الملاحظة التي سأسردها في المقال مهمة جدا وأظن أنها تستحق أن نقف عندها مطولا وهي :

- أن الفيديو الذي صور بموبايل مواطن في شارع وصفي التل لجلالة الملك وهو يقوم بدفش سيارة أحد المواطنين أخذ صدى إعلاميا أكثر من كل الفيديوهات التي صورت سابقاً.
فإذا دخلت موقع يوتيوب ستكتشف أن مئات الألوف من الناس تداولوه، وستكتشف أن الإعلام العربي والعالمي أخذ مقتطفات من هذا الفيديو.
علما بأن الموبايل الذي تم تصوير الفيديو فيه يعود لمواطن وثمنه لا يتجاوز (100) دينار على أبعد تقدير بالمقابل حين يريد تلفزيون أن يبث تقريرا عن إحتفال فعليه أن يرسل مراسلا ومذيعا وسيارة مع سائق وكاميرا يبلغ ثمنها (12) ألف دينار...وتكلفة مونتاج ودقائق بث ناهيك عن الوقود، وأجور الموظفين في حال كان التقرير خارجياً.
والسؤال لماذا ؟..ببساطة لأن الملك حين دفش السيارة، كان يتصرف بعيدا عن البروتوكول والمراسم والتشريفات ولم يكن هناك حكومة ولا أصحاب معالي ولا أصحاب عطوفة، كان يتصرف بدافع إنساني يمتلكه وبدافع الخوف على شعبه.
في بلادنا أنتجنا مئات الأغاني، أنتجنا مئات البرامج..والأفلام وأنتجنا مئات الساعات من التسجيلات، ولكن كل ما
أنتجناه حفظ في الأرشيف، بالمقابل مازال الشباب والأطفال يتداولون الفيديو الذي ظهر فيه الملك وهو يقوم بدفش سيارة مواطن وأظنه سيبقى على أجهزتهم ولن يذهب للأرشيف.
يبدو أن إعلامنا الرسمي بحاجة لإعادة نظر لأن موبايل مواطن إستطاع أن يغير مزاج الشعب الأردني كاملا فالفيديو
لايقرأ في إطار اللفتة الملكية ولكن خفف من اثار الصدمة التي أنتجتها العاصفة على الناس بحيث أنه أخذ منهم وقتا
طويلا من الحديث والنقاش والثناء.
في النهاية موبايل ثمنه مئة دينار وفيديو ملتقط بعدسة هاو .... كان أكبر من مؤسسات كلفت الدولة ملايين الدنانير.

سؤال أريد أن أطرحه على الدولة وهو من الأكثر وعيا نحن أم الإعلام الرسمي ... في مصر مثلا ، حين تسلم الرئيس المؤقت زمام الأمور كان أول لقاء يبث من رئاسة الجمهوريه هو لقاء الرئيس مع المفكر محمد حسنين هيكل ... وكانت تلك رسالة للشعب مفادها أن للقلم دورا في الدولة ، والخبر كان يحتوي على جملة مهمة وهي :
- الرئيس المصري يستمع لتوجيهات ورؤية هيكل حول المرحلة.
الإعلام الرسمي في الدولة يدار بعقلية بيروقراطية وليس بعقلية إبداعية ، بمعنى اخر أن الإعلام يحتاج لإبداع أكثر منه لموظفين ... وبالتالي مادام أن إعلامنا الرسمي سيبقى يدار بهذا الشكل فمن المنطق أن يهزم موبايل ثمنه مئة دينار مؤسسات كلفت الملايين .