احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الأَفكار المعلّبةُ .. سهلةُ الحفظِ والإستخدامِ والتّداول !

  1. #1
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Sat Mar 2009
    الدولة
    الزرقاء
    العمر
    65
    المشاركات
    22,550
    معدل تقييم المستوى
    21474874

    الأَفكار المعلّبةُ .. سهلةُ الحفظِ والإستخدامِ والتّداول !

    يشيرُ لفظ (المُعلَّبات) إلى تلك الأطعمة الجاهزة المحفوظة في أوعية معدنية ، مُحكَمةَ الإغلاق ، تمنع تسرب الهواء إليها ، وهي في متناول اليد ، سهلة التداول ، يسيرة الاستخدام ، تكفي المرءَ عناءَ التَّحضير والطَّهي وتوابعهما ، وثمة في حياتنا أفكار جاهزة كثيرة ، نتوارثها ، أو نتناقلُها ، أو نقتبِسُها ، وهي شديدة الشَّبه من حيث طريقة حفظها وتداولها وسهولة استخدامها بالمعلبات ، ونجد أن الكثيرين منا يعوّلون على تلك الأفكار في تفسير الوقائع والأحداث والعلاقات من حولهم ، ويعتمدون عليها في إصدار الأحكام على الأفراد والجماعات والأمم والأفكار والثقافات والحضارات ، ويلجأون إليها في فهم المشاكل وتقديم الحلول القاطعة السريعة لها .
    وكثيراً ما تأخذ هذه الأفكار المُعلَّبة صيغة المثل الشعبي ، أو الحكمة التراثية ، أو الشعارات ، أو صورة خلاصة الخبرات أو زبدة التجارب ، كما يَغلُب أن تُعرَضَ تلك الأفكار بصورة موجزة ، مختصرة ، فيها من البساطة و(السطحية) ما لا يتوافق مع ما في الحياة مـن تعقيد ، وتشابك في العوامل ، وتعدد في الأسباب المؤدية إلى النتائج ، وعلاقة جدلية بين السبب والنتيجة ، كما أنها من السّذاجة والسَّطحية بحيث لا تُراعي الاختلاف بين الأشخاص وطبائعهم ودوافعهم والمؤثرات التي توجههم والظروف المحيطة بمواقفهم وسلوكاتهم .

    * لماذا يُقبِلُ الناس على استهلاك الأفكار المعلّبة

    إن مما يشجِّع الناس على تبنّي الأفكار المُعلَّبة ، سواء بطريقة شعوريـة أو لاشعورية ، أن تلك الأفكار يَغلُبُ أن تُقدِّمَ أَسهل التّفسيرات ، بغضِّ النّظر عن صحة تلك التفسيرات أو بطلانها ، كما تقدم أَيسر الحلول ، دون اعتبار لصحة تلك الحلول ، أو آثارها المستقبلية ، أو مدى قدرتها على اجتثاث المشكلة ، أو معالجة أسبابها ، أو الحيلولة دون تكرارها ، أو منع ظهورها في ثوبٍ آخر جديد .
    وإنك لتلمسُ مثل هـذه الأفكار المُعلَّبةَ في أحاديث كثير من الناس ، سواء في الأمور الاجتماعية ، أم الاقتصادية ، أم السياسية ، ولأنها ـ أي الأفكار المعلَّبة ـ تُستَخدَمُ في التّحليل وإصدار الأحكام ، كما تستخدم في فهم المشاكل وحلِّها ، فإنه يترتب على كل ذلك بطبيعة الحال مواقف وتصرفات خاطئة .

    * أفكار معلبة في مجال التربية

    في المجال الاجتماعي والتربوي قد تَطرحُ بعض مشاكل سلوك الأبناء ، أو تتساءل عن سبل تربيتهم ، فتجد الأكثرين ممن يستمعون إليك ينبرون للنطق بالجوهرة التي تُعبِّر عـن فكرة مُعلَّبةٍ سطحية مُتناقَلَةٍ ، وليقولوا لك :
    (العلاجُ هو الشِّدَّة والضرب) فانظُرْ كم هو حل سهل ! جاهز ! يمكن أن يُعفي كل الباحثين والدارسين والعلماء في مجال التربية وعلمِ نفسِ الأطفال من عنائهم الموصول وأبحاثهم المُضنية ! حلٌّ يدغدغ غريزة العدوان المكبوتة ، ويفتقر لفهم الطبيعة البشرية ، ويَغفلُ النتائج المستقبلية ، ويعتمد الحُلول الآنيّة اللحظية ، ولو كانت المسألة التي تطرحها متعلقة مثلاً بالمرأة أو بالطلبة أو بالموظفين ، فسوف تسمعُ أيضاً حلولاً نابعة عـن أفكار مُعلَّبة تشبه حَلَّ مشكلة الأبناء ، أو تنبع من نفس مصدرها .

