تضج أماكن ومراكز التسوق بالناس من مختلف الأعمار وفئات المجتمع، فهذه المراكز لم تعد فقط أماكن للتبضع، بل أصبحت أيضاً أماكن ترفيه وتسلية وتعلم.
فهناك من يقصدها لمتعة التسوق، وآخر من يصحب أبناءه ليسعدهم باللعب في الأقسام الترفيهية، ويفرغون بها طاقاتهم، وهناك أيضاً من يرافق أصدقاءه لحضور الأفلام في قسم السينما، فالمولات متنوعة وهادفة ويجد الفرد كل ما يحتاجه تحت سقف واحد.
«لينا» شلبة تعمد الى الخروج للتسوق من فترة الى أخرى ، خاصة بعد الإحساس بالتعب الشديد نتيجة ضغط العمل فهي تجد التسوق وسيلة للترفيه عن النفس والابتعاد عن الضغوطات.
بينما «أمل» قالت: «أنا أفرغ غضبي و كآبتي دائماً بالتبضع والشراء وبالأخص باقتناء الذهب فكلما أغضبني زوجي أقوم بالذهاب الى محلات الصياغة وأشتري قطعة من الذهب كنوع من تفريغ الغضب وإراحة النفس .
و.. «سعاد» تستند الى قولها : «أكون في قمة سعادتي عندما أذهب الى الأماكن الشعبية كالتسوق من «سوق الجمعة» مثلاً فهناك أجد نفسي هائمة بين الماركات والملابس الجميلة وبأسعار قليلة فأشتري بكل ما بحوزتي من نقود فأعود الى منزلي محملة بأجمل الملابس والأحذية مما يعكس على نفسيتي فتصبح رائعة».
أما عن الرجال بشكلٍ عام فإن وسائل الترفيه بالنسبة لهم التجمع مع الأصدقاء ولعب الورق وطاولة الزهر سوياً في المقاهي أو لعب «البولينغ» في الأماكن المخصصة لها وغيرها الكثير، فهذه النشاطات هي ما تمدهم بالمتعة والفرح وتفريغ الطاقة أكثر من الذهاب الى الأسواق، فالكثير منهم يعتمد على زوجته أو أمه أو أحد أفراد أسرته لشراء ما يحتاجه، وان اضطر للذهاب بنفسه للتسوق يقصد أماكن محددة ويشتري بسرعة تفوق سرعة النساء بأضعاف.

التسوق للأطفال
«أفرح كثيراً بالذهاب الى أماكن اللعب، وأتحمس كثيراً لأداء واجباتي المدرسية والبقاء في القمة بالأخص عندما يعداني والداي باصطحابي الى «المول» لما فيه من متعة كبيرة فأقوم به باللعب ومن ثم تناول الطعام والحلويات». هذا ما قاله الطفل «وديع» ،واستمر في حركته داخل المول.
بينما الطفلة «اليسا» البالغة من العمر تسع سنوات بينت: «تصحبنا المدرسة في رحلات تعليمية الى المطاعم والمخابز للتعرف على كيفية صنع الخبز والحلويات والمأكولات».
ويرى المستشار في شؤون التربية والأسرة وخبير المناهج «الدكتور قيمر القيمري» : «إن أماكن التسوق في الوقت الحاضر أصبحت أماكن تجذب الصغار والكبار من كلا الجنسين، تجذبهم بما تحتويه من مطاعم ومقاه وسينما وألعاب وهي بشكل عام منضبطة ونادراً ما تخالف عادات وتقاليد المجتمع».
ولفت الى: «ان نتائج الاستطلاعات تشير الى أن التسوق يؤثر ايجاباً في حياة الأفراد وخاصة عند النساء اللواتي يشكلن نحو 80% من المتسوقين».
«انها متعددة وتضم عدة جوانب أولها متعلقة بالأسرة، فإن قيامهم جميعاً بالتسوق والترفيه يمثل عودة رائعة لمفهوم (اللمة) أو (الجمعة) خارج البيت وخلافاً للرحلات، وهذا يكوّن عند الأفراد فيما بعد ذكرى رائعة للجميع، فغالباً ما تكون هذه اللحظات (جمعة) يتبادل فيها أفراد الأسرة أطراف الحديث واللعب في بيئة ومواقف غير روتينية، وتخص جميع أفراد الأسرة».،اشارة الى تأثيرات الحراك الجماعي في عملية التسوق.
مضيفا: إن التسوق يحسّن المزاج، كما ويعتبر وسيلة للترفيه والتنفيس وخاصة عند الأشخاص الذين يعانون من ضغط في العمل، بالاضافة الى أنه يُخرج الانسان من حالات الملل والروتين اليومي، ويعتبر أسلوب تعويض للفراغ العاطفي، خاصة عند أولئك الذين خرجوا حديثاً من حالات الانفصال أو الطلاق».
أما تأثر التسوق على الناحية النفسية بين «القيمري» :ان خروج المتبضع الى السوق ينسيه حالات الحزن والألم والقلق، فقد أثبتت الدراسات النفسية والتربوية أن التسوق أفضل للمكتئبين عدة مرات من تناولهم حبوب مهدئات الاكتئاب».
وعن التسوق والأبناء قال «القيمري» : « بالأخص الأبناء ممن هم في مرحلة الطفولة المبكرة (3-6 سنوات) ومرحلة الطفولة المتوسطة (6-9 سنوات) فإن أماكن التسوق أماكن تؤدي وظائف تعليمية إضافة الى كونها وسائل ترفيهية».
أكمل مبيناً الطرق: «الألعاب وأماكن الترفيه هي وسائل «تعزيز ايجابي» يمكن أن تستخدمها الأسرة لأبنائها، فكثيراً ما يَعد الأب أو الأم أو الاثنين معاً ابناءهم برحلة تسوق فيما اذا أنهوا واجباتهم المدرسية بشكل جيد أو عندما يحصلون على علامات جيدة».
«كما ان أماكن التسوق بما تتضمنه من أقسام متنوعة أصبحت وسيلة تعليم كتعلم القراءة عند تهجئة أسماء المحلات والعروض التي تقوم بها هذه المحلات، وتعلم الحساب أو الرياضيات عندما يطلب الأبوان من أبنائهما دفع الفاتورة .
«وفي قسم «المخبز والحلويات» يتطلع الأطفال على كيفية صنع الخبز، وهي فرصة ترفيهية وتسلية وتعلم. وكم هو رائع أن يعرف الأبناء القيمة الغذائية للخضراوات والفواكة أثناء وجودهم في قسم «الفواكة والخضراوات».
إن هذه الأفكار بالنسبة للأبناء تمثّل بل تجسّد وتترجم القواعد التربوية «التعلّم من خلال اللعب» و»التعلم من خلال التسوق».

منقول عن الرأي