عمان - فلك المجالي -تعاني الستينية أم احمد من اتكالية إبنها الوحيد عليها في جميع أمور الحياة , وإعترفت أنها
بسبب دلالها الزائد لابنها اصبح معتمدا عليها حتى في اختيار شريكة حياته ،معبرة في هذا السياق
« أنها أفسدت إبنها وانها تخشى عليه من عثرات الزمن فهي لن تدوم له » .
وتضيف» للأسف نحن نربي ابناءنا على الاعتماد و الاتكال علينا لذلك ينتج جيل متقاعس « ,لكنها تعود وتبرر في
نهاية حديثها بالقول « بس هو ابني الوحيد .
« ويروي أبو فراس « 58 عاما « أنه نشأ في أسرة بسيطة جداَ حيث وجد نفسه فجأة المعيل لاسرته بعد وفاة والده وهو في سن السابعة عشرة ، ويقول »
وجدت نفسي مسؤولا عن والدتي وأخي و أختي الامر الذي اضطرني للبحث عن عمل بجانب الدراسة».
و يضيف «ابو فراس» أن هذه التجربة صقلت شخصيته الاستقلالية مما انعكس ايجابياً على طريقة تربية ابناءه ،
ويقول»
تزوجت و أنجبت زوجتي 3 أطفال , زرعت انا وزوجتي في شخصيتهم منذ الصغر الاعتماد على النفس خاتماً حديثه بالقول « ما حدى ضامن كم رح يعيش» .

وتعرف «الاتكالية» بإنها اعتماد الابن منذ صغره على والديه في جميع شؤونه فيتعود على ذلك إلى الكبر .
ويتفق علماء الاجتماع وعلماء النفس على أن ظاهره «الاتكالية» تعتمد على تنشئة الأطفال في المراحل الاولى من
العمر وخاصة السنتين الأولى من عمر الطفل حيث يعتمد الطفل على الأهل في تلبية حاجاته وهنا يعتمد على مدى تلبية هذه الطلبات من قبل الأهل ومدى تعلق الطفل في الأم خاصة.
كما ويتفقوا على أن الذكر أكثر اتكالية من الانثى نظراً لأن طبيعة المجتمع لدينا ذكوري حيث أن الفتاة لديها ضوابط أجتماعية ليست موجودة في الذكر.

علم الاجتماع
يقول استاذ العمل الاجتماعي في الجامعة الاردنية الوزير السابق الدكتور محمود كفاوين «أننا لا نستطيع أن نعمم هذه ظاهرة «اتكالية الأبناء على الآباء» على جميع أبناءنا ولكنها موجودة لدينا بنسبة كبيرة
ويشير الدكتور كفاوين الى ان العوامل التي تؤدي الى بروز ظاهرة الاتكالية تتمثل في عدة جوانب اهمها الجانب و العامل الاقتصادي ،اذ يندرج تحت هذا العامل امور عديدة منها «البطاله,وانخفاض الدخل بالنسبه للفئة العامله,وصعوبة السكن حيث تلجأ بعض الاسر الى ان يسكن الابن وزوجته في بيت الأهل وهنا ندخل في مفهوم «الأسر الممتدة»؛ اضافة الى الجانب العاطفي لدى الأباء وخاصه اذا كان هذا الابن « الابن الوحيد « .
وفي ذات السياق يرى الدكتور كفاوين أن الاتكالية تظهر على انها اتكالية على الاسرة ولكنها في الحقيقة اتكالية على المجتمع بالأكمل .
علم النفس
تقول استاذة علم النفس في الجامعة الاردنية سعاد بدران « أن كثير من الاسر تعاني من هذه الظاهره , موضحة أن للأهل الدور الأكبر في نشوء هذه الظاهرة فهي تعتمد على تنشئة الطفل منذ الصغر ،مبينة أنه اذا لم يشجع الأهل على الاستقلاليه تزيد الاعتمادية حتى يصل الى سن المراهقة فيصل إلى مرحلة تدعى مرحلة « تشتت الهوية « حيث يصل
سن الرشد وهو مازال معتمداً على أهله .
وترى بدران ان هنالك اهمية للجانب العاطفي اذ أن كثرة الدلال للابناء لحجة انهم صغار أو حجة الابن الوحيد هي
بمثابة الحفرة التي يقع فيها الكثير من الاباء مما يؤدي إلى ظهور هذه الظاهرة
ويتفق مختصون على ان لظاهرة «الاتكالية» سلبيات عديدة فهي تؤدي إلى اخراج افراد ذوي شخصيات ضعيفة مما
يؤثر سلبياً على مستوى الابداع لدى الافراد وعلى المستوى الاقتصادي لدى الفرد اولاً ثم لدى المجتمع كما يؤثر نفسياً على العلاقات الاسرية نتيجة اضطرابات معينة مثل « القلق وخوف من المستقبل « مما يؤدي الى ظهور سلوكيات منحرفة كاللسرقة وزيادة نسبة العنف
ولما لهذه الظاهرة من تداعيات سلبية تؤثر على مستقبل ابنائنا فلا بد من وقفة جادة لمجابهة هذه الظاهرة وصولا الى تنشئة اسرية سليمة فيها مستقبل ابنائنا وبالتالي مشتقبل مشرق لأسرنا و قوة لمجتمعنا ولنطبق جميعاً قول سيدنا علي بن
ابي طالب رضي الله عنه
« لا تربوا أولادكم كما رباكم أباءكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم «
الراي