    * وأفكار معلبة في السياسة والاقتصاد

    وإذا كانت ثمة مشكلة اقتصادية كالفقر مثلاً أو المديونية أو الكساد أو ما إلى ذلك ، وجدتَ لدى البعض تفسيراً جاهزاً
    فوراً ، فقد يقولون لك إن سبب كل بلاء هو الفساد ، مع أن مثل هذه الجوانب الاقتصادية أعمق وأعقد من أن تنتجَ عن سبب واحد ، فثمة دائماً عوامل متعددة ، وأسباب مترابطة ، وظروف مجتمعة ظاهرة وخفيّة تؤدي إلى ظاهرة ما .
    أما إذا كان الحديث في مجال السياسة ، فسوف ترى كيف أن الكثيرين يفسرون كل حدث من منطلق فكرة واحدة مُعلَّبة
    هي فكرة (المؤامرة) ، وهي فكرةٌ جاهزةٌ تُقدِّم فعلاً أسهل التفسيرات، وأكثرها قدرة على إلقاء اللوم على الآخر ، وإعفاء الذات من المسؤولية .

    * وفي المجال الاجتماعي

    تستمع أحياناً إلى أحاديث وحوارات في المجالس أو في برامج التلفزيون تبحث في العادات والتقاليد ، فينبري المتحدث للتأكيد على (ضرورة المحافظة على العادات والتقاليد في مجتمعنا) ، ويجري الآخرون جَريهُ في هذا الحديث ، أو في
    هذا النمط من التفكير ، لأنه يقوم علـى فكرة جاهزة كثيرة التداول ، يرددها حتى المثقفـون والكُتّاب . ويبدو أن أحداً
    منهم لم يتوقف عندها ، ليعلم أن مجرد تداول هذه العبارة أو الفكرة لا يعني صِحتّها . فبعض العادات تكون أصلاً معوقة للإنتاج ، أو عقبة في سبيل التطور ، وبعضها يكون قد نشأ في ظِلِّ نمطٍ من الحياة يتناسب معه ، ثم اختفى ذلك النمط ، وبقيت العادات قائمة . فالاحتفال بالمناسبات السعيدة لأيام وليالٍ طويلة مثلاً كان يناسب نمط المجتمع الزراعي الذي كان يقاس فيه الزمن بالفاصل بين الموسم والآخر ، ولم يعد يناسب المجتمع الذي يرغب في أن يكون مُنتجاً مادامَ الوقت عنصراً أساسياً في العمل والانتاج ، وله مقاييس تختلف عمّا كان سائداً في أيام خَلَتْ .. وعلى ذلك قِسْ العادات المتعلقة بالعزاء والولائم وتبادل الزيارات ، وسواها .

    * الأفكار المُعلَّبةُ اختزالٌ وأُحاديةٌ وتعطيلٌ للتّفكير

    وبمقدور المرء ، لو تتبع موضوع الأفكار المُعلَّبة التي يتبناها الكثير من الناس ، أن يأتي بمئات الأمثلة على مجالات استخدامها ، وأن يلاحظ ما يُستخدم فيها من أُحادية في النّظرة ، ومن اختزال للأشخاص والأحداث والأشياء في جانب واحد من جوانبها الكثيرة المتعددة ، على نحو لا تحتمله مسائل الحياة المعقّدة المتداخلـة المتشابكة ، بما فيها من ثوابت ومتغيرات ، وتأثيرات متبادلة ، وقواعد واستثناءات وتناقضات ومفارقات وأعماق وآفاق .
    إن استخدام الأفكار المعلبة أو التّأثر بهـا أو تبنّيها ، هـو نمط مـن إعطاء الآخرين ـ أحياءً وأمواتاً ـ تفويضاً مطلقاً بالتّفكير نيابة عنا ، كما أن اللجوء لمثل هذه الأفكار الجاهزة شكل من أشكال تعطيل الدماغ ، وإراحته من مشقة التفكير والتحليل والتمحيص .

