يا ليل يا عين
لماذا ينتهي الموال أو يبدا بقول المغني "ياليل ياعين"؟
ما الذي يجمع بين الليل -الظاهرة الكونية - والعين -العضو الجسماني حتى يتغنى بها المغنون ؟
ما الذي يجعلهم يتغنون بهما دون غيرهما؟ هل هما المقصودان أم أن في الأمر حكاية أوأسطورة ؟.....
تقول الأسطورة ان صيادا اعتاد على صيد السمك بوفرة وبقي على هذا الحال زمنا ،وكثر الصيادون وقل السمك وقل المردود فزاد اتساع الأفواه وقل إشعال النار في البيت.... إذا، لا بد من البحث عن مكان به وفرة من السمك، لكن أين؟ وقد امتلأ البحر بالزملاء منهم من يفهم الصنعة ومنهم المتطفل..لا بد من السفر بعيدا إلى مكان لا يعرفه الصيادون.
ومن الفجر، نصب أشرعته وانطلق صوب قلب البحر لعل السمك هناك أوفر وأفضل، أبحر يمخر عباب البحر، يقاوم الموج..والموت وكلما خطر بباله العود...تذكر العيال، فلا بد من الإقدام والتقدم إلى أن يجد المراد..انتصف النهار ولم يجد ضالته، وفجأة لمح يابسة ، هو يعرف البحر جيدا لكن لم ير ولم يسمع بأن جزيرة هنا ..إلى الجزيرة ، حيث الراحة والسمك على شاطئها .
وصل الشاطئ واخذ قسطا من الراحة ووجد فيها فاكهة لم يذق طعم حلاوتها ولم ير مثلها من قبل ،وفي ظرف ساعة ، ملأ القارب سمكا سيبيعه بسعر جيد وسيشتري لأولاده هدايا ،وعاد للجزيرة مرات ومرات ..شهر كامل حتى صار يأخذ من السمك أجوده فحسب...
وفي يوم ولأول مرة يرى بشرا على الجزيرة، فلم يلاحظ سكانا وعمرانا أو صيادين، لم لم يخطر على باله ذلك؟
- "من أنت؟وماذا تفعل هنا" سأله الرجل الغريب
- "إنا صياد من البر الكبير."أجاب بوجل
- "انتم معشر أهل البر ليس لكم أمان ،الغدر فيكم ،والخيانة طبعكم لذا اعيش لوحدي، وانت ستأتي غدا برفاقك السيئين وتفسدون ارض الجزيرة ،اذهب من هنا ولا تعود"
- "ولكني لم اغدر ولم أخن، فمنذ شهر وأنا آتي إلى هنا ولم اخبر أحدا، حتى أهل بيتي لم اخبرهم خوفا من أن يشوا بالمكان، إنا لست غدارا ولست خائنا"
- "اعرف ذلك ، سأسمح لك بالصيد هنا، وستكون أول صديق لي ، ولكن إياك ثم اياك والغدر ،وتأكد انك إن غدرت لن تجد سمكة واحدة،وعليك أن تعاهدني على أن لا تسأل عن اسمي إلا إذا رأيتني راحلا"
تعاهدا وتواعدا وأوفيا وأصبحا صديقين حميمين ومر عام من الوفاء والصدق والصداقة والود والمحبة.
