اكد باحثون ومختصو آثار خلال ندوة نظمتها مديرية اثار الاغوار الجنوبية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، ان منطقة الاغوار الجنوبية تشكل منجما آثاريا ومعلوماتيا مهما جدا على مستوى المنطقة والعالم.
وقال استاذ الآثار والتاريخ في جامعة أثينا اليونانية الدكتور كونستانتينوس بوليتيس، خلال الندوة التي حضرها حشد من الفاعليات المجتمعية والرسمية، ان منطقة الاغوار الجنوبية في محافظة الكرك تعتبر تاريخيا من اقدم المناطق عالميا في مزاولة الصناعة كعمل متقن وضمن مواصفات قابلة للتبادل والتصدير.
وقال، ان الحفريات الاثرية والدراسات التاريخية التي شملت المواقع الاثرية المنتشرة حول البحر الميت «دلت اشاراتها التاريخية على وجود ثلاثة مصانع للسكر انتشرت في كل من غور المزرعة وغور الصافي وغور فيفا، وهو السكر الذي اشتهر بنقائه وصفائه وكان يصدر الى الدول الاوروبية ومحيطها».
وعرض بوليتيس لفترات تاريخية اشتهرت فيها المنطقة نتيجة حضورها التجاري والصناعي الذي دلت عليه نقوش وآثار المنطقة، مبينا ان اوج فترات الازدهار كانت في الفترتين الايوبية والمملوكية في القرنين الثاني عشر والرابع عشر الميلاديين، حيث كانت المنطقة املاكا سلطانية تحت الاشراف المباشر لوالي دمشق. من جانبه قال الدكتور محمد القنه من الجامعة الهاشمية، ان الاغوار اشتهرت بنبات صناعي بامتياز هو نبات «النيلي»، او نبات الصمغ الذي لعب دورا كبيرا في صناعة الاصباغ على اختلاف الوانها، ويستخدم لصبغ الاقمشة والالبسة والمنسوجات.
وبين القنة ان الاغوار الجنوبية اشتهرت تاريخيا بهذا النبات اضافة للسكر وطواحينه او مصانعه، والملح وملاحاته القديمة، معتبرا الاغوار من اقدم وافضل مناطق العالم المعروفة بتواجد نبات النيلي تحديدا والذي دخل في صناعات متعددة في فترات تاريخية، مشيرا الى ان هذا النبات انقرض لعدة اسباب.
ودعا الدكتور القنة لاعادة انتاج وزراعة هذا النوع من النبات ذي القيمة الصناعية والاقتصادية العالية في موطنه الاصلي، لافتا الى تجربة مغربية في التوسع بزراعته لغايات صناعية وزراعية مهمة. من جهته قال مدير اثار الاغوار الجنوبية محمد الزهران، ان الندوة تأتي للتوعية بالأهمية التاريخية الكبيرة بالمواقع الاثرية في الاغوار الجنوبية وما تحمله من اشارات تاريخية ودلائل ذات قيمة معنوية كبيرة ذات تأثير في السيرة التاريخية للأردن عموما، ومنطقة الاغوار على وجه الخصوص.
واضاف ان الواقع السياحي والبيئي والتاريخي المتنوع يلقي بمسؤوليات كبيرة على الجميع في حماية هذا الارث الوطني القيم بشهادة مختصين دوليين ومحليين، مبينا ان مئات المواقع التاريخية الاثرية المنتشرة في لواء الاغوار الجنوبية تعد اثريا مناطق كشف ليس اثريا فحسب، بل مناجم معلوماتية غنية عن فترات قديمة وهو ما يستوجب مسؤولية مجتمعية لحمايتها.
منقول عن الرأي
رد مع اقتباس
المفضلات