتناول حبوب منع الحمل على مدى سنة كاملة.

يتم استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية كطريقة شبه مثالية لتحديد النسل، ويمكن لهذه الدراسة أن تؤدي إلى تخلي النساء عن استخدامها، ويحتمل أن تجعلهن يتوقفن عن استخدام أي شكل من أشكال تحديد النسل، وهذا يشكل خطراً كبيراً خاصة في البلدان التي تتبع سياسات تحديد النسل مثل الصين.

استخدم الباحثون في هذه الدراسة نموذج حالات إفرادية مقترنة بنماذج ضابطة، حيث كان لديهم إمكانية الوصول إلى بيانات عن سكان الدنمارك، وبذلك استطاعوا استخدام السجل الوطني للسرطان لإيجاد حالات الأورام الدماغية بين النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 49، بين عامي 2000 و 2009، وقد استطاع الباحثون إيجاد 317 حالة من الأورام الدماغية في هذه العينة، وهذا يعادل تقريباً 5 نساء من كل 100,000 امرأة في السنة الواحدة، (بالمقارنة، يصيب سرطان الثدي 125 امرأة من كل 100,000 امرأة في المملكة المتحدة)، بعض النساء الذين كن من ضمن الاختبار يستخدمن حبوب منع الحمل، وبعضهن الآخر لم يستخدمنها، وفي الواقع فإن نصف النساء الـ317 كن يستخدمن وسائل منع الحمل الهرمونية، ونصف النساء في المجموعة الضابطة التي يبلغ عددها 2126 امرأة كن يستخدمن هذه الوسائل.

إن وجود المجموعة الضابطة التي لا تعاني من أورام دماغية كان ضرورياً لمقارنتهم مع النسوة اللواتي كن يعانين من الأورام، ولمعرفة ما إذا كان استخدام وسائل منع الحمل يمكن أن يختلف بين المجموعتين، والجدير بالذكر أن الكيفية التي يتم فيها اختيار هذه المجموعة مهم بشكل كبير، وفي هذه الحالة كانت المجموعة الضابطة عبارة عن عينات عشوائية من إناث الدنمارك، وتم بعدها ترتيب مجموعات البحث بناء على العمر، بحيث يتم مقارنة كل حالة من النساء المصابات بالورم مع 8 نسوة في المجموعة الضابطة.

باستخدام هذه البيانات، وجد الباحثون بعد الأخذ بعين الاعتبار سنوات الدراسة، والتاريخ الطبي للمشتركات مثل الإصابة بالحساسية أو الربو، أن النساء اللواتي طورن أوراماً دماغية دبقية كان أغلبهن ممن يستخدمن وسائل منع الحمل الهرمونية مقارنة مع أولئك اللواتي لم يكن مصابات بالأورام الدماغية.

أوضح الباحثون الذين قاموا بإجراء هذه الدراسة بأنه ما يزال من المبكر جداً القول بأن استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية تؤدي للإصابة بالأرام الدماغية، في ظل عدم البحث في الاختلافات الأخرى بين المجموعتين والتي قد تتسبب بإحداث الأورام أيضاً، فعلى سبيل المثال، يعتقد بأن السمنة تؤثر على معدلات الإصابة بالأورام، ولكن مثل هذه البيانات لم تكن متوفرة لدى النساء اللواتي تم الاعتماد عليهن في هذه الدراسة.

بصرف النظر عن نتائج في هذه الدراسة، فإن هناك بعض الأدلة التي تشير بأن استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية يمكن أن يساعد في الوقاية من سرطان المبيض وسرطان الرحم وسرطان الأمعاء، والتي تعتبر أكثر انتشاراً من الأورام الدماغية، ففي حين يشير هذا البحث إلى أن استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية قد يزيد من خطر أورام الدماغ المحدودة والنادرة، إلّا أن الدليل الذي تقدمه هذه الدراسة لا يعتبر دليلاً قاطعاً بالتأكيد، وحتى لو كان هذه الدليل أكيداً، فإنه لا يجب على النساء أخذ قرارات حول تناولهن لوسائل منع الحمل استناداً فقط على هذا البحث.