وفي ذات صباح وصل الشاطئ ولم يجد صديقه الحميم بانتظاره،أين هو ؟ هل أصابه مكروه؟وكيف سيناديه فهو لا يعرف اسمه؟ لم يطل انتظاره طويلا ،جاءه الصديق الوفي وعانقه ولكن ليس ككل مرة، ففي هذه المرة دفء أكثر
- "أنا مسافر لشهر او شهرين وستكون لوحدك في الجزيرة" نزلت الكلمة كالصاعقة على رأسه
- "أنا راحل معك" قالها بحزم
- "ولكن لا تعرف إلى أين سأذهب"
- " لا يهم فأنت صديقي ولن أتركك لوحدك، لكن أرجوك دعني اذهب لأودع أهلي وسأعود غدا"
- "وهل ستخبرهم انك مسافر مع صديقك ليل؟ ستسافر معي ولكن لي شرط واحد هو أن لا تغدر أو تفكر بالغدر وان حدث ذلك، سأختفي ولن تجدني أبدا"
إذا هذا هو اسمه "ليل" الليل ،حيث الأسرار والسكينة والهدوء والراحة ..اسم على مسمى
أشرعت السفينة وأبحرت ولكن إلى أين هم مسافرون؟ وكيف يسأل صديقه وهو واثق منه ،لن يسأله ، يكفي انه مع صديقه الوفي ليل.
- "سنجوب الأرض، كل سنة أجوب الأرض ابحث عن شخص وفي لا يغدر"
- "الم أكن صديقا وفيا ؟"
- "نعم ولكنك أنت من وجدني"
أبحرت السفينة ورست في موانئ ورأوا العجائب من البشر والخلائق إلى إن وصلوا إلى مدينة مات ملكها منذ فترة فكانا ضيفي "عين"ابنة الملك الوحيدة التي اشترط والدها الملك قبل موته أن لا تصبح ملكة إلا إذا تزوجت من رجل يستحقها، ولكن من يستحق الأميرة؟
وعلى مائدة العشاء قالت الأميرة" عين"إن شرط والدها هو إن تتزوج من رجل وفي لا يغدر وسيملكها ويملك البلاد والعباد سيكون الحاكم ، فهي لا خبرة لديها بأمور الحكم وهمومه وقد سمعت أنهما صديقان وفيان لا يغدران وستختار صباحا عند الإفطار احدهما ليكون الملك وتكون هي ملكه ايضا.
ذهبا كل إلى غرفته يمني النفس بامتلاك هذا الجمال البارع والبلاد المترامية والكنوز الهائلة، نام ليل من فرط الإرهاق ولكن صيادنا لم يغمض له جفن.
في منتصف الليل دق باب ليل واستيقظ وكان الطارق الأميرة
"اسمع أنت أفضل من الصياد وقلبي قد مال إليك وأرادك أنت، اذهب واقتل صديقك وسنقول للناس انه غدر بك وأراد قتلك لكن الحرس قتله؟" قالت الأميرة ذلك وهي تلبس ثيابا مغرية وحلي ثمية.
"لن اغدر بصديقي، وان كنت استحقك فيجب أن يكون ذلك بصدق لا بغدر وكذب، اذهبي فلن أخون صديقي"
ذهبت إلى غرفة الصياد، وقالت له ما قالت لليل ، سحر الصياد بهذا السحر الجارف انها له ولا يتبغي ان تكون لأحد غيره .
"نعم ،إنا استحقك"
"إذا اذهب الآن ونفّذ الأمر قبل الفجر!"
غادرت الغرفة وهي مبتسمة .
تلثم صاحبنا وتأبط شرا وخرج خلسة حيث ليل في غرفته ، ووجد الباب مفتوحا ولم يجد ليلا ،حمد الله وعاد بسرعة إلى حجرته وفي الصباح خرج فرحا كي تختاره حبيبته الأميرة...ولكن لم يجد قصرا ولا إفطارا ولا حرسا ولا أميرة ولا ليلا وبحث وبحث ولم يجد أحدا..
"هل خرجوا إلى الغابة، سألحق بهما."
بحث في الغابة، لم يجد أحدا، لم يجد بشرا ،عرف ان الغدر فيه هو الطبع وان الوفءا عنده كان تطبعا.
ولكن سيعتذر لهما ، فهما طيبين، سيسامحانه بلا شك ،ترى أين هم؟ فلينادي عليهما ،ونادى وظل ينادي وينادي معه المغنون إلي اليوم ............................
"يا ليل ....يا عين ،يا ليل ....يا عين، يا ليل ....يا عين "
رد مع اقتباس
المفضلات