    * اشارتان قصيرتان

    لقد بقيت إشارتان لا بُدَّ من ذكرهما ،
    أولاهُما : أن الأغذية المُعلَّبة تحمل عادة تاريخ انتهاء صلاحيتها ، أما الأفكار المعلّبة فلا تحمل مثل هذا التاريخ ، مـع
    أنها كثيراً مـا تكون ذات صلاحية منتهية ..!
    وثانيهما : أن الأغذية المعلبة يَغلُبُ أن تضاف إليها مواد حافظة ، وهذا هو الحال بالنسبة للأفكار المعلبة أيضاً ، فثمة أنواع شتّى من المواد الحافظة التي تضاف إليها : وما التقديس ، والخطـوط الحُمْرُ ، وأنواع الإرهاب الفكريّ ، إلا نمط مـن محاولة حفظ تلك الأفكار حتى لا تتبدّل .

    عن جريدة الرأي ,,, إبراهيم كشت

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2009
    العمر
    49
    المشاركات
    791
    معدل تقييم المستوى
    2147500

    رد: الأَفكار المعلّبةُ .. سهلةُ الحفظِ والإستخدامِ والتّداول !

    موضوع قيم يستحق الوقوف عنده كثيرا

    الواقع ان الافكار ( المعلبه) لها الكثير من الاسباب والكثير من يتبيعونها لعدة اسباب ولربما ان السبب الرئيسي هو قلة المعرفه او اعطاء المتلقي اجابه تدل على سرعة البديهه دون العلم صحة الفكره من خطأها وهذا ينطبق على جميع جوانب الحياه

    تحياتي واحترامي

  3. #3
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Sat Mar 2009
    الدولة
    الزرقاء
    العمر
    65
    المشاركات
    22,550
    معدل تقييم المستوى
    21474874

    رد: الأَفكار المعلّبةُ .. سهلةُ الحفظِ والإستخدامِ والتّداول !

    أخي الكريم slndh5

    ولهذا نحن ننادي بأهمية وجود مكتبة صغيرة بداخل منازلنا لنطالع ونتبين الحقيقة من خلافها .. ولا أستثني نفسي من

    هذا الامر ، وحينما نستطيع ايجاد حلٍ لهذه المشكلة والتي وبكل تأكيد نسير وفق خطى فاقد البصر من ناحية المطالعة

    والبحث والتدقيق ,, ولجميع فاقدي البصر التحية والتقدير ,, فإننا سوف نستمر وعلى طريقة الافكار ,, المعلبة ,, .

    ان ديننا وبما يعلمنا به من كتاب الله العزيز ,, القرآن الكريم ,, وسنن نبينا وحبيبنا محمد ,, صل لله عليه وسلم ,,

    يغنينا عن كل الامور الغامضة علينا لما فيه من وضوح لكل المشاكل العصرية في زماننا هذا ، ولا نستبعد علمائنا

    الاجلاء من دائرة المعرفة وبما يزخر به علمهم وبحثهم وفي كتبهم أو ما نقل عنهم .

    جزاك الله خيراً وفي ميزان حسناتك الى يوم الدين

    تحياتي اخي وكل التقدير والاحترام لمرورك العطر


  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon May 2011
    الدولة
    الأردن
    العمر
    54
    المشاركات
    12,037
    معدل تقييم المستوى
    21474862

    رد: الأَفكار المعلّبةُ .. سهلةُ الحفظِ والإستخدامِ والتّداول !


    نشكر جهودك المفيدة

    جزاك الله تعالى خيرا

    بارك الله تعالى فيك

  5. #5
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Sat Mar 2009
    الدولة
    الزرقاء
    العمر
    65
    المشاركات
    22,550
    معدل تقييم المستوى
    21474874

    رد: الأَفكار المعلّبةُ .. سهلةُ الحفظِ والإستخدامِ والتّداول !

    مرور طيب اخي ابو عبدالله محمود

    بارك الله فيك

    تحياتي